الجزائر - A la une

الاقتصاد العالمي يواجه خطر الركود


يقال إنه إذا عطس الاقتصاد الأميركي، فإن الاقتصاد العالمي سيصاب بالزكام، في إشارة تظهر ثقل الولايات المتحدة وتأثيرها. لذلك، فإن صحة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب لا تعني فقط مواطنيه بل العالم كله، ولا سيما الأسواق العالمية، التي تأثرت مع تدفق أخبار إصابته بفيروس كورونا قبل يومين، خاصة أن قائد القوى العظمى قادر على اتخاذ قرارات تؤثر على العالم كله.من الصدف الإيجابية في إصابة ترامب أنها جاءت في نهاية الأسبوع، لذلك كانت الخسائر محدودة، وشكل يوم الجمعة الماضي اختبارا بسيطا لتأثير مرض الرئيس على الاقتصاد العالمي، وبدا أن هناك تأثيرا.
وعلى إثر ذلك انخفضت أسعار النفط بأكثر من 4 بالمائة، بعد الإعلان عن إصابة ترامب بالوباء. وتسبب الأمر في موجات بيع في أسواق الأسهم، لتغلق البورصات الأميركية على تراجع، إذ أحجم المستثمرون عن المخاطرة، بسبب إصابة ترامب التي فاقمت من حالة الضبابية وانعدام اليقين، مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، شديدة الاستقطاب، المقرر عقدها في نوفمبر المقبل.
وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي بما يعادل 0.48 بالمائة، وأغلق المؤشر ستاندرد آند بورز 0.96 بالمائة، ونزل المؤشر ناسداك المجمع 2.22 بالمائة، وفق «رويترز»، وهو ما يعكس حالة عدم اليقين.
عدم اليقين الاقتصادي
وفي أوروبا، منيت أسواق الأسهم بخسائر في بداية تعاملات الجمعة الماضي، قبل أن تحقق ارتفاعا طفيفا عند الإغلاق. وعادة ما تشهد الأسواق حركة بيع واسعة يطغى على بعضها الذعر في حال الأحداث الجيوسياسية. ومثّل يوما السبت والأحد، اللذين تعطل فيها الأسواق العالمية هدنة تخفف من حدة الخسائر.
ووجّه ترامب وعائلته رسائل متتالية لطمأنة أنصاره ومواطنيه والأسواق أيضا، وقال ترامب إن 48 ساعة المقبلة، أي الأحد والاثنين ستكون «اختبارا حقيقيا».
وعلى المنوال نفسه، سيكون اليوم الاثنين أيضا اختبارا حقيقيا للأسواق العالمية، مع بداية أسبوع جديد من العمل، وستعتمد كثير من الأسواق في نشاطها على صحة الرئيس الأميركي. ويخلق بقاء ترامب في المستشفى حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، وهو أكثر الأمور التي تزعج المستثمرين في الأسواق المالية. ومما يعزز حالة عدم اليقين هذه هي تصريح طبيب ترامب الشخصي، شون كونلي، الذي اعترف أنه لم يتجاوز مرحلة الخطر، على الرغم من أنه يبدي تجاوبا.
ورغم استبعاد تأجيل الانتخابات في حالة تدهور صحة ترامب، فإن أقرب السيناريوهات هو أن يتولى نائب الرئيس مايك بنس مسؤوليات الرئيس خلال الفترة المقبلة. وكان ترامب قال في وقت سابق إنه توجه إلى مستشفى «والتر ريد» وهو يشعر بالتعب. وفي حالة ظهور أعراض على الرئيس بشكل كبير، فإن مدة الحجر الصحي الخاصة به ستصبح أطول، وإذا اشتدّت أعراضه، وأصبح غير قادر على أداء مهام الرئاسة، فمن المحتمل أن يصبح نائب الرئيس بنس رئيسًا بالإنابة حتى يتمكن الرئيس من العودة.
ويختلف الوضع اليوم، مع التطورات التكنولوجية وتزايد تداخل الاقتصادات حول العالم أكثر من أي وقت مضى، فضلا عن جائحة كورونا التي حاصرت الاقتصاد العالمي ودفعته نحو حالة من الركود.
الأسواق بعين الإعصار
وربما تكون أسواق الأسهم الأكثر تأثرا من صحة ترامب في الأيام المقبلة، وكانت هذه الأسواق أحد السمات المميزة في ولايته الأولى، إذ إن مؤشر «إس آند بي 500» المخصص للشركات المالية ارتفع بنحو 56 في المائة خلال سنوات حكمه، لذلك فإن غياب ترامب سيؤدي إلى تغيرات في السياسات الاقتصادية أو على الأقل انعدام اليقين بشأنها، الأمر الذي يقلق المستثمرين ويقلل من نشاطهم.
أدى الإعلان عن إصابة ترامب إلى إلحاق أكبر خسارة بهذا المؤشر قدرت بنحو 1 في المائة. وقبل جائحة كورونا، كان أداء أسواق الأسهم الأميركية يعكس اقتصاد مزدهرا، نتيجة نمو الأعمال وإصلاح النظام الضريبي، الذي زاد من قدرة الشركات على المنافسة، كما كانت البطالة عند أدنى مستوى لها، بما في ذلك لدى المواطنين الأميركيين من أصل أفريقي وإسباني