الجزائر - A la une

الجمعيات الثقافية تطرح نفسها كبديل حقيقي؟


الجمعيات الثقافية تطرح نفسها كبديل حقيقي؟
تساهم الجمعيات الثقافية في الجزائر رغم ما تعانيه من عراقيل وبيروقراطية، في خلق حركية ثقافية تجعلها في الكثير من المرات بديلا عن بعض المؤسسات الثقافية الرسمية التي تجتر نفسها، وسط غياب كامل لأي نشاط ثقافي تقريبا طيلة السنة.ورغم الشح المالي بحكم أنها تمول نفسها بنفسها ومن مالها الخاص، إلا أن بعض الجمعيات، في صورة جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، وجمعية نوافذ الثقافية، وجمعية دزاير الخير الثقافية الناشطة بمدينة برج منايل بولاية بومرداس، تسعى لتقديم نفسها أمام الساحة الثقافية الجزائرية وتعدته ليصل صوتها إلى العالم العربي بفعل نشاطها المتعدد ودأبها على تفعيل النشاط الثقافي والمساهمة في إثراء الساحة الأدبية والفنية، بالإضافة لاستقطاب الأسماء الكبيرة وإقامة الندوات، وهو ما عجزت عنه الهيئات الثقافية الرسمية والممولة من طرف الدولة، والتي تبقى قابعة في خندقها وسط سبات عميق وركود ثقافي. عبدالعالي مزغيش، رئيس جمعية الكلمة للثقافة والإعلام: ”سطوة الإداري على المثقف المبدع هو سبب ما نحن فيه”قال الشاعر ورئيس جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، عبد العالي مزغيش، أنه ينتظر من وزارة الثقافة ومؤسساتها عدم الاستئثار بتنظيم النشاطات الثقافية المتنوعة، وهذا بدعم المشاريع الثقافية التي تقترحها الجمعيات الجادّة ومراقبة هذه المشاريع وطرق صرف ميزانياتها، مضيفا:”لست أبالغ إن قلت إن قطاع الثقافة فشل طيلة أكثر من عشرية كاملة في تحقيق جماهيرية النشاطات الثقافية ذات الفائدة وشعبيتها إلا في بعض الأحيان، والسبب كان في الغالب هو سطوة ”الإداري” على ”المثقف المبدع” في كل شيء، وأقصد هنا ”الاقتراح والتنظيم والتنفيذ”، والنتيجة طبعا: نشاطات مناسباتية تتميز بالفلكلورية، لا تترك أثرا في المجتمع ولا تجذب إليها الجمهور”.وعن المطلوب من أجل تغيير الوضع، قال مزغيش أنه لابد من إقامة نشاطات ثقافية تعكس ثقافة وتنوع وتعدد المجتمع الجزائري بأصالته وهويته، دون أن تسقط ضحية للبريكولاج والرداءة ورؤية بعض الإداريين التي لا تخرج عن النظر إلى النشاط من زاوية ”فاتورة” مالية لتبرير صرف الميزانية ”أول مواطن جزائري سيصف النشاطات الثقافية بالكرنفالية والفلكلورية لابتعادها عن الثقافة الأصيلة النابعة من فضاءات الفكر والأدب والمسرح والسينما، فعدد المهرجانات المخصصة للفكر مثلا أقل بكثير من مهرجانات الرقص، مع تأكيدنا على تأمل جميع الفنون فيما بينها بما فيها الرقص، لكن ليس معقولا أن يتم دعم مهرجانات فنية أوحتى ملتقيات أدبية أثبتت فشلها واستنزافها للمال العام دون الوصول إلى أي نتيجة”. وعن جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، قال مزغيش أنهم تقدموا أكثر من مرة إلى وزارة الثقافة منذ سنوات عديدة بأكثر من مشروع، ولكن لم يجدوا تجاوبا من مسؤوليها في عهد الوزيرتين السابقتين. وتساءل المتحدث عن السبب وراء هذا الأمر، مرجعا إياه في نفس السياق إلى وجود هوّة بين الإداريين في القطاع والمثقفين المستقلين والمنتمين إلى جمعيات ”إننا نبذل المستحيل أحيانا نناضل، وندفع من جيوبنا لضمان تنشيط المشهد الثقافي في بلادنا، ونلقى تجاوبا كبيرا بين المثقفين والمواطنين العاديين أيضا، لكن حاجتنا إلى دعم ووقوف وزارة الثقافة معنا حاجة شديدة للرقي بنشاطنا وتطويره وتجسيد مشاريعنا الكبيرة التي لا تخرج عن تقديم الأفضل. وأضاف مزغيش أنهه كلما يحدث تغيير على رأس الوزارة يتمنى أن تتغير الأمور نحو الأحسن وتخليص القطاع، منم الإنتهازيين والرداءة والتفكير القاصر القائم على المصلحة الخاصة. فيما المنتظر والمأمول هو الرفع من مستوى ثقافتنا التي تملك كل سبل النجاح والانطلاق. رياض وطار، رئيس جمعية نوافذ الثقافية:”النشاط الجمعوي صعب في الجزائر لغياب المناخ والعوامل والمساعدة”اعتبر رياض وطار، رئيس جمعية نوافذ الثقافية، أنه رغم الدور الهام والمهم الذي تلعبه الجمعيات كشريك أساسي في المجتمع المدني بشهادة المسؤولين في مختلف المستويات، إلا أن نشاط أي جمعية كانت طبيعتها في الجزائر ليس بالأمر الهين كما يتصوره البعض وذلك لغياب مناخ وعوامل تساعدها للقيام بالدور الذي أسست من أجله، والبداية تكون من