الجزائر - Revue de Presse

المرأة القبائلية الماكثة بالبيت ترفع التحدي



 تحتضن دار الشباب ''سناني السعيد'' ببومرداس، في الفترة الممتدة ما بين 04 و15 مارس من الشهر الجاري، فعاليات المعرض الولائي الخامس حول المرأة، والذي نظمه قطاع التكوين المهني للولاية تحت شعار ''التكوين في المقاولاتية والتسويق من أجل مرافقة متكاملة للمرأة''، ويحمل المعرض أهدافا عديدة؛ أبرزها التعريف بمختلف الآليات التي يضعها قطاع التكوين والتعليم المهنيين لتكوين المرأة، لا سيما النساء الماكثات بالبيت في المناطق الريفية، وكذا التعريف ببرنامج مرافقة المرأة على جميع الأصعدة، إلى جانب الإعلام بطرق الدعم والإعانة لتسويق منتجات المرأة؛ مثل ''أنساج'' و''أنجام''، ناهيك عن تبادل التجارب والخبرات والنماذج الناجحة من خلال عرض نشاطاتهم ومنتوجاتهم.
وقد جابت ''المساء'' أجنحة المعرض ووقفت على جوانب من التظاهرة، حيث تحاورت مع بعض المشاركات اللائي أبدين استحسانهن لهذه التظاهرة، كما أكدن أن المرأة تساهم في الحياة السوسيو- اقتصادية، باقتحامها كافة المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، العلمية، الثقافية والسياسية، بفضل شجاعتها وإرادتها والجهود التي تبذلها، إذ أصبحت تساهم اليوم بصفة فعالة في التنمية المحلية والاقتصادية، بعد تلقيها التكوين اللازم الذي يؤهلها للخوض في هذه الميادين، ناهيك عن التسهيلات والإسهامات والمساعدات التي قدمتها الدولة للمرأة من أجل الرقي بها، وجعلها تتساوى في الحقوق مع الرجل، خاصة النساء الماكثات في البيت اللواتي استفدن من برامج التكوين المهني التي بفضلها استطعن الاستفادة من الدعم المادي من طرف الدولة، لإنجاز مشاريع من شأنها المساهمة في رفع اقتصاد البلاد والقضاء على البطالة، من خلال توفير مناصب شغل لهاته الشريحة.
كما أقيمت بالمناسبة، ندوة تمحورت حول الأهمية البالغة التي يوليها قطاع التكوين للمرأة، من خلال تكوينها في شتى التخصصات وإدماجها في عالم الشغل ومرافقتها، وهو الأمر الذي يعكسه تنظيم التظاهرة للمرة الخامسة على التوالي منذ سنة ,2008 حيث تهدف هذه الندوة إلى تدعيم و تثمين دور المرأة في التنمية المحلية، وكذا تثمين جهود الدولة في ترقية المرأة من خلال مختلف أنماط التكوين، وإبراز جهودها في مجال التكوين ومحو الأمية وأجهزة الدعم التي تسمح بمشاركة المرأة في مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب مساندتها ومرافقتها بغرض إدماجها في مختلف النشاطات الاقتصادية، إضافة إلى خلق ثقافة الجودة
و الإبداع في مختلف منتجات المرأة، وتعميم استعمال تقنيات الإعلام الآلي لدى المرأة، الإستماع إلى انشغالاتها وطموحاتها وكذا العراقيل التي تتلقاها خاصة في المناطق الريفية، ناهيك عن تقييم ما تم تفنيذه في التوصيات المنبثقة عن الندوات الأربع السابقة، مع تحديد أثارها ونتائجها على المستوى المحلي.
والجدير بالذكر أن ولاية بومرداس كونت حوالي 9600 امرأة ماكثة بالبيت؛ من بينهن 4608 امرأة استفادت لحد الساعة من أجهزة الدعم و أصبحت تمارس نشاطها، وتساهم في التنمية المحلية.
وعلى صعيد متصل، فقد قارب عدد الأجنحة بالمعرض المقام بالمناسبة، 13 جناحا بين ثابت ومتحرك في عدة تخصصات ومجالات، عُرضت فيه جميع المنتجات التي يمكن بيعها والاستمتاع بها، كما شاركت فيه عشرات العارضات من ماكثات بالبيت في طور التكوين، ومستفيدات من جهاز التكوين وكذا من أجهزة الدعم والتشغيل، إضافة إلى بعض المسيرات لشركات في عدة مجالات، حيث تمثل تلك النسوة مختلف مراكز التكوين المهني لبلديات بومرداس، اللائي أبدعن في عرض ما جادت به قريحتهن في ميدان الحرفة التقليدية، والملاحظ من خلال تجوالنا عبر أجنحة المعرض، أن صناعة الحلويات التقليدية كان القاسم المشترك بين العديد منهن، حيث اخترن هذه الحرفة السهلة والمدرة للربح، والتي تجمع بين الأصالة و المعاصرة في الابداع.
السيدة لعمروسي حورية وكولالي ملحة خير مثال على عزم المرأة الماكثة بالبيت، حيث قامتا بإظهار مواهبهن في ممارسة الصناعة التقليدية، و أظهرتا أن المرأة حتى ولو لم تكن متعلمة ولم يكن مستواها التعليمي عاليا، بإمكانها المساهمة في بناء المجتمع من خلال ترقية الصناعات التقليدية بممارستها وتعلمها وسعيها لنقلها للأجيال الصاعدة من جهة، وإثراء السوق المحلية بصناعات موروثة.
وبمناسبة الاحتفال بالعيد العالمي المصادف لـ 8 مارس، قامت ''المساء'' بلقائهما للحديث عن المرأة الماكثة بالبيت، وكيفية اقتحامها لمجال ممارسة الصناعة التقليدية.
لعمروسي حورية: المرأة الماكثة بالبت كسرت الطابوهات، كما أكدت السيدة حورية لعمروسي ابنة مدينة تيزي وزو خلال لقائها بـ''المساء''، على هامش مشاركتها في تظاهرة الاحتفال بـ 8 مارس بدار الثقافة مولود معمري بولاية تيزي وزو، أنها قضت مدة تزيد عن 40 سنة بين أحضان البيت في القيام بأشغال المنزل، كغيرها من النساء الماكثات بالبيت، غير أنها قررت أن تحدث تغييرا في حياتها بتعلمها حرفة ما أوصناعة تقليدية تشغل بها وقتها، حيث سجلت لتعلم حرفة'' المكرامي'' الذي يعد فنا قديما من أصل عربي، على يد السيدة برندات بمدينة تيزي وزو، وبعد 6 أشهر، تمكنت السيدة لعمروسي من تعلم الصناعة، وقامت بحياكة عدة أشياء؛ منها حقيبة اليد الصغيرة والكبيرة، حاملات الزهور وغيرها، باستعمال ألوان جذابة منها الأبيض، الأسود والبيج، مشيرة إلى أنها تستغرق ما بين 3 أيام إلى أسبوع لإنهاء غرض معين.
وأضافت المتحدثة أن أعمالها لقيت إعجابا كبيرا من طرف زوار المعرض، حيث قامت ببيع عدة أشياء خاصة حقائب اليد التي نالت إعجاب الفتيات، علما أن أسعارها تتراوح ما بين 1600دج إلى 2800 دج. كما وجهت للسيدة لعمروسي دعوة للمشاركة في عيد الزربية التي تنظمها منطقة آيت هشام بدائرة عين الحمام، والتي ستفتح لهذه المرأة الماكثة في البيت فرصة إظهار وإبراز قدرتها في إبداع زربية ''المكرامي''.
- مسؤولية الحفاظ على التراث على عاتق المرأة
كولالي ملحة:
من جهتها الآنسة ملحة ابنة جبال جرجرة المنحدرة من مدينة الأربعاء ناث إيراثن، وتحديدا من قرية امعنصران، قررت بدورها كسر الطابو الذي يشكل عائقا أمام المرأة القبائلية.
فعملت على إظهار قدرتها ومواهبها في صناعة وامتهان حرف تقليدية موروثة، حيث تحدّت كل الصعاب وسجلت لدى السيدة ''إيليزابات'' أخت بيضاء بمدينة الأربعاء ناث إيراثن تعلم البنات تقنية الطرز، بعد 3 سنوات من التكوين، وبعد خبرة 16 سنة في الطرز، أصبحت الآنسة ملحة قدوة لكل امرأة ماكثة بالبيت تريد التسجيل بمختلف مراكز التكوين، للاستفادة من تكوين معين سواء في مجال الخياطة، الحلاقة أوصنع الحلويات وغيرها. وفتحت بذلك لنفسها باب المشاركة في عدة تظاهرات ثقافية على مستوى مدينة الأربعاء ناث إيراثن أومدينة تيزي وزو، كما شاركت في تظاهرة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية لهذه السنة، والتي نظمها طلبة جامعة بوزريعة بالعاصمة، وأضافت أنها تلقت عدة طلبات للمشاركة في المعارض.
 
