الجزائر - A la une

" جمعي بومعراف " مدير المجاهدين لولاية تلمسان ل " الجمهورية "



36 معتقل معروف فقط من أصل 76 بعاصمة الزيانيين الولاية الخامسة التاريخية كانت أول مورد للسلاح أكد السيد " جمعي بومعراف " على ضرورة إعادة الإعتبار لمراكز التعذيب والمعتقلات التي لاتزال شواهدها قائمة بالولاية الخامسة التاريخية إلى الآن، وذلك من خلال ترميمها وإصلاحها وكذا جمع الشهادات الحية التي تعزز الذاكرة التاريخية المتعلقة بها، وأشاد بعمليات الجرد الواسعة والمكثفة التي باشرتها وزارة المجاهدين من أجل إحصاء هذه مراكز التعذيب والمعتقلات وحمايتها من الزوال والإندثار لاسيما أن الكثير منها لايزال مجهولا لحد الساعة ، وأضاف في الحوار الذي خص به جريدة الجمهورية أن الفرنسيين لم تكن تهمهم الاعترافات بقدر ماكان يهمهم التلذذ في القمع والتعذيب وقتل النفس دون رحمة أو شفقة ، ورغم أن الكثير منهم اليوم يشعرون بالخزي والعار جراء أفعالهم الشنيعة إلا أن الجزائريين سيعتبرونها دوما جريمة ضد الضمير الانساني العالمي ، هذا إضافة إلى تصريحات اخرى تتابعونها في الحوار التالي : الجمهورية: في البداية ما هو انطباعكم حول الملتقى الوطني الذي نظم حول مراكز ومعتقلات التعذيب بالولاية الخامسة التاريخية ؟ مدير المجاهدين لولاية تلمسان : في الحقيقة أثمن كثيرا هذا اللقاء الوطني الهام الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى تسليط الضوء على المعتقلات و مراكز التعذيب والمحتشدات التي تبرز الجريمة الاستعمارية و الإبادة الجماعية التي مارستها من خلال التعذيب الذي يعد مساسا بحقوق الانسان وكرامته وكذا بحقه في حرية التعبير، فاختيار وزارة المجاهدين وجريدة الجمهورية لهذا الملتقى كان ذو أهمية كبيرة ، لاسيما أنه يطرح لأول مرة موضوع مراكز التعذيب والمعتقلات وحتى السجون التي لها علاقة مباشرة بجرائم الفرنسيين التي تجلت بشكل كبير في المدافن الجماعية التي شهدتها الولاية الخامسة التاريخية مباشرة بعد اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، وذلك إثر عمليات ثورية هامة على غرار عملية " عبان رمضان " في مستغانم و" العربي بن مهيدي" في تلمسان...، ففرنسا اتخذت حينها استراتيجية كبيرة تتمثل في إنشاء مراكز متخصصة في التعذيب والتنكيل بعد أن كانت في البداية عبارة عن مراكز لانتزاع الاعترافات، حيث تفنن الفرنسيون في قمع المواطنين من خلال عمليات وحشية مخزية تتمثل في الاغتصاب الجماعي ، وقتل ورمي العشرات منهم في الآبار، كما حدث في " مركز نقطة الصفر" بغليزان ومناطق أخرى تضم مراكز ومحتشدات بالقرب من خزانات المياه والآبار لدفن المسجونين والأسرى، فالفرنسيون لم تكن تهمهم الاعترافات بقدر ماكان يهمهم التلذذ في القمع والتعذيب وقتل النفس دون رحمة أو شفقة . مراكز سرية بعيدة عن المراقبة الدوليةالجمهورية : هل يمكن أن تطلعنا على أهم ما ميز مراكزالتعذيب والمعتقلات على مستوى الولاية الخامسة التاريخية ؟ السيد جمعي بومعراف : أهم ما اتسمت به مراكزالتعذيب والمعتقلات على مستوى الولاية الخامسة التاريخية أنها كانت سرية وبعيدة عن المراقبة الدولية، و قريبة جدا من مراكز الشرطة والدرك الفرنسي وكذا الشرطة القضائية وأجهزة الاستخبارات، و قريبة أيضا من المدافع وهذا كله بهدف تشديد الحراسة ، مع العلم أن الفرنسيين كانوا يتخذون من المدارس ومساكن المعمرين وأيضا المزارع والمستوصفات والأماكن المعزولة كمراكز ومعتقلات، يمارسون فيها كل ألوان التعذيب الشديدة والمريرة في حق الجزائريين من خلال الإبادة الجماعية في هذه الولاية التاريخية، والأمر الذي نستنتجه هو أن هذه المحتشدات كانت واسعة ورحبة، تقام على مستوى أراض جرداء