الجزائر - Questions et Pratiques Quotidiennes

العاصفة الثلجية تعيد تيزي وزو إلى العصور القديمة


العاصفة الثلجية تعيد تيزي وزو إلى العصور القديمة
المدينة البيضاء أو مدينة الثلوج هو أقل ما يمكن أن تنعت به ولاية تيزي وزو منذ 15يوما، أزمة الغاز، صعوبة المسالك المؤدية إلى المحلات والطرق المفتوحة أنست سكان القرى والمداشر حلاوة العيش، وجعلت معظم تدخلات أعوان الحماية المدنية والمصالح المختصة تتم بطريقة بدائية، على شاكلة عمليات الإجلاء التي تقوم بها في الكوارث الطبيعية، تماما كما حدث في زلزال بومرداس وفيضان باب الواد.الحديث عن المعاناة التي خلفتها العواصف الثلجية بمعظم الولايات لشاهقة الإرتفاع، التي مست أغلب الولايات الشرقية وولايات الوسط، خاصة ولاية تيزي وزو بسبب طبيعة التوزيع السكاني، جعلنا نفكر في زيارة ميدانية إلى مركز الحدث والخوض في قلب المعاناة، التي طالما سمعنا عنها، فكانت الزيارة مباشرة مع أول فرصة لمرافقة عناصر الحماية المدنية التي قررت القيام بعمليات تفقد لبعض المناطق الأكثر تضررا في أعالي جبال تيزي وزو.
''الأربعاء ناث إيراثن'' أول محطة لبداية تصوير المعاناة بتيزي وزو
وصلت المعاناة إلى أغلب دوائر وبلديات ولاية تيزي وزو، فلم يكن من الصعب الإختيار من أجل تصوير هذه الأخيرة، والقياس على حجم المعاناة ولكن كان معيار الإختيار هو أول مدينة يمكننا الوصول إليها، والحديث مع سكانها الذين لم يعد لهم رغبة حتى في تتبع أحوال الطقس لأنهم في غنى عن ذلك، لأنهم أصبحوا يعتقدون أن الإرتفاع الذي وصل إليه سمك الثلوج كاف للقول أن هذه الأزمة أو حجم هذه المعاناة قد فاق كل وصف وليس اعتباطا إن قال الواحد منهم أنه لم ير مثل هذه الثلوج في حياته أو على الأقل منذ عقود من الزمن.وقع اختيارنا في النهاية بعد الرجوع إلى حالة كل دوائر الولاية الأكثر تضررا على منطقة ''الأربعاء ناث إيراثن''، حيث قيل لنا إنها الوحيدة التي يمكن الوصول إليها وبصعوبة بليغة، إذ كانت الساعة تشير إلى التاسعة إلا الربع، حيث انطلقنا باتجاه هذه الدائرة التي يبلغ ارتفاعها 1200متر على سطح البحر، وتبعد عن وسط مدينة تيزي وزو قرابة 25كيليومترا كلها مرتفعات، تنذر كلما اقتربنا من القمة أنه هناك محرومين حتى من المساعدات. سمك الثلوج يرتفع كلما تقدمنا أكثر، طرقات المداشر مقطوعة وكأنهم معزولون عن العالم الخارجي، أو كأن معاهدة تمت على شاكلة معاهدة قريش التي طردت بني هاشم إلى أقاصي الشعاب، فلا أحد يبيعهم ولا يشترى منهم، سوى المساعدات الضرورية، كما أشار قائد وحدة الحماية المدنية الذي قال إن أغلب التدخلات التي يقوم بها أعوانه في المنطقة تتم مشيا على الأقدام، خاصة خلال اليومين الأخيرين، حيث ارتفع سمك الثلوج إلى حدود متر ونصف تقريبا.
