الجزائر - A la une

السؤال أين الجزائر؟ وليس أين الرئيس؟


السؤال أين الجزائر؟ وليس أين الرئيس؟
ذكرتني الإشاعة التي روّجت لها بعض المواقع الإخبارية المغربية بزعمها “وفاة” الرئيس بوتفليقة، أول أمس، بما كانت تروّج له إذاعة مغربية تمطر الجزائر بأخبارها الملفقة عن الصحراء الغربية سنوات السبعينيات، عندما كانت تبث كل مساء أخبارا عن وفاة الرئيس بومدين عندما كان يعالج في موسكو، وكان مذيعوها يقولون بشيء من التشفي في الموت كلاما موجعا يحز في نفسي أن أكتبه هنا.الإشاعة التي قالت إن تعزيزات أمنية انتشرت في شوارع العاصمة استعدادا لإعلان خبر الوفاة، كان لها مفعولها ويبدو أنها أربكت المكلفين بشؤون الرئيس والرئاسة، فسارعوا لصياغة بيان على عجل يقول إن الرئيس بوتفليقة أجرى حركة في السلك القضائي، لنفي الإشاعة.لكن محيط الرئيس لم ينتبه للمطب الذي أوقعته فيه الإشاعات المغربية، والإشاعات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، فرد فعل كهذا يجعل البلاد كلها وليس الرئيس فقط محطا للسخرية والتندّر، فكيف لدولة بحجم الجزائر أن تنزل إلى مستوى الإشاعات، التي يبدو أنها صارت المحرك الوحيد لتسيير الشأن العام، الذي لم تحركه القضايا الوطنية الأخرى، فحتى مقتل الرهينة الفرنسي في تيكجدة منذ أسبوعين، لم تهتم له الرئاسة رغم تصريحات الرئيس الفرنسي من نيويورك حول الوضع الصحي للرئيس.هذا التصرف، أو بالأحرى رد الفعل ليس بالجديد، فهو بمثابة لعبة الغميضة بين الإعلام والرئاسة، فكلما اختفى الرئيس وغاب عن مهامه، ولا أقول مكتبه، وكثرت التساؤلات عن علاقة هذا الغياب بالوضع الصحي للرئيس، تعمد الرئاسة إلى إخراج فيلم مفبرك أحيانا عن استقبالات للرجل لم تكن حتى مبرمجة في أجندة السلطة، في محاولة بائسة لإسكات الإشاعة.لكن إشاعة هذه المرة بلغت حدا من الصعب على مخرج المسرحية دحضها، ليس فقط لأنها طالت، بل لأن الرئيس الفرنسي الذي يملك الملف الصحي الحقيقي للرئيس أكّدها.اللعبة صارت “تاغنّانت” أكثر منها انشغالا على صحة الرئيس، الذي يعرف الجميع أنها متدهورة وتأكدوا من ذلك يوم القسم الدستوري، بل لإحراج مخرج الرئاسة الذي يبدو أنه يقف اليوم ظهره إلى الحائط، فلم تعد تنفعه الحيل.لكن الشيء الذي تخفيه هذه البلبلة هو تغييب التساؤلات المصيرية، وأكثر من التساؤل عمن يسيّر الدولة اليوم والجميع يعلم عجز الرئيس والانسداد الذي سببه في كل دواليب الحكم، أين نحن ذاهبون بهكذا تصرفات؟ وإلى أين تتجه الجزائر؟ فدفن الرأس في الرمال مثلما يفعلون اليوم ليس هو الحل. صحيح أنه يسمح للمنتفعين من محيط الرئيس بإطالة مدة انتفاعهم، لكن أيضا سيؤدي هذا الوضع إلى تعمق الأزمة والمضي بالبلاد إلى طريق مسدود، والوضع الإقليمي والعربي لا يسمح بالهروب إلى الأمام الذي تنتهجه السلطة، فهناك من يتحين الفرص لإشاعة الفوضى من جديد، والإرهاب ما زال حقيقة قائمة وهناك مَن مِن مصلحته العودة إلى سنوات الدم مثلما بشرت دائما مواقع مغربية الأسبوع الماضي عن دخول جماعات إرهابية مغربية إلى الجزائر والتحاقها بجند الخلافة.فهل من عقل ما زال يفكر في مصير هذه البلاد أم أننا أصبحنا دولة لا تتحرك إلا بالإشاعة؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)