توجه الآنسة ملحة نداءها لمسؤولي غرفة الصناعات التقليدية للولاية، لتقديم يد المساعدة للحرفيين خاصة منهم الفتيات اللائي تُوجّه لهن دعوات المشاركة في ولايات أخرى، غير أنهن لا يستطعن الذهاب بمفردهن، على أمل أن توفر الغرفة النقل، أوتعين مسؤولا معينا يرافق الحرفيين بالولاية في تنقلاتهم إلى الولايات الأخرى، مضيفة أنه لا يمكن للمرأة الماكثة بالبيت المغامرة والذهاب إلى ولاية لا تعرف عنها شيئا. وبالتالي هذا ما يعرقل نشاط الحرفية ولا يتيح لها فرصة إطْلاع سكان الولايات الأخرى على منتجاتها بغرض التسويق.
وعن إبدعاتها، قالت الآنسة كولالي ملحة، أنها تقتني قماشا من نوع حريري، وبعد تفصيله، يتم وضع أشكال هندسية جميلة وألوان مختلفة تختلف حسب أذواق الزبائن، حيث أقوم بصناعة البرنوس كونه أكثر طلبا من جهة، وكذا لحمايته من الزوال، فالبرنوس رمز الهمة والقوة بمنطقة القبائل، وأنا أريد التمسك بالموروث وكل ما له صلة بالتقاليد، فبعدما كان البرنوس يقتصر لباسه على الرجل، فقد أصبح، بفضل الحرفيات اللواتي تمسكن بصناعته، وبلمسات عصرية، مطلوبا من طرف النساء، حيث أكدت أنها تتلقى طلبات كبيرة عليه، خاصة وأن أسعار منتجاتها ليست غالية الثمن، حيث تتراوح ما بين 10000دج إلى 20000دج بالنسبة للبرنوس، أما إذا أضيفت إليه الجبة، فيكون السعر 30000 دج.
وأشارت الآنسة ملحة أنها تأخذ بعين الاعتبار ما يتماشى مع الموضة في أعمالها ووفقا لأذواق الزبونات، فمنها التي تزين بالألوان الفضية حسب الحلي الفضية، وأخرى بوضع ألوان بنية، حمراء وغيرها، إضافة إلى الأشكال الهندسية الموحية والجميلة.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)