الجزائر - A la une

الحرائق تهدد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي



* email
* facebook
* twitter
* linkedin
عرفت ولاية تيبازة العديد من الحرائق التي تسببت في إتلاف هكتارات من أجمل غابات المنطقة إضافة إلى الخسائر التي طالت الحيوانات، وهو وضع يهدّد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي لهذه الولاية الساحلية الساحرة. وحسب محافظة الغابات للولاية فقد تم تسجيل خسائر فادحة في الثروة الغابية والحيوانية بالعديد من المناطق، خصوصا غرب الولاية، تسببت في إتلاف أزيد من 217 هكتارا.
أُطلقت دعوات لفتح تحقيق حول أسباب هذه الحرائق التي تأتي على الأخضر واليابس. وفي هذا الشأن يتساءل أحد المواطنين: "هل يُعقل أن تندلع 8 حرائق في يوم واحد وفي نفس الوقت تقريبا؟"، مشدّدا على ضرورة تقديم الجناة للعدالة، ومتهما من وصفهم ب "عصابات الفحم" مع اقتراب موعد عيد الأضحى.
حيوانات عالقة في غابات ملتهبة، أجسام ضعيفة أمام قوة اللهيب، وجحيمه لم تسلم منه الأشجار والكائنات الحية في صورة بشعة تثير الاشمئزاز، كتب، من جهته، متأثرا أحد رواد وسائط التواصل الاجتماعي.
استنكار وتنديد
أثارت صورة صادمة لأرنب بري هلك حرقا وهو يحاول الفرار من حريق شب بأحد الغابات نشرتها محافظة الغابات لولاية تيبازة على صفحتها بالموقع الاجتماعي فايسبوك، موجة من السخط والتنديد.
وجاءت في منشور لمحافظة الغابات بالولاية، صورة أرنب بري محترق وعيناه مفتوحتان في وضع شبه متفحم، يحاول الفرار من الحريق وهو يتألم، بهدف تحسيس المواطنين بضرورة المحافظة على الكائنات الحية، وصاحبَ المنشور تعليق "صورة مؤلمة جدا... نرى فيها أرنبا احترق وهو حي. بعد حريق غابات... الأرنب حاول الهروب لكنه لم يستطع للأسف... رغم أن الأرانب حيوانات سريعة إلا أن النيران أحرقتها". وتابع منشور محافظة الغابات متأسفا: "فكيف ستكون حال السلاحف والزواحف وصغار الطيور والآلاف من الكائنات الحية من نباتات وحيوانات؟!".
وأعربت جلّ التعليقات حول هذا المنشور الذي انتشر بقوة وشاركته أغلب صفحات الفايسبوك التي تعنى بالشؤون المحلية لتيبازة، عن أسفها وصدمتها لرؤية حيوان ضعيف في تلك الوضعية، داعين إلى تضييق الخناق على ما وصفوه بمافيا العقار. ووصف أحد المعلقين الصورة بالقول: "إنها الصدمة" و«الكارثة"! فيما قال آخر متأسفا: "اِرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
وعن دواعي وأهداف نشر صورة صادمة كشف محافظ الغابات لتيبازة بودينة محفوظ في تصريح لوأج، أنّ مصالحه تسجل سنويا خسائر "فادحة" في الثروة الغابية والحيوانية بسبب الحرائق مهما كانت الحصيلة حتى لو تعلق الأمر بشجرة واحدة فهي خسارة، مبرزا أن العامل البشري يعدّ السبب الرئيس في نشوب تلك الحرائق، لذلك واصل: "درسنا الوضع وقرّرنا نشر صورة واحدة صادمة لأرنب بري محترق؛ بهدف دفع المواطن إلى الاهتمام أكثر والمحافظة على الثروة الغابية والنظام البيولوجي". وقال بهذا الخصوص: "الغابات أيضا هي المكان الحيوي للعديد من الكائنات الحية التي لها دور رئيس في التوازن البيئي والتنوع البيولوجي، اللذين يساهمان بقوة في رفاهية الإنسان للعيش في بيئة طبيعية جميلة ونقية.
