الجزائر - A la une

المسرحي التونسي الهادي عباس:توجه بعض المسرحين إلى اللغة البصرية افرغ المسرح من مضامينه الجادة


أكد المخرج الهادي عباس مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بتونس،أن العمل المسرحي الناجح هو العمل الناتج عن بحث متواصل وليس عن فكرة جاهزة ترتبط بالمناسبات المحلية أو الدولية، ويرتبط عرضها بالمهرجانات، مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على أساليب فنية جديدة بعيدة عما هو موجود ومعمول به حاليا، وهذا من اجل التأسيس لقاعدة جمهور مسرحي،ولمعرفة المزيد عن واقع حال المسرح التونسي، تواصلت الحياة العربية معه، وهذا نص الحوار:في كلمة مقتضبة كيف تشخص لنا واقع حال المسرح التونسي؟
في الحقيقة الحديث عن تجارب المسرح التونسي يطول بنا ولا تكفي هذه الدردشة المقتضبة الكشف عن كل تجارب المسرح التونسي، لكن ما يمكن قوله ان معظم التجارب التي عرفتها تونس في سابق هي تجارب مميزة ومتقدمة عن واقع المسارح العربية والدليل على ذلك الجوائز التي حاز عليها الكثير من المسرحيين التونسيين نظير تفوقهم، وإنجازاتهم، لكن ما ناسف له اليوم أن هذا التقدم الذي تحقق في فترة ليست ببعيدة، لم نستطيع الاحتفاظ به والاستمرار في نهجه، خاصة بعد ظهور جيل جديد من الشباب المسرحيين استفرغوا المسرح من مضامينه واهتموا فقط بما يعرف بالإبهار الجمالي والبصري الخالي من كل طرح في التعبيرية المسرحية لمواضيع تهم المجتمع، وهذا ما تسبب في تهجير الجمهور من قاعات المسرح، وأصبح الفن الرابع عندنا يقتصر فقط على الحضور المناسباتي في مهرجانات داخل وخارج تونس.
الكثير من المسرحيين بتونس توجهت أعمالهم إلى المسرح الكوميدي،هل هذا التوجه رغبة أم ضرورة اقتضتها الظروف؟
الكوميديا المبتذلة هي الكوميديا التي تؤخذ من الشارع، وتمسرح على الخشبة، لكن العمل الكوميدي الجاد هو مسرح هادف له جمهوره وله منتجيه، نحن لا نبحث عن أعمال مستوحاة من الشارع لكن نحن نعمل على خلق كوميديا مبتكرة بتقنيات جديدة، لأنه من حق المتلقي على المسرحي أن يقدم له أشياء جديدة يراها لأول مرة وليس إعادة أو استنساخ لما يحدث في الشارع. في الحقيقة نحن نعتمد كثيرا على المسرح الصامت وليس المسرح الكوميدي.
المعروف بأن المسرح الصامت له تقنيات خاصة حتى تصل رسائله إلى الجمهور، ما هي التقنيات التي استعملتها للوصول إلى أهدافك؟
في واقع الأمر أن المسرح الصامت يعتمد على المهرج، وعمل المهرج لا يعتمد كثيرا على الديكور والسينوغرافيا والمؤثرات التقنية الأخرى، بل يعتمد بالأساس على قدرة الممثلين، لكن ما نقوم به نحن هو أخذ تقنيات المهرج ووضعها في المسرح اليومي يعني نعتمد على شخصيات واقعية وعادية جدا نراها كل يوم لكن طريقة الأداء ليست الطريقة اليومية التي تعودنا على المهرج تقديمها، ليس بإمكاني التفسير أكثر في هذا الموضوع فليس هنالك مراجع يمكن أن يفهمني من خلالها المتفرج،عندما نتحدث عن الكوميديا أو التراجديا أو المسرح المأسوي، المتفرج يتقبل المعلومة بشكل عادي، لكن عندما نتحدث عن المهرج في المسرح فهذا تقليد نادر جدا على المستوى العالمي.
هل أصبح المسرح التونسي أكثر حرية وهي تشهد حياة سياسية جديدة؟
أكيد، هناك تأثير لكن للأسف تأثير سلبي، فالمسرح التونسي كان في بدايته يعتمد على البحث عن الأفكار وعن الرمزية وعن كيفية إيصال المعلومة والرسالة بطريقة لا يمكن مراقبتها أو معارضتها من طرف السلطة، فكان هناك اجتهادا كبيرا من طرف المسرحيين، الآن أصبح كل شيء مباح حتى رئيس الدولة أصبح مباحا، المسرح التونسي وقع اليوم في ورطة أكبر، بعدما استسهل الرسالة وتبنى فكر المسرح المباشر، والمسرح المباشر خطابه يكون اقل مستوى تقديما ومضمونا، فتوجهت أعين المسرحيين اليوم نحو من يصنع الحدث في البلاد، فأصبحوا ينتقدون الشخصيات السياسية والسلطة، مستغلين في ذلك هامش الحرية التي أصبحت متاحة.
تقصد الرقابة؟
ليس رقابة بالتحديد لكن أدعو إلى التحلي ببعض المسؤولية، مسؤوليتنا كمثقفين أو كفنانين ان لا نبسط الأمور وأن لا نفهم الحرية على أساس أنها “نفعل ما نشاء” ، دورنا أن نفهم الآخرين ما معنى الحرية ومن أين تبدأ وأين تنتهي ونعلمهم معنى المسؤولية، إذا أصبحنا نحن غير مسؤولين ولا نعرف كيف نتعامل مع الحرية فكيف نلوم المواطن العادي، وان كنت تحدثت على الرقابة فلا اقصد بها الرقابة السياسية وإنما رقابة أخلاقيات المهنة والضمير يعني يجب ان نحترم مهنتنا و أن نحترم شعبنا ومسؤولينا وان نقدم فننا جيدا لجمهورنا، لا يجب ان نتهور ونضحك المتفرج ونحن ننقد رئيس دولة، وفي معظم الأحيان يكون النقد غير صحيح، فهذا عيب بنظري.
كلمتك الأخيرة؟
أود أن أحي من خلال منبركم الجمهور الجزائري، وكل المسرحيين الجزائريين الذين هم أصدقائي بالأساس أتمنى لهم كل التوفيق، أتمنى أن أشاهد أعمال مسرحية جزائرية عالية المستوى بمضامينها وتقنياتها مثل ما كانت عليه أعمال عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي والفنانة صونيا رحمهم الله.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)