النشر الإلكتروني فرصة تاريخية أمام أصحاب الفكر والرأي المستقل

الجزائر بحاجة إلى أشواط كبيرة لحماية حقوق الكتّاب والمبدعين من الاستغلال المنحرفتحدث الكاتب رابح فيلالي خلال حوار أجرته معه "الشعب"، عن أهمية النشر الإلكتروني، حيث اعتبره فرصة تاريخية أمام كل أصحاب الفكر والرأي المستقل، مشيرا إلى أن ثورة شبكات التواصل الاجتماعي واحدة من أبرز علامات القرن الجديد، وذلك بالنظر لما أحدثته من خلخلة كاملة في بنية الإعلام التقليدي ومصادر المعلومة، وكيفية توزيعها وانتشارها في العالم، وأضاف فيلالي بأن في بلداننا الأمر لا يزال يحتاج إلى أشواط كبيرة جدا، لأجل تقنين عملية النشر الإلكتروني وحماية حقوق الكتاب والمبدعين والناشرين من الاستغلال المنحرف..«الشعب": من منظوركم أستاذ فيلالي هل ترون بأن النشر الإلكتروني وحجم توزيع المعلومات خدم المجتمع وساهم في إحداث تحولات جوهرية؟رابح فيلالي: ستبقى بالتأكيد ثورة شبكات التواصل الاجتماعي واحدة من أبرز وأكثف علامات القرن الجديد، وذلك بالنظر لما أحدثته من خلخلة كاملة في بنية الإعلام التقليدي ومصادر المعلومة، وكيفية توزيعها وانتشارها في العالم، لذلك فالعالم سيؤرخ لتاريخ الاتصال فيه بمرحلتين، مرحلة أولى وهي مرحلة ما قبل شبكات التواصل وما بعدها، لأن ما يحدث في العالم اليوم من سرعة قياسية في انتشار المعلومات ووصولها إلى الناس والسيولة الهائلة في تدفقها وتعدد وتنوع مصادرها وتحررها من كافة أشكال الرقابة أو التكييف أو التحوير حالات غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، فالعالم بالتأكيد ليس واحدا في المرحلتين.الأدوات الرقمية أصبحت متاحة وسهلة الاستخدام لإنشاء مواقع، كيف تجدون استغلالها من طرف المثقف العربي عامة والجزائري خاصة؟الانترنت حررت الإنسان من كل أنواع السلطات التي كانت تفرضها الأنظمة والحكومات المعادية للحريات في مرحلة سابقة من تاريخ الإنسان، حيث كان كل شيء يحدث بموافقة هذه الحكومات، ومن خلال سلطتها وبإرادتها وكل ما يخلف تلك السلطة أو الإرادة معرض لأقصى أنواع الإقصاء والتهميش والتشويش.الصورة اليوم صادمة بالنظر إلى الواقع السابق، العالم مفتوح على مصراعيه ومتاح على مسافة واحدة بين الجهات الأربع من أطرافه، لذلك فإن هذه الفرصة هي تاريخية بكل المقاييس أمام كل أصحاب الفكر والرأي المستقل، وكل له رأي في الحياة لأن الفضاء المفتوح على الانترنت يسمح للناس بالتواصل فيما بينهم، كما يسمح لأصحاب الرأي بالتعبير عن مواقفهم في أية لحظة، وبالطريقة التي يؤمنون بها من غير سلطة محاسب أو رقيب، وطبعا هذا وضع لم يكن متاحا فيما سبق، حيث كانت أجهزة الرقابة هي وحدها من تملك الحق في الرقابة القبلية، وبالتالي هي صاحبة القرار في أن يصل هذا المنتوج الفكري إلى الناس أو أن يظل حبيس صاحبه إلى أن يموت بصمته وقهره.ما تأثير النشر الإلكتروني والشبكة المعلوماتية على الكتاب الورقي والمكتبات والدوريات العلمية؟هناك تأثير إيجابي فتحته هذه الأدوات أمام المبدع والقارئ في وقت واحد، حيث أن القارئ وجد مصادر معرفة متنوعة، وأكثر إتاحة ومتدفقة في سرعتها، وبالنسبة لصاحب المعرفة فالفرصة متاحة اليوم للوصول إلى القارئ في جهات العالم الأربع في سرعة قياسية لم تكن ممكنة في أي من مراحل التاريخ الإنساني.العالم اليوم أضاف الكثير إلى مصادر المعرفة فيه، بالإضافة إلى المصادر التقليدية والتي تبقى رائدة في كل الحالات، لكن أدوات المعرفة المستحدثة من كتاب إلكتروني وانترنت ومواقع، كلها جعلت من التدفق في المعلومة حالة رائدة في تجربة الإنسان في التاريخ.كيف تجدون طبيعة الاستثمار في صناعة المعلومات، بغرض إنتاجها ومعالجتها وبثها في عصر المعلومات؟هناك اقتصاد متكامل في العالم الحديث يسمى اقتصاد المعرفة، وهو محرك أساسي في صناعة وإدارة كافة الحياة الحديثة، ولذلك فقوة الاقتصادات في العالم، أضيفت إليها مصادر دخل جديدة وهي مصادر سريعة ومتحركة ومتنوعة، لذلك سيكون صعبا جدا على أي اقتصاد في العالم أن يساير إيقاع الحركة في العالم، من غير استيعاب دقيق لحجم هذه التحولات وإدراك الأدوات الجديدة التي تصنعه وتميزه، وستحدد مراكز القوة والضعف في جهات العالم المختلفة.ما هي أشكال النشر الإلكتروني التي تجدونها أكثر فعالية؟هناك الكثير من أشكال للنشر التي تتيحها الأنترنت، منها الكتاب الإلكتروني وهو انتصار كبير لأنصار البيئة، والداعين لاستخدام ورق أقل في الحياة اليومية، من خلال إتاحة الكتب على رفوف المكتبات الإلكترونية، كما أنها عملية ستوفر الكثير من المصاريف على جيوب الناس، لأن الكتاب سيكون متاحا وفي توقيت واحد على موقع واحد، وعلى شبكات الانترنت، عكس المرحلة السابقة التي كان الكتاب فيها يحتاج إلى عمل شبكة واسعة من الأطراف، من طباعة إلى ناشر إلى موزع إلى بائع، حتى يصل إلى القارئ، في حين النشر الإلكتروني اختصر كل هذه المسافات ووضع الكتاب في المتناول، من خلال كبسة زر واحد في موقع واحد، وهو متاح لأي قارئ وفي أي مكان من العالم.. هذه بالتأكيد حالة من الثورة غير المسبوقة.ما هي المشاكل الخاصة بالنشر الإلكتروني عند مقارنتها بالنشر التقليدي؟في بلداننا الأمر لا يزال يحتاج إلى أشواط كبيرة جدا، لأجل تقنين العملية وحماية حقوق الكتاب والمبدعين والناشرين من الاستغلال المنحرف، ولكن في العالم الغربي التجربة قطعت شوطا هائلا، وهي تحقق الآن واحدة من أنجح التجارب في السوق الإلكتروني، وتضمن للكتاب المزيد من الإزدهار، يكفي فقط أن نعرف أن في أسواق الولايات المتحدة، مثلا الكتاب الإلكتروني هو الهدية الأكثر رواجا ومبيعا في السوق الأمريكي في أعياد الميلاد، ونهاية العام الأخير، وهي المناسبة الاجتماعية الأكثر أهمية في حياة الأمريكيين.