الجزائر - Revue de Presse

المسؤول عن ابروشية الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا المطران الرئيس منير حنا أنيس لـ ”الفجر” الإعلام المصري غيّب بياننا الداعي إلى التهدئة



المسؤول عن ابروشية الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا المطران الرئيس منير حنا أنيس لـ ”الفجر”              الإعلام المصري غيّب بياننا الداعي إلى التهدئة
صادفناه في اختتام الملتقى الدولي لممارسة الشعائر الدينية بالجزائر، والذي نظمته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بدار الإمام بالعاصمة تحت شعار ”ممارسة الشعائر الدينية حق ديني وقانوني”، ولفت انتباهنا وهو يتكلم بلهجة مصرية عن حبه الكبير للشعب الجزائري، واحترامه لهذا الشعب الذي يجسد فعلا مبدأ التسامح في الأديان.. تقرير الولايات المتحدة الأمريكية الأخير حول الحريات الدينية مستفز  ولأن الوقت لم يكن يسمح بإجراء حوار مطول معه، حاولنا جاهدين للدردشة الهامشية معه، إلا أنه رفض بكل لباقة، وسمح لنا ببعض الوقت الذي اقتصه من مدة فطوره.. إنه المسؤول عن ابروشية الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي، المطران الرئيس منير حنا أنيس، الذي كان لنا معه هذا اللقاء.  بداية، كيف تقيّم المحاور التي سطرها هذا الملتقى، وهل تساير أسئلته الأوضاع والأحداث الراهنة في رأيك؟  أرى أن هذا المؤتمر كان جريئا، خصوصا في هذا الوقت بالذات، وهو يناقش قضية حسّاسة، وبالغة الأهمية وأحيي وزير الشؤون الدينية عليه، لأنه اقترح هذا الأمر الشجاع، خاصة وأنه أقامه داخل الجزائر، لما رأيناه من أجواء مليئة بالحب والود والاحترام للآخر، في الجزائر، وفي هذا الملتقى بالذات رغم وجود اختلافات في الرأي، الأمر الذي يدل على تسامح هذا الشعب اتجاه الآخر، فقد أعطيت لي مساحة للتحدث بكل حرية، كما أعطيت تماما مساحة للعالم المسلم، وتكلمت وأبديت رأيي وأنا مسيحي، بكل شفافية ووضوح.    تشارك في هذا الملتقى، وقلت إن علاقة وطيدة تربطك  بالشعب الجزائري، ما الذي يمكن أن نعرفه عن هذه العلاقة؟  بالفعل، في الحقيقة لدي كنيسة في حيدرة اسمها الثالوث المقدس وأنا أزورها كل سنة، والعام الماضي فقط زرتها ثلاث مرات، وكنت أبقى أياما عديدة في الجزائر، التي أتشرف بزيارتها بين الحين والآخر، وأكن لها حبا وودا في قلبي، لدي علاقات وطيدة بشعبها سواء المسيحيين أو المسلمين.    تتكلم عن الجزائر وتاريخها بكل هذا الود، ألم يشفع للجزائر هذا الحب أن يكف ولو جزءا بسيطا من العدوان المصري عليها تاريخا وحكومة وشعبا، ومسح علاقة قرون في ”لحظات طيش كروي”، وأين اختفى هذا الشعور وأنتم على رأس مؤسسة لها كلمة مسموعة في مصر؟  أولا، العلاقة بين الشعبين لم تمح ولم تمسح أبدا ولن يحدث ذلك، بل يمكن القول إن هذه العلاقة الوطيدة، تمت التغطية عليها من قبل بعض وسائل الإعلام. وأنا مدرك تماما أن هذا الغطاء القائم، انقشع وتكاد تعود المياه إلى مجاريها، ولعلكم لاحظتم جميعا الكيفية التي استقبل بها فريق كرة اليد الجزائري في مصر، وكيف تمت مناصرته في مباراته أمام كوت ديفوار، فهذا دليل على أن العلاقة تمت تغطيتها لأيام فقط وكل شيء يعود لنصابه، فأعتقد أنه لا يمكن المساس بالعلاقات بين البلدين الشقيقين مهما حدث.. وثانيا، لم نسكت ومن قال إننا سكتنا؟ فقد قلنا هذا الكلام شفويا ومكتوبا، إذ أرسلنا بيانا لجل وسائل الإعلام المصرية، وقلت فيه إن ما يحدث من فئة قليلة لا تمثل الشعب الجزائري، وأن هذا الشعب شعب رائع ولا يمكن أن نقول عنه هذا الكلام، ولا يجب أن يعكر صفو العلاقة بين الشعبين، خاصة وأن العلاقة وطيدة ومصيرية، لكنها لم تنشره، فليست كل الأشياء تنشر وأنتم أعلم بهذه الأمور. كما أرسلت مكتوبا لسفير الجزائر بالقاهرة عبد القادر حجار، وكان أملي أن يرسله لوسائل الإعلام الجزائرية، بيّنت فيه أن ما قيل عن الجزائر هو من فئة قليلة ولا يمثل الشعب المصري، واستنكرت فيها أي عنف ضد أي طرف كان فما بالك بالجزائريين أو المصريين، لكن الرسالة لم تصل للإعلام الجزائري.     كنا نود اقتصار الحديث عن أشياء أخرى بعيدة عن اهتزاز العلاقة بين البلدين، لكن بما أن الجو العام يفرض ذلك، اسمح لي أن أسألك عن رأيك في المباريات التي جمعت المنتخبين الجزائري والمصري؟  قد لا تصدقينني لو قلت لك إنني كنت هنا في الجزائر يوم المباراة التي جمعت المنتخب الجزائري والمصري في القاهرة وفازت بها مصر بهدفين لصفر، وشاهدت المباراة مع إخوة وأخوات جزائريين، وعندما انتهت المباراة هنأني الجميع، وبقينا مع بعض، حتى أنني لم ألاحظ ضيقا أو ما شابه على وجوههم، بل كان الأمر عاديا جدا. ضحكنا، وقلنا الكرة تبقى كرة مهما حدث، ونحن إخوة، والفائز اليوم خاسر غدا، وهكذا.   (ممازحة) ألم تخف من أن يقوم الجزائريون بتسميمك أو قتلك، على حد تعبير الفضائيات المصرية وتحذيراتها الهستيرية لكل من يود دخول الجزائر؟  (يضحك). إطلاقا، لم أخف لحظة واحدة ولم أشك في الجزائريين أبدا في كونهم يستطيعون تسميم عدوا، فما بالك بأخ وشقيق...أروي لكم نكتة طريفة حدثت معي، وأنا في مطار القاهرة حين كنت أنتظر موعد إقلاع الرحلة التي أتيت فيها رآني عامل مصري بالجزائر، وقال لي هل ستذهب للجزائر وأنت ترتدي هذا اللباس، وكذا الصليب، ألا تخشى من الجزائريين خاصة بعد المباراة الأخيرة وما حدث في المباريات الأخرى؟ فقلت له أبدا، لا أخاف من إخوتي في الجزائر، لأن هذا البلد هو بلدي الثاني، والدليل أنني بينكم اليوم وأنا مصري مسيحي أقف بين مسلمين ومسيحيين، أبدي رأيي، مثل الباقي، ولا يوجد أي انتقاص، في حقي في المشاركة.    بعيدا عن دوران الكرة.. تكلمتم في هذا الملتقى عن حوار الحضارات وإمكانية تحقيقه، في ظل الظروف الراهنة، لكن الواقع يقول عكس ذلك؟  أعتقد أن حوار الحضارات وحوار الثقافات، بدأ بالفعل، إلا أن نتائجه ستأخذ فترة زمنية طويلة حتى نراها على أرض الواقع، فالهدم يحدث مرة واحدة لكن البناء يأخذ وقتا طويلا وعملا كثيرا وشاقا. وبالتالي لكي نبني عالما يسوده السلام لا بد من أن نستمر في التحاور، وألا نيأس لأننا لا نرى ثمارا سريعة. صحيح نحن نعيش في عصر السرعة، والشعب يقول ما الفائدة من هذه الحوارات، فالصراعات والتعصب، يزداد يوما بعد يوم، والإرهاب يتوسع، لكني أقول لهؤلاء ما الفائدة إذا توقفنا عن هذه الحوارات، ألم يكن من الممكن أن تكون الصراعات أسوأ بكثير، لكن بالحوار نستطيع خلق وإرساء معاني التسامح والحب والإخلاص بين الشعوب..     