"الكراسك" بوهران

أجمع المشاركون في اليوم الدراسي المنظّم مؤخّرا بوهران، من قبل مركز البحث في الأنثربولوجيا الثقافية والإجتماعية ”الكراسك” حول ”قصور الجنوب الغربي للوطن بين الواقع والآفاق”، على ضرورة إعادة الاعتبار لما تبقى منها وذلك بإخضاعها لعمليات الترميم، بعد التحولات التي طرأت عليها بفعل عوامل الزمن والإنسان وتعرض البعض منها إلى الإهمال.إلى جانب إدخال مواد غير مطابقة للطراز المعماري، مثل الاسمنت والخرسانة، عند الترميم، وهذا ما أدى إلى تشويه طابعها المعماري الأصيل، في ما لازالت قصور أخرى تعرف انهيارات نتيجة عوامل التعرية والقِدم منها القصور المتواجدة ببعض مدن الجنوب الغربي على غرار ورقلة وبشار، ولعلّ أشهرها قصر ”تاغيت” الذي بات يستوجب عملية تهيئة وترميم استعجالي للحفاظ عليه كتراث معماري أصيل.كما استعرض المتدخّلون تأثير النمط المعماري الحضري الحالي بمدن الجنوب الغربي على الحياة الاجتماعية والعلاقات بين الأفراد، والتي تختلف اختلافا جوهريا عن نمط حياة الأفراد داخل القصور القديمة التي كانت تشكّل في حدّ ذاتها نمطا حياتيا مميّزا تتوطّد فيه العلاقات بين كلّ الذين يعيشون داخل تلك القصور العتيقة، وجاء التحول المعماري وانتقال بعض سكان القصور إلى العيش داخل شقق وسكنات يتباين طرازها المعماري ومعها تغيّرت طبيعة العلاقات الاجتماعية التي غزتها المدنية.وفي نفس السياق، أشار أحد الباحثين إلى أنّ العديد من القصور بالجنوب الغربي باتت ضحية الإهمال وهجرها أهلها في حين وقعت قصور أخرى ضحية ورهينة مشكلة الميراث لأنّها ملك لعائلات مما جعلها تبقى لحالها ومهملة لسنوات، ولا تزال كذلك في معظمها وبات يتهدّدها الانهيار الوشيك، مما سيجعل هذه المدن تفقد إحدى أهم خصوصياتها المعمارية والاجتماعية على الإطلاق، وهي القصور التي لو لقيت العناية والاهتمام من قبل الجهات الوصية وتضافرت الجهود للحفاظ عليها لجعلها تبقى تراثا خالصا تتوارثه الأجيال عبر الزمن باعتبارها موروثا ثقافيا واجتماعيا لمنطقة الجنوب الغربي، كما أشار المتدخلون إلى أنّ الإهمال الذي باتت تعرفه القصور بالجنوب الغربي رافقه جرم آخر تمثل في إدخال مواد إسمنتية أفقدت القصور جماليتها المعمارية وأصالتها.