الجزائر - Conseils religieux

ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين


.بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله: أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله وشكره على ما أنعم به علينا من نعم ظاهرة باطنة تجل عن العد فضلا عن الحصر، واعلموا أن الله جل وعز قد كفانا مؤنة دنيانا، وضمن لنا ما يقوّم حياتنا، وأراد منا أن نشتغل بما لأجله خلقنا، وهو إقامة الدين في أنفسنا وتحقيق العبودية لله في كل أمورنا، وأن نحيا بشرعه سبحانه، ونتعامل به فيما بيننا، ووعدنا الحياة الطيبة في الدنيا والفوز بالجنان في الآخرة، ولله المنة والفضل وله الحمد والشكر. (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
أحبتي في الله: إن نعم الله علينا جليلة، وإن فضله علينا عظيم، قد فتحت علينا الدنيا ورزقنا من كل صنوفها أشكالا وألوانا، تنوعت المآكل والمشارب،وتعددت المراكب والملابس، وتيسرت المعايش، وتطورت المباني، وفاضت الأموال ومع ذلك فإن شكرنا قليل، وشكوانا كثيرة، وأمانينا لا منتهى لها، ولا حدّ لآخرها، كلما أحدث الله لنا نعمة قابلها بعضنا بالاستصغار والازدراء، متطلعا إلى ما بعدها، فما حال بعض الناس إلا كما قال الله عز وجل: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا، وَبَنِينَ شُهُودًا، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) وما ذلك إلا لأن الدنيا صارت أكبر همّ الخلق إلا من رحم الله، فيها يتنافسون وعليها يوالون ولأجلها يعادون، يحللون ويحرمون، يريد الضعيف أن يجاري القوي، ويأبى الفقير إلا أن ينافس الغني، وسنة الله في خلقه تأبي عليهم ذلك، كما قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
فيا مَنْ منَّ الله عليه بالانتساب لهذا الدين الحنيف: اشكروه على نعمة الإسلام، اشكروه على منة الإيمان، اشكروا الله على نعمة الأمن والمعافاة، اشكروا الله على ما تفضل به عليكم مما حرَم منه غيركم، في سائر بلاد الإسلام التي سلبت الأمن والحرية الدينية والدنيوية بسبب ذنوبهم وكفرهم نعمَ ربهم، اشكروا الله ربكم الكريم الودود، فإن المؤمن يرجو الخير على كل أحواله، كما أرشد لذلك r بقوله:( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)، وعليكم بالقناعة فإنها كنز لا ينفد، وذخر لا يفنى، فهي غنى بلا مال ، وعزٌ بلا جنود ولا رجال ، القناعة أن يرضى الإنسان بما قدر الله له، وأن ينظر إلى من هو أدنى منه في العافية والمال والأهل، فإن ذلكم أقرب إلى معرفة النعمة وشكرها، ولا تنظروا إلى من فاقكم في هذه الأشياء، فإن ذلك لا يغير من قدر الله شيئا ولا يزيد في الرزق حبة خردل، بل هو أدْعى إلى ازدراء النعمة وإزعاج النفوس وكفران فضل الله واتهام الباري سبحانه بالجور وعدم العدل، لينظر المعافى في بدنه أو ماله أو أهله إلى من ابتلي بشيء منها ليعرف قدر نعمة الله عليه، ولينظر المبتلى إلى من هو أعظم ابتلاء منه، فإنه ما من مصيبة تصيب العبد إلا وفي الوجود ما هو أعظم منها، فإذا كان غنيا فلينظر إلى الفقير، وإذا كان فقيرا فلينظر إلى من هو أفقر منه ممن لا يملك مالًًا يقتات به، ولا صحة تعينه على الكسب، وليعلم المؤمن أن مطالب الدنيا لا تنقضي، وأن ما تراه اليوم من الكماليات إذا قدِرْتَ عليه صار من الضروريات التي لا يستغنى عنها ولا تزال النفس في تطلعها حتى ينقض أجلها، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا ابْنُ آدَمَ وَهَذَا أَجَلُهُ) وَوَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ قَفَاهُ ثُمَّ بَسَطَهَا فَقَالَ: (وَثَمَّ أَمَلُهُ وَثَمَّ أَمَلُهُ وَثَمَّ أَمَلُهُ) وقال صلى الله عليه وسلم: (لو كان لابن آدم واد من ذهب أحب أن له واديا آخر ولن يملأ فاه إلا التراب والله يتوب على من تاب) أخرجه مسلم.
