الجزائر - A la une

"ذاكرة امرأة" تدين الرجل



يقترب العمل المونودرامي التونسي "ذاكرة امرأة" من آلام امرأة تعاني بسبب الرجل الذي مازال يراها ملاذا لشهوته من جهة، ومن جهة أخرى يحملها مسؤولية الحفاظ على شرف العائلة، هذه المرأة تنتفض من خلال العودة إلى ذكرياتها، وتواجه الجميع بصرخة عالية، لتؤكّد أنّها إنسان لها أفكار وتطلّعات في الحياة.ترصد المسرحية التي عُرضت أوّل أمس بقاعة "ابن رشيق" بتونس العاصمة والتي كتب نصها الجزائري محمد بويش، الضغط النفسي الكبير الذي يساور المرأة العربية بسبب سلطة الرجل. وصوّر المخرج الرجل في أصوات تمثّل الأب الذي يقيّدها بمجموعة من الأعراف، التي تتقاطع مع طموحها كإنسان، ولكن الوالدين يريانها مرادفا للعفة وشرف الأسرة.في 50 دقيقة، أقنعت الممثلة أميرة بالنصر في أدائها، وجعلت الجمهور يتأثرون لمعاناة كل أنثى في الوطن العربي، حيث رسمها المخرج على الخشبة، تتوسّط صراعا عنيفا. وعبر نص قوي وجريء تضع هذه المرأة كل رجل في مكانه، بداية من الرجل الذي تحبه، لكنه يبادلها بأنانيته، ويمارس عليها فعل الرجولة الزائف في تعنيفها وتصويرها؛ كجسد يصلح لإرضاء الرغبة وكبح الشهوة.من جهة ثانية، يظهر الصراع الأسري محتدما بسبب الوالد، والذي تشارك فيه الأم كذلك، بصورة طاغية على مشاعرها المرهفة، لكنها لا تقوى على الرد، لتبقى خاضعة للأوامر، بيد أنّ في وجدانها أملا كبيرا في كسر كلّ هذه المعوقات، وأن تحيا إنسانا حرا بفكره.اعتمد المخرج على شخصيتين أخريين على الخشبة يلبسان الأسود، يمثّلان أطراف الصراع الذي تعانيه المرأة، وكذا العنف النفسي الذي يمارَس عليها. واستغلت المسرحية ديكورا بسيطا يضمّ سريرا في وسط الخشبة، وبعض المرايا في الزوايا، لكن الممثلة اشتغلت مع امرأة واحدة مكسّرة تحدّث نفسها عبرها. واستعان المخرج بإضاءة خافتة؛ إذ أنّ معظم أطوار المسرحية جرت تحتها. وغلب الضوء الأحمر لتبليغ رسالة القهر والاضطهاد والخوف الذي تعانيه المرأة العربية. وخُتم العرض بصور فيديو لراهن النساء في العالم العربي.يعاب على المسرحية أنّها قدّمت الرجل على أنّه شخص سيئ بالمطلق؛ وكأنّه عدو المرأة، غير أنّ الواقع غير ذلك؛ فهناك مساع يقودها رجال تدعو لاحترام المرأة وأفكارها. وقال المخرج لزهر البوعزيزي ل"المساء"، "إنّ المسرحية تطرح قضية المرأة التي تعاني من استبداد الرجل وجبروته، والرجل الشرقي بصفة عامة، فالمرأة تعاني معاناة كبرى منذ الأزل إلى اليوم رغم التطوّر والتحضّر؛ إذ إن الرجل الشرقي مازال يمارس استبداده، فالمسرحية إدانة للرجل..إدانة لي كذلك".وأضاف: "إنّ العمل يعكس الأوضاع التي تعيشها تونس وباقي الأوطان العربية، وحتى في الدول الأوروبية المرأة ليست متحرّرة، تقتل وتُسبى جارية؛ والدليل ما نعيشه؛ فهي تُقتاد بالسلاسل، واليوم قدمتها حرة، تدافع عن قضيتها بنفسها، وإن شاء الله تحرر نفسها بنفسها".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)