الجزائر - 08- La guerre de libération



”جريمة وعار”
يقدم أوّل محامي لجبهة التحرير الوطني ووزير العدل السابق الكاتب، عمار بن تومي في كتاب صدر له حديثا عن منشورات ”القصبة” وسمه بـ”الجريمة والعار، الاستعمار الذي عانى منه الجزائري 1923 - 1962”، مجموعة من المعلومات المهمة المتعلقة بالثورة الجزائرية ونضال الجزائريين ضد المستعمر الفرنسي وأبرز المحطات والتحولات السياسية والثورية التي قلبت الوضع مع فرنسا رأسا على عقب.

يضم الكتاب ”جريمة وعار” الذي جاء في 694 صفحة من الحجم الكبير، 20 محورا، مهما منها ”قسنطينة طفولتي ومجتمع كولونيالي إبان سنوات 192”، ”فرنسا في أزمة، الجزائر غير هادئة ويقظة الشرارة”، ”صعود الوطنية من خلال نجم شمال إفريقيا”، ”وضع فرنسا والجزائر من 1919 إلى 1939”، ”أحداث 8 ماي 1945 جريمة ضد الإنسانية”، ”المشاكل المرتبطة بأحداث 8 ماي”، ”المنظمة الخاصة فيفري - مارس 1947”، وغيرها من المواضيع المثيرة التي تطرق إليها الكاتب بن تومي بالتفصيل والتحليل مع تقديمه لإثباتات بوثائق تاريخية لاسيما فيما يتعلق بأحداث 8 ماي التي راح ضحيتها آلاف الشهداء في يوم واحد، حيث كشف بأنّه كان مخططا لها مسبقا ومحبوكة وفق سيناريو جهنمي أعد له بعدة أشهر بمدينة البرج من طرف الاستعمار الفرنسي الذي حاول إجهاض القضية والصحوة الجزائرية في مهدها بعد بروز مقاطعة جزائرية لكل ما هو فرنسي من مأكل وملبس ومكان، عبر تكوين ميليشيات وفرق خاصة محضرة للقتل والجريمة فقط.

وبعد أن وعد المستعمر الشعب الجزائري بالاستقلال خان العهد والثقة وكانت النتيجة آلاف الضحايا لا شيء سوى أنّهم طالبو بحريتهم وانتفضوا ضد غدره. وفي هذا الصدد يقول الكاتب بن تومي عمار الوزير السابق في العدالة الجزائرية بأنّ ”في سنة 1945، فرنسا هضمت هزيمة جوان 1940 وجلست إلى طاولة الفائزين إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي وإنجلترا، من أجل استقبال استلام الألمان النازيين. ويوم النصر استعادت قوتها ووصفها كقوة عظمى”، ويضيف في مقطع آخر حول هذا الموضوع ”في الحقيقة، العقاب الدموي المتزامن مع أول ماي 1945، لم يكن مقدمة أو تمهيدا لأحداث سوى أنّ رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية، الجنرال ديغول، سمح للإدارة الاستعمارية والقوات العسكرية بارتكاب مجازر ومخالفات في حق الجزائريين، بهدف إجهاض الحركة الوطنية التي عرفت صحوة لا مثيل لها مما جعل المستعمر يخاف من تبعاتها. ويحكم السيطرة على التراب الجزائري من خلال ردع المتمردين كما اسماهم بمساعدة والي قسنيطة الذي كان يشجع الميليشيات على القتل والتخريب والتدمير خاصة بعد بروز أحزاب وحركات تنشط بشكل كبير ضد الاحتلال الفرنسي.

كما يعالج الكاتب في المحور الرابع جانبا من الوضع مع فرنسا حينما تطرق إلى أزمة فرنسا وحالة اللاهدوء بالجزائر بعدما عرفت شوارع فرنسا احتجاجات عارمة أبطالها جزائريون والأزمة الاقتصادية سنة 1929 بأمريكا التي أثرت بشكل مهيب على فرنسا، والى النهضة الجزائرية من خلال تأسيس حزب نجم شمال إفريقيا الذي كتب فيه مصالي الحاج رسالة تقول ”لا توجد هناك أي حفنة من المناضلين تعمل في الخفاء”، حيث كان هذا التأكيد ليس مطابقا للحقيقة والواقع لأنّ عودة محمد مسطول من باريس منذ 1930، تم خداعه عن طريق قراءة في جريدة ”الأمة” والذي فيه جاءت مجموعة من الأمثلة في الجزائر تضم عديد الأسماء والمجموعات الوطنية التي تم تأسيسيها”. إلى جانب هذا هناك عديد النقاط التي تطرق إليها عمار بن تومي في هذا الكتاب على غرار أزمة حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث كانت فرنسا تراقب الوضع الداخلي بها عن قرب كما عملت على تأجيجها من خلال اعتقال المناضلين والتحريض وغيرها من الطرق التي كانت فرنسا تستعملها من أجل قتل الصحوة الجزائرية في مهدها. هذا وضمن بن تومي العمل مجموعة من الملحقات التاريخية والرسائل التي كانت تدعو إلى التصفيات الجسدية للجزائريين.

يذكر أنّ عمار بن تومي، مولود في الـ26 ديسمبر سنة 1923، بمدينة قسنطينة، انتقل بعد الدراسة في المرحلة الابتدائية إلى العاصمة ودرس في المتوسط والثانوي ببن عكنون، ليدخل بعدها جامعة الجزائر ضمن تخصص المحاماة والآداب، أصبح بعد فترة من تسجيله في مكتب الجزائر في 10 جويلية 1947 من أجل التربص، المحامي الرسمي لحزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية. وفي تاريخ 8 نوفمبر 54، كتب طلبا إلى الراحل رابح بيطاط وأصبح أول محام لجبهة التحرير الوطني وساهم في الدفاع عن القضية الجزائرية حتى توقيفه في فيفري سنة 1957. وبعد انتخابه في الجمعية الوطنية الأولى بقسنطنة تولى وزارة القضاء في عهد الجزائر المستقلة، وإثر خلافه مع بن بلة غادر الحكومة وانضم إلى المجموعة التي كان يرأسها فرحات عباس بأدرار من جوان 1964 إلى 1965. وافته المنية شهر مارس الماضي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)