تسليم الاعتماد الذي يخضع إلى بيروقراطية الإداريين، والذين لا يتوانوا في عرقلة تسليمه بمختلف الحيل والطرق التي يملكونها، ما قد يقلل من عزيمة مؤسسين الجمعية وفي كثير من الأحيان يؤدي بهم إلى الانسحاب والتخلي عن فكرة تجسيد مشروعه على أرض الواقع، خاصة إذا تعدى تاريخ استلام الاعتماد ما ينص عليه القانون. وأضاف رياض وطار أنه بعد مشكل الاعتماد يواجه أعضاء الجمعية مشكلا آخر يتمثل في الدعم المالي الذي يسمح لهم بتنفيذ البرنامج الذي قاموا بإعداده على أحسن وجه، فغالبا ما يتطلب الحصول على الدعم انتظار سنة كاملة من أجل الاستفادة منه هذا إن كان الحظ حليفهم، وفي حال انعدامه يفرض عليهم ذلك أن يصرفوا من جيوبهم الخاصة على نشاطات الجمعية أو الاقتصار على نشاطات التي لا تكلفهم الكثير من المال.وقال رياض وطار، في نفس السياق، أنه يعتبر مشكل توفير المقر مشكلا عويصا تعاني منه أغلب الجمعيات في الجزائر ”نادرا ما نجد جمعية تتوفر على مقر خاص بها يسمح لأعضائها باحتضانها ويسهل عليهم التواصل مع منخرطيها ومحبيها ومن لديه اهتمامات ثقافية هذا وان توفر فسيكون إما غير لائق وبعيد عن وسط المدينة أو يكون كإعانة مؤقتة من قبل أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية، في انتظار أن تتوفر الإمكانيات المادية لإيجاد مقر أفضل يناسب الجميع”.ويقول وطار:”في الوقت الذي تجد الجمعيات الثقافية في الدول المتقدمة كل التسهيلات والإعانات التي تسمح لها بأداء مهامها على أحسن وضع، ما يجعلها تحل محل الدولة باعتبارها شريكا أساسيا في تحريك المشهد الثقافي لازالت الجمعيات الثقافية بالجزائر تتخبط في مشاكل لا تعد ولا تحصى، ما يجعلنا نستغرب خطابات المسؤولين وهم ينادون المثقفين والفنانين إلى هيكلة أنفسهم لتمكينهم من ضمان حقوقهم.. فهل يعقل أن نطلب منهم هذا ولا نساعدهم بأبسط الأمور تسهل القيام بما يصبون إليه؟”. مرزاق حمداش، رئيس جمعية دزاير الخير الثقافية:”الهيئات الثقافية الرسمية تكرس الرداءة”يعتبر مرزاق حمداش، رئيس جمعية دزاير الخير الثقافية، أن هذه الجمعية ولدت من رحم الحرمان و الشعور بالرغبة الكبيرة في المساهمة الفعالة في المجال الثقافي، حيث اعتمد في انطلاقتها على لم شمل الناس بمختلف مستوياتهم المعرفية وثقافاتهم المتنوعة من خلال عقد ندوات تكوينية وتحسيسية بأهمية الثقافة في بناء الفرد والمجتمع، إضافة إلى الخرجات الميدانية لنقل مضمون الندوات لأكبر عدد ممكن من الناس الذين لا تستهويهم قاعات المحاضرات، كما عمل جاهدا على الإحتكاك بأصحاب الفكر المستنير خاصة الشباب منهم الذين هم أمل الغد، بالإضافة إلى الفاعلين من ذوي الخبرة الذين لا يمكن التقصير في حقهم ولا نكران محاولاتهم الجادة في بذل العطاء دون تردد. وأضاف مرزاق حمداش أنه وأعضاء الجمعية جمعوا في جلساتهم الثقافية المتنوعة الكاتب والصحفي والرسام والفنان والمخرج والشاعر والسيناريست والطالب والأستاذ والمرأة والطفل، واستقبلوا مبدعين من تونس والمغرب وليبيا، وهذا للتذكير دوما أن العمل الثقافي يحتاج لتلاحم وترابط كل المثقفين، وكل هذا من أجل الوصول لسياسة ثقافية تكون منطلقا واضح المعالم.وقال رئيس جمعية دزاير الخير الثقافية:”في غياب التسهيلات نقابل بالتقصير والتعجيز من قبل بعض المسؤولين الذين ليست لديهم خطط واضحة للحراك الثقافي (الثقافة في واد و هم في واد آخر) وهم دوما يربطونه بالمناسبات، وهذا ما أفقده كثيرا من قيمته ويجب التنويه على أن عددا كبيرا منهم يتعاملون مع الجمعيات والأفراد بالمحاباة وتارة بالمحسوبية وتارة بالجهوية وتارة يخلطون حتى التوجهات السياسية (الموالاة /المعارضة) فبقينا مرهونين بما يمكن أن نقدمه من مالنا الخاص لتجهيز جلساتنا الثقافية”.وأضاف حمداش أن الوضع الثقافي حاليا يرفع الرديء ويقدم لنا على أنه مبدع. أما المبدع الحقيقي والأمثلة كثيرة في هذا الشأن لا تعد ولا تحصى، وعوض الاحتفاء بهم من طرف المسؤولين على القطاع الثقافي وإعطائهم الدفع الكافي من أجل الاستمرار يحدث العكس تماما بل يثبط عزيمتهم ويجلعهم يتراجعون. وأضاف مرزاق حمداش، في نفس السياق، قائلا:”شكرا لكل المثقفين الذين عملوا بالتنسيق معنا ومازالوا مثابرين، باقون على العهد وسنبني يوما ما منظومة ثقافية واضحة المعالم يشترك فيها الجميع”.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)