الجزائر - A la une

الجزائر لا تملك سوقا للفنون وثقافة شراء اللوحة منعدمة



الجزائر لا تملك سوقا للفنون وثقافة شراء اللوحة منعدمة
أطالب وزيرة الثقافة بدراسة وضعية الفنانين التشكيليين بطريقة جديةحاورتها/ نهاد مرنيزتتحدث الفنانة والرسامة التشكيلية الشابة نسيمة عزوق في هذا الحوار، عن نظرتها إلى واقع هذا النوع من الإبداع في الجزائر، مبدية أسفها وحسرتها كونه لا يلقى الاهتمام والرواج على غرار باقي الفنون، وهو ما ساهم في تعقيد وضعية الكثير من "التشكيليين" الجزائريين وجعلهم يصابون باليأس.أنتِ كفنانة تشكيلية تعِدُ الساحة بالكثير.. بدأتِ تحترفين مُداعبة الألوان بإتقان مُحكم وجد صداهُ حتى الآن عند كُل مُتلقي مُهتم بهذا الفن تحديدا.. كيف بدأتِ ذلك، ومن أي نقطة انطلقت هذه البذرة الفنية الجميلة؟لقد انغمست بعالم الرسم، قبل انغماسي بالحياة.. على اعتبار أنني بدأتُ طفولتي بالأقلام المُلونة كأي طفل بدأ لتوه تعلم أبجديات الكتابة والرسم، والتي علمتني بدورها كيف أعبث بخربشات كنتُ لا أعِيرها اهتماما بذلك الوقت، لكن فيما بعد بدأتُ أعي وأقدرُ جدا هذا المُيول الفني الذي أصبح يرافقني أينما كنتُ وأينما حللتُ.. ووقتها أيضا كنت انطوائية بعض الشيء ولا أشاركُ أصدقائي اللعب كباقي الأطفال، كانت مُتعتي الأولى هي بالرسم ومُداعبة الأقلام.. أذكرُ أيضا أنني كنتُ أزور جدتي ببيتها الريفي وهناك كنتُ أقوم بعجن الطين وتحويله إلى صحون وأواني كما أراها ببيتنا، واستمريتُ بفعل ذلك مرارا كنوع من اكتشاف مُتعة هذه الهواية.. بمعنى كان الرسم والأشغال اليدوية أمرا مهم بالنسبة لي.هل تلقيت دروسا أكاديمية بهذا الفن؟ أم اعتمدت على عصاميتك وحسك الفني الكبير برسم طريقك بمفردك؟لا يمكنني اعتبار نفسي عصامية، لأنني قمتُ بدراسة الزخرفة جيدا على السيراميك بإحدى دور الحرف التقليدية بباب الواد في العاصمة، وهذا النوع من الفن أضاف لي الكثير..هل ترين أن دراسة هذا النوع من الفن يتوقف فقط على الرغبة والإرادة ثم العمل، أم يتعداهُ إلى وُجوب توفر شرط الهواية كعامل مهم وأساسي لنجاح أي فنان بهذا المجال؟أكيد لابد من توفر الموهبة كعنصر لا يمكن الاستغناء عنه بالعمل، فهي جزء مُكمل للعمل مع الدراسة وتلقي أولى الخطوات المنهجية حتى تكتمل الصورة النهائية لمجهودات الفنان، فالعمل الذي يفتقرُ للموهبة يُعاني دائما من نقص سيؤثر عليه لاحقا بأعماله.ماهي لوحتك الأولى.. وموعدُ ميلاد ألَقكِ اللوني الأول، ومتى كان ذلك؟كانت بأحد الامتحانات، حيث سُلمت لنا فيه بطاقات بريدية تحوي صوراً لمختلف المناطق والمناظر الجميلة للجزائر، وبعدما طُلب منا رسم إحداها، وأنا بدوري وقع اختياري على أحد القصور من قصور غرداية العريقة، وبذلك كانت أول لوحة لي أشتغلُ عليها يدوياً وبدُون مساعدة أحد، فعلتُ ذلك في مربع سيراميك 15/15 سم، وهي أول لوحة حملت توقيعي.لكُل رسام أو فنان مُبدع قاعدة فنية ما، تكونُ وليدة إعجاب مُعين بعمل فنان ما، يرتكزُ عليها في بداياته دائما، هل تظهرُ بأعمال نسيمة أوجه من الشبه لأحدهم كنوع من التقليد أم تفضلين فرض أسلوبك الفني الخاص الذي يشبهك ويمثلك وحدك دون غيرك.. ومن هم هؤلاء الذين صنعوا انبهارك بهذا الفن؟