تتسم بالحرارة الشديدة والبرودة القاسية، يتم تكديس المئات من الأسرى بها، أحيانا يبلغ عددهم المليون أسير، و يتعرض هؤلاء للضرب المبرح والظلم والاستنطاق والاستجواب و أحيانا يقتلون بطرق وحشية ولا انسانية، بمعنى أن المجاهد يعذب ثم يقتل حتى لا يكتشف أمر الجلادين الفرنسيين، هذا إضافة إلى سياسة اخرى جديدة انتهجها المحتلون من أجل تصفية الجزائريين بطريقة هادئة وسهلة تتمثل في " سياسة المفقودين"، بمعنى أنهم ينكرون رؤيتهم للاشخاص المفقودين غير مكترثين لقلق عائلاتهم نافين علاقتهم باختفائهم فجأة، لكنهم في الحقيقة يقومون بالتخلص منهم بطريقة سرية وخبيثة، فتصوروا أن عشرات المواطنين فُقدوا إلى اليوم وذويهم لم يجدوا لهم أثرا ،وهم لايعلمون أصلا إن كانوا قد ماتوا أو مازالوا على قيد الحياة !!، وهو ما يجعلنا ندرك شناعة وفظاعة الجرائم التي ارتكبت في الولاية الخامسة ابتداء من مرسى بن مهيدي وصولا إلى بشار، تندوف، أدرار، غليزان، معسكر، مستغانم، بلعباس وعين تموشنت، وغيرها من المناطق التي تضم مراكز تعذيب واستنطاق وجرائم دون مراعاة للضمير والأخلاق والقوانين الانسانية ، وذلك باعتراف الفرنسيين على غرار الجنرال "أوساريس " الذي اعترف في آخر أيامه أنه ارتكب جرائم كبيرة ووخيمة ، و أيضا " ماسو "، وجميع الفرنسيين الذين صحت ضمائرهم وهم يشعرون بالخزي والعار جراء أفعالهم الشنيعة التي لا تغتفر، فرغم اعتذارهم إلا أن الجزائريين سيعتبرونها دوما جريمة ضد الضمير الانساني العالمي . الجمهورية: كيف تصفون الوضع الحالي لمراكز التعذيب والمحتشدات التي لازالت شواهدها قائمة لحد الساعة بولاية تلمسان ؟ السيد جمعي بومعراف : لا يخفى عنكم أن ولاية تلمسان تضم حوالي 76 مركز تعذيب ، من بينها 36 مركزا معروفا فقط والباقي لايزال مجهولا ، ورغم أن المجاهدين يعرفون مكانها إلا أن أثرها مفقود في الواقع، فإما أصبحت اسمنتا أو أرضا فارغة أو منسية، و أنا شخصيا زرت أغلبية مراكز التعذيب المنتشرة على مستوى ولاية تلمسان بحكم تجربتي الاعلامية التي قضيت فيها 23 سنة كصحفي ومدير إذاعة سابق، حيث لاحظت أن بعض المراكز الى اليوم تفوح منها رائحة الموت وسط ظلام دامس ورعب رهيب، على غرار مركز" سيتيتي " المتواجد بأولاد ميمون، إذ أن السكان لا يزالون متواجدين بها لحد الساعة وغالبا ما يعثرون على هياكل عظمية وبقايا رفات الشهداء مشوهة وآثار السلاسل والأغلال ، فما حدث بها لايعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، لأنها كانت جد سرية، بحكم أن الأسير كان ينقل إليها معصوب العينين ليجد نفسه أمام الجلادين الذين يمارسون عليه كل أشكال و أنواع التعذيب بطريقة مشينة تبعث على الغثيان، وعلى هذا الأساس ومن منطلق هذا الملتقى الوطني الثري العبق استحضرنا التاريخ من جديد من خلال مشاركة رموز الولاية الخامسة التاريخية ، سواء تعلق الأمر بقادة النواحي والمناطق، أو مسؤولي التدريب والصحة على مستوى الولاية، إضافة إلى المحافظين السياسيين و مسؤولي التنظيم على مستوى هذه المناطق، دون أن ننسى طبعا بعض الأعضاء الذين كانوا في قيادة الناحية،وهو ما يعد دليلا قويا يمكننا من استرجاع الذاكرة التاريخية وتقديمها للأجيال القادمة، كما أن اللقاء الذي اشرفت عليه وزارة المجاهدين بالتعاون مع جريدة الجمهورية قدم نظرة جديدة تبلورت أساسا حول ضرورة إعادة النظر في مراكز التعذيب والمعتقلات من خلال ترميمها وإصلاحها وكذا جمع الشهادات الحية، وهذا بالفعل ما اعتمدته وزارة المجاهدين التي باشرت في عمليات واسعة لجرد هذه المراكز. الولاية الخامسة التاريخية الرائدة في جل العمليات الثورية الجمهورية : بماذا تردون على من يستصغرون الدور العظيم للولاية الخامسة التاريخية في ثورة التحرير الكبرى ؟ السيد جمعي بومعراف : هناك بعض الأقلام المأجورة تقول أن الولاية الخامسة التاريخية لم تساهم في اندلاع الثورة وهذا خطأ، فالولاية كانت أول مورد للسلاح ،حيث شهدت أولى البواخر مثل باخرتي " دينا " و "الفاروق" االلتان قدمتا من الاسكندرية ووصلتا إلى مرسى بن مهيدي محملتين بالسلاح الذي تم نقله بسواعد الجزائريين ، فالولاية الخامسة هي من تنازلت عن السلاح لصالح منطقة القبائل، وكانت الرائدة في جل العمليات الثورية في بويعزل، جنب الكسكاس، جبل العصفور، تيارت، معسكر، غليزان، مستغانم، بشار، أدرار، و تندوف، ورغم أننا لا ننكر أن البداية الرمزية لثورة نوفمبر المجيدة كانت من خلال عمليتي العربي بن مهيدي وعبان رمضان وفي بعض المناطق بسعيدة وتيارت، لكن الانطلاقة الفعلية كانت من الولاية الخامسة التاريخية وذلك في شهر أكتوبر 1955، فأول شخص استشهد بالمقصلة كان ابن الولاية الخامسة التاريخية " أحمد زبانة "، وما جعل الولاية تبرز أكثر هو مشروع " خط موريس " الذي هو عبارة عن استراتيجية فكرت فيها فرنسا من أجل القضاء على الثورة ، وهو سد ملغم مكهرب يمتد على مسافة 700 كيلومتر من مرسى بن مهيدي إلى بشار ، فيه مراقبين عبر المدافع والطيران ومراقبين بالأجهزة الالكترونية، ما يجعل من الصعب تعديه أو المرور عليه، ومع ذلك اخترقه الجزائريون بكل بطولة رغم أن الثمن كان غاليا جدا حيث قتل المئات من المجاهدين ، فكل كتيبة من جيش التحريرالوطني لا تمرإلا و أصيب منها واحد أو اثنين في حين يستشهد البقية، وذلك نتيجة لصعوبة العملية الثورية التي كانت تتم في الليل وسط الكلاب المسعورة والحراسة المشددة، وكذا القتل العشوائي بدون رحمة، لكن بعد الاستقلال تمكنت الجزائر من القضاء على هذا السد الملغم بفضل احترافية أفراد الجيش الشعبي الوطني الذين بذلوا جهودا كبيرة في نزع هذه الألغام والتخلص منها في إطارعمليات تطهير مكثفة وواسعة ، حيث تخلصوا من 7ملايين لغم تم زرعها في منطقة الولاية الخامسة التاريخية ، وبالمناسبة أحيي الجيش الشعبي الوطني الذي نجح في عملياته وأعاد الكثير من المناطق والأراضي الفلاحية لأصحابها. " فاطمة خليف " نموذج للمراة الجزائرية القويةالجمهورية: تحمّل الكثيرمن المجاهدين كل أنواع التعذيب والتنكيل التي تفنن فيها المعمر الفرنسي الغاشم ، لكنهم لم يرضخوا أبدا للتهديدات رغم الألم والوجع، فهل لك أن تعطينا نماذجا حية من الولاية الخامسة التاريخية ؟ السيد جمعي يومعراف : من منا لا يعرف المجاهدة " فاطمة خليف " التي تعتبر نموذجا للمرأة القوية والشجاعة ، لم ترضخ يوما للمحتل ولم تستسلم له رغم التعذيب والعنف الجسدي، هذه المناضلة التي ظهرت مؤخرا على صفحات جريدة الجمهورية وتحدثت بطلاقة كبيرة عن معاناتها خلال الفترة الاستعمارية، هي سيدة مكافحة سجنت في معتقل" بني بحدل"، وتعرضت لتعذيب رهيب قُطِعت فيه يديها بعد تخديرها، ثم أخذها الجلادون إلى المستشفى من أجل العلاج ، هذه المرأة فضلت التضحية وتحمل الألم ،على الاستسلام والاعتراف بالرغم من أن أحد المجاهدين المقبوض عليه واجهها أمام الفرنسيين وكشف عن جهادها رفقة مناضلين في صفوف جيش التحرير الوطني، والأسوأ من ذلك أن أحد افراد عائلتها قُتل أمامها لكن هذا لم يقلص أبدا من عزيمتها بل بالعكس جعل منها نموذجا للمرأة الشجاعة والقوية بالولاية الخامسة التاريخية، وفي مثال آخر عن التضحيات أذكر مواطنة أخرى من ولاية تلمسان هربت من المحتل وهي تحمل ولديها الصغيرين، وعند وصولها إلى الغابة وجدت نفسها أما الذئاب فاضطرت لتقديم أحد ابنيها لهذه الوحوش حتى تتمكن من الهرب مع ابنها الآخر .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)