الجزائر - A la une

المثقفون المغاربة وصدمة 'الربيع العربي'



المثقفون المغاربة وصدمة 'الربيع العربي'
'ربيع الغضب.. مقاربة أولية' كتاب حديث الإصدار في المكتبات المغربية، ألفه الباحث سمير الحمادي، يتناول بالتأمل والتشريح التطورات الميدانية المميزة لأحداث تونس ومصر، والتي أسست فيما بعد لما اصطلح عليه إعلاميا بأحداث 'الربيع العربي'.
جاء الكتاب موزعا على 173 صفحة من الحجم المتوسط، ط 1، 2012، ونزعم أنه أفضل ما نشر في الساحة المغربية، وربما ينافس أهم ما نشر في الساحة العربية (اطلعنا على بعض الأعمال، ولكننا لا نزعم الجزم الاطلاع على مجملها).
من المؤلفات الأخرى التي صدرت في الساحة المغربية وتتطرق بدورها لأحداث 'الربيع العربي' (أو 'الربيع الإسلامي' في روايات أخرى..)، نجد أيضا كتاب 'التفاؤل المُعلق.. التسلطية والتباسات الديمقراطية في الخطاب العربي الراهن'، بقلم الباحث محمد نور الدين أفاية. (صدر الكتاب عن جامعة محمد الخامس، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط 1، 2011)، وقد اعتبر أحد الكتاب في يومية 'الأحداث المغربية'، أن عمل أفاية 'كُتب على فترات، لكنها جمعت في مقالة فكرية جد مركزة قد يتوسع فيها الكاتب فيما بعد'، ولنا أن نتصور ما الذي يمكن أن يُقال في حق كتاب رصين ونوعي فعلا من طينة 'ربيع الغضب.. مقاربة أولية'.
من المؤلفات الأخرى أيضا، نجد كتاب 'أسئلة حول انطلاق الربيع العربي'، وهو عمل جماعي شارك فيه الأساتذة عبد الحي مودن وعبد الأحد السبتي وإدريس كسيكس، وصدر ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط 1، 2011.
كتاب 'ربيع المغرب'، صدر مطلع الشهر الجاري بقلم الأستاذ رضوان زهرو، الخبير والمحلل الاقتصادي، وصدر عن منشورات 'مسالك' (التي تصدر مجلة 'مسالك'، مطبعة النجاح الجديدة، ط 1، 2012)، وميزة هذا الكتاب، كونه يضم في قسمه الأول مقالات رأي بقلم المؤلف، موزعة على ثلاث محاور: محاور يرتحل مع أهم مطالب الشارع المغربي، ثم محور مُخصص لطبيعة الاستجابة الملكية مع الخطاب المرجعي المؤرخ في 9 آذار/مارس 2011، وأخيرا، محور يدور في فلك الاستفتاء على الدستور الذي تم في فاتح تموز/يوليو الماضي.
أما القسم الثاني من الكتاب، فجاء مؤسسا على نفحة التوثيق إن صح التعبير، بحكم أنه تضمن مضامين الخطاب الملكي سالف الذكر ونص الوثيقة الدستورية في نسختها المعدلة، ووثائق أخرى.
أخيرا وليس آخرا، وفي إطار التفاعل الثقافي أو المعرفي مع أحداث 'الربيع المغربي'، خصّصت مجلة 'زمان' المغربية، (شهرية موضوعاتية تُعنى بقضايا التاريخ المغربي المعاصر) غلاف عددها الأخير (عدد شهر نيسان/أبريل الجاري) لحوار مطول مع المفكر المغربي عبد الله العروي، يتطرق فيه لأحداث الساعة السياسية في المغرب، ولأهمية ووزن المحاوَر، فقد نشرت بعض اليوميات المغربية، ترجمة لأهم مضامين الحوار، بل ذهب بعض المعلقين إلى تحرير مقالات رأي أو انطباعات حول مضامين الحوار. (ومعلوم أن الرجل يكاد يكون 'مرجعا لا يعلى عليه' عند أتباع التيار اليساري في مجالنا التداولي المغربي، ولو أن هذا التيار يعيش على إيقاع نكسات انتخابية وبالتالي سياسية في أغلب الدول العربية والإسلامية، وليس فقط في الساحة المغربية، ويكفي تأمل نتائج الأحزاب السياسية ذات المرجعية اليسارية في آخر الاستحقاقات الانتخابية).
لن نتوقف طويلا مع كتاب 'روح الدين' لطه عبد الرحمن، حتى لا نختزل أسباب نزول/إصدار الكتاب فقط في أحداث 'الربيع العربي/الإسلامي'، ولو أن العديد من ثناياه تتطرق بالتفكيك والتقويم لهذه الأحداث.
هذا كل ما لدينا تقريبا، في المكتبات المغربية، بخصوص التفاعل النقدي أو التأملي أو التقريري مع أحداث 'الربيع العربي' وبدرجة أقل أحداث 'الربيع المغربي'، في حين تختلف الأمور لدى الأشقاء في باقي الدول العربية، ويكفي الاطلاع على أسبوعية 'أخبار الأدب' القاهرية، حيث لا يخلو عدد من أعدادها الصادرة منذ منتصف العام الماضي، من إحالات أو أخبار عن إصدارات مصرية أو عربية تتطرق لأحداث 'الربيع العربي/الإسلامي'.
هناك شيء مّا ليس في محله في ثنايا هذا 'الكوكتيل' من الكتب والمؤلفات والدراسات: بالنظر إلى عدد الباحثين والكتاب في الساحة المغربية، وبالنظر أيضا إلى عدد المؤسسات الأكاديمية والمؤسسات الثقافية أو ما تبقى منها، في زمن رفع شعار 'الشعب يريد إسقاط الفساد'، في وجه أغلب هذه المؤسسات، وفي مقدمتها اليوم 'اتحاد كتاب المغرب'.. بالنظر إلى مجمل هذه المعطيات، يتبيّن أننا إزاء عدد متواضع من المؤلفات، مقارنة مع المنتظر نظريا طبعا من وجود هذه الأسماء والمؤسسات.
لا يستقيم الحديث البتة ذلك المروج له من طرف أغلب المثقفين بخصوص التهميش والتقزيم الذي تُقابل به أعمالهم، إذا كانت مجمل هذه الأعمال والمبادرات تعد على رؤوس الأصابع، هذا إن صدرت أصلا.
لا نجرؤ حتى اليوم، على عقد مقارنات بين عدد الطاقات العلمية في الجامعات والكليات ومعاهد الدراسات، وبين الإصدارات اللصيقة بهذه الطاقات.
نحسبُ أن أزمة المثقف المغربي جزء يسير من الأزمات المركبة للمجتمع المغربي، وبَدَهي أنه لا يمكننا الرهان على مجابهة هذه الأزمات المركبة إذا كان أهل العمل الثقافي والمعرفي خارج الأحداث.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)