الجزائر - A la une

السلطة تراهن على مشاركة شعبية تتجاوز نسبة 2012



السلطة تراهن على مشاركة شعبية تتجاوز نسبة 2012
منذ استئناف المسار الانتخابي في 1997، وهاجس السلطة هو إقناع الجزائريين بالمشاركة في تشريعيات 4 ماي، مع علمها المسبق بعدم القدرة في توقع سلوك الناخبين في ظل انكماش الأوعية الانتخابية، مقابل ارتفاع عدد الهيئة الناخبة التي تجاوزت هذه المرة 23 مليون مسجل.لم تستطع الحكومة في آخر تشريعيات (2012)، تحقيق مشاركة تفوق 43 بالمائة من الناخبين، رغم البحبوحة المالية والظروف السياسية والإقليمية الصعبة التي أحاطت بالاستحقاق المذكور، من ارتفاع أمواج ثورات الربيع العربي، وانهيار أنظمة حكم عمّرت طويلا في تونس وليبيا ومصر، واهتزاز الشارع الجزائري على وقع احتجاجات ومطالبات بمزيد من الإصلاح، اضطرت الحكومة الاستجابة لها على استحياء.وليست هذه المرة الأولى التي ترفع الحكومة أو السلطة شعار يدفع الناخبين إلى الإقبال بكثافة على مراكز التصويت. لكن المرة الوحيدة التي هبّ فيها الشعب الجزائري إليها كانت في انتخابات 1995 و1997 الرئاسية والبرلمانية على التوالي، والتي اعترتها تجاوزات.وبمقارنة بسيطة بين نتائج انتخابات 1997 و2002 و2007 و2012 تبين من حيث النتائج المتحصل عليها، أن كل الأحزاب تقريبا قد خسرت على مستوى وعائها الانتخابي، رغم الزيادة في عدد المسجلين في القوائم الانتخابية من أقل من 18 إلى 21 مليون مسجل، حتى وإن حسن بعضها من حضوره داخل البرلمان، كما هو حال الأرندي وإسلاميي تكتل الجزائر الخضراء وحزب العمال.وعلى مر التشريعيات الأربع الماضي، فإن النتائج تؤكد ارتفاع نسبة المقاطعة الشعبية من جهة، مؤكدة معها غرق الأحزاب في الجزائر في أزمة وجود، بسبب الفشل في استقطاب المواطن للمشاركة في الانتخابات أو دخولها مقسمة على عدة تيارات، مثلما هو حال العائلات الوطنية والإسلامية والديمقراطية، كما هو الشأن مع الأفالان، الذي عرف عدة تشنجات خلال مرحلة إعداد القوائم.أخيرا تؤكد نتائج الاقتراعات البرلمانية الماضية، وضعا حزبيا مقلقا، بسبب عدم استقرار الخريطة الحزبية وقابليتها للكثير من التغيرات، جراء ما يميّز الحزب من تسيير غير ديمقراطي ونتيجة للمكانة المبهمة والهشة التي يحتلها الحزب السياسي في علاقاته بالإدارة ومراكز القرار الأخرى، داخل النظام السياسي، عشرين سنة تقريبا منذ الإعلان عن التعددية السياسية. ثلاثة سيناريوهات في الوضع السياسي الحالي، ومع انتهاء فترة البحبوحة المالية، لن تستطيع الأحزاب، التي دأبت على رفض نتائج الانتخابات أو مقاطعتها، تشكيل أي خطر على السلطة أو أن تعيق مشاريعها السياسية والاقتصادية، للمرحلة المقبلة، كما ستبقى المعارضة مفتتة وغير قادرة على تحريك الشارع.بالمقابل، يتوقع المراقبون تمدد دائرة الحراك الاجتماعي المطالب بتحسين الوضع الاجتماعي ورفع الأجور من دون الارتقاء إلى حراك سياسي ينادي بإصلاحات جذرية، وهو ما وقع لأرضية مزفران للمعارضة التي وضعها بعض المبادرين بها جانبا مؤقتا.أما السيناريو الثاني، فهو مرتبط بالتطورات في دول الجوار، إذ لن تستطيع السلطة أن تتأخر عن الإصلاح الجدي ودول المنطقة تترسخ فيها الديمقراطية، ولاسيما في تونس، الأمر الذي سيزيد من احتمالات تنامي حراك شعبي اجتماعي سياسي - لا تقوده الأحزاب - نحو الإصلاح الجذري، بسبب تفاقم الفساد وعدم المساواة في توزيع الثروة، موازاة مع استفحال الأزمة المالية وهو ما سيؤثر سلبا في قدرة الحكومة على شراء السلم الاجتماعي.ويظهر أن السلطة تفطنت لبوادر هذا الحراك فاضطرت لاستمالة قطاع من المعارضة وتسهيل مشاركتها في التشريعيات، مع الترويج إلى وعود بفتح الباب أمامها لدخول الحكومة، يقال إنها ستكون موسعة لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.والسيناريو الأخير، وحظوظ حدوثه ضئيلة، فيتمثّل في انفجار شعبي نتيجة لحالة الانسداد السياسي، تزامنا مع الضغوط الخارجية المتولدة عن أوضاع دول الجوار، وهو سيناريو تعزف السلطة والأحزاب الموالية لها على أوتار التحذير والتخويف منه منذ أسابيع، للدفع بالناخب للخروج من بيته إلى مركز الاقتراع، استنساخا لموجة الغضب الشعبي التي أعقبت أحداث بجاية في جانفي الماضي جراء إضراب تجارها احتجاجا على قانون المالية 2017.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)