مداشر معزولة تماما والعاصفة الثلجية تعيد دوائر تيزي وزو إلى العصور الأولى
وصلنا إلى منتصف مرتفعات دائرة ''الأربعاء ناث إيراثن'' حيث مقر الدائرة المحاذية لمحطة البنزين، أين تجلى حجم المعاناة بوضوح، من خلال طول طابور الغاز الممتد على طول عشرات الأمتار في انتظار شاحنة الغاز، على أمل حضورها بعد يومين أو ثلاثة أيام، حيث قال ''محسن. أ'' إنه ينتظر في الطابور منذ يومين من أجل الحصول على قارورة غاز بغرض الطهي والتدفئة، بعدما أصبحت التدفئة بالحطب أمرا مستحيلا نظرا لاستمرار تساقط الثلوج منذ أسبوعين دون انقطاع، فالحطب كله مبتل.وقال من جهته محام كان يقف في الطابور ويحمل ثلاث قارورات غاز أنه يقف في ذلك المكان منذ يوم كامل، في انتظار الفرج فلا أمل من العودة دون غاز لأنه يعلم أنها أساس الصمود في وجه هذه الأزمة، كما قال محضر قضائي أنه ينتظر في الطابور هو الآخر منذ يومين، إلا أن الفرج لم يحن بعد، خاصة أنه كانت شاحنة الغاز تأتي إلى هناك مرتين في الأسبوع إلا أن الطابور قد تشكل منذ ثلاثة أيام في انتظار الغاز.وعبر أغلب الحضور عن أسفهم لغياب رئيس البلدية منذ بداية العاصفة الثلجية، مشيرين إلى أنه لم يسأل عنهم ولم يتقرب منهم مطلقا، في الوقت الذي يعيش سكان الممر الرئيسي بالأربعاء ناث إيراثن حياة رغيدة مقارنة مع باقي سكان القرى والمداشر الذين تعذر الوصول إليهم، بسبب المسالك المؤدية إليهم والتي كانت كلها مغلقة وأنهم منعزلون عن العالم.
سكان لا يمكن الوصول إليهم إلا على الأقدام
ووصلت ''النهار'' حتى مشارف ''الأربعاء ناث إيراثن''، حيث يمكن القول هناك تنتهي الحياة بالنسبة لسكان القرى التي لا تظهر إلا بالعين، ولكن كيف السبيل إليهم، لا وجود لأدلة تشير إلى أن ولو شخصا واحدا بلغ تلك القرى منذ بداية تساقط الثلوج، فلم يكن هناك أشخاص يخرجون لاقتناء حاجاتهم، خاصة أن أعوان الحماية المدنية أكدوا أنه لا وجود لأي محل يبيع المواد الغذائية بتلك المنطقة، كما أنه لم توزع المؤونة في تلك النواحي.حاولنا الوصول إلى أقرب قرية إلا أن الأمر كان مستحيلا لأن سمك الثلوج قد بلغ المتر والنصف، فكيف هو حال السكان الذين ليس لهم طريق آخر سوى الذي حاولنا سلوكه، مع العلم شاحنات الغاز لا يمكنها بلوغ ذلك المرتفع الذي ارتقينا إليه رفقة عناصر الحماية المدنية، الذين أكدوا أنهم لم يتلقوا أي استغاثة من تلك الناحية، إلا أنه هناك استغاثات أخرى من قرى بعيدة وتم إجلاء المرضى مشيا على الأقدام لأنه من الصعب التقدم أكثر بالشاحنة أو سيارة الإسعاف.
خمس شاحنات مؤونة ومصالح الحماية تتكفل بتوزيعها
وأرسلت وزارة التضامن ٥ شاحنات معبأة بالمؤونة إلى الدوائر المتضررة على مستوى ولاية تيزي وزو، التي كانت تحتوي على الدقيق ومختلف المواد الغذائية، أشرفت مصالح الحماية المدنية نهار أمس على توزيع جزء منها ببلدية واسيف، حيث بلغ سمك الثلوج قرابة 50سنتيما، في الوقت الذي قال قائد الحماية المدنية بالولاية إن مصالحه ستتكفل بتوزيع هذه المؤونة وإيصالها إلى كافة المناطق المتضررة، بالتنسيق مع باقي المصالح المختصة.