إنه مهما أصيب المؤمن في شيء من دنياه - ونسأل الله لنا ولكم العافية- فليس ذلك بشيء إذا سلم له دينه الذي هو عصمة أمره في دنياه وأخراه، فدين الإسلام ولله الحمد هو الكسب المبارك الباقي، وهو الذخر الذي نعده لليوم الآخر، الدين هو التجارة التي تنجي من العذاب الأليم، وتقرب العبد إلى المولى الرحيم، مَن مِنَّا يستحضر في قلبه نعمة الإسلام فيقول الحمد لله أن جعلني مسلما، الدين نعمت لا يشكر كثير من الناسً ربهم عليها، ربما لأنهم لم يذوقوا طعم الإيمان ولم يقفوا على شيء من محاسن الدين، ولم يقارنوا عقائده وعباداته ومعاملاته مع ما عليه غيرهم من الحيرة والتخبط والضلال المبين والفساد العريض، (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) أي: فيه شرفكم وعزكم ورفعتك وصلاحكم... الناس مِن حولنا قد تقطعت بهم الأسباب, يعبدون الشيطان ويقدسون الحيوان ويكفرون بوجود الواحد الديان، الناس من حونا لا غاية لهم في الدنيا، إلا أنهم: (يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) قد وصلوا والله إلى بهيمية بل تجاوزوها ورب السماء إلى أسفل سافلين، لا حرام ولا ممنوع ولا عار ولا قبيح ولا مستهجن ولا مستفحش، ليس في قواميس عقولهم شيء من هذا البتة، أفلا نشكر الله –أحبتي- على أن نجانا من هذه الهمجية والفوضى والانحطاط، وهدانا إليه صراطا مستقيما دينا قيما ملة أبينا إبراهيم الحنيف عليه السلام، لماذا يزدري المسلمون نعمة الإسلام العظيم، لِمَ لا يفرحون بالانتساب إلى الدين القويم، لمَ يُعرضون عن الإسلام الذي فيه عزهم، لِمَ يرضون بتقليد فلان وفلان من أهل الكفر والفسق والضلال، ولا يرون رسول الهدى أهلا للتأسي والاتباع، لِمَ يعرضون عن سنته وهدية، لمَ يشترون الضلالة بالهدى ولمَ يتعرضون لسخط الله وإذلاله لهم وتسليط الأراذل عليهم، ألا يَصلُح دين الله ليتولى القيادة، مَنْ مِنَ المسلمين اليوم يشكر الله على الصلاة وأنه فتح له بابه خمس مرات وأزْيد في كل يوم وليلة ليناجيه ويسأله حوائجه، ويطلب فضله، و يرجو رحمته، أوْ يشكره على الزكاة التي تطهر أمواله وتغني أهله الفقراء وتحفظ أمن وطنه، أو يشكره على الصيام الذي يصح به بدنه، وتزكوا به نفسه من الكبر والبطر، ويرقّ به قلبه للضعفاء والمساكين، أو يشكر الله على ما شرع له من آداب ومن معاملات ومن أخلاق تصون مجتمع المسلمين عن الرذيلة وعن الفوضى التي يعيشها الكفار الغربيون. فسلوا الله-أحبتي- أن لا يجعل مصيبتكم فَقْدُ دينكم أو التباسه عليكم بالبدع والأهواء المضلة، وسلوه أن يثبت قلوبكم على هذا الدين الذي تُسألون في قبوركم عنه، وتؤخذون يوم القيامة به، يوم يتمنى الكافر أن لو كان من المسلمين: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ). غفرانك ربنا وإليك المصير، اللهم فقهنا في دينك وثبتنا على الإسلام حتى نلقاك وأنت عنا راض، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعنا اللهم من الراشدين، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى أله وصحابته الطاهرين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)