الجزائر

الفشل المعمّم




إن حالة الجمود التي تعتري أهم مؤسساتنا لا يمكن إلا أن تكون دليلا على الفشل المعمّم، والتي جعلتنا بعد خمسين سنة من الاستقلال في ذيل الأمم، وأن تباهينا بأننا الأفضل والأقوى والأقدر، ولكن الأمر لا يعدو أن يكون إلا أضغاث أحلام. بلاد ترزح يوميا في الرداءة إلى درجة الغثيان، مشاكل بالجملة، إدارة مشلولة لا تزال وسائلها بدائية، كابحة لروح المبادرة، طرق مهترئة، أرصفة محطمة، بنايات وعمارات آيلة للانهيار في مشاهد دراماتيكية، تتقاطع مع سيادة السوق غير الرسمية أو ما يصطلح بالسوق السوداء بامتياز، وسائل نقل اختزلت في علب سردين يحشر فيها الجزائري البسيط وكأنه في يوم حشر على الأرض، وسيارات أجرة ليس لها من الاسم إلا الأجرة، تفرض قانونها على الضعيف باسم منطق ''الكورسة'' وتحدد اتجاهها كما يحلو لها، ورخصة طاكسي لا تزال بعد خمسين سنة رهينة استلام رخصة مجاهد مقابل ثمن بخس، لا منطق له، إلا منطق أولئك الذين أصدروا قانونا تمييزيا بين الجزائريين، وأصحاب الفوق يدركون ذلك جيدا، ولكنهم لا يتحركون لأنهم غير معنيين بما يجري تحت، فهم يستخدمون السيارات الفاخرة المصفحة المحروسة التي تُفتح لها الطرق، فلا وقت لديها لرؤية ما يجري في الأزقة والشوارع، فكيف لا يقولون بعدها الجزائر جنة فوق الأرض ولكنكم لا تشعرون، وعلى حد قول المتنبي: وكم بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء. فكيف لنا أن نتفاجأ بعدها بمئات الشباب وهم يحاولون يائسين أن يقطعوا البحر شمالا، لأنهم يدركون بأن اليأس سيلاحقهم، وهم لا يعيرون أي اهتمام للخطابات الرنانة التي تردد: اصبروا فإن الفرج قريب، بلادكم بخير، فالخزائن ممتلئة، لدينا 081 مليار دولار احتياطي صرف و08 مليار دولار في صندوق ضبط الإيرادات، وديوننا تراجعت إلى 5 ملايير دولار، وخصصنا لكم 21 مليار دولار لدعم المواد الغذائية، وسنوفر لكم مليوني سكن ومليون منصب عمل، ولكن كما يقول العقلاء إذا فشلت في أن تخطط فإنك تخطط لتفشل.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)