الجزائر - A la une

التعديل الدستوري جاء بإضافات مهمة للجزائريين المقيمين بالخارج



نوّه النائب البرلماني عن الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، بلمداح نور الدين، بالتعديلات الدستورية التي تخص الجزائريين بالمهجر، والمقترحة من قبل لجنة الخبراء وصادق عليها نواب البرلمان بغرفتيه قبل عرضها للاستفتاء الشعبي، وقال إن إلغاء المادة 63 جاء استجابة لمطالب الجالية. وأشاد بلمداح، في حوراه ل «الشعب ويكاند» بقرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القاضي بتكفل الدولة بنقل جثامين المتوفين، معتبرا أنها خطوة تعزز ثقة الجالية في مؤسسات الدولة، كما ثمّن استحداث منصب مستشار لدى القاضي الأول في البلاد مكلف بالمجتمع المدني والجالية. على صعيد آخر، دعا بلمداح إلى تجسيد المساواة بين الجزائريين في الداخل والخارج على أرض الواقع، وطالب بالتخلي سريعا عن التدابير البيروقراطية المرهقة، وكل ما تم سنّه من قرارات وسياسات ساهمت في قطع الحبل السري للجالية بوطنها. وشجع المتحدث على تسهيل مساهمة العلماء الجزائريين المقيمين بالمهجر في بناء الوطن، مشددا على أهمية استعادة الثقة مع كل أبناء الوطن الواحدة.«الشعب»: سيعرض مشروع تعديل الدستور على الشعب الجزائري، ليدلي بصوته (نعم أو لا) في الاستفتاء العام في الفاتح نوفمبر، بما تعلقون على التعديلات التي تخص الجالية والمدرجة من قبل لجنة الخبراء؟
النائب بلمداح نور الدين: بالنسبة للتعديلات التي أدرجتها لجنة الخبراء في تعديل الدستور، سجلنا إضافات نوعية على المادة 29 (27 سابقا). ففي الفقرة الأولى التي تنص على: «أن تعمل الدولة على حماية حقوق المواطنين في الخارج، ومصالحهم في ظل احترام القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة «، أضيف عبارة « مع بلدان الاستقبال وبلدان الإقامة».
وهذا تعبير جد مهم، يمثل اعترافا دستوريا بوجود جالية جزائرية «مقيمة» في دولة أجنبية، وليس فقط الجزائريين الذين يتنقلون في مدة سفر معينة من أجل السياحة أو المكوث لفترة قصيرة.
كما سجلنا في الفقرة الثانية التي تقول «بأن الدولة تسهر على الحفاظ على هوية المواطنين بالمقيمين بالخارج»، إضافة «وكرامتهم»، ما يؤكد حرص الدولة على صيانة كرامة مواطنيها في الخارج.
ومع هذا ينبغي لنا أن نذكر بنقطة مهمة، هي «المساواة».. لقد كانت معضلة تعاني منها الجالية الجزائرية، فحتى وإن كانت كرست في نص الدستور الحالي أو السابق إلا أنها لم تجد الطريق إلى التطبيق الفعلي، وهذا ما نعمل عليه لتصفيته كليا، ونتخلص نهائيا من المشاكل والممارسات التي تفرق بين الجزائريين.
إن التمييز واللامساواة كانت حتى في تذاكر السفر (النقل البحري)، إذ تختلف التسعيرة بين المقيم وغير المقيم، وبصفتي كنائب برلماني عن الجالية طالبت منذ عدة سنوات بإنهاء هذه الفوارق ولكن لم نجد الآذان الصاغية..وبالنسبة لنا كان دائما هناك دوس على الدستور في هذه القضية.
التفرقة بين الجزائريين في الداخل والخارج، امتدت إلى السكن، حيث ألزموا المقيمين بالمهجر بدفع تكلفة اقتناء المنازل ومستحقاتها، بالعملة الصعبة، ومع سيطرة السوق السوداء على العملة الصعبة يصبح السعر مضاعفا، علما أن الأمر لا يتعلق بالسكن الاجتماعي وإن بالصيغ السكنية التي تخضع لسعر السوق.
وينبغي أن أذكر هنا، أن أول من أقر السماح للجالية بالاستفادة من سكنات ببلدها الأم، هو رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عندما كان وزيرا للسكن، وكرس لاحقا المساواة في دفع الأعباء المالية للمستفيدين ولكن من جاء بعده على رأس الوزارة الأولى، أمر بتسديد التكلفة بالعملة الصعبة، قبل أن يجمد البرنامج دون استفادة أصحاب الطلبات
- هناك مادة في الدستور الحالي، تخص تحديد مناصب المسؤولية لمزدوجي الجنسية، أزيلت نهائيا من مشروع التعديل المرتقب، كيف تلقيتهم خيار إلغائها؟
دعني أتحدث عن هذه المادة التي تحمل رقم 63 (الشهيرة بالمادة 51) في الدستور الحالي، بكل صراحة ودون أية ديماغوجية، لقد استغلها البعض بشكل متعمد لتحقيق أغراض غير بريئة.