الفنانون الذين تأثرتُ بهم حقا هم إيتيان ديني، ومحمد راسم، لكن بالغ التأثير عندي كان لفن لزهر حكار.. وعندما نتأثر بفنان، يعني لنا ذلك أننا نشاركهُ فكرتهُ التي وصلت إلينا عن طريق فنه كرسالة تحسُ بطريقة ما أنها تشبهك وتتمنى بقرارة نفسك إيصالها، لذلك نظلُ مُتمسكين بم يبدعهُ الآخرين كمحاولة لقراءة توصياتهم الفنية التي نحتاج إليها دائما نحن الجيل الفني الجديد وذلك بجعها كركيزة نتعلم من جميع زواياها، لكن بالمقابل هذا لا يعني أن نمارس بها إسقاطا على أعمالها حتى لا نقع في فخ تقليد الآخر، وأنا أحبُ أن أكون نفسي.. نسيمة وفقط، وبالرغم من أنني حاليا أعتبر نفسي في مرحلة تكوينية وعلى قيد التعلم والاكتساب، لذلك لم أبن لنفسي بعد أسلوبا خاصا يمثلني.ماهي المواضيع التي تتطرقُ لها أعمالك حتى الآن؟ وماهي ميولاتك اللونية التي تحبين إضفاءها بلوحاتك والتي تظهرُ غالبة عليها لكل من يلمحها أول مرة؟لا أستطيع القول إنني أختار مواضيع مُعينة بأعمالي، لكن هناك مواضيع هي من تفرضُ عليك وجودها بأعمالك دون بدون خيارات مُسبقة فهي تمنحك الرغبة فعلا في تجسيدها ،كذلك نفس بالشيء فيما يتعلق الأمر بالألوان.. والأسود هو من يسكن لوحاتي دائما لدلالات كثيرة سواء كان ذلك من الناحية الجمالية أو من الناحية الفنية التعبيرية لموضوع اللوحة، كما أنه يعطي قيمة فنية لأي لون مُرافق له، ولهذا أعتبره لونا كريما وليس متشائما أو حزينا كما يراه البعض.هل بيعت لوحاتك حتى الآن، أم تفضلين الاحتفاظ بها؟لم يخطر ببالي أبدا المُتاجرة بفني، بالنسبة لي لا يوجد سعر للفن ويستحيل ذلك. لكن رغم هذا أعتقد أنه لا توجد سوق للفن ببلادنا، في ظل انعدام ثقافة شراء اللوحة الفنية لدى الناس، وهذا أكبر عائق يواجهه الفنانون التشكيليون في الجزائر.ماهي المعارض التي شاركت فيها؟شاركتُ في المعرض الوطني للفن الإسلامي بدار الثقافة ببومرداس وبأحد المعارض التي ساندت القضية الفلسطينية.. كان ذلك من تنظيم السفارة السعودية بالجزائر، وأيضا كانت لي مشاركة مهمة في الأسبوع الثقافي الأول للفن التشكيلي من تنظيم جمعية "نشاطات الشباب للمركب الرياضي في زموري" ببومرداس دائما، ومعرض آخر لإبداعات المرأة ببلدية بوزريعة.. كل هذه المشاركات أعطتني نوعا من الاحتكاك بالوسط من فنانين، مشاركين، وحتى الجمهور الذي كان يحبُ التقصي عن هاته المعارض والتنظيمات الفنية.كيف ترين واقع الفن التشكيلي بالجزائر؟عن نفسي.. أستطيع القول إن تجربتي مُحتشمة حتى الآن بما أنني مازلتُ في بداياتي والطريق مازالت طويلة أمامي للخوض في الحديث عن عالم كبير وواسع كعالم الفن التشكيلي بالجزائر، لكن يمكنني اختصار ما يبدو لي الآن بكلمة واحدة فقط وهي أنه يفتقدُ للدعم.طيب.. برأيك هل تُساهم المعارض باكتشاف المواهب الجديدة وتسليط الضوء عليها أم أن الأمر لا يتعدى عرض مجموعة من الأعمال والاكتفاء بتسجيل الحُضور؟لا طبعا.. المعارض جيدة ومفيدة بالنسبة للفنانين الجدد على جميع المستويات، فهي تسمحُ لهم بالانفتاح على الآخر وما يقدمهُ الآخر وبالتالي تبادل الخبرات وتحفيز بعضهم البعض من أجل صنع مشهد فني أكبر يرقى إليه الوسط بالجزائر. لكن يؤسفني أن كثيرا من المعارض تفضل التعامل مع الأسماء الفنية المشهورة ولا تمنح الفرصة للمبدعين الشباب للظهور. وهذا أكبر خطأ.لو أتيحت لك فرصة لقاء وزيرة الثقافة.. مالذي ستحملهُ رسالتك لها؟رسالتي هي أن تعيد الوزارة تسليط الضوء على الفن التشكيلي وأيضا دراسة وضعية الفنانين بطريقة جدية تسمحُ لهم بالإبداع أكثر وليس العكس، فركُود الوسط يساهم بشكل ما في تراجع الحس الفني لدى الفنانين، وبالتالي تراجع العطاء الذي يفترض أن يكون كبيرا ببلد جميل مثل الجزائر والذي كان قِبلة لفانين عُظماء مرُوا به وبصماتهم مازالت حتى اليوم تحكي عن نفسها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)