الجزائر - 03- De Carthage à Rome


الرومان في الجزائر

الرومان في الجزائر
الجزائر قبل العصور القديمة
الجزائر اسم لمدينة عرفت قبل مجيء العرب باسم Ecosiomme ولم تكن تطلق على وطن مترامي الأطراف إلا منذ العصر العثماني حيث أخذ العثمانيون من المدينة عاصمة لمملكة ذات حدود مقررة فاشتق اسم الوطن من اسم عاصمة دولته وهذا المعنى الحديث جزء من وطن عرف قبل مجيء الفنيقيين باسم "ليبية" وهو عبارة عن طرابلس وتونس، الجزائر ومراكش، ثم انسلخت الجزائر وما ولاها غربا من هذا الاسم وكان الجغرافيون واليونانيون واللاتينيون يقسمون هذا الوطن إلى ثلاثة أقسام :
1. ماسيسيليا : سهول سطيف، برج بوعريريج، الجزائر و وهران.
2. ماسيليا (موريتانيا الشرقية): قسنطينة، غرب تونس.
3. جيوتيلي : الصحراء.
وأطلق الرومان تسمية "المورينيين". أما مفهوم البربر فيعني بالنسبة للمفهوم اليوناني الروماني : الإنسان الأجنبي الذي لا يتكلم اليونانية والرومانية. واطلق العرب على الشمال الإفريقي أو على البلاد التي تقع غرب البلاد المصرية وقسموا المغرب إلى ثلاثة اقسام
4. المغرب الأدنى : برقة، تونس، طرابلس، شرق الجزائر.
5. المغرب الأوسط : من بجاية شرقا إلى وادي ملوية غربا، وعليه يشمل وسط و غرب الجزائر وجزء من شرق المملكة المغربية.
6. المغرب الأقصى : من وادي ملوية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا.

الوجود الفنيقي في الجزائر 880 – 146 ق م
يعتبر الفنيقيون أمة سامية هاجر أبناؤها من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام واستقروا في مدينة صيدا وصور (لبنان) وهم منسوبون إلى وطنهم فينيقيا وهي قطعة مستطيلة تطل على البحر وهم أمة قليلة ولكنهم تركوا آثارا جليلة وكانوا بطبيعة وطنهم بحريين تجاريين وهم أول أمة دخلت مصر حيث عقدوا مع الفراعنة اتفاقا تجاريا يسمح لهم بنقل البضائع من مصر والتجارة بها في جزر البحر الأبيض المتوسط، فأصبحوا يشقون بمراكبهم هذه الجزر وينقلون إلى حضارات الشرق ومن مراسيهم : بايبلوس ببيروت صيدا وصور، وكانت تجارتهم مع الليبيين مقايضة يأخذون منهم الأنعام والصوف والجلود والعاج ويدفعون لهم عوض ذلك أقمشة مصبوغة بالحمرة وأسلحة وأواني من زجاج، ثم أسسوا بالسواحل مراكز يستريحون فيها ويصلحون سفنهم اهمها : حضرموت (سوسة) هابونة (عنابة – بونة) إجلجلي (جيجل) صلداي (بجاية).

تأسيس قرطاجنة :
تتعدد الأساطير حول التأسيس ولكن الأرجح أنها تأسست سنة 814 ق م وأن المؤسس امرأة تدعى عليسة ديدون (الفارة) وسياق الأسطورة أنها من بيت الملك، تزوجت كاهنا ولها أخ، وبعد وفاة الملك ورث ملكه فقتله أخوها طمعا في ملكها إلا أنها احتفظت بمال زوجها وفرت إلى شمال إفريقيا حيث اشترت من البربر مكان قرطاجنة على الخليج التونسي وبلغت أوج عزها في القرن الرابع إلى أواخر الثالث قبل الميلاد. ولما تأسست أطلق على السكان اسم البونيقيين ومن المدن التي تم تأسيسها: بونة، روسيكادا(سكيكدة)، شولو(القل)، إجلجلي، شرشال، دلس، تنس، أغادير (المغرب) ميلية، طنجة، بنزرت.