هذه المعاني دعا ويدعو إليها المتصوفون، هل يمكن القول إن الصوفية أصبحت حلا لإحداث نوع من الحوار بين الحضارات؟  أعتقد أن هذه المقولة ترنو لأن تعود إلى عصر الحب، وقبول الآخر، لأن هذا ما يميزها ولأن الصوفي يتعبّد لله ولا يكره أخاه ولا يحكم عليه، فالصوفية تتميز بالعلاقة الروحانية والدفء، هذا الأخير يشعر به كل الناس... فعندما يكون هناك شيخ من مشايخ الطريقة الصوفية، أشعر أنا بالراحة، ونحن نحتاج هذا الأمر كأساس لنبني عليه الحوار لكي نكون متسامحين، ومحبين للآخر، مسلمين ومسيحيين، والذين يختلفون عنا في العقيدة.   جاء هذا الملتقى في الوقت الذي تصدر فيه الولايات المتحدة الأمريكية تقريرا - ربما اطلعتم عليه - حول الحريات الدينية؟  في الحقيقة هذا التقرير يقوم به الكونغرس الأمريكي وأرى فيه نقصان، لأن التقرير يشمل السلبيات فقط، ولا يشمل الصفة الكلية لهذه الشعوب. ولأن كل مكان فيه طوائف مختلفة، وشعوب من عصور مختلفة، فيه مشاكل، ولا يوجد مكان على سطح الأرض يخلو من المشاكل، فالمناطق التي شملها التقرير الأمريكي فيها أيضا إيجابيات. والتقرير عن الحرية الدينية عادة ما يركز على السلبيات فهو قاصر، ولا يشجع على البناء، ويقدم بطريقة تجعل هذه الحكومات مستنفرة من هذا التقرير، وبدل أن يساعدها على النمو يجعلها تتصرف بطريقة عكسية، فهو ينتقد ويثبط ولا يشجع فقط..     كيف ترفضون هذا التقرير وتؤيدونه بحكم أنه يدافع عن المسيحيين؟  غير صحيح أبدا، ولم نؤيده، وهذا الكلام كان من بعض الأصوات نادت بهذا الأمر وهي تعيش داخل أمريكا. ونحن كمصريين لا نسمح لأي تدخل أجنبي في شؤوننا الداخلية فنحن شعب نعيش منذ قرون خلت مع بعض مسلمين ومسيحيين، وقادرين على حل مشاكلنا بأنفسنا، وكل الدول لها مشاكل، لكن نطرحها ونناقشها، تماما كما نفعل في هذا الملتقى، ونخرج بتوصيات ونتائج تساعدنا على حل مشاكل المسيحيين في مصر دون تدخل أمريكا أو أي بلد آخر.    تقام حفريات في مدينة القدس، وكما هو معروف أن المدينة قد تنام ولا تستيقظ، جراء ذلك، لماذا لا نرى موقفا موحدا بين الهيئات المختلفة من مسلمين ومسيحيين تجاه الحفر؟  بلى يوجد، والدليل أن السيد حسن خاطر، موجود بيننا اليوم في هذا الملتقى وهو يمثل الرابطة المسيحية المسلمة للدفاع عن المقدسات الدينية بالقدس، وزميلي المطران سهيل الدواني، عضو في هذه المؤسسة، وكلا الطائفتين تشارك في الرابطة، لأنهم ضحايا هذا الخناق..كما أننا نرفض جميعا تهويد القدس، لأن بها مقدسات إسلامية ومسيحية ويهودية وهي ملاذ للجميع، لذلك ليست ملكا لشخص، ونرفض أن تقوم الدولة الصهيونية في إسرائيل بتهويد القدس.     وقتك القصير لم يسمح لنا بقول الكثير لكن ممكن كلمة قصيرة وأخيرة؟  أرجو أن يناصر كل العرب المنتخب الجزائري في المونديال، وأنا أولهم، وأن يكونوا لهم سندا معنويا بعيدا عن كل الخلفيات.      حاورته: فريدة لكحل 
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)