الجزائر - A la une

الفيلم المحلي غائب نقاشا ومشاركة في المهرجانات السينمائية بالجزائر



الفيلم المحلي غائب نقاشا ومشاركة في المهرجانات السينمائية بالجزائر
مهرجاناتنا تركزّ على السينما الأجنبية فقطقللّ المنتج السينمائي، الهاشمي زرطال، من قيمة المهرجانات السينمائية التي تقام في الجزائر، سيما وأنّها تعدّ بنسبة قليلة، إذا ما قورنت بدول أخرى، كما أنّها لا تولي اهتماما واسعا بالفيلم المحلي والوطني، ويبقى توجهها وانشغالها منصبا على الفيلم الأجنبي فقط، ممّا نتج عنه نقص النقاش والحوار فيما يتعلق بالإنتاج الوطني.أكدّ الهاشمي زرطال، صاحب الشركة الخاصة للإنتاج السينمائي”سيرتا فيلم” المنتجة للفيلم الوثائقي ”ولو في الصين”، للمخرج مالك بن اسماعيل، الذي تم عرضه، أول أمس، بفيلماتيك محمد زينات، برياض الفتح بالعاصمة، في إطار الأيام الثانية للفيلم الأوروبي المستمرة حتى الفاتح من الشهر الداخل، بأنّ المهرجانات السينمائية التي تنظمها الجزائر عبر وزارة الثقافة، لا تهتم بالفيلم الوطني والإنتاج المحلي بقدر ما تولي عناية أكبر للصناعة السينمائية الأجنبية التي استفادت من بوابة الجزائر من التحليلات والمناقشات التي يشرف عليها نقاد وسينمائيون كبار، من الجزائر والدول الأخرى.وأضاف في تصريح ل”الفجر”: ”هذا السبب جعل الصناعة المحلية تبقى ناقصة وغير مستفيدة من مثل هذه الحوارات والنقاشات التي تكون مع مختصين في عالم الفن السابع وكذا الجمهور على حدّ السواء”.وأشار الهاشمي زرطال في السياق بأنّ الإشكالية لا تتعلق بالجوائز أو ضعف الإمكانيات المالية بقدر ما يغيب الاهتمام بالإنتاج الوطني، حيث قال ”أكيد لا بد من إمكانات مالية وبشرية لكن هناك مواضيع لأفلام لا تحتاج بتاتا إلى مواد مادية كثيرة سواء التفكير أو طريقة علاجها مواضيعها أو غيرها، وإنّما تحتاج إلى اهتمام ورعاية بها فحسب”. وعن مستوى الأفلام الوثائقية الجزائرية أوضح المتحدث زرطال بأنّ الجزائر بصفة عامة تحمل من الإنجازات والمشاكل في الوقت نفسه ما يكفي، وبالتالي ينبغي التركيز في الأفلام الوثائقية على مواضيع محلية بحتة باعتبار كثرتها وتفاقم القضايا باختلافها في كل منطقة، وأهمها معالجة مشاكل الشعب وطموحاته. حيث اعتبرها مواضيع جديرة بالاهتمام وشيقة ومثيرة.وعن الفكرة التي حملها الوثائقي ”ولو في الصين” قال بأنّ العمل عاد إلى الثورة التحريرية الكبرى، وكيفية إيصال التجربة وأحداثها وأبرز محطاتها إلى الجيل الحالي عبر المدرسة التي تعدّ شريان المجتمع والتنمية والتربية والتطور، وأنّ الموضوع المتناول تتعدد حوله الرؤى وتختلف بخصوصه وجهات النظر. وأكدّ زرطال بأنّ الجزائري مهما كانت مرتبته الاجتماعية يخاف مواجهة المشكل وهذه هي المشكلة في حدّ ذاتها”.