الجزائر - A la une

رمضان محطة لتغيير الذات




رمضان محطة لتغيير الذات
إن أحوال الناس لا شك تتبدل وتتغير دون أن نعي أو نعلم, وما من احد منا إلا وقد يجد نفسه ذات يوم, وحده معزولا, غير آمن, بلا صديق أو رفيق وبلا مساعد أو معين... وقد لا يجد هذا الأخير عزاءه إلا في وقفة مشرفة قد وقفها من قبل مع أخيه فادخرت له في هذا اليوم, أو في رقة شعور دافئ ونبيل أحسه اتجاه محتاج أو كفيف فشفع له بعد حين...من هنا, سيحتاج حتما كل إنسان منا, وهو في غنى اليوم عن غيره, ليد أخيه غدا والى عونه بعد غد, فالناس ومهما فعلوا أو اقترفوا من ذنوب فهم وكما قال سيد الخلق محمد عليه صلوات ربي وسلامه عليه " كأسنان المشط ", يحتاجون بعد أوبتهم وتوبتهم لله, إلى بعضهم البعض ليلتمسوا الأعذار, ليداووا جراحهم وليخففوا من عبئ أثقالهم, من كثرة أوزارهم ومن شدة تكاليف حياتهم... فمن منا يا ترى, لا ترى عليه العلل ولا يبتلى بالمحن...؟- التوبة, وطلب الرحمة والمغفرة فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل لعباده مخارج من محنهم وحلولا لمشاكلهم وجعل لهم ترياقا ناجعا لعلاج غضبهم وانفعالاتهم... جعل لهم رمضان كمحطة مثالية لقتل أسباب الغضب في نفوسهم واجتثاث دواعيه من أعماق جذورهم ... جعل لهم رمضان كمحطة استثنائية لمخالفة نزوات النفس ومعاكسة ملذاتها وشهواتها ومضادات ميولها ورغباتها... جعل رمضان كمحطة متميزة للامتثال لأوامر الله في الاستقامة والتعبد... جعل شهر رمضان كمحطة فريدة من نوعها لترك المنكرات وتطهير النفس من أدرانها... جعل شهر رمضان كمحطة خارقة للعادة لمحبة الأخر وقتل الضغينة في مهدها... جعل شهر رمضان كمحطة بارزة للتزاور والتضامن وجبر الخلافات... جعل رمضان كمحطة مشعة لإزالة الكبت ومحو الإحباط من النفوس... جعل شهر رمضان كمحطة عطاء ومدد للتزود بالطاقات وتزويد الذات بالنفحات, بغية تغيير أي سلوك شائن والتغلب على أية عادة مشينة... جعل شهر رمضان كمحطة مشرقة لتنزيه الذات من شوائب المعاصي وتزكيتها من الذنوب والسيئات... جعل شهر رمضان كمحطة للتفاؤل بالمستقبل ولتوسيع دائرة الثقة بالنفس, سعة الفأل وفسحة الأمل... جعل رمضان كمحطة رائدة لإبطال اليأس, لدحر القنوط ولتجسيد المعاني الراقية والجميلة في الحياة... جعل شهر رمضان كمحطة لافتة لامتحان عبده واختبار مدى حاجته إليه وقربه منه... جعل شهر رمضان كمحطة مستنيرة للتأكد من مدى حرص العباد على الاقتداء بنبيه والامتثال لتعاليمه... جعل شهر رمضان كمحطة مضيئة للتعاطي الحسن مع كل هذه الدلالات والتجسيد الفعلي لكل هذه المعاني الجميلة وفي كل مناحي الحياة...لا تغفل عن تعبئة بطارية خلاصكإن غضبك أخي القارئ هي علل فيك وآفات من حولك, فاغتنم شهر رمضان لعلاجها بنفحاته والقضاء عليها ببركاته, فلا ريب أن وصفة الخالق عز وجل لك عبر منارة رمضان هي وصفة جد مفيدة وتركيبات دواءها جد ناجعة, فاغتنم شهر الغفران لتعبئة بطارية خلاصك من نزغ الشيطان وزيغ الهوى وستنال قطعا راحة البال بعد إطفاءك لنار الغضب واعتلاءك لقمة الأدب... اغتنم أخي الفاضل مدد وعطاء هذا الشهر الكريم بعبادتك وتقواك, بصلاتك وقيامك, بخوفك وخشيتك, بانضباط أفعالك وصدق أقوالك, بسمو معاملتك وحسن سلوكك, بإفادتك للغير واستفادتك من الغير, وبضبط انفعالاتك وجمح غضبك, مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام " لا تغضب, لا تغضب, لا تغضب" 6 من شدة الانفعال إلى جبر الاختلالإن الانفعالات عموما هي من أخوات الغضب ومشتقاته, إلا أنها وان كانت لا تملك بأسا كبأس الغضب, فقد تبقى تشكل عائقا أمام اتزان وتوازن صاحبها... إنها من مخلفات الغضب التي يجب القضاء عليها ومحوها, وإلا ستنمو, ستتكاثر, ستتفاقم, ثم يقوى بأسها من جديد وتشكل دواعي غضب جديد, سيكون أكثر ضراوة وضررا واشد خطرا وخطورة من سابقه, لأنه سيحول ويحيل بيننا وبين الجهود اللازمة لجبر اختلال النفس وتفكك أنا الذات...


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)