الجزائر - A la une

حوامل يستغثن بمصلحة التوليد في مستشفى بارني بالعاصمة


حوامل يستغثن بمصلحة التوليد في مستشفى بارني بالعاصمة
أمراض فتاكة تتربص بالمواليد الجدد معاناة كبيرة وصرخات نساء حوامل لا يسمعها أحد بمصلحةالتوليد وطب النساء بمستشفى بارني ببلدية حسين داي بالعاصمة، فوضى عارمة وإهمالوسوء استقبال تلقاه النساء الحوامل هناك لغياب النظام والرقابة، هذا ما وقفت عليه"البلاد" في جولة استطلاعية قادتها إلى هذا القسم الحساس الذي من المفروض أن يكونمكان راحة واسترخاء للمرأة التي أتت لتضع حملها بعد معاناة دامت تسعة أشهر كاملة.إيمان خيارنافسات ينتظرن بالساعات في الرواق للظفر بسريردخلنا المصلحة بحجة زيارة مريضة هناك، صعدنا إلى الطابق الأول، وأول ما شد انتباهنا هو تواجد امرأة وضعت طفلها منذ حوالي الساعتين جالسة بسرير في الرواق مهملة كليا لا أحد يسأل عنها، وعند اقترابنا منها وهي في حالة لا يرثى لها أخبرتنا بأنهم ينتظرون أن يجدوا لها مكانا في إحدى الغرف، والغريب في الأمر أننا عند تجوالنا بغرف المصلحة كانت هناك الكثير من الأسرة الفارغة، وبالخصوص في الطابق الثاني الذي كانت معظم غرفه فارغة كلية، وبعد مرور حوالي أكثر من ساعة ونصف تم نقلها إلى إحدى الغرف.مزيج من الصراخ كان يعلو بالجناح، نساء يستغثن ويصرخن من شدة الآلام وقابلات لا يرحمن يتصرخن في وجوههن، فلم يراعين حتى الحالة الجد حساسة التي توجد فيها تلك النسوة الحوامل واللواتي يحتجن إلى الكثير من العناية، فعوض أن يحسن إليهن ويعاملنهن بلطف فتجدهن ينهلن عليهن بجميع الألفاظ النابية التي يعجز العقل عن استيعابها.عجز في عدد العمال ونقص في العتاد يزيد من معاناة المرضىممرضات ومتربصات يجبن الرواق ذهابا وإيابا ولكن من الظاهر أن عددهن لا يستوعب الكم الهائل من النساء المتواجدات بالمصلحة، إحداهن تبحث عن ضمادات نفدت وأخرى تبحث عمن يحمل لها المريضة إلى سريرها لكي تأخذ مكانها مريضة أخرى، ناهيك عن تلك الرائحة النتنة في ظل غياب أدنى شروط النظافة في مصلحة تتكاثر فيها الجراثيم بسرعة خاصة أنها مصلحة توليد، مما يعرض المرأة ومولودها إلى مختلف أنواع الأمراض.بقينا هناك لبضع ساعات والوضع يزداد سوءا وتأزما، وغياب أعوان الأمن مشكل كبير تعاني منه مصلحة التوليد بهذا المستشفى. تخيلوا أن هناك عون أمن واحدا فقط يعمل بجناح كبير به طابقان وفي كل طابق العديد من الغرف، فهذا الحارس كان يقوم بالعديد من المهام، كان يحرس وفي الوقت نفسه يقوم بإحضار أمتعة النساء اللواتي وضعن حملهن، فيقوم بأخذها إلى الأعلى وتسليمها لأصحابها، ورغم أن الجناح خاص بالنساء فقط واللواتي هن في وضعيات لا تسمح بأن يراها أي غريب إلا أن الحارس كان داخلا وخارجا عليهن، ولم يهمه حرمات هؤلاء النساء.