جمعية حماية البيئة تدق ناقوس الخطر
من جهته، دق رئيس جمعية حماية المستهلك وبيئته ناقوس الخطر، مشددا على أنّ الوضع لا يطاق، وهي جريمة لا يمكن السيطرة عليها بدون فهم أسبابها الحقيقية، التي، بدون شك، تدمر الثروة الحيوانية والنباتية، وتهدّد الحياة الإيكولوجية التي تزخر بها الغابات التي تُعد الوسط الطبيعي للحيوانات.
موضوع الغابات موضوع "معقد وحساس وخطير" يتابع السيد بلعباس - على اعتبار أنّ كل المؤشرات تؤكد أن الحرائق "مفتعلة وبفعل إجرامي".
«عندما يندلع حريق في غابة فإنه يزيد من كثافتها بعد السنوات القليلة القادمة، حيث تنقل ألسنة اللهب والرياح البذور إلى كل الأنحاء، كما يلعب الرماد دور السماد شرط أن لا يندلع حريق آخر في السنوات المقبلة؛ لأنّه بذلك سيقضي على الغابة كليا، ولن تعود إلا بعد عملية غرس". وأضاف في هذا السياق أنّ جمعية حماية المستهلك وبيئته مهتمة بالموضوع وتتابعه منذ سنوات، خاصة بمحمية شنوة، حيث وقفت على واقع يؤكد تورّط أصحاب الأراضي الغابية، الذين - حسبه - يلجأون إلى هذا الفعل الإجرامي بهدف استغلال تلك المساحات الغابية في الفلاحة بعد تخليصها من الأشجار المترامية.
وأبرز السي بلعباس أنّ أغلب الأراضي الغابية بجبل شنوة مصنفة في خانة "أرض العروشية والشيوع"، وهي أراض تستغرق إجراءات طويلة ومعقدة وبيروقراطية لتسوية وثائقها واستخراج عقود الملكية، قبل أن يصطدم أصحابها بمشكل آخرا، وهو تحويل طابعها الغابي إلى طابع فلاحي؛ ما يدفعهم إلى افتعال حرائق حتى "يتخلّصوا من الأشجار".
ويتّهم رئيس الجمعية الولائية لحماية المستهلك وبيئته أيضا، من يسميهم "مافيا العقار والفحم"، داعيا إلى تفعيل بعض الإجراءات والتنظيمات، وتطبيق سلطان القانون بكل حزم وصرامة؛ لوضع حد لهذه الجرائم التي تُرتكب سنويا في حق البيئة والنظام الإيكولوجي برمته.