رئيس دائرة الأربعاء ناث إراثن : ''نبذل كل جهودنا لتجاوز هذه العاصفة ولكنها أكبر من المتوقع''
قال رئيس دائرة ''الأربعاء ناث إيراثن'' إنه سخر كل الإمكانات التي تتوفر على مصالحه من أجل التقليل من المعاناة التي خلفتها هذه العواصف الثلجية، مؤكدا أنه يبذل كل الجهود بالتنسيق مع كافة المصالح المعنية، بغرض إيصال كل المساعدات الطبية والمؤونة لسكان المنطقة.وأضاف في اتصال بـ''النهار'' أمس، أنه قدم أوامر بمهمة لكل المواطنين الذين يحوزون على شاحنات كبيرة، الراغبين في المساعدة من أجل نقل الغاز إلى قراهم ومداشرهم، فضلا على شاحنات البلديات المسخرة يوميا، وعلى الدوام تسهر على توفير الغاز للمواطنين، إلا أن سبب تأخر وصول الغاز يعود إلى الطابور اللامتناهي أمام مقر التوزيع لمؤسسة نفطال.وأشار إلى أن رقم شاحنة بلدية الأربعاء ناث إيراثن حاليا هو 500وهي في الطابور منذ يومين، وستنطلق من مركز التعبئة إلى هناك مباشرة فور وصول دورها، وبعد إنزال قارورات الغاز تحمل الفارغة وتعود مباشرة إلى الطابور، فيما قال إنه وزع خلال هذه الأزمة ما يزيد عن 20طنا من مادة الفرينة، وقرابة ٨ أطنان من المواد الغذائية المختلفة التي تبرع بها المحسنون لإغاثة المحتاجين. وأضاف رئيس الدائرة أنه تم توزيع المواد الغذائية على المواطنين، فيما وزعت مادة الفرينة على 10خبازين، وتم الإتفاق معهم على أن يتم توزيع الخبز مجانا، حيث استفاد معظم السكان خلال الأيام الأولى من بداية هذه العاصفة الثلجية من الخبز مجانا.
الحماية المدنية تنقذ 512مريض وتنقل 71امرأة حاملا إلى المستشفى
أجلت مصالح الحماية المدنية لولاية تيزي وزو منذ بداية العاصفة الثلجية قبل أسبوعين، أكثر من 512مريض إلى مختلف المستشفيات والمصحات العمومية، أغلبها تمت مشيا على الأقدام من القرى والمداشر المعزولة، إلى جانب 71امرأة حاملا وغيرها من التدخلات الخاصة بانهيارات المنازل وإنقاذ المواطنين من مختلف الأخطار. وسجلت مصالح الحماية المدنية لولاية تيزي وزو منذ أسبوعين ما يزيد عن 1051تدخل، خاصة بإخماد الحرائق الناجمة عن الكهرباء وحالات الإختناق التي تتسبب فيها المدافئ التقليدية التي تستغل عن طريق المازوت أو الفحم، خاصة بعد وضع هذه المواد داخل دلو الطلاء، أين تمكنت من إنقاذ ٧ أشخاص من الموت بسبب الإختناق، ووفاة اثنين آخرين.وتم إجلاء خلال الأسبوعين الفارطين، 71امرأة حامل نقلن إلى المستشفى و64 تدخلا لإنفاذ مواطنين من الإنهيارات الثلجية والفيضانات الناجمة عن ذوبان الثلوج، حيث جرح العديد من المواطنين جراء هذه الأحداث، كما تدخلت مصالح الحماية المدنية أيضا لإزاحة الأشجار المتساقطة على الطرقات، التي خلفت عدة حوادث مرور نجم عنها 12جريحا، في الوقت الذي تم تسجيل 243تدخل من أجل فتح الطرقات ونزع الثلوج من على أسقف المنازل الهشة لحماية أصحابها من الهلاك.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)