الجزائر - Questions et Pratiques Quotidiennes

بين البارح واليوم ... عاشور زغيدور نفطر على صوت ''بوزنزن'' ونمسك على صيحة السردوك


بين البارح واليوم ... عاشور زغيدور نفطر على صوت ''بوزنزن'' ونمسك على صيحة السردوك
يستحضر عمي عاشور زغيدور، 76 سنة، ذكرياته عن شهر رمضان قديما، عندما كان يقطن رفقة عائلته بمشتة الولجة ببلدية إراقن بولاية جيجل، والمتاخمة لجبال البابور، حيث كان الناس بالمنطقة يفطرون على صوت ''بوزنزن'' ويمسكون على صيحة السردوك.
جمع عمي عاشور في حياته بين معيشة الريف والمدينة، استهل حديثه بالرجوع إلى الأسابيع التي تسبق رمضان في القديم، وفي سنوات صومه الأولى، قائلا: ''كنا نحضّر لهذا الموعد قبل شهر أو أكثر عن قدومه، وذلك بتحضير مادة الشعير والقيام بطحنه، في شكل دقيق موجه لإعداد ''الكسرة'' و''الكسكسي''، فيما تقوم المرأة بإخراج ''السمن'' المدخر وتحضيره لإعداد الوجبات''، وعشية الشهر تجتمع العائلات وتقوم بذبح المواشي من خرفان وماعز، كل حسب استطاعته، وتلجأ إلى تخزين لحمها في البيوت، وذلك بتعليقها، في غياب كلي لوسائل التبريد''، على أن يقوم الجميع بإرسال كميات منها للفقراء. ويكشف عمي عاشور ''أن إعلامهم بحلول رمضان كان من طرف إمام من مشايخ المنطقة، والذي يصعد إلى أعلى قمة تدعى ''الصمة''، ويشرع في إرسال بلاغات من حنجرته إلى مختلف المشاتي المتناثرة، معلنا أن اليوم الأول من الشهر سيكون غدا، على أن يخبر أهالي كل مشتة فيما بعد بعضهم البعض، لأن بيوتهم كانت تفتقد لكل الوسائل الحديثة.
ويروي عمي عاشور أنه وفي غياب المؤذن، كان الجميع ينتظر غروب الشمس، وبداية الظلام، كي يفطرون، وفي كثير من الأحيان كانوا يستعينون بأصوات حشرة ''بوزنزن'' التي كانت تطلقها تزامنا مع موعد الإفطار من كل يوم، على أن ينهضون للسحور عند سماع الصيحة الأولى ''للسردوك'' ويمسكون على وقع صيحته الثانية ويخرجون لأعمالهم الفلاحية المتمثلة خاصة في الحصاد والدرس بالطرق التقليدية، بمجرد موعد الإمساك.
''لقد كان طبق ''كسرة الشعير واللبن'' أشهر طبق على موائد الإفطار أنداك'' -يضيف الشيخ عاشور- في حين أن مائدة السحور كانت في الغالب تحتوى على ''الرفيس بالسمن'' أو ''كسكسي الشعير'' بالحليب، وأحيانا طبق ''الغرايف''. وبخصوص السهرات الرمضانية -يقول- ''كنا نلتقي يوميا بعد الإفطار في منزل واحد يتم الإتفاق عليه مسبقا، لتبادل أطراف الحديث. وعن رمضان اليوم يضيف عمي عاشور، ''أن كل شيء أصبح متوفر، لكن نكهته زالت مع زوال الكثير من العادات والتقاليد، وبعض صور التكافل الاجتماعي، والروابط الأسرية''.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)