الجزائر

التجربة ''الديم... راطية'' :


عندما كان نور الدين جلولي رئيسا لبلدية وهران، نظم في نهاية السنة الأولى لعهدته، لقاء مع مواطني المدينة، قدم فيه حصيلته واستمع إلى انتقاداتهم واقتراحاتهم. إلا أنه لم ينه العهدة، وتقرر تحريك القضاء ضده، دخل السجن، خرج منه، واستفاد أخيرا من البراءة التامة.
الموضوع هنا ليس نور الدين جلولي، ولكن ما فعله في السنة الأولى لعهدته الانتخابية في2003، والذي لم يفعله أحد بعده، ومنهم الذين أنهوا السنوات الخمس لعهداتهم الانتخابية على رأس المجالس المحلية المنتخبة.
في الجزائر يقتحم الناس المجالس التي تسمى شعبية، ويفعلون ما يريدون. ولم نسمع أبدا أن منتخبا أو مجموعة من المنتخبين قابلوا الجزائريات والجزائريين وقالوا لهم ''حاسبونا''. وأكثر من ذلك، يتجرأ حتى الذين ''حاسبتهم'' العدالة ويعيدون الكرة ويترشحون ويفوزون في الانتخاب ويعودون إلى نفس المجالس التي عاثوا فيها فسادا. وفي طريقهم إلى دار البلدية التي عادوا إليها، يعبرون طرقا محفرة منحوا صفقات إصلاحها لمقاولين لم يحاسبوهم على الغش. ولا يحاسبهم هم بدورهم أحد إلا إذا تضارب ما يفعلونه بالمشاريع العمومية مع مصالح من هم أقوى منهم.
لماذا يخطب الطامحون ل''التميّر''، إن صح التعبير، ود الناخبين ويلهثون وراءهم ليل نهار طيلة ثلاثة أسابيع، خلال الحملة الانتخابية، يعرضون صورهم في كل الجدران، يوزعون الزيت والسميد على الفقراء، يزورون الأحياء القصديرية، يوزعون ما في ''شكارتهم'' على لجان مساندتهم، ثم يولون لهم ظهورهم طيلة خمس سنوات، يجتهدون فيها فقط عندما ينزل ''سيادة'' الوالي ضيفا على البلدية التي يرأسونها ليزينوا له الطريق الذي يسلكه. وهو يعرف وهم يعرفون أيضا، أنهم لا يفعلون ذلك لسكان البلدة التي يديرون شؤونها، ولا يتحركون إلا إذا زلزلت الأرض زلزالها وفاضت الوديان وانهارت البنايات، ليسكنوا المنكوبين في المدارس ويحرموا التلاميذ من حقهم في الدراسة. ويصرفون بلا حساب عندما ينزل عندهم ''صاحب الفخامة'' ليرى ما يسر نظره، ثم يرمى بهم في السجون كما فعلوا مع رئيس بلدية تيارت، بتهمة إبرام صفقات بطرق غير قانونية.
ثم يجتهد وزير الداخلية ليبرر، توقعه بأن نسبة المشاركة لن تصل أبدا إلى ما كانت تبلغه في عهد الحزب الواحد، 99,99 في المائة، ويحمل الأحزاب المشاركة المسؤولية. وهو يعرف أن الذي تشهده الجزائر، في مثل هذه المناسبات، هو شكل من أشكال ''الديمخراطية''، من الكلمة العامية المستعملة في الشرق إلى الغرب وفي الشمال والجنوب ''خرطي'' وليس شيئا آخر.

[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)