حوامل ومواليدهن عرضة للإصابة بأمراض خطيرة في غرفة التوليدالوضعية التي وجدناها أقل ما يقال عنها أنها كارثية، رائحة كريهة لا تحتمل تجعلك لا تستطيع أن تبقى فيها لمدة أكثر من دقيقتين، فكيف لنساء حوامل يبقين أكثر من ساعة على طاولة الولادة، أرضية متسخة، ضمادات وإبر مرمية على الأرض هنا وهناك، أجهزة غير معقمة، أسرة توليد في وضعية جد مزرية.اقتربنا من إحدى النساء التي وضعت حملها قبل ساعتين، سألناها عن الاستقبال التي لاقته هنا فقالت: "الحمد لله القابلة التي كانت معي أثناء الولادة عاملتني بلطف خاصة أنني لست من تلك النسوة اللواتي يصرخن وأملك الشجاعة نوعا ما، ولكن في البداية لم يسمح لي بالدخول وقالت لي قابلة أخرى إنه لم يحن وقت ولادتي بعد، بعدما رأتني في حالة عادية، ولكن بعد معاينتي قاموا بإدخالي ولكن بعد توصيات من إحدى المعارف. وكما تعلمون "المعريفة" تجعلهم يعتنون بك جيدا وإن لم تكن تملكها فسوف يهملونك لا محالة إلا من رحم ربي".خرجنا من قاعة التوليد بسرعة وتوجهنا مباشرة إلى بعض الغرف، واغتنمنا الفرصة للتحدث مع بعض النساء اللواتي لم يحن وقت ولادتهن بعد ولكي ينسين الآلام المصاحبة للولادة، قررن الدردشة معنا قليلا، فأبدين استياءهن من سوء الاستقبال والمعاملة في المصلحة، وكانت من بينهن واحدة أتت من خارج العاصمة رفض استقبالها بحجة أنها لا تقيم بالولاية، حيث قامت إحدى العاملات بسبها وشتمها، قائلة لها "ما الذي أتى بك إلى هنا ألا تسمعون عن الضغط الكبير الذي تعرفه المصلحة، فنحن لا نستطيع تلبية المقيمات هنا بالعاصمة فكيف لنا استقبال المقيمات بولايات أخرى"، دون أن تراعي حتى حالة المريضة أو ظروفها التي أتت بها إلى هذا المستشفى.تضيف امرأة حامل أخرى: "أنا هنا منذ ساعات مبكرة من نهار اليوم ولم يتم التكفل بي وعندما أسأل عن حالتي، يقولون لي "مازلت مازلت"، ولا يقومون أصلا بفحصي، ونحن نتحدث معها زادت شدة الآلام وتوقفت عن الكلام وبدأت في الصراخ تنادي باسم القابلة التي على ما يبدو حفظت اسمها من طول المدة التي قضتها هناك وتقول لها "سوف ألد لقد حان الوقت". والفظيع في الأمر أنها أجابتها بكل برودة "اذهبي واصعدي على الطاولة وسوف آتي بعد قليل" وكأن المرأة ستجري فحصا روتينيا لا حالة ولادة طارئة، رأيناها تمشي بخطى بطيئة في الرواق المؤدي إلى قاعة التوليد، وهي منهارة تكاد تقع على الأرض وما من أحد تسند إليه ظهرها، معاناة حقيقية تعيشها النسوة اللاتي أجمعن على أن مصالح التوليد في بلادنا في وضعية كارثية.مراحيض تتحول إلى قاعة توليد..قالت أخرى "تخيلوا أنني وضعت مولودي في دورة المياه، بعدما قالت إحدى القابلات لي إنه لم يحن وقتي بعد، توجهت إلى المرحاض بعدما لم أعد أحتمل تلك الآلام ولم أصدق الذي حصل ابني يرى النور في المرحاض، والله هذا عار كبير. هناك العديد من الحالات المماثلة فهناك من وضعت مولودها في السلالم وأخرى في الرواق ...