الاستحكامات العسكرية في فترة مقاومة الأمير عبد القادر – حصن تازا أنموذجا - الأستاذ : يحياوي قدور بذل الاحتلال الفرنسي كل ما في وسعه من أجل بسط هيمنته على الجزائر، إذ قبل أن يجف حبر معاهدة 5 جويلية 1830 بين دوبرمون والداي حسين، التي التزمت فرنسا من خلالها باحترام مقدسات الشعب الجزائري وإعطائه بعض الضمانات، حتى تم نقض بنودها وتعويضها بسياسة همجية ميزها القمع والتخريب والقتل الجماعي والسجن في حق الشعب الجزائري ومصادرة أراضيه الزراعية وحرق المحاصيل وتخريب المساجد وتحويلها إلى كنائس، وغير ذلك من الأعمال الوحشية. هذا السلوك اللاإنساني الهمجي، أحدث ردة فعل لدى الشعب الجزائري تجسدت في الغضب والرفض للاحتلال، وعقد العزم على المقاومة والتصدي له، وقد اتخذت المقاومة في البداية أسلوبا سلميا سياسيا، قادها حمدان بوضربة وحمدان بن عثمان خوجة، في شكل عرائض سياسية ولقاءات مع مسئولين فرنسيين وأوروبيين، تحت راية اللجنة الإفريقية لكشف همجية الاحتلال، وما آلت إليه أوضاع البلاد تحت سيطرة هذا المحتل، وبعد فترة قصيرة تحول الأسلوب السياسي السلمي إلى مقاومة مسلحة استمرت إلى غاية مطلع القرن العشرين، بدأت بمقاومة أحمد باي 1830م-1848م، وتوالت مع الأمير عبد القادر1832م-1847م ، ثم ثورة واحة الزعاطشة 1849م وثورة لالا فاطمة نسومر 1854م-1856م ومقاومة المقراني والحداد 1871م- 1872م ومقاومة الشيخ بوعمامة 1882م-1883م، ومقاومة الشيخ أمود بن المختار 1882م ، والتي انتهت بثورة الأوراس سنة 1928م، هذه المقاومات التي تمثل مصدر فخر واعتزاز للشعب الجزائري، كانت أبرزها مقاومة الأمير عبد القادر التي كرست لها أدبيات كثيرة لاسيما في شقها السياسي والفكري، غير أن الشق العسكري، لم يحض بنفس الاهتمام، والذي سنحاول من خلال هذه الدراسة تناول أحد جوانبه المهمة، مع الإشارة إلى أن الكتابة في تاريخ مقاومة الأمير عبد القادر أمر شديد التعقيد، إذ من الصعب أن يتخلص الكاتب من شيء من الذاتية التي يولدها تتبع مختلف مراحل هذه المقاومة التي منذ البداية كان عليها خوض القتال على جبهتين: جيش الاحتلال وجيش القبائل المناوئة، وبالموازاة مع ذلك العمل على وضع أسس الدولة، وبناء جيش قوي بنواة من المتطوعين يتشكل من المشاة والخيالة والمدفعية، جيش واجه العدو لمدة 15 سنة كاملة حقق انتصارات عديدة، وحمل في حد ذاته مشروع الدولة الجزائرية الحديثة. إذن من خلال هذا سنحاول تسليط الضوء على بعض مما شيده الأمير عبد القادر من تجهيزات مسرح الحرب، والتي تندرج ضمن إستراتيجية واسعة مكنته من تحقيق انتصارات عسكرية كبيرة على جنرالات الجيش الفرنسي، على ضوء هذا نطرح الإشكال التالي: ما هي الاستحكامات العسكرية التي شيدها بالأمير عبد القادر خلال مقاومته للاحتلال الفرنسي؟. قبل الحديث عن المنشات والاستحكامات العسكرية التي شيدها الأمير عبد القادر سواء الحصون وقلاع والأبراج و المدن المحصنة، يجدر بنا الإشارة أولا إلى أن الأمير عبد القادر، قبل مبايعته كان قد شارك في معركة خنق النطاح الأولى تحت قيادة والده، والتي دامت من 07 إلى 17 أفريل 