الجزائر - Webmaster

سبعة مراهقين جزائريين يسرقون قارباً للوصول إلى إسبانيا


سبعة مراهقين جزائريين يسرقون قارباً للوصول إلى إسبانيا

مقدمة

في حادثة جريئة ومأساوية وقعت في بداية سبتمبر 2025، قام سبعة مراهقين جزائريين، تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً، بسرقة قارب في العاصمة الجزائرية لمحاولة الوصول إلى إسبانيا، على الأرجح جزر البليار. هذه الحادثة، التي تم الإبلاغ عنها بشكل رئيسي عبر منشورات على منصة X، تسلط الضوء على استمرار ظاهرة "الحراقة"، وهم الشباب الجزائريون الذين يخاطرون بحياتهم عبر البحر هرباً من الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية في بلادهم. يستعرض هذا المقال تفاصيل الحادثة، سياقها، تداعياتها، والتحديات التي تثيرها.

تفاصيل الحادثة

وفقاً لمنشورات على منصة X بتاريخ 6 سبتمبر 2025، قام السبعة مراهقون بسرقة قارب بمحرك متوسط الحجم (من المحتمل أن يكون مزوداً بمحرك بقوة 60 إلى 140 حصاناً، وهو نوع شائع في عمليات الهجرة غير الشرعية) في منطقة العاصمة الجزائرية. كان هدفهم الوصول إلى السواحل الإسبانية، مع إشارات محددة إلى إيبيزا أو فورمينتيرا، وهما جزيرتان في أرخبيل البليار، وجهة أصبحت مفضلة لدى الحراقة بسبب قلة المراقبة مقارنة بالساحل الجنوبي لإسبانيا.

تظل ظروف السرقة غامضة إلى حد ما. تشير بعض المنشورات على X، مثل تلك التي نشرها @Khaled_Pill و@yamnesiaa، إلى أن المراهقين ربما "استأجروا" القارب في البداية قبل أن يقرروا عدم إعادته واستخدامه لعبور البحر. هذه الممارسة، رغم خطورتها، ليست جديدة في سياق الهجرة غير الشرعية، حيث يتم أحياناً تحويل القوارب من قبل المهاجرين أو المهربين. وصفت المنشورات على X هذا العمل بأنه دليل على الجرأة، حيث أشاد البعض، مثل @Khaled_Pill، بالمراهقين ووصفوهم بأنهم يمتلكون "صفات قيادية" لشجاعتهم، بينما أشار آخرون إلى الطبيعة الخطيرة وغير المسؤولة لهذا العمل.

لا توجد معلومات مؤكدة تشير إلى ما إذا تم توقيف المراهقين من قبل السلطات الإسبانية أو الجزائرية بعد وصولهم. ومع ذلك، تشير تقارير حديثة، مثل تلك الصادرة عن منظمة "كاميناندو فرونتيراس"، إلى أن جزر البليار أصبحت وجهة متكررة للحراقة، حيث وصل 18 مهاجراً جزائرياً إلى فورمينتيرا في 29 ديسمبر 2024، تلاهم 74 آخرون في نفس اليوم.

سياق ظاهرة الحراقة

مصطلح "الحراقة" (مفردها "حراق"، وتعني "الذي يحرق" بالعربية) يُطلق على المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر، غالباً بحرق وثائق هويتهم لتجنب الترحيل. هذه الظاهرة، التي برزت بشكل خاص منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تغذيها عدة عوامل:

  • الأزمة الاجتماعية والاقتصادية: البطالة، الفقر، وغياب الآفاق للشباب الجزائري تدفع العديد من المراهقين إلى اعتبار الهجرة وسيلة للهروب. في عام 2024، صنفت منظمة "فريدم هاوس" الجزائر ضمن "الدول غير الحرة"، حيث تسيطر نخبة سياسية وعسكرية على الثروات، تاركة فرصاً قليلة للشباب.

  • سياسات الهجرة المقيدة: الحصول على تأشيرات لأوروبا أمر صعب للغاية، حيث بلغ معدل الرفض 35% للجزائريين في عام 2008. هذا يدفع الكثيرين إلى اختيار الطرق غير الشرعية.

  • اليأس بعد الحراك: أعاد الحراك الشعبي في عام 2019 الأمل لجزء من الشباب، مما قلل مؤقتاً من عدد المغادرين. لكن فشل الحراك النسبي في تغيير النظام أعاد إحياء اليأس، مما أدى إلى زيادة العبور منذ عام 2021.

