الجزائر - A la une


الجدة الذكية المُدرِكة لدورها الحقيقي في الحياة هي تلك التي تزيد مِن تماسك العائلة وتقارب أفرادها بالرحمة والشفقة وحسن التصرف مع الأبناء والأحفاد والأصهار بدون إهمال كامل ولا تدخُّل صارم بل تُوازن بين توجيه وسكوت وبين إنكار وغضّ النظر عن بعضها.والأطفالُ بحاجة إلى عواطف صافية وواعية لذاتها وصفاتها فلتحرِصِ الجدة على أن تلتقي دومًا مع أحفادها تُقَدِّم لهم طبقًا دسمًا مِن المعلومات والخبرات..
إنها الجدة بعيدةٌ عن مشكلات الحياة التي يحياها الوالدان وتحمل خلاصة تجرِبة عمرية تقدَّم جاهزة إلى كائن سينخرط بعد قليل في طريق الحياة الطويل.
أما حبُّكِ أيتها الجدة فإنه سيمنح الطفل الثقة بنفسه وينقل له عُمق التاريخ العائلي للأسرة وسيشعره بالسعادة عندما تشاركينه بعض الألعاب والأحاديث والقصص.
وأما عبادتك - من صلاة وصيام وذِكْر ودعاء بصِدق اللهجة التي تنطقين بها - فستجعل كل مَن ينظر إليك من أحفادك مقتديًا بك إن لم يكن الآن وبتلقائية فإن صورة عبادتك وحياتك الإيمانية سترسم في ذهنه فلا ينساها ولا يتركها حتى ولو تشاغل عنها فإنه سرعان ما يعود ويدرك خطأ التخلي عنها.
أيتها الجدة لديكِ وقت فراغ كبير فامنَحي أحفادك جزءًا منه لا لتُعَوَّضي دورَ الأبوين فلا يُعوِّض دورَهما أحدٌ ولكن لتمنحِيهم شيئًا مما فقدوه من آبائهم المشغولين بهموم الحياة وتحسين ظروف المعيشة.
وتستطيعين أيتها الجدَّة أن تمنحي أحفادكِ وعيًا اجتماعيًّا متكاملًا حيث تجمعين لهم قصص آبائهم وأخوالهم وأعمامهم وأخبارهم وكيف كانوا يعيشون فتمنحينهم إدراكًا ووعيًا عن خيوط الشبكة الاجتماعية وأهميتها وبذلك يدرك الطفل موقعَه من تلك الشبكة وأهميته فيها.
فإذا أضفت لذلك قصص الزمن الغابر والحياة الماضية عرَفوا تتابع الأجيال واختلاف بعضها عن بعض وأدركوا أن الحياة تتقلَّب وأنها ليست كما يُزينها الإعلامُ اليوم حلوة كلها أو لهوًا كلها أو مرحًا كلها بل هي أخذٌ وعطاء وجدٌّ واجتهاد يتبعه ثمار وأزهار.
وأنتِ أيتها الجدة مصدرُ إلهام رُوحي ونفسي عميق الجذور لأحفادك كبروا أم صغروا فإن مرضتِ فأفهميهم ما المرض وما مصدره وما حكمة الابتلاء به وأن الشافي هو اللّه جل جلاله وإذا سمعتِ خبر موت أحد فأفهميهم معنى الحياة والفناء والموت والبقاء وإذا علمتِ افتقار أحد أو غناه فعرِّفيهم أن الحياة أخذٌ وعطاء ودَين ووفاء قال سبحانه وتعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران: 140).
ومَن تقرأ هذا المقال ممن ليستْ مِن الجدَّات وتخاف ألا تُصبح كذلك إذا كبِرَت سنُّها فلتُعوِّد نفسها على ذلك مِن الآن حتى تكون الجدة المحبوبة المقَرَّبة إلى النفوس.
أنت أيتها الجدة مصدرُ الطمأنينة النفسية والعاطفة الإيمانية والروح الاجتماعية والخبرة الإنسانية والمعلومة الصادقة والرحمة والحنان غير المشروط والجد والعزيمة الهادئة فلا تبخلي بشيء من ذلك على أبنائك وأحفادك.
أما نحن الذين لم نبلغ مبلغَ الجدات ولم نصلْ إلى عمرهنَّ فإن الحكمة تقتضي أن نعدَّ أنفسنا لذلك اليوم فتثقف إحدانا نفسَها وتزيد مِن وعيِها وتقرأ وتبحث وتطلع وتُحاول دائمًا أن يكونَ لديها عملٌ تعمَلُه ونشاطٌ تقوم به بحيث لا تكون فارغةً ولا تشعُر بالملل ولا يشعُر مَن حولها بأنها عالةٌ عليهم أو خارجة عن سرب العطاء.
استعدي أيتها الفتاة وأيتها الأم وأيتها الجدة لنَقُلْ وليَقُلْ كل حفيد: أطال اللّه عمرك يا جدتي!
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)