الجزائر

جنوح الأطفال: عندما تتحول البراءة إلى "وحشية" ببجاية


تعرف معدّلات الجريمة في المجتمع الجزائري تناميا رهيبا قد يرفض العقل تقبُّلَه، لِما لذلك من أبعاد خطيرة على جميع الأصعدة، و لكن أسوأ ما في الأمر أن هذه الانحرافات قد أصبحت تستهوي حتى شريحة الأطفال، إذ تُحصي الجزائر سنويّا عددا كبيرا من القضايا المشبوهة و المنافية للعقل التي تكون وراءها براءة مُنتهكة بشكل يومي، قضايا تجد مكانا لها في الصّفحات الأولى من الجرائد.وبحسب الأستاذة خيرة مختصة في علم النفس، ل«الشعب”، والتي التقيناها على هامش حملة التحسيس بخطر الاستعمال السيئ للانترنت من تنظيم مصالح الأمن، “هم أطفال صغار، دخلوا عالم الجنوح و الاجرام من الباب الواسع، فلم يستثنوا لا السّرقة ولا الكحول ولا المخدّرات ولا حتى الاعتداءات وجرائم القتل، يتصرفون على طريقة المجرمين الكبار الذين احتلّت أعمالهم الوحشيّة صدارة مختلف وسائل الاعلام.
مؤسف أنّهم يتركون عالم الطفولة ليغوصوا في عالم تحكمه القسوة والوحشية و السلوكيات البربرية، ولربما ينبغي القول أنهم لا يغوصون بل يغرقون، إذ أنهم لا يعودون أبدا إلى الحالة التي كانوا عليها من قبل، فمن المُلام يا ترى؟ معاشرتهم لرفقاء السوء أو سوء التربية التي تنجر عن استقالة الوالدين من واجباتهم أو ربما المجتمع الذي أمسينا فيه؟ كلها عوامل غالبا ما تجعل الأطفال يجدون أنفسهم مشرّدين في الشوارع، ما يجعل منهم فريسة سهلة لمختلف الآفات الاجتماعية والجرائم.
يشهد جنوح الأطفال تقدما رهيبا ينبغي أن يأخذه كل أفراد المجتمع على محمل الجد، ويعتبر الخطر المعنوي من بين سلبيات هذا العصر التي تهدّد حياة أطفالنا، خاصة مع عصرنة المجتمع أو بالأحرى تغيّره وما لذلك من آثار سلبية رهيبة على تصرفات الأطفال ومعالمهم المرجعيّة، وعلى وجه الخصوص في المدن الكبرى المفتوحة على ثقافات مختلفة كثيرا ما تكون متنافية ومتعارضة مع مبادئنا وقيمنا”.
وفقا للإحصائيات التي كشفت عنها مصالح الأمن الوطني لسنة 2017، تم تسجيل تورّط ما لا يقل عن 5432 قاصر في قضايا الجنوح، منهم 218 فتاة، كما قامت نفس المصالح بمعالجة 4822 قضية جنوح، ارتكبها 2339 قاصر تم القبض عليهم من قبل مصالح الشرطة وإدخالهم السجون.
تنبغي الإشارة أيضا إلى أنه فيما يتعلق بطبيعة الجنح المرتكبة من قبل الجانحين الصغار، تأتي السرقة في صدارتها بنسبة 29%، يليها الضرب والجرح العمدي بما يفوق 25 % من بينها اعتداءات بالسلاح الأبيض. نفس الأرقام كشفت عن توقيف 23% من بين هؤلاء القاصرين، بتهمة حيازة الممنوعات والمتاجرة بها وكذا الانتماء إلى جمعيات الأشرار.
في الوقت الراهن، تأتي هذه الأرقام المروّعة، مبرزة و مؤكدة المنحنى المتصاعد للجرائم في الأوساط الحضرية، بين فئة الأطفال الصغار والمراهقين، آفة اجتماعية تثير قلق الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع الذين لم يكفّوا عن دق ناقوس الخطر حول الخطر المعنوي الذي يهدّد أطفالا هم ضحايا لمنظومة اجتماعية لم تعد ترحم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)