  • التأثير الثقافي: الصور التي تروج لحياة أفضل في أوروبا، والمنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، تعزز جاذبية الهجرة. بالنسبة للمراهقين، تُعتبر "الحرقة" أحياناً تحدياً أو طقساً للعبور إلى مرحلة البلوغ، كما تُشير دراسة سوسيولوجية على Cairn.info، التي تصف هذه الممارسة بأنها "ثقافة فرعية" في بعض الأحياء الشعبية.

في عام 2024، تجاوز عدد المهاجرين الذين سلكوا طريق الجزائر-إسبانيا 13,952 مهاجراً، مع تسجيل 517 وفاة، مما يجعل هذا الطريق ثاني أخطر طرق الهجرة في غرب المتوسط، بعد جزر الكناري. المراهقون، الذين غالباً ما يكونون غير مستعدين، هم الأكثر عرضة لمخاطر هذه العمليات، بما في ذلك الغرق، الأعطال الميكانيكية، أو التوقيف من قبل خفر السواحل.

المخاطر والتحديات

العبور الذي قام به هؤلاء المراهقون السبعة يعكس المخاطر الشديدة التي يواجهها الحراقة:

  • الظروف الخطرة: القوارب المستخدمة، غالباً غير مهيأة للإبحار في أعالي البحار، عرضة للأعطال والغرق. مثال حديث وقع في ديسمبر 2024 قبالة سواحل مستغانم، حيث لقيت أم وأطفالها الأربعة حتفهم.

  • قمع السلطات: يقوم خفر السواحل الجزائري والإسباني بانتظام بتوقيف المهاجرين. في عام 2023، تم توقيف ما يقرب من 4,800 حراق على السواحل الجزائرية. القاصرون غير المصحوبين الذين يصلون إلى إسبانيا يتم رعايتهم من قبل السلطات، لكن بعضهم يتورط في أنشطة غير قانونية مثل السرقة، مما يعقد وضعهم.

  • التأثير النفسي والاجتماعي: تعيش عائلات الحراقة في قلق دائم، غالباً دون أخبار عن أحبائهم. أصبحت منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، منصات لنشر صور المفقودين، على أمل العثور على ناجين أو التعرف على الضحايا.

الردود والتداعيات

أثارت هذه الحادثة ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي. أعجب البعض، مثل @Khaled_Pill، بجرأة المراهقين، بينما انتقد آخرون المخاطرة ودعوا إلى حلول للحد من الظاهرة. تواصل السلطات الجزائرية تعزيز الإجراءات القمعية، لكن منظمات مثل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH) تعتبر هذه الإجراءات غير فعالة، وتدعو إلى سياسات تعالج الأسباب الجذرية للحرقة، مثل البطالة وغياب الآفاق.

على الصعيد الدولي، تسلط هذه الحادثة الضوء على تحديات سياسات الهجرة الأوروبية. شهدت إسبانيا، البوابة الرئيسية لمهاجري شمال إفريقيا، 57,000 وصول غير شرعي في عام 2023، معظمها عبر جزر الكناري، وأصبحت جزر البليار وجهة جديدة مفضلة. تواجه السلطات الإسبانية تحديات في إدارة تدفق القاصرين غير المصحوبين، غالباً في ظروف صعبة.

الخاتمة

قصة السبعة مراهقين الجزائريين الذين سرقوا قارباً في العاصمة للوصول إلى إسبانيا في بداية سبتمبر 2025 هي رمز مؤثر لليأس والجرأة التي تميز ظاهرة الحراقة. رغم أن بعض المصادر تشير إلى وصولهم إلى جزر البليار، فإن غياب التأكيد الرسمي يترك مصيرهم غير مؤكد. تذكرنا هذه الحادثة بالحاجة الملحة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، من خلال توفير آفاق اقتصادية واجتماعية للشباب الجزائري، وتعزيز التعاون الدولي لتأمين طرق الهجرة. في انتظار ذلك، تستمر قصص هذه العبورات، التي غالباً ما تكون مأساوية، في إثارة الضمائر وإذكاء النقاش حول أزمة الهجرة في البحر الأبيض المتوسط.

المصادر:

  • منشورات على منصة X من @Khaled_Pill و@yamnesiaa، 6 سبتمبر 2025.

  • تقرير منظمة "كاميناندو فرونتيراس" حول الهجرة من الجزائر إلى إسبانيا، ديسمبر 2024.

  • تحليل سوسيولوجي لظاهرة الحراقة، Cairn.info.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)