في السياق ذاته يتطرق فيلم ”ولو في الصين” أو ”la chine et encore loin ”، وترجمته الحرفية ”الصين لا تزال بعيدة”، للمخرج مالك بن اسماعيل، والمنتج بشراكة جزائرية فرنسية، جمع على وجه الخصوص سيرتا فيلم والمعهد الفرنسي ومؤسسة التلفزيون الجزائري ووزارة الثقافة الجزائرية، في زمن قدره ساعتين، إلى مستقبل الطفولة الجزائرية، ومستقبل الجزائر من خلال الماضي والعودة بالذاكرة إلى الشرارة الأولى للثورة، وفيها تمّ قتل معلم فرنسي بالمدرسة كان هو وزوجته بالحافلة، كما قتل القايد، وانخرطت المنطقة في الثورة تحت لواء جبهة التحرير، وقادها الشهيد مصطفى بن بولعيد، الذي خطط للكثير من العمليات العسكرية. وبالتالي حسب العمل بعد 50 سنة يعرض هذا التاريخ ويحمل المخرج كاميراته ليسأل أهل هذه القرية عن التاريخ والحرب ويسألهم عن فرنسا، ويحاول الفيلم طمس الماضي ليطلق العنان للحاضر الذي يبدو بائسا وأكثر معاناة، حيث استحضر ثلة من تلاميذ المعلم الفرنسي الذي قتل خلال الثورة، والذين باتوا اليوم في سن متقدمة جدا، تجاوزت سن الثمانين، فراحوا يتذكرون ويستعيدون ذكرياتهم مع ”المعلم” الكفء الذي أحبهم كأبنائه كذلك الشأن مع زوجته المعلمة التي أصيبت برصاصة في رجلها. وفي الصدد ذاته يسجل الفيلم احتفالات قرية ”غسيرة” الواقعة في قلب الأوراس التي انطلقت منها شرارة الثورة 1 نوفمبر 1954، بهذه الذكرى المجيدة، وكيف أن بعض المجاهدين احتجوا على عدم تسجيل أسماء بعض الشهداء في اللوحة التذكارية. كما يسجل بالتوثيق ليوميات القرية خاصة مدرستها التي بنيت في العهد الاستعماري والتي تستقبل أطفال المنطقة من كلا الجنسين. كما تتابع الوقائع في المدرسة بين سجال يومي بين اللغتين العربية والفرنسية من خلال قسمين، فقسم العربية يقدم معلمه دروسا عن تاريخ الثورة وعن الهوية والجزائر التي ناضلت طويلا طويلا من أجل تحقيق الاستقلال، أين يكون هناك تجاوب للتلاميذ مع أسئلة المعلم وأحاديثه، بينما لا يولون أية أهمية ولا أي انتباه للدرس باللغة الفرنسية، حيث يفضلون اللعب وال”تشويش” داخل القسم بدل الدراسة ومتابعة الموضوع الذي يقدمه معلم الفرنسية. فحالما يرن الجرس يهرعون إلى اللعب في الخارج في جنبات الوادي وسفوح الجبل المحاذية للقرية. وهي مشاهد تتكرر يوميا في ظل نقص وسائل الترفيه ووسائل النقل. كما أنّ معلم الفرنسية كان لا يبالي بطرح مواضيع الهوية أو الثورة على مسامع تلاميذه، ما شجع التلاميذ وأغلبهم من عائلات فقيرة ومحرومة على عدم الانصياع واتباع الدرس.من جهة أخرى أشار الفيلم إلى غياب ظروف تشجيع السياحة ببلاد الشاوية التي تتميز بمناظر جميلة وخلابة صيفا وشتاء، والتي تضم أيضا أماكن تراثية مهمة ينبغي الاهتمام بها اليوم بدل تركها في مهب الريح وتضيع سدى، من خلال تركيزه في جانب من زوايا الفيلم على شخصية ”مهاجر” يحل بالمنطقة وهو مولع بجمع المواد التراثية، لكنه سرعان ما يشعر بالملل ويصاب بالفشل نتيجة الانعدام التام للعناصر المشجعة لعمله والسياحة بشكل عام.يذكر أنّ وثائقي ”ولو في الصين” فاز منذ إخراجه سنة 2008 بجوائز عدّة، أبرزها جائزة آلغا بنافيزيون لأحسن وثائقي بباريس، وكذا تتويجه بالجائزة الخاصة للجنة التحكيم خلال المهرجان ال30 للقارات الثلاث بمدينة ”نانت” الفرنسية، وأيضا حصاده للجائزة الخاصة للجنة التحكيم بالمهرجان الدولي للفيلم المتوسطي بتيطوان بالمغرب، إضافة إلى فوزه الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بميونيخ بألمانيا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)