الجزائر - A la une

الجزائر تنتظر "معجزة" للانعتاق من البرميل


الجزائر تنتظر
ينتظر أن تتقلص مداخيل الجزائر إلى النصف هذا العام ويتآكل احتياطيها من العملة الصعبة إلى الثلث وتنهار عملتها إلى أدنى مستوياتها منذ الاستقلال. ثلاث هزات اقتصادية كفيلة بإسقاط أنظمة وحكومات في الدول التي تحترم شعبها، لكنها في الجزائر تقابل من طرف الحكومة تارة بالإنكار وأخرى بالثرثرة، وعند المعارضة بمزيد من صرخات التحذير التي لا تتعدى حدود الصالونات، أما عند عموم المواطنين فهي لا حدث.تسير الجزائر بمنطق العد التنازلي نحو الكارثة بخطوات واثقة، لكن الحكومة بدل أن تلعب دور القائد الذي يوقف انحدار الطائرة، باتت توجه رسائل للمواطنين بمضمون "اربطوا أحزمتكم جيدا فقد اقترب وقت الارتطام". ذلك ما يستشف من دعوة الوزير الأول، عبد المالك سلال، عندما طلب دعم المواطنين وتضامنهم في الإجراءات القاسية التي ستضطر الحكومة لاتخاذها بعد أن يشتد خناق الأزمة وثاقا على رقبة الشعب.والغريب أن خطاب السلطة نفسها يعاني من الانفصام، فهي تارة تنكر الأزمة تماما وتنفي تطبيق سياسات تقشف تؤدي لوقف النزيف، وتؤكد أن ما تقوم به لا يعدو كونه عملية ترشيد للنفقات، لكنها في المقابل توجه رسائل استجداء للمواطنين لتفهمهم أنها لا تستطيع المضي في هذه السياسة إذا استمر انهيار أسعار النفط، ما يعني أنها تعترف بالأزمة وتتلاعب فقط بمصطلحاتها، كما أن حالة الاستنفار القصوى التي تشهدها الوزارات الاقتصادية على وجه التحديد، تكشف من حيث لا ترغب الحكومة، خطورة الوضع.وعوض أن تستغل المعارضة الوضع الحالي للانقضاض على السلطة وتعرية عجزها أمام الرأي العام، تبدو منسحبة تماما من الساحة، ما خلا بعض ردود الفعل المحتشمة على تصريحات حكومية ترد من هنا وهناك، ودعوات لا متناهية للسلطة من أجل فتح حوار حقيقي والذهاب إلى انتقال ديمقراطي، وما إلى ذلك من العبارات التي صارت تردد آليا مع كل بيان أو خطاب. تابعونا على صفحة "الخبر" في "غوغل " واختارت المعارضة بدلا عن ذلك، في هذا الصيف المختنق برطوبة الجو وأخبار تهاوي البترول، الاستجمام في جامعات صيفية تدعى إليها النخبة في أماكن مغلقة، وتكون بعيدة عن الالتحام بمعاناة المواطن اليومية ومحاولة كسب وده وتنبيهه إلى خطورة ما ينتظره. ورغم أهمية هذه الملتقيات من ناحية تأطير المناضلين وتدبير الأمور التنظيمية للأحزاب، إلا أنها غالبا ما تكون غارقة في القضايا الفكرية التي قد لا تتناسب مع طبيعة المرحلة التي تقتضي التعبئة والتجنيد ميدانيا، لتحقيق هدف قلب موازين القوى بين السلطة والمعارضة، وتبسيط المصطلحات الاقتصادية التي تعج بها خطابات المعارضة، وتبيان أثر الأزمة التي تبدو مستترة لا يشعر بها المواطن.وفي خضم ذلك، لا يبدي المواطنون في الشارع كبير اهتمام لوجود أزمة أو إرهاصات أزمة بدأت تقترب، رغم ما تعج به الصحف الوطنية من تحليلات وتحذيرات خبراء تجمع على أن الجزائر دخلت في المنطقة الحمراء. والواقع أن مرحلة خفض الإنفاق لم تبدأ في التأثير فعليا على حياة المواطنين، لكن أثرها لن يتأخر كثيرا في الظهور، حيث يتوقع الخبراء زيادة في معدلات التضخم وانخفاضا في سعر صرف الدينار، قدره عبد الرحمن مبتول ب1 أورو مقابل 200 دينار، وهنا سيستشعر المواطنون الانخفاض المريع في قدرتهم الشرائية، ولن ينجو من الغلاء سوى السلع المدعمة التي ستضطر الحكومة إلى رفع اليد عنها شيئا فشيئا، أما المشاريع السكنية، وفق ذات الخبير، سيكون مآلها التوقف بسبب عجز البنوك عن تمويلها نظرا للفرق الشاسع بين سعر شرائها المحدد قانونا وسعر بنائها بعد تهاوي الدينار.هذا الوضع سيؤدي لا محالة إلى استفاقة شعبية يخشى أن تكون متأخرة، وحينها لن ينفع إنكار السلطة ولا انسحاب المعارضة من المشهد، مع الفارق في أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق السلطة وفي مقدمتها الرئيس بوتفليقة الذي توفرت له خلال 15 سنة كل مؤشرات الإقلاع الاقتصادي، لكنه اختار أن يربط أرجل الجزائر داخل برميل!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)