الجزائر - A la une

الغلاء الفاحش يفرض تقاليد جديدة على طاولة الجزائريين


الغلاء الفاحش يفرض تقاليد جديدة على طاولة الجزائريين
مثلما تغيرت أسعار المواد الاستهلاكية، خاصة اللحوم بكل أنواعها في شهر رمضان المعظم، عرفت العادات الغذائية تغيرا موازيا فرضه الجنون الذي طال الأسعار التي أرهقت كاهل المواطن الجزائري في رمضان، وسط صمت رهيب لمختلف الجهات المعنية بالتدخل لانتشال المواطن من ألسنة اللهب التي تطارده في المحلات والأسواق.الساسة تناسوا دورهم في الاهتمام بشؤون المواطن خلال رمضان ووجه بعض الصائمين الذين التقينا بهم في أسواق مدينة سطيف، أصابع الاتهام إلى الأحزاب السياسية التي لم تول اهتماما بهذا الجانب الذي بات يؤرق يوميات المواطن الجزائري في الشهر الفضيل وانشغالها بأمور أخرى لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، على حد تصريحات البعض منهم.أحشاء الدجاج تعرض بالقناطير.. خلال جولة قادتنا إلى مكان تجمع القصابات ومحلات بيع الدجاج بمدينة بوڤاعة، شمال ولاية سطيف، وقفنا على مفارقات عجيبة لم تكن موجودة من قبل، حيث لاحظنا تهافتا كبيرا على أحشاء الدجاج من طرف مواطنين أكدوا في تصريحاتهم ل”الفجر” أن الغلاء دفعهم إلى مقاطعة اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء، والتي أصبحت مقتصرة فقط على الأغنياء دون سواهم، لتبقى أجنحة الديك الرومي، أحشاء الدجاج وما يسمى ب ”لاكاس الدجاج” متنفس العائلات البسيطة لاستعمالها في أغلب وجبات الإفطار نظرا لانخفاض أسعارها، إذ تتراوح بين 180 و 220 دج، على خلاف لحم الدجاج الذي يتجاوز حدود 400 دج للكيلوغرام الواحد. أما اللحوم الحمراء فحدث ولا حرج، فقد لاحظنا أكواما طويلة وعريضة للأحشاء التي لم تعد الثلاجات كافية لها لتعرض فوق الطاولات والأرصفة وطوابير طويلة للمواطنين أمام مداخل هذه المحلات التي تحولت إلى نقاط ملفتة للانتباه. وأكد لنا عمي عمار، قدم إلى هذه المحلات ليشتري اللحم، أن سعر الدجاج ناهز سعر كبش العيد ووزنها وزن عصفور، متسائلا عن سبب هذا الارتفاع المفاجئ في ظل غياب الرقابة وقمع المنتهزين الذين يترصدون مثل هذه المناسبات لاصطياد جيب المواطن الذي ضاق ذرعا، وبالتالي لا خيار لعمي عمار إلا اللجوء مكرها لأحشاء الدجاج على الرغم من أن لحم الخروف يسيل لعابه - كما قال - لكنه عاجز عن تحقيق ما تشتهيه معدته..تبادل التهم.. والرقابة غائبةفي حديث جمعنا مع بعض التجار أكدوا لنا أن ارتفاع الأسعار نتيجة منطقية لارتفاعها في سوق الجملة، وبالتالي لا دخل لهم في تحديد بورصة الأسعار، في وقت أكد لنا مصدر من اتحاد التجار أن الأسباب الحقيقية تعود إلى قلة الانتاج خاصة اللحوم البيضاء بسبب عزوف المربين عن تربية الكتاكيت التي أضحت بالنسبة لهم تجارة خاسرة، وهذا ما تسبب في الارتفاع بسبب نقص الإنتاج وكثرة الطلب. أما بخصوص اللحوم الحمراء فالأمر مرتبط بالأعلاف التي تشهد هي الأخرى ارتفاعا في أسعارها.. وبين هذا وذاك وتبادل التهم بين مختلف الأطراف، تبقى الرقابة محل تساؤلات خصوصا في أسواق الجملة، الأمر الذي تسبب في عدم التحكم في حركية الأسعار والمضاربة وسيادة منطق المنتهزين. والأمر الذي يؤكد ضعف تأثيرات الرقابة وغيابها في بعض الأماكن، لاسيما المعزولة، هو التذبذب الذي طال الأسعار وتباينها من منطقة إلى منطقة، في وقت أطلقت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك تأكيداتها بخصوص ظاهرة الغش التي تتصاعد منحنياتها خلال الشهر الفضيل، وهذا ليس مقتصرا فقط على اللحوم بل معظم المواد الغذائية، وهذا من أجل تحقيق الربح على حساب صحة المواطن.الساسة في مرمى سهام المواطن..أطلق المواطنون الذين تحدثنا إليهم انتقادات لاذعة تجاه كيفية تعاطي الأحزاب السياسية مع ظروف المواطن خلال الشهر الفضيل، حيث انهمك معظم الساسة في القضايا الدولية، فيما عمد آخرون إلى الدخول في سلسلة من الاجتماعات واللقاءات النظامية سعيا منها لمعالجة مشاكلها الداخلية، في وقت يصارع المواطن غلاء الأسعار ونتائجها الثقيلة والمتعبة.. ليتساءل هؤلاء المواطنين إن كان حلالا أم حراما أن تتابع الأحزاب السياسية السوق وانشغالات المواطن خلال شهر رمضان قصد إيصال صرخاتهم للمسؤولين وانتشالهم من المعاناة؟!تقاليد جديدة فرضتها الظروفحتمت ظروف المعيشة وغلاء الأسعار على الصائم إدخال تقاليد جديدة في الوجبات المعروفة في الشهر الفضيل، حيث غابت النكهات المعهودة، وقد أكد العديد من المواطنين الذين تحدثت إليهم ”الفجر” في هذا الشأن أن الوجبات لم تعد كالسابق. وهناك حديث كبير عن ”الشربة” التي تعد طبقا أساسيا على مائدة الجزائريين خلال الشهر الفضيل، حيث غابت عنها الكثير من الموادومن بينها لحم الدجاج و”الكفتة” بسبب غلاء أسعارهما، وهي المواد التي تم استبدالها بأحشاء الدجاج، على حد تعبير أحد المواطنين، وبالتالي افتقارها لنكهتها الخاصة. ذات الشأن بالنسبة للأكلات الأخرى التي اختلفت نكهاتها باختلاف الظروف.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)