الجزائر - A la une


سينما الماضي والحاضر
مازالت الأعمال السينمائية والتلفزيونية، التي أنجزت في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات محل اهتمام من طرف شباب اليوم، الذي لا يفوّت أية فرصة لمتابعتها سواء عبر الشاشة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. يتفاعل بشكل رهيب مع لقطاتها ولا يمل من مشاهدتها، كما تجده متأثرا بالمواضيع التي تعالجها وشديد التعلق بممثليها وكوميدييها.بالمقابل، لم تحظ الأفلام والمسلسلات المنجزة مؤخرا برضا الجيل الحالي، الذي لا يقبل على مشاهدتها بمختلف قاعات السينما أو عبر الانترنت والقنوات التلفزيونية، وكانت تلك الأعمال محل انتقاد وسخط من طرف هذه الفئة، وتجاهل ملفت لأبطالها ومخرجيها.هذا الأمر أثار استغراب البعض، وجعلهم يطرحون أكثر من علامة استفهام حول سبب ارتباط فئة الشباب بالجيل السابق من السينمائيين والممثلين وبإنتاجاتهم المختلفة، رغم أنه يعيش نمطا حياتيا وواقعا مختلفا نوعاما، ويتساءلون ما الذي جعل هذه الفئة تنفر من متابعة الأعمال الحالية، رغم أن بعضها عالجت قضاياه ولامست همومه ومشاكله.لكن كما يقال إذا عرف السبب بطل العجب، فأغلب الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية الحالية ضعيفة وهشة، ابتعدت عن الشخصية الجزائرية وسقطت في فخ التقليد للآخر، واستسلمت للعامل التجاري على حساب النوعية والقيمة الفنية، وتصوّر المجتمع الجزائري بلا ملامحه الحقيقية الثقافية واللغوية، فأفرزت أعمالا هابطة تقدم الواقع بشكل فج ولغة سينمائية غريبة، صدمت مشاعر وأحاسيس الجزائريين بصفة عامة والشباب بصفة خاصة، الذين لم يجدوا فيها صورتهم الطبيعية الحقيقية بسلبياتها وإيجابياتها، وكأنها موجهة لجمهور آخر غير الجزائري.عكس الحالية، اتسمت سينما الستينيات والسبعينيات والثمانينيات بالجدية والنضج في معالجة الشخصية الجزائرية الحقيقية بلا تجميل أو “تزويق”، واتصفت بالقوة في الحوار والصدق في الطرح بعيدا عن التصنع، فكانت ترصد ملامح ولغة ولهجة الجزائري الطبيعية، وقدمت القبائلي والترڤي والعاصمي والشاوي والجيجلي والوهراني.. للمشاهد كما هو، حاملة معها رسائل هادفة ومفيدة، ما جعلها محل إشادة واحترام، فبقيت على سبيل المثال أعمال المفتش الطاهر، وحسن الحسني، وعثمان عريوات، ورويشد وسيد علي كويرات ووردية.. خالدة، حققت ومازالت تحقق مشاهدة عالية في الجزائر وحتى في بعض الدول العربية، لأنها صوّرت الشخصية الجزائرية بصدقية وإخلاص، وقدمت واقعه بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا ما تفتقده أغلب الأعمال الحالية، التي ابتعدت عن حقيقة الجزائري، واحتوت أفكارا صادمة ومواضيع مستوردة ورديئة بلغة ولهجة غريبة، فخسرت رضا المشاهد ونفّرته منها، وجلبت لمنتجيها ومخرجيها وممثليها السخط والانتقاد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)