الفقرة الثانية منها تقول: «التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية»، وترك الأمر لقانون عضوي لتحديد طبيعة المناصب والمسؤوليات التي تشترط حصرا الجنسية الجزائرية.
المادة لم تعن أبدا حرمان الجالية من الوظائف السامية، حيث أنها لا تمنع تعيين شخص مزدوج الجنسية في منصب سامي، بل ترشحه لأي منصب وتترك له مدة زمنية معينة للاختيار بينه أو بين التخلي نهائيا عن الجنسية الثانية، مثلما حدث مع زميلنا النائب سمير شعابنة.
الفهم الخاطئ للمادة وعدم جدية السلطات في شرح طريقة تنفيذها دفع الجالية الوطنية إلى المطالبة بإلغائها نهائيا، لأن البعض استغلها استغلالا سيئا لقطع الحبل السري للجزائريين في الخارج مع وطنهم.
ورأت لجنة الخبراء بإزالة هذه المادة استجابة لمطالب الجالية، ودرء لكل لبس أو توظيف يفرق بين أبناء الوطن الواحد، ونعتقد أنها ستعود بالفائدة على البلاد وعلى جميع الجزائريين، وسيترك للقانون تحديد من يتولى المناصب العليا في الدولة.
- بقرار من رئيس الجمهورية رسّمت الحكومة تكفل السلطات العمومية بنقل جثامين الجزائريين المتوفين بالمهجر، والعملية جارية حتى في فترة الحجر الصحي، كيف تفاعلت الجالية مع هذه الخطوة؟
قضية نقل جثامين الجزائريين المتوفين بالخارج، على عاتق الدولة، بدأت سنة 2014، وبالضبط في قانون المالية، حيث اقترحت مادة قانونية تلزم الدولة بالتكفل بها.
رفضت الحكومة المقترح وكذلك لجنة الشؤون المالية، ولكن نواب حزب جبهة التحرير الوطني الذي كنت أنتمي إليه يومها تضامنوا مع الجالية وصوتوا بالأغلبية على القانون رغم الضغوطات، ومع ذلك ظلت المادة حبيسة الأدراج لمدة سنة، واتهمت من قبل الوزير الأول آنذاك بخلق المشاكل للحكومة، بحجة نقص الموارد المالية والتكلفة الباهظة، ولكن الأيام بينت أن الملايير من أموال الشعب تعرضت للنهب والسرقة.
بعدها أدخلت تعديلا على المادة ليقتصر على والمعوزين، ومع ذلك ظل تطبيقها نسبيا ولا يخضع لأية التزامات، ودفعت الثمن بابعاد من الترشح في قائمة حزب جبهة التحرير الوطني في الانتخابات التشريعية لسنة 2017.
دام هذا الجمود إلى غاية قدوم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي أعاد طرح القضية في الندوة الصحفية الأولى التي سبقت مراسيم تنصيبه، وأكد على تكفل الدولة بنقل الجثامين على عاتقها، وبعد التنصيب، ذكر مجددا بالقضية وأقرها في قانون المالية التكيميلي 2020، فالسيد الرئيس أنصف الجالية التي كانت تعاني الأمرين، وهي خطوة تعيد لها الأمل والثقة في إنهاء التهميش والتفرقة في التكفل بها من قبل دولتها.
واسمح لي أن أدعوا إلى تقليص مكوث الجزائريين في المشارح في مستشفيات الدول الأجنبية قبل نقلهم إلى بلدهم، أعتقد أن مدة أسبوع أو أكثر غير مقبولة، بينما يمكن استكمال الاجراءات في ظرف وجيز.
- على ذكر الثقة، ما الذي ينبغي على الدولة القيام به، في اعتقادكم لاستعادة الرابطة القوية بينها وبين أبنائها في المهجر؟
دعني أقول، إن استعادة ثقة الجزائريين المقيمين بالمهجر، صعبة جدا ولكنها ليست مستحيلة، صعبة لأنهم يؤمنون بالملموس، وليس الوعود التي لا تنتهي..الرئيس مثلا وعد بالتكفل بنقل الجثامين ونفذ، وهي خطوة تثمن وتحسب له.
بقيت مسألة أخرى تتعلق بالإجراءات البيروقراطية التي تثقل كاهل الجزائريين بالخارج، فهم يعيشون في بلدان متقدمة توفر تسهيلات كبيرة في المعاملات الإدارية، وعندما يقارنون ذلك بالبيروقراطية الموجودة في بلادهم أكيد سيصابون بالإحباط.
ومثال ذلك، أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تسمح لأبنائها المقيمين في الخارج بطريقة غير شرعية، استخراج جواز سفرهم الأصلي من القنصليات لاستكمال إجراءات الحصول على الإقامة في البلد المضيف.
