الجزائر - A la une


شرُّ خلق اللّه
هذه الكلمة التي ليس هناك أسوأ منها هي لأحد علماء الإسلام وإمام من أئمة المسلمين في التاريخ المعاصر.هذا العالم الجليل الذي لم يشتر بآيات اللّه ثمنا قليلا، ولم يبعْ دينه بدنياه، وقام بما حمّله الإسلام من واجبات، وفي مقدمتها مواجهة الطغيان الصليبي على أمتنا؛ إنه شيخ الأزهر الأسبق محمد الخضر حسين.أصل هذا العالم الذي لم يخن اللّه ورسوله وأماناته من نواحي بلدة طولڤة، من ولاية بسكرة، ولكنه وُلد في بلدة "نفطة" من القطر التونسي الشقيق، التي هاجرت إليها أسرته بعد تدنيس فرنسا للجزائر باحتلالها لها..ثم التحق محمد الخضر حسين بجامع الزيتونة وتخرج فيه، وتولى التدريس فيه وفي المدرسة الصادقية، وعين قاضيا في بنزرت مدة قصيرة، وتقلد الإمامة والخطابة..ألقى في بداية حياته العملية محاضرة هامة، تدل على أرُومته الحرة، وعلى همته العالية، وهذه المحاضرة هي: "الحرية في الإسلام"، ومن ذلك الوقت وضعته السلطات الفرنسية في تونس تحت بصرها، حتى انتهى به الأمر إلى الهجرة عندما استيقن أن تلك السلطات عازمة على القبض عليه.أسس وشارك في تأسيس عدة جمعيات للتعريف بالقضية التونسية والجزائرية في كل من استمبول، وبرلين، والقاهرة، ومما يدل على قوة شخصيته، وعزة نفسه أن بعض أصدقائه طلبوا منه زيارة اللواء محمد نجيب في مقر مجلس الثورة المصري، فأجابهم قائلا: "شيخ الأزهر لا ينتقل إلى مقر السلطة، بل على السلطة أن تنتقل إليه؛ لأنها هي التي تحتاجه". (الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين، ج 15. ص 7322)، ومما يدل أيضا على علو همته استقالته من مشيخة الأزهر في سنة 1954، حتى لا يصير بُوقا لنظام ظالم، وحكّام طغاة، كما هو حال كثير من "علماء" الأنظمة الفاسدة المستبدة، خاصة في مصر، وسوريا، والخليج..ومما قاله لجريدة الأهرام ونقلته عنها جريدة البصائر (2 أكتوبر 1953. ص6): "إن شر ما تصاب به الأمم أن يجد أعداء البلاد من بينها أتباعا وأشياعا وأذنابا يخونون ربهم، ووطنهم، ويفقدون كرامتهم وإنسانيتهم فيعلمون على خدمة أولئك - الأعداء - على حساب البلاد التي نبتوا فوق أرضها..وهؤلاء هم شَرُّ خلق الله، وأبعدُهم عن رحمته ورضاه، لأنهم منافقون.. يدعون إلى الهزيمة والخيانة".والله، إن أحذية أولئك الأبطال في غزة، الصامدين في وجه الوحوش الصهاينة، لأشرفُ من "أشرف" أولئك الأرذال الذين يتآمرون على أولئك الرجال الأحرار، ويقبلون أن يكونوا خولاّ لأوئك الصهاينة.إن أولئك الخونة والجبناء يريدون أن يقودوا الأمة العربية والإسلامية، وهل سجل التاريخ أن جبانا لا يستأسد إلاّ على العُزّل كان قائد للجحوش، فضلا عن أن يكون قائدا للأمم وللجيوش.إن الذي يؤلم ليس هو همجية الصهاينة؛ فقد وطّنّا أنفسنا على أن "أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود"؛ ولكن الأشد ألما هو هذا النظام المصري - ومن يدعمه من "عرب القوارير" - بعلمائه، وصحافييه، ودبلوماسيته، ومخابراته، وجمعياته - الذي هو أشد حقدا على المجاهدين في غزة، لأنهم يفضحون جُبْنه، وتواطُؤَهُ، بل ودفاعه عن الصهاينة بتبني مواقفهم، وتشديد الحصار على إخوتنا في غزة، ومنع حتى الأطباء والأدوية من الدخول إلى غزة، وما أجمل قوله الشاعر القروي الذي ينطبق على هؤلاء "القواد العرب":من كان يرضى بالهوان لشعبه لا بِدْع أن يرضى الهوان لنفسهوالسؤال هو: هل يعرف شيخ الأزهر الحالي حكم الإمام محمد الخضر حسين في المتعاملين مع الأعداء؟




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)