الجزائر

المنظومة التربوية فضاء ملائم للقضاء على المخدرات




المنظومة التربوية فضاء ملائم للقضاء على المخدرات
اعترض الدكتور هاني سليمان، مختص في علم الإجرام بلبنان، على الاقتراح الذي يأخذه البعض من السياسيين بالجزائر، والمتمثل في إدخال المجلس الأمني كطرف فعّال في الدولة لمحاربة جريمة الاتجار بالمخدرات، كون هذا القرار سوف يمس بالكيان المجتمعي، ودعا إلى ضرورة البحث عن آلية محلية فعّالة للحد من الظاهرة، أهمها التركيز على المنظومة التربوية كفعل وقائي قبل حدوث الإجرام المتعلق بالمخدرات. بدأ المتحدث مداخلته من خلال مقولته "الأمن أهنأ عيش، والعدل أفضل جيش"، إيمانا بمبدأ أن القضاء على ظاهرة لا يتم إلا بالبحث عن آليات تعالج المشكل من أساسه، ويعد العدل من أهم مقوّمات تلك الآليات. وأشار خلال مداخلته التي تمت بمناسبة الملتقى الدولي لظاهرة المخدرات، أثارها إقليميا وعالميا وآليات مكافحتها، بعنوان "جهود مواجهة ظاهرة المخدرات على المستوى الوطني والإقليمي"، أن علاج مشكل المخدرات لابد أن يكون قبل الحادثة، موضحا أن الدول جميعا تنفق ميزانيات ضخمة للبحث عن حلول والقضاء على الظاهرة، لكن إذا حاولت تلك الدول إنفاق تلك المبالغ في البحث عن أساليب لمنع انتشار الآفة من الأساس، سوف يكون ذلك أكثر نفعا، فإذا وجهت تلك الميزانيات للتثقيف والتعليم وتنظيم برامج صحية وتكثيف الحملات التحسيسية، سوف تكون المجتمعات أكثر وعيا بمخاطر المخدرات و يتم تجنبها من الأساس.وبهذه الروح يقول المختص في علم الإجرام نستطيع تفادي عملية ملاحقة المجرم، موضحا "أنه لابد من عدم وجود إجرام لعلاج تفاعلات الإجرام ونتائجه، وهذا العمل يعد من مهام الدولة والمجتمع". وشدد المتحدث على ضرورة تضافر جهود مختلف أطراف المجتمع لتحقيق الوقاية من آفة المخدرات، وليس فقط من مستوى الأمن والانتربول، وإنما المؤسسات التربوية والتعليمية والكتاب والمختصين الاجتماعيين والنفسانيين وهذا سوف ينفذ على الأقل 10 بالمائة، وهو كاف كمرحلة أولى، ثم لابد من التفكير في مراحل أخرى.وأشار المتحدث خلال مداخلته إلى أن البطالة هي الأخرى تعد من أهم أسباب هروب الشباب نحو المخدرات، كوسيلة للبحث عن بديل ينتشله من التفكير في أوضاعه المزرية التي تجعله عاطلا، وهنا يقول هاني سليمان "إنه بتخفيض نسبة البطالة، سوف تعمل الحكومة بطريقة مباشرة على تخفيض نسبة المدمنين"، مشيرا إلى أنه مهما كان المشكل كبيرا لابد أن تكون الإرادة أكبر للتصدي لظاهرة المخدرات. وهنا ذكر المختص في علم الإجرام، أنه يستلزم على المسؤولين الاعتماد على التوصيات التي تخدم المصلحة العمومية وليس بتطبيق المقررات التي تكون في بعض الأحيان غير مجدية. مشكل الآفات الاجتماعية مهما كان نوعها أصبح يستدعي التوقف والتأمل والسؤال، أما إذا كانت الأزمة، أزمة نصوص تشريعية فلابد من مراجعتها، أو مشكل تطبيق لابد من إعادة النظر في أساليب النطق بالحكم. وذلك بالتغيير في فكر القاضي، لاسيما أن القوانين المتعلقة بتجريم المخدرات تتراوح بين الردع والمساعدة، التشدد والرحمة حسب المحاضر.من جهة أخرى، تساءل المتحدث: هل النصوص القانونية المتعلقة بهذا الشق لابد من مراجعتها؟ وما هي الحلقة المفقودة؟ وأجاب بالقول "إن المشكل لن يعالج بالقرارات والقوانين والمراسيم والإجراءات الرسمية، وإنما لابد أن يتم العلاج النفسي منذ الطفولة بالبيت ثم المدرسة وصولا إلى مختلف نواحي الحياة. وفي الأخير، دعا هاني سليمان إلى ضرورة إدراج برنامج تربوي تحسيسي ضمن المنظومة التعليمية لأن ذلك كفيل بانتشال المجتمع من أزمة المخدرات، كما أوضح أن أسباب بزوغ هذه الظاهرة الخطيرة فى المجتمع، ينطلق من الوضع المجتمعي غير الصحي الذي يعيشه الشخص المدمن ولعل من انعكاساته سوء أو فشله في التربية وضعف الأسرة وخصوصا الآباء، ثم ظاهرة التسرب المدرسي التي يمكن أن تنتج مشروع شخص يتعاطى المخدرات وبالتالي يمكن أن يصبح مدمنا في النهاية، بالإضافة إلى عامل العنف في الخطاب والمعاملات، سواء داخل المجتمع أو داخل الأسرة أو في المؤسسات التربوية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)