وفي الحقيقة فإن الفنيقيين الذين أسسوا دولة قرطاجنة لم يكن هدفهم إخضاع واحتلال موانئ شمال إفريقيا بالقوة وإنما كان هدفهم إقامة مراكز تجارية والتعاون مع سكان المنطقة وعليه فإن الحكم القرطاجي كان متساهلا متسامحا مع الأهالي. ولم يعمل قادة قرطاج على التخلص من زعماء العشائر ورؤساء القبائل وإنما حاولوا الاندماج في المجتمعات المحلية وازدادت أواصر التعاون والمحبة بين الفنيقيين والأهالي عن طريق الزواج والعمل المشترك في المشاريع التجارية (استخراج النحاس، صناعة الرصاص والحلي، نحت الحجارة، طريقة البناء)

ديانتهم : وثنيين يعبدون الشمس والقمر، يتخذون للشمس تمثالا يسمى (بعلا) وللقمر تمثال يسمى (ستارتي) وكانوا يقيمون لهما تمثالين بكل مدينة من مدنهم. فالشمس عندهم إله السماء والأرض يتوسلون برضاه بتقديم القرابين وأكثر ما تكون من أبناء الملوك، والقمر إله الحب والجمال كانوا يمثلونه بصورة امرأة بيدها حمامة، ولما نزلوا ليبيا تأثروا بعقائدهم فأخذوا إله آمون وسموه (بعلامون) وعبدوه حسب تقاليدهم.
1. ويمكن تلخيص أسباب سقوط قرطاجنة وانهيارها في النقاط التالية :
2. الانقسامات السياسية التي كانت تمثل مصالح عرقية واقتصادية متضاربة.
3. اهتمام الدولة بالربح والتجارة وإهمال الجوانب الحيوية الأخرى.
4. المعاملة السيئة في الفترات الأخيرة للأهالي بالإضافة إلى الغرور الذي أصبح سائدا في الأوساط الارستقراطية.

تدخل حكام روما في شؤون الإمارات المتواجدة في شمال لإفريقيا وانتهاجهم سياسة فرق تسد قصد إضعاف العشائر وتقليص نفوذ قرطاجنة والتمهيد للاستيلاء عليها وهذا ما تم بالفعل خلال الفترة الممتدة من 149– 146 ق.م.

الاحتلال الروماني
انتهت الحرب البونيقية بالقضاء على مملكة قرطاجنة وتخريب العاصمة واستولوا على التراب الأصلي وأطلقوا عليه مملكة الرومان بإفريقيا وجعلوا على هذه الولاية واليا، ولم تكن الجمهورية الرومانية تطمع في توسيع الولاية في أول الأمر لكن إيطاليا ضاقت بأهلها بسبب استحواذ طبقة الأغنياء على أراضيهم وجلب العبيد (3 ملايين)وأصبح عدد كبير من الإيطاليين لا أراضي لهم ولا عمل، حتى كان بروما أكثر من 400 ألف لا عمل لهم سوى التجول في الأزقة، ولرفع هذه الأزمة قررت الجمهورية إرسال أولئك الفقراء إلى الولايات الرومانية فجاءوا إلى قرطاجنة بـ 6000 إيطالي، وبعد واقعة "الطابوس" 46 ق م. استعمر الرومان شرق نوميديا وأطلقوا عليه اسم "نوميديا الجديدة" أما موريطانيا الشرقية (سطيف) فقد بقيت تحت يد أمراء بربريين إلى أن حكمها "يوبا الثاني" الذي مهد الوطن للرومان وشجعهم على امتلاكه، وفي سنة 42 م ألحقت موريطانيا بروما نهائيا وبذلك تم للرومان الاستيلاء على الوطن الجزائري، ولم يتقدموا إلى الصحراء، كما لم يخضع البربر الساكنين بالجبال لروما، ومن خضع منهم كان يشن الثورات ضدهم.