1832م ، وقبل ذلك زار البلاد المقدسة وبعض الدول العربية كتونس وبغداد ومصر ودمشق، حيث عايش وشاهد أوضاع الوطن العربي في هذه الفترة ، وبعد المبايعة سنة 1832م، كان الأمير قد كسب خبرة كافية وظفها خلال مسيرته النضالية ، حيث شرع في تنظيم الجيش وتقسيم البلاد إلى ثماني مقاطعات، وعين لكل مقاطعة واليا، وجع لها منفذا على البحر: مقاطعة معسكر مرفأها أرزيو، وولى عليها السيد بن فريحة المهاجي، أما المقاطعة الثانية تلمسان جعل لها مرفأ رشكون، وولى عليها السيد محمد البوحميدي الولهاصي، ولما بايعته المناطق الشرقية وامتد سلطانه حتى نهر شلف استحدث مقاطعة ثالثة كانت عاصمتها مليانة، وعين على رأسها السيد محي الدين الصغير، ولما مات عين عليها أحد أقاربه وهو السيد محمد بن علال القليعي، وجعل لها شرشال مرفأ ، وعندما قام بالتوسع في ولاية تيطري جعلها الأمير مقاطعة رابعة عاصمتها المدية ،حيث عين عليها أخاه مصطفى بن محي الدين، ولكن لم يشغل هذا المنصب مدة طويلة، إذ سرعان ما اتضح للأمير أنه أميل للعبادة والاعتكاف منه إلى الشؤون الإدارية، فعزله وعين شخصية أخرى تمتاز بالشجاعة والوطنية التي لا تقبل المساومة، وهو السيد محمد البركاني . ولما ازدادت انتصارات الأمير وصولا إلى النواحي الشرقية والجنوبية، واتسعت إلى غاية الطوارق من الملثمين وحتى جبال زواوة، فجعل بجاية المقاطعة الخامسة ودائرتها سطيف ، وولى عليها محمد بن سالم المقراني، و بسكرة حاضرة لمقاطعة الزيبان المقاطعة السادسة وولى عليها محمد الخروبي القليعي، كما جعل الجبال(جرجرة) المقاطعة السابعة وأتبعها ببرج حمزة وولى عليها أحمد بن سالم الديبسي، وجعل أخيرا من الصحراء الشرقية والغربية المقاطعة الثامنة ولى على الأولى فرحات بن سعيد، وولى على الثانية قدور بن عبد الباقي . مقاطعات الأمير عبد القادر سنة 1841عن (Fournier Paul) تعريف الاستحكامات العسكرية: الاستحكامات العسكرية هي المنشات المعمارية ذات الطابع العسكري الحربي، تشمل الحصون و القلاع والأبراج والمراقب والمدن المحصنة . 1- الحصن: هو عبارة عن قلعة، مع فارق بسيط يتمثل في حجم الحصن إذ نجده أصغر من القلعة ولكنه منفصلا عن السور ، وقد وردت الحصون في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لا يحتسبون) . 2- القلعة : هي ذلك الاستحكام الحربي العسكري والتي غالبا ما تكون منعزلة تشرف على حماية الأماكن الإستراتيجية، فهي عادة ما تبنى في الجبال أو في الروابي الصخرية أو على سواحل البحار، وهي قاصرة على المراقبة والدفاع ضد أي عدوان خارجي، فمكوناتها هي مكونات الحصن. 3- البرج : هو تحصين مربع الشكل داخل سور يكون منعزلا عنه، فإذا كان مرتبطا بجدار التحصين كان للمراقبة ولتدعيم نقاط الضعف في السور، أما إذا كان خارج السور الدفاعي (برج براني)، فهو ابتكار موحد) كبرج غرناطة)، والغرض منه هو مراقبة الأبراج الأخرى . 4- المراقب: هي تلك البروز الموجودة في السور بهدف الحراسة ومراقبة الأبراج الأخرى. 