الجزائر - Revue de Presse

الحفاظ على النوم العام




 سر قوة الأنظمة الديمقراطية في اتساع قاعدة المعنيين بصناعة واتخاذ القرار وابتعادها عن منطق الزمر. وهو ما يسمح لها برد فعل سريع في أية أزمة تواجهها، أو على الأقل استخلاص الدروس من الأخطاء التي ترتكب. وعلى النقيض من ذلك، فإن الأنظمة المغلقة تحبذ منطق الزمر وتضييق دائرة اتخاذ القرار إلى مجموعة مصالح ضيقة، وغالبا ما تلجأ إلى الأساليب القسرية كلغة وحيدة تجاه من تعتبرهم أعداء يسعون لتقويض مصالحها. ولا تفقه هذه الأنظمة سوى نفس اللغة التي وظفتها للوصول إلى هرم السلطة والحكم.
لذلك، فمنطق الاختزال الذي تعتمده الأنظمة المغلقة يجعل النوم العام قاعدة محبذة، لأن تدخل مقلقي النوم العام يعد خطرا على أمن وسلامة هذه الأنظمة، لئلا يستيقظ النائمون يوما على حد تعبير مالك بن نبي. إن العجز عن رد الفعل وتسيير الأزمات التي كشفت عنها الحكومات المتعاقبة في بلادنا، ليس في حقيقة الأمر إلا انعكاسا لوضع عام، جعل اليأس يدب في أغلبية النفوس ويفقد الشعب الثقة في أي أمر تقوم به السلطة المركزية، لأنها فقدت مصداقيتها في أعينه. فالسلطات التي تتحرك لتصلح الطرقات والأرصفة وتزين الأسوار وتفتح المسارات، بمجرد أن يصل إلى مسامعها بأن المسؤول الأكبر سيمر من هنا، وتجند وسائلها الثقيلة لذلك، لا ترى بدا في أن تسارع إلى إصلاح الطرق والأرصفة والإنارة في الأماكن التي لا يزورها المسؤول، لأنها تعمل لأجله لا من أجل دافعي الضرائب من المواطنين البسطاء. إنهم يطبقون مقولة سبق للملك الفرنسي لويس الحادي عشر أن قالها ''في السياسة يجب أن تعطي ما ليس عندك وأن تعد بما لا يمكن أن تقدمه''. فهذه هي السياسة التي امتهنها المتنورون عندنا والتي يعاد إنتاجها في كل مرة، لنعود مجددا إلى محاولة استمالة المواطن وتذكيره بأن دوره هام في كل موعد انتخابي، ليدخل بعد نهاية ''الطبخة الانتخابية'' في طي النسيان. وإذا كان جاك دولار قد اعتبر فرنسا يوما بأنها أكبر مقبرة للقوانين التي لم تطبق، فماذا عسانا نقول عن بلد تتغير فيه القوانين بتغير الأمزجة ؟ لذا لا ينتظر الكثيرون من الاقتراع المقبل شيئا، لأنهم يعتبرون بأن نفس المقدمات ستؤدي إلى ذات النتائج، ولا يمكن لفاعلين من الإدارة ذاتها الذين تفننوا في تنظيم انتخابات (نزيهة وشفافة) أن يشرفوا على تنظيم انتخابات تعكس رأي الشعب حقا.


soualilia@yahoo.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)