إلخ"جميع هذه الظروف القاهرة جعلت العديد من النسوة يتوعدن بأنها المرة الأخيرة التي يضعن مواليدهن بمستشفى عمومي، بل سيتوجهن إلى العيادات الخاصة، حيث سيجدن رعاية طبية أفضل رغم تكاليفها هروبا من المشاكل العديدة التي تعاني منها أغلب المستشفيات العمومية إن لم نقل كلها.تقول امرأة "دورات المياه حدث ولا حرج، في وضعية كارثية، وأنا لا ألوم المنظفات فقط بل ألوم أيضا النساء اللواتي يدخلن إليها ولا يقمن بتنظيفها، والله عيب، ففي الوقت الذي يجب أن نأخذ حذرنا جيدا من أنفسنا حتى لا نصاب بأي مرض لأننا نكون في مرحلة جد حساسة، تتعمد بعض النساء اللواتي يخرجن دون تنظيف دورة المياه. المنظفات أيضا يتحملن جزءا من المسؤولية لأنهن لا يقمن بعملهن كما يجب، ففي بعض الأحيان تكون المريضة غير قادرة على أن تصل إلى دورة المياه وبالتالي لا تستطيع أن تنظفها ولكنهن يتركنها على حالها إلى أن يكثر التردد عليها وتركها على حالها إلى أن تصبح في حالة كارثية".تضيف أخرى: "نضطر في الكثير من الأحيان إلى تنظيف دورات المياه بأنفسنا، واحدة تساعد الأخرى حتى نقلل من الأوساخ بها، كما نضطر في أيضا إلى تنظيف جزء من غرف النوم المتسخة عن آخرها، لعدم اهتمام عاملات النظافة بالمصلحة". وبالنظر إلى الوضع الكارثي الذي توجد عليه المصلحة، دون أن تتدخل المصالح الإدارية لحماية صحة المريضات اللواتي أتين للتتداوى لا لنقل أمراض أخرى في مكان كان يفترض أن تتوفر فيه كل شروط النظافة التي أصبحت على المحك.منظفات يقمن بدور مساعدات التمريضإلى جانب جملة المشاكل التي تعاني منها المصلحة فإن مشكل غياب مساعدات التمريض هو الآخر يزيد من حجم المعاناة، فعاملات النظافة يقمن بعمل المساعدات، أمام النقص الكبير في عددهن، يقمن بمساعدة النساء في تحركاتهن قبل وبعد الولادة، فيما تتحمل أخريات عناء التنقل بمفردهن وتصل في بعض الأحيان إلى حد أن تحمل المريضة بنفسها أغراضها إلى غرفتها.إنجاز مستشفى خاص بالتوليد أصبح أكثر من ضرورة..وأمام هذه الوضعية المزرية التي تعاني منها النساء الحوامل بمصلحة التوليد وطب النساء بمستشفى "نفيسة حمودي" (بارني سابقا) تبقى النساء الحوامل يعانين في صمت دون أن تتدخل السلطات المعنية لإيجاد حل. ويبدو أن إدارة المستشفى "نفيسة حمودي" عجزت عن تحسين الخدمات المقدمة للمرضى في ظل غياب المراقبة وحسن التنظيم على هذا القسم. وأرجع أحد الموظفين السبب الرئيسي في انتشار هذه الفوضى إلى الاكتظاظ بالدرجة الأولى، والتوافد الكبير على المصلحة التي تستقبل يوميا المئات من النساء الحوامل، وبالتالي ففي الكثير من الأحيان تعطى الأولوية إلى للنساء التابعات إداريا لبلدية حسين داي، وفي حالة وجود أماكن شاغرة يتم استقبالهن، فيما تهمش أخريات في العديد من الأحيان.ويضيف الموظف أنه أمام هذا الواقع المرير الذي تعاني منه مختلف مصالح التوليد أضحى من الضروري جدا التفكير في إنشاء مستشفيات أو عيادات خاصة بالنساء الحوامل في ظل كل ما تعانيه النساء في المستشفيات العمومية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)