حدود الرومان في الجزائر :
في بداية القرن الثالث كان الحد الروماني مارا جنوب الأوراس ثم يصعد شمالا فيمر بناحية بوسعادة فيشمل الحضنة بجهتها الغربية ويمر ببوغار، تيهرت، تلمسان، مغنية، واعتمدت روما في فتح الشمال الإفريقي على ثلاثة أشياء :
السياسة : كانت تزكي نار الفتنة بين ملوك البربر وتحارب أبطالهم.
الجند الروماني : كانوا معروفين بالإخلاص والطاعة والصبر وكانوا يحاربون وقت الحرب ويشتغلون بالفلاحة وقت السلم.
تجنيد البربر :
جمهورية المدن الخمسة :
كانت سيرتا عاصمة الملوك النوميديين (ميلة، روسيكادا، شولو، كوبكلوم –جميلة- ) وكانت في أول الأمر قلاعا حربية ثم أخذ عمرانها ومن القرى التابعة : أورسيكادا، هيستار (بني زياد بقسنطينة)، صدار، وعلى القرى رؤساء منخرطون في سلك موظفي سيرتا، وكما كان لسياسة هذه الجمهورية رجال كان للديانة كذلك رجال وهم أقسام:
1. رجال الدين
2. لقائمون على الهيكل بذبح قرابينه وتقديمها للنار ولا يكون إلا من أهل بيت شريف.
3. المراقبون للأعمال الدينية.
4. العرافون لمعرفة الأمور الغيبية
5. المرشدون وهم الذين يقومون بإرشاد العامة إلى وجوه العبادة.
وقد كان السكان في هذه الجمهورية على طبقتين:
الطبقة الأولى : طبقة الديكرونون (الرجال الثلاثة) يختارهم الحكام.
طبقة العظماء: وهم من كان عضوا بمجلس الشيوخ أو قائدا وبلغ درجة تسمح له بالركوب CHEVALIER.
لجنة الأعضاء الخمسة: وهم من كان له مرتبة أهل الطبقة الثانية.
العرافون.
رجال الشرطة.
أمناء المال البلدي.
ويشترط فيمن يكون عضوا بهذا المجلس زيادة على كونه من أهل الحقول أن يكون نظيف السيرة ذا مال وأن يكون عمره 30 سنة فما فوق.
المدن الرومانية :
تنقسم إلى خمسة أقسام:
1. المدن البحرية وهي تجارية.
2. المدن العسكرية يسكنها الجنود.
3. المدن الفلاحية أكثر من يسكنها البربر.
4. عواصم أولية وثانوية يسكنها كبار الولاة.
5. مدن النزهة وهي لاصطياف الأسر، ومن هذه المدن (جميلة، تيبازة).
وكان من عادة الرومان إذا أرادوا تعمير مكان خطوا به خطين أحدهما من الشرق إلى الغرب والآخر من الشمال إلى الجنوب ثم يجعلون شكلا مربعا حول نقطة التقاء الخطين ويتخذون ذلك المربع مساحة للقرية ويحيطون هذه الساحة بدكاكين وأقواس جميلة وتقام في هذه الساحة الحفلات وتجرى بها الانتخابات وتقرأ على الأمة القرارات، كما اعتنى الرومان ببناء المسارح والملاعب والهياكل الدينية.

الديانة الرومانية :
كان للرومان آلهة عظمى وأخرى صغرى خاصة بالأسر والمنازل، وكانوا يعبدون القوى الطبيعية والنار والموتى من أسلافهم، وكانوا يمثلون أرواح الآلهة في الديدان فيطعمونها، ومن آلهتهم العظمى جوبيتار (كوكب المشتري) وهو إله المطر، وجينون junon آلهة النور والزواج. وللالهة معبد مشترك بروما. وهناك آلهة للحرب والخلافة والتجارة والأخلاق ويبلغ عدد الآلهة 160 إلها يستعينون بها ويستغيثونها في جميع شؤونهم حتى قال أحدهم "وطننا مملوء بالآلهة حتى أن وجود إله أيسر علينا من وجود رجل".

حياة الرومان :
كانت حياتهم حياة بساطة لا رفاهية فيها حتى أن من عظمائهم من كان يحرث بيده، وحتى بعد استيلائهم على الأوطان بقوا فلاحين وبقيت الصنائع والفنون بيد غيرهم من الأحرار والمماليك، ولكثرة انشغالهم وشدة عنايتهم بكسب الثروة صاروا أقل الأمم حبا في الملاهي، وكانت ملابسهم خشنة وتكثر نساؤهم لبس الحلي وظهور الزينة وصبغ الشعر وطلاء الوجه، وللخاصة لباسهم، فالشيوخ لهم قمصان ذات حواشي حمراء، والأحرار لهم حلة بيضاء وهو رداء يبلغ طوله 9 أذرع، ومساكنهم كانت خشبية ثم ترقوا في العمارة فتفنوا في البناء بالحجارة كما لم تكن لهم نوافذ لعدم معرفتهم بصناعة الزجاج، وكان الضوء معدوما ليلا في مدنهم، وبقوا على بساطتهم إلى أن تمكنوا من الاستيلاء على الأمم فأخذوا عن اليونان وأهل المشرق الملابس الرقيقة وزينوا البيوت بالتماثيل والرخام وفرشوها بالزرابي.

الرومان وعلاقتهم بالبربر:
لعل القائد الإفريقي الوحيد الذي خاض معارك طاحنة ضد الرومان هو يوغرطة حيث أنه ناضل حتى وفاته لإيقاف الزحف الروماني، وبدأت المناوشات بينه وبين الرومان عندما حاولوا تقسيم الدولة النوميدية إلى ثلاث دويلات، فقاومهم وانتصر عليهم سنة 116 ق م. ونجح في توحيد نوميديا، وأصبح حاكما لسيرتا سنة 12 ق.م. لكن الرومان استعملوا ضده أسلوب المخادعة للتخلص منه وهكذا استعملوا صهره أي والد زوجته الذي توسط بين يوغرطة وقادة روما ولكنه ألقى القبض عليه وسلمه إلى الوكيل المالي وذلك سنة 106ق.م.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)