5- المدينة المحصنة : هي عبارة عن تجمعات سكنية محمية طبيعيا من عدة جهات كمدن ضاحية وادي ميزاب أو مدن جانات بالطاسيلي، بحيث تكون في الغالب محاذية للوديان . الغرض من بناء التحصينات عند الأمير عبد القادر : استوحى الأمير عبد القادر بناء الاستحكامات العسكرية من خلال ما اطلع عليه في المدن التي زارها أثناء أدائه لفريضة الحج، فقد لاحظ بأن المدن محاطة بأسوار وتحتوي على أبواب وأبراج يصعب اختراقها على غرار حصن عكا وحصن صور وحصن علجون في الشام وغيرها ، وما اكتسبه من العلوم التي درسها وخاصة دراسته لتاريخ الجزائر القديم ، فاستنادا إلى ذلك شيد الأمير مجموعة من الاستحكامات، والتحصينات العسكرية الدفاعية بغرض إيقاف زحف قوات الاحتلال إلى داخل البلاد الجزائرية، بحيث توزعت هذه الحصون والقلاع على الشريط الواقع بين المدن الشمالية التي يتواجد فيها العدو (التل) والهضاب العليا المحاذية للإقليم الصحراوي، وهذا الاختيار أملته ضرورات أسلوب القتال الذي اعتمده الأمير عبد القادر، والذي وضح ميزاته السيد ميلود بن عراش (وزير خارجيته)، في حواره مع الجنرال الفرنسي دي ميشال الذي قال: " ... وبعد تلاوته أمضاه الجنرال بخطه، ثم التفت إلى ابن عراش وفتح معه باب المذاكرة فقال إن العرب لا تجهل قوة فرنسا واستعدادها، فأجابه ابن عرا ش بأن العرب لا تنكر قوة سلطنة فرنسا واقتدارها ثم قال الجنرال إنني كنت عازما قبل المعاهدة على أن أطلب من دولتي عشرة ألاف جندي زيادة على ما عندي واخرج من هذه المدينة، وأتابع محاربتكم مدة شهر، وما يدريك يامولود أن هذا الفعل يدخل على سلطانك الوهن ويلحقه الضعف، فأجابه ابن عراش إننا لا نحاربكم محاربة نظام وترتيب، ولكن محاربة هجوم وإقدام، ولو فعلتم ما قلت وخرجتم بهذه القوة كنا نتقهقر أمامكم متوغلين في الصحراء بأهلنا وأثقالنا وفي هذا الحال نناوشكم القتال حتى لا ترجعوا عنا ثم نصابركم حتى تضعف شوكتكم وتلين قوتكم، ومتى سنحت الفرصة وتورطتم في فيافي الصحراء قلبنا الكرة عليكم، وأحاطت جيوشنا بكم من كل ناحية، وتكون ذخائركم نفذت وقوتكم ذهبت وعساكركم لحقها التعب، فحينئذ ما كنت أيها الجنرال لتفعل هذا، فلما سمع هذا الجواب المفصح عن جمل من أوضاع الحرب التي لم تخطر له على بال تعجب ولم يسعه إلا السكوت..." ، وبهذه الإستراتيجية التي خططها الأمير غطت جوانب عسكرية عديدة هجومية ودفاعية، وأمنت حماية للمدن، ومواقع المياه، ومناجم المعادن وغيرها من ثروات البلاد،كما أن الأمير عبد القادر كان على دراية بتاريخ الجزائر في الفترات القديمة، كون تلك الحصون المقامة شيدت على أنقاض الآثار الرومانية، ومنها حصن تازا ومعسكر وسعيدة وتلمسان بحيث جاءت متاخمة لخطوط ليماس (Limes) الرومانية ويعني أن هذه الحصون يمكن أن تمثل حلقة متينة في الحزام الدفاعي الذي أقــــــــــــــــامه الأمير ، وبما أن الأمير عبد القادر كان على دراية بمختلف العلوم كما ذكرنا سالفا، فانه كان يختار أماكن تشيد هذه الحصون والمدن على مقاييس شروط ابن الربيع في تشييد الحصون والقلاع والمدن، بحيث كانت جل المواقع التي عرفت في فترة الأمير مشيدة وفقها، فكانت تتوفر على المياه المستعذبة والميرة المستمدة واعتدال الجو والهواء