هناك آلاف الجزائريين دون وثائق ومنهم من يعيلون عائلات ولديهم أبناء، لا يستطيعون استخراج جواز سفر بلدهم، لهم ولأولادهم، مع أنه حقهم، كيف تنتظر منهم أن يشعروا حيال دولتهم؟، هذه التصرفات جعلتهم يقولون: «بلادي حرمتني من جواز سفري»..للأسف هناك من ينمي الضغينة في نفوس أبناء الوطن بتصرفات ساذجة وتافهة.
يجب على الدولة التوجه نحو العصرنة والقضاء على البيروقراطية وأن تسهل حزمة الوثائق الإدارية، فهناك دول قريبة منا تمنح لأبنائها المقيمين بطريقة غير شرعية، جواز السفر بمجرد تقديم إشهاد أو صورة شمسية.. يجب القضاء على هذه الممارسات من أجل استعادة الثقة.
هناك إجراءات أخرى بسيطة يمكن أن نعيد بها الثقة، ومثال ذلك تخفيض سعر تذاكر السفر، هل يجب على الجزائري المغترب أن يدخر سنة كاملة من أجل زيارة بلده رفقة عائلته؟.
وأضيف على هذا دعوتي إلى فتح المجال أمام علمائنا بالخارج من أجل المساهمة في بناء الجزائر، أقول المساهمة وليس الرجوع، لأن ما توفره الدول التي يقيمون بها من امتيازات تجعل عودتهم في غاية الصعوبة، وبالتالي لابد من إيجاد طريقة لإدماجهم في عملية تنمية البلاد.
- في مقابل ما يجب القيام به حيال الجالية، هناك من يأخذ عليها قلة مساهمتها في الاقتصاد الوطني وعدم بذل المجهود اللازم للتكفل بكثير من حاجياتها دون انتظار تدخل السلطات..كيف تردون؟
مبدئيا لا يستطيع جزائري أن يحاسب جزائري آخر في مسألة الواجبات أو الحقوق، فالجزائري المهاجر المتهم بعدم تحويل العملة الصعبة إلى بلده يقابله جزائري في الداخل لا يدفع الضرائب..وبعيدا عن هذا الجدل العقيم، لا أحد يزايد على آخر في حب الوطن والأمر متروك لتكريس المساواة.
وبالعودة إلى قضية نقل الجثامين، فلا أحد في الجالية كان يحرص فقط على المجانية، فقد سبق واقترحنا فرض رسم إلزامي لاستخراج البطاقة القنصلية، تخصص لنقل جثمان المتوفى، على أن تقتصر المجانية على الحراقة والمعوزين والمادة موجودة ولم تطبق. كان ذلك في 2016 وبصفتي نائبا برلمانيا أقنعت الجالية وأبدت استعداده لتسديد مبلغ معين لاستخراج البطاقة القنصلية وكل النواب صوتوا بنعم على نص المادة ولكنها تطبق ولم تصدر نصوصها التطبيقية.
وبشأن تحويل العملة.. الدول الأخرى لديها بنوك لمواطنيها بالخارج، لنفعل مثلهم ونستحدث بنوكا ومكاتب صرف ونقضي على السوق السوداء وتتخلص الدولة من كل مسؤولية ملقاة على عاتقها.
هذا إضافة إلى التدابير الصارمة في حركة الأموال من وإلى الخارج، فلا يسمح بأكثر من 7500 أورو حتى لو تعلق الأمر بعملية جراحية. إن الإجراءات القانونية التي أقرتها الحكومات السابقة في مجال نقل العملة خلقت انطباعا لدى الجالية بأن بنوك الدولة متشبعة بالعملة الصعبة، وبالتالي فالمسؤولية لازالت تقع على الدولة ومؤسساتها وليس الجالية.
- استحدث رئيس الجمهورية منصب مستشاره الخاص، المكلف بالمجتمع المدني والجالية المقيمة بالخارج بدل منصب كاتب الدولة لدى وزير الخارجية، هل سيحدث ذلك فرقا؟.
بصفتي رئيسا سابقا لفيدرالية الجزائريين المقيمين بالخارج، أعتقد أن منصب كاتب الدولة المكلف بالجالية، منصب بيروقراطي يتولى دور الوسيط بين الجالية ووزير الخارجية، وسبق وأن قلت بالبرلمان أعطوه صلاحيات أو قوموا بإلغائه.
وأعتقد أن استحداث منصب المستشار لرئيس الجمهورية مكلف بالمجتمع المدني والجالية، هو الخيار الأفضل، لأنه يعطي قيمة أكبر للجالية بعدما بات الاهتمام بها لدى القاضي الأول في البلاد وليس الحكومة فقط.
وقد أسند المنصب لزميل لنا في البرلمان (نزيه برمضان) وهو يقوم بعمل معتبر، إذ تدخل في قضية الجزائري المقيم بلندن محمد زيات ( توفي بعد تحقيق أمنيته برؤية والدته)، ويتواصل بشكل يومي، والجالية تشكر رئيس الجمهورية على إعطائها هذه المكانة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)