الجزائر

زمن البراغماتية غذى الفكرة ولابد من رفع درجة الوعي


أكد الدكتور صالح شقباوي، من جامعة الجزائر (2) ل«المساء"، أن الحديث عن الحراقة يقود قطعا إلى الرجوع إلى البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها الفرد، والمختلفة بين بيئة سليمة وأخرى هشة، مثل التربية المختلة، إلى جانب الخلفيات الاجتماعية للفرد ونمط الحياة الذي يحياه، وكذا طريقة تفكير الفرد في مغادرة الوطن إلى المنافي، مؤكدا أن الشخص الذي يفكر في "الحرقة" يذهب حاملا مأساة شخصية، يحاول أن يتجاوزها هناك، لكنه قطعا لن يستطيع تحقيق هذا المطلب.أضاف المختص بالقول بأن الفرد الجزائري يطمح ككل الناس إلى رفع مستوى المعيشة ومدخوله الفردي والشهري والسنوي، ويظن أن الخروج إلى حدود بلجيكا أو فرنسا سيدر عليه دخلا ماديا كبيرا، لكن الواقع يقول عكس ذلك تماما، يشرح "عندما يذهب الجزائري أو العربي إلى حدود إسبانيا أو أمريكا، فهو يذهب حاملا مأساة شخصية يحاول أن يتجاوزها هناك، وهذا ليس صحيحا، لأنه خلال رحلة البحث تلك، يسعى إلى الربح السريع الذي يخال أنه سيجده هناك ولم يجده في وطنه، وهي حقيقة الشيء. وأضاف المتحدث أن الوطن لو كانت له إمكانيات ليعطيها لفعل، فالإشكالية في الفرد وليس في الوطن، لأنه لم يقم بواجبه ولم يدرس، وأصبح عالة على المجتمع، ويفكّر من خلال "الحرقة" في التخلص من "العالة" إلى أمل جديد، بالتالي يصدم بواقع مرير هناك، فمن الحراقة من يعمل في المطاعم أو البساتين أو في وظائف متدنية جدا لا تليق به، ويمكن أن ينظف المطاعم ويزيل الأوساخ من الطرق، وقال "علما أنه لن يمارس هذه المهنة إذا ما عرضت عليه في وطنه، ولو أنه حاول أن يبني جهاز مناعة في وطنه، لوجد أن الوطن يعطيه الدفء والراحة التي يفتقدها هناك، فهو لم يعط للوطن ولم يأخذ منه".
يضيف الدكتور، أننا نعيش في زمن مادي برغماتي، والفكرة صالحة بقدر ما تنفع في زمن يحاول خلاله الآخرون فرض فلسفتهم ونمط حياتهم، وقال "نحن مصنفون من قبل دول العالم الغربي مع دول العالم الثالث، أي من المجتمعات المتخلفة، بالتالي نحن في خدمة سيدين؛ سيد العالم الأول والثاني، كما أننا غير منتجين ومستهلكون، وهذا يستوجب علينا أن نرتقي ونتعلّم ونرفع وعينا وإدراكنا بالعلم والثقافة، لقد سبقنا الآخرون أو العقل الغربي بالعلم، فقد استعملوا أدوات فكرية وواقعية"، وأكد المتحدث أننا مطالبون بأن نقيس بمقاييس معرفية وفق الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أصبح بموجبها العالم قرية صغيرة، أمام زيادة العلم والوعي المعرفي، فالمفكرون أمثال محمد عبد الجابر وقاسنت باشلار، أكدوا أن الوعي المعرفي لا يقاس بعمر زمني، وإنما بعمر الخطة التي نعيشها الآن.
يواصل محدثنا بالقول "المجتمعات الأوروبية سبقتنا بالوعي والإدراك، فهمت قوانين الله في الأشياء ومارستها بذكاء، وشخصيا كباحث ودكتور أدعو إلى أن نعطي العقل دوره، أن نزيح الخرافات والاتكالية والاعتماد على الغير في حياتنا، فلابد من الاتكال على الله وأنفسنا وأوطاننا، والجزائر دفع أهلها مليون ونصف المليون من الشهداء من أجل الحرية والاستقلال، لهذا لابد من الارتقاء بالوعي، فالعلم سلاح وأساس تطور المجتمعات وقوتها وتماسكها".
❊أحلام.م


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)