النقي وتوفرها على المرعى والاحتطاب، والأسوار التي تحد أهلها، وتحصين منازلها من الأعداء والذعار ، لكن قبل الحديث عن حصن تازا وهو موضوع هذه الدراسة كأنموذج للحصون والقلاع التي شيدها الأمير عبد القادر لمقاومته للاحتلال الفرنسي، كان لابد من الإشارة ولو باختصار عن أهم الحصون التي أقامها الأمير عبر خطي الدفاع الأول الذي يمتد في التل من الشرق إلى الغرب، أما بالنسبة لخطه الدفاعي الثاني فقد أقامه بعد اشتداد الضغط عليه من طرف الاحتلال الفرنسي، وأصبح يهدد ما شيده في الخط الدفاعي الأول، بحيث امتد هذا الخط من التل إلى حافة الصحراء. بقايا برج بوغار أهم الاستحكامات العسكرية للأمير عبد القادر: قام الأمير عبد القادر بتشييد العديد من الحصون والقلاع، والتي أقامها بجانب المدن، فجعل الفضاء الجغرافي الذي يتحرك فيه سلسلة من القلاع المحصنة ، وفي هذا الصدد يقول الأمير عبد القادر عنها: "... لقد أقمت على حدود التل عددا من الحصون كلفتني أموالا طائلة تقع من جهة الغرب في سبدو وفي سعيدة بالنسبة لجنوب تلمسان وفي تاقدامت بالنسبة لجنوب معسكر، وفي تازا بالنسبة لجنوب شرق نفس المدينة، وفي بوغار بالنسبة لجنوب مليانة، وفي بلخروطي جنوب شرق مدينة الجزائر بالنسبة للمدية وأخيرا في بسكرة بالنسبة لجنوب قسنطينة..." ، من بين أهم هذه المدن المحصنة القلاع والحصون : - مدينة معسكر المحصنة: تعتبر هذه المدينة أولى عواصم الأمير، بحيث تحتل موقعا استراتيجيا مكن الأمير عبد القادر من استغلاله للقيام بعمليات عسكرية، (كمعركة خنق النطاح الثانية وحصاره للعدو في مدينة وهران)، تقع في الإقليم الشمالي الغربي للجزائر، يحدها من الشرق ولاية تيارت وغليزان، ومن الغرب ولاية سيدي بلعباس ومن الشمال مدينة مستغانم، ومن الجنوب مدينة سعيدة ، فأول ما قام به الأمير هو تحصين هذه المدينة، كما جاء في تقرير الضابط العسكري الفرنسي "سانت هيبولت" قبل دخول الاستعمار الفرنسي إليها وتخريبها في سنة 1835م ، في تقرير له يصف مدينة معسكر إذ يقول: " يحيط بالمدينة سور دفاعي جيد مبني بالدبش وله تقريبا شكل مستطيل غير منتظم، ولا تحيط به خنادق، ارتفاعه من 18 الى25 قدم وسمكه حوالي 6 أقدام، وفي كل زاوية من زواياه الخمسة ترتفع أبراج كبيرة مربعة الشكل، وجاءت هذه الأخيرة أكثر علوا من الأسوار، وذلك لتوضع عليها المدافع، وبدخولنا من الباب الغربي (يقصد باب بابا علي)، تتجه الأسوار يسارا إلى غاية الحصن الذي يلامس السور الدفاعي من الجهة الشمالية الغربية، ولهذا الحصن شكل المثلث، وفي كل جهة من جهاته الثلاث برج كبير وأما على يمين الباب الغربي فيتجه مسار الأسوار نحو باب النجدة (يقصد به باب سيدي علي محمد)، لتلتقي بعد ذلك الأسوار عند باب الشرق وهو مقابلا تقريبا للباب الغربي . تحصين مدينة معسكر في سنة 1835م عن (M- BERBRUGGER) - مدينة تاقدامت: تقع جنوب شرق وهران على بعد 93 كلم، وتبعد عن مدينة تيارت بحوالي 8 كلم ،إذ تقدر مساحتها بحوالي 10 أميال، إذ تعتبر ثاني عواصم الأمير عبد القادر بعد معسكر، شيدها الأمير على أنفاذ المدينة الرومانية، والتي