الجزائر - A la une

التوعية بمخاطر التسممات الدوائية والصناعية مطلب أساسي



التوعية بمخاطر التسممات الدوائية والصناعية مطلب أساسي
دعت الدكتورة ليلى لهتيهت، أستاذة مساعدة في طب العمل بمخبر علم التسممات في مستشفى "آيت إيدير" بالعاصمة، إلى التحسيس المتواصل بالمخاطر المتربصة بالصحة بسبب بعض التصرفات غير المسؤولة للأفراد، ومنها الخلط بين عدة أدوية وأخذ جرعات زائدة، إلى جانب الاهتمام بالغسل الجيد للخضر والفواكه لإبعاد أي خطر للإصابة بالتسممات الناجمة عن بعض المبيدات الحشرية، ناهيك عن التوعية بالتسمم عن طريق الشم المتسبب فيه الطلاء ومواد صناعية أخرى.❊ في البداية دكتورة، نود معرفة أهم الميادين التي يهتم بها علم التسمم؟— لا بد من معرفة أن الهواء والأغذية ومستحضرات التجميل ومواد التنظيف، كلها مواد قد تهدد الصحة العمومية بطريقة أو بأخرى، وعلم التسمم يهتم بكل ما قد يتسبب في الإصابة بالتسمم سواء عن طريق الأكل أو الشم أو بعض الأعشاب السامة أو حتى بعض الحشرات.❊ لكن هل صحيح أن التسمم الدوائي هو الأكثر انتشارا في المجتمع؟— إلى حد ما نعم، لكن لا بد من التفريق بين التسمم الإرادي وغير الإرادي. فالتسمم الدوائي غير الإرادي ناتج عن تناول جرعات معينة من بعض الأدوية بغرض التخلص من الصداع أو آلام الأسنان، مثلما هو حاصل مع مسكن الألم الباراسيتامول الذي يتناول بكثرة ودون استشارة طبية ولا حتى وصفة طبية، وهنا أشير إلى أن الاقتناء الذاتي للأدوية وأخذها دون تحديد عدد الجرعات ولا التقيّد بمواعيد الجرعة ولا مدة تناول الدواء، يسبب من جهته تسمما دوائيا وتكون النتيجة في النهاية آلام حادة على مستوى البطن وكذا إصابة لا قدر الله بتلف كبدي، لأن الإنسان لا يدرك المخاطر المنجرة عن التناول العشوائي للدواء، صحيح أن مسكنات الألم قد تبدو غير خطيرة ويمكن اقتناؤها دون وصفة طبية، لكنها تتحول إلى مصدر تسمم إذا تم أخذ جرعات إضافية قد تصل إلى 10 غرامات، وهذا ما يسبب تسمما دوائيا قد ينجر عنه تليف الكبد. أما التسمم الإرادي فهو ناتج عن اقتناء بعض المهدئات كإدمان، وأكثرها شيوعا الأقراص المهدئة التي عادة ما توصف لمريض عقلي، وإذا ما تفطن مراهق أو شاب يتناول أحد أفراد عائلته لهذه المسكنات فإنه يتناولها أولا من باب الفضول لتصبح من بعد ذلك إدمانا له، إلى حد الإصابة بتسمم من فرط تناولها.❊ هذا يعني أن الاقتناء الذاتي للدواء يشكل خطرا على الصحة؟— بالطبع، لا بد للإعلام أن يلعب دورا محوريا ويكون شريكا فعالا مع الممارسين في الصحة من أجل إرساء ثقافة وقائية من الأخطار الناجمة عن استهلاك الدواء دون وصفة طبية، ونحن في هذا المقام نود من الإعلام، خاصة المرئي منه، أن يخصص حيزا زمنيا صغيرا لتحسيس المجتمع بخطورة الاستهلاك العشوائي للدواء، فنحن في مخبر علم السموم بمستشفى "آيت إيدير" نعالج حالات كثيرة للتسمم بالدواء من خلال إجراء التحاليل المخبرية، وأخص بالذكر التسمم عن طريق أخذ جرعات زائدة إما لمسكنات الألم أو مضادات الاكتئاب التي توصف عادة للمرضى العقليين. وهناك أيضا ظاهرة أخرى مستفحلة في مجتمعنا وتخص إعطاء دواء لآخر أو النصح به لأنه كان فعالا في معالجة حالة مرضية معينة، بالتالي سيكون نافعا لمن يعاني أعراضا مشابهة، هذا خطأ جسيم قد تترتب عنه نتائج وخيمة على الصحة، فالذي لا يدركه الكثير أن تركيبات الدواء وجزيئاته مهمة جدا، لذلك نجد الأطباء يوصفون أدوية معينة بالمليغرامات، فأية زيادة بمليغرام واحد عند شخص مصاب مثلا بارتفاع الضغط أو بانسداد الشرايين أو مريض القلب أو مريض الحساسية أو المصاب بضيق التنفس، قد تؤدي به إلى الشلل أو الوفاة، لذلك فإن مسألة الانتباه إلى استشارة الطبيب والتقيد بالوصفة الطبية ومواقيت العلاج وأيضا مدته مهمة جدا لتحقيق العلاج.