الجزائر - A la une

الرجل لعبة مرحة تتقنها المرأة



الرجل لعبة مرحة تتقنها المرأة
ضمنت مسرحية ”نساء المدينة” للمخرجة شهيناز نغواش الفرجة بنسبة عالية جدا، وحقّقت تجاوبا رائعا جمع العمل والجمهور، إذ استمتع أوّل أمس بالمسرح الوطني ”محيي الدين بشطارزي” بالجزائر العاصمة، بواحدة من روائع ويليام شكسبير ”نساء ويندسور المرحات”، بعد أن تمّ إخضاعها لمعالجة فنية موفقة من حيث البناء الدرامي والشخصيات.على إيقاع محكم الضبط، هاجس الملل غائب على طول الخط، والفرجة مضمونة مع مغامرات نساء مدينة ويندسور اللواتي أطحن بالفارس المغرور لما أراد أن يراوغهن بجماله وقده الممشوق للحصول على أكبر قدر من المال، حيث لم تنفع حيله ولا كيده، لأنّ كيدهن كان أعظم.فزيادة على وضع المخطّطات للإيقاع بالفارس المخادع، أعازته أحداث لم تكن في الحسبان كانت بالكاد تكشف الصديقتين السيدة أليس فورد والسيدة إزابيل بيدج، لكن سرعان ما يتحوّل الأمر إلى دعم لهن في عقاب الفارس، الذي لم يتعلّم الدرس لمرتين متتاليتين وذلك بسبب الطمع، ويجد نفسه في الأخير مرغما على الزواج بخادمة لدى السيدة فورد، وهي خادمة ساذجة وعفوية أحبت الفارس المخادع لما كانت تذهب لإيصال رسائل السيدة فورد إليه. تتحدّث المسرحية عن الكثير من القيم التي باتت اليوم رخيصة بسبب المال والجشع، ولا يوحي العمل المسرحي ”نساء المدينة” إلى جسامة كيد النساء بالرجال وجعل الرجل لعبتهن المرحة، يتسلين بها كيفما شئن فقط، بل يسلّط الضوء كذلك على غياب مبادئ الرجولة الحقيقية والشهامة المفترض وجودها عند كلّ البشر، واستبدالها بالرعونة والاحتيال.العمل الذي دام قرابة 75 دقيقة، قولبته المخرجة في أسلوب فكاهي ساخر، قضت بفضل خيالها الخلاق على كلّ لحظات الرتابة التي من شأنها أن تنتقص من القيمة الفنية للعرض، والأكثر من ذلك فقد استعانت بممثلين قدموا أداء متميّزا، وبرز دور الخادمة بحضورها المتمكّن على الخشبة.وقسّمت المخرجة المسرحية إلى مشاهد مختصرة، مجتنبة الحوار الثقيل، ووشّحت بعضه بكوريغرافيا جميلة ببساطتها، وأعطت الحركة الدائمة على الخشبة بُعدا ديناميكيا لأطوار القصة الحلوة، وكسبت المخرجة بحق رهان الفرجة، تمنى كلّ من شاهدها أن لا تنتهي.واعتمد العمل على أزياء بديعة وديكور منوّع، فالألبسة عكست الوضعية الاجتماعية الفاخرة لنساء أوروبا في القرن السادس عشر، وعزّز النص الناطق باللهجة الجزائرية من قوّة تأثير العرض على المتفرّجين وزادهم نشوة بالغة.ولم تعتمد المسرحية على لعبة الإضاءة بكثافة، والأمر نفسه بالنسبة للموسيقى، وكان استعمالهما قليلا ذلك للحاجة الفنية فقط، وهو ما يترجم إتقان شهيناز نغواش للعبة الإخراج المسرحي وتمرسها في لفت الحاضرين من بداية العرض إلى نهايته.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)