كانت تحتوي على معبدين كبيرين ، كما عرفت تاقدامت عصرا من الازدهار في الفترة الإسلامية، بحيث كانت مركزا هاما في عهد الدولة الرستمية، ومع نهاية القرن 10م وبداية القرن 11م، خربت ودمرت نهائيا من طرف الفاطميين، حيث شرع الأمير عبد القادر في إعادة بنائها في شهر ماي 1836م، إذ قام بتخطيطها والإشراف على تحصيناتها، مستعينا في عملية تشيدها ببعض القبائل التي ساهمت في بناء أسوارها المدعمة بالأبراج والمزاغل، كما استعمل الأمير سراديب الرومان القديمة في تخزين الذخيرة والكبريت، وملح البارود والنحاس، والرصاص لصناعة البنادق . أما دواعي تشيدها فكان عسكريا بالدرجة الأولى ثم تجاريا، بحيث كانت همزة وصل بين تجارة التل والصحراء . مخطط مدينة تاقدامت عن(شعباني بدر الدين) - حصن عين ماضي: يقع هذا الحصن في غرب مدينة الأغواط، يعود تاريخ بناء هذا الأخير إلى القرن 11 م، بحيث ومع مرور الزمن توسع وكبر حتى أصبح يشمل ثلاثة مئة (300) منزل، كما أن قصبته كانت محاطة بالخنادق وجدرانه مدعمة بأبراج للمراقبة . - برج حمزة : كان هذا البرج يحتل موقعا استراتيجيا،اعتمد عليه الأمير عبد القادر في محاربة الاحتلال الفرنسي خاصة أنه كان يتموقع بالقرب من حدود الأقاليم الثلاثة، وهي الجزائر العاصمة وتيطري، وقسنطينة، ومن هذا المكان يمكن تهديد قبائل يسر أيضا، وقبائل جرجرة بالسهول والتي كان عددها 14 قبيلة، والقيام بالعمليات العسكرية بضواحي بجاية، ولا يتم ذلك سوى بإتباع امتداد سهل حمزة الذي يتوغل بين جرجرة والجبال التي تحد الجانب الجنوبي من وادي الصومام، وأبو مسعود الذي يمتزج به ذلك الامتداد، إلا انه لم يحض باهتمام الباحثين والمؤرخين إلا نادرا، واعتمادا على تقرير قدمه الجاسوس ليون روش فإن هذا البرج شيد على أنقاذ الآثار الرومانية الموجودة بعين المكان، وأعيد تشيده في النصف الثاني من القرن السادس عشر سنة 1628م، إذ استغل من طرف القبائل الموالية لنظام الحكم في دار السلطان بالجزائر كحامية يحرسها 62 جنديا، و عدد من المدافع يتراوح ما بين 6 و8 مدفع، وكانت قبيلة عمراوة تقوم بالحماية في هذا البرج . كان يتخذ الشكل المربع المدعم بمعاقل حصينة، استغل من طرف الأمير عبد القادر في مقاومته للاحتلال الفرنسي، إذ كان يترك حامية من 300 فارس عند مغادرته للمنطقة . مخطط برج حمزة عن علي خلاصي - المواقع الإستراتيجية الثانوية: كان الأمير عبد القادر يعتمد عليها في إمداد الجيش المحمدي، الذي كان يقوم بعمليات عسكرية حربية ضد الجيش الفرنسي بقيادة المارشال الفرنسي فالي فكان يتموقع في ثلاث مواقع ثانوية ورئيسية 1- موقع بوفاريك : وهو حصن بضواحي مدينة الجزائر . 2- موقع موزاية: حصن بضواحي مدينة البليدة 3- موقع الحجوط : يتواجد جنوب مدينة الحجوط، في شمال خط الليمس الروماني، ومن خلال المعطيات السابقة فإن الأمير عبد القادر كان يزود سرية حجوط بحوالي 500 حصان سنويا من مدينة تاقدامت . موقع حصن حجوط
يحياوي قدور - دكتور في علم الاثار / بطال - بورقيقة - الجزائر

10/08/2019 - 408003

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)