❊ معنى هذا أن فيه إهمال كبير لعامل الوعي بخطورة التسمم الدوائي؟— صحيح، المتعارف عليه في مجتمعنا أن مسكنات الألم والأدوية المخفضة للحمى أو الأشربة الخاصة بالسعال كلها أدوية لا بد من توفرها في المنزل حتى يبدأ العلاج الفوري للزكام أو نزلات البرد، وهذا شيء جميل، لكن الأهم أن يتم التعامل بحذر شديد مع هذه الأدوية، وأن تتم الاستشارة الطبية الفورية بعد أخذ المسكن أو الخافض مباشرة، لكن الحاصل أن فيه تهوين للأمور، أي أنه كثيرا ما يتم الاعتماد على البندول أو الشرّاب المضاد للسعال كعلاج لمدة 3 إلى 5 أيام وهذا خطأ، فقد تكون الحمى أو التهاب اللوزتين أو آلام الرأس مجرد أعراض لمرض خفي، وعليه لا بد لحملات تحسيسية دورية حتى تتشكل ثقافة مجتمعية واعية بخطورة الاقتناء الذاتي للدواء.❊ لكن هناك أنواع أخرى من التسممات قد تتربص بالصحة العمومية؟— نعم، يوجد أيضا نوع من التسممات بالنباتات وتكثر هذه الحالات بالنسبة لسكان المداشر والقرى ممن قد يصابون بتسمم ناجم عن تناول بعض أنواع التوت البري السام، أو العنصل أو البصل البري، وهو نبتة سامة تبدو كأنها بصل عادي، لكنها سامة جدا وبعض الأسر تستعملها في الطهي وتسبب تسمما يتطلب تدخلا طبيا، لذلك فإن التوعية في هذا المجال مهمة جدا. هناك أيضا التسممات الصناعية وتخص التسمم ببعض المبيدات الحشرية بالنسبة للعاملين في المجال الزراعي وأيضا التسممات بالطلاء أو الدهان وتسمى التسممات عن طريق الشم وهي تسبب الغثيان والقيء، وهناك أيضا التسمم بواسطة مادة "الديليون" الذي يستعمل في الإدمان عند بعض الشباب ويسبب التسمم به في حدوث الغثيان والتجشؤ، أو حدوث حروق في الجهاز الهضمي، وفي حالات التعرض المستمر لتسمم خطير بواسطة هذه المادة يمكن أن تتسبب في دخول المتضرر في غيبوبة.❊ هل من نصائح تقدمونها لتفادي كل أنواع التسممات؟— أولا نقول بأنه من أجل تفادي التسممات سواء الدوائية أو الصناعية أو غيرها، لا بد من التوعية والتحسيس المتواصلين للمواطنين حول المخاطر المنجرة عن الاستعمال العشوائي للأدوية، وكذا التسمم بالمنتوجات الصناعية، وهنا حديثنا موجه لربة الأسرة الواجب عليها الحرص على سلامة أفراد أسرتها من خلال اقتناء منتوجات تتطابق مع المعايير الدولية، من خلال الحرص على وجود الملصقات المتضمنة لتركيبتها وتحذيرات من استعمالها، فالواقع يشير إلى وجود حالات ملحوظة في عدد التسممات بواسطة المنتوجات الصناعية داخل البيت، بسبب تضافر عدد من العوامل على رأسها الجهل بالتركيبة الصناعية لهذه المنتوجات، بالتالي استعمالها بطريقة خاطئة، إلى جانب اقتناء منتوجات صناعية لا تطابق المعايير، لذلك فإن مسألة التوعية والتحسيس تكون مسؤولية ملقاة على عدة جهات حماية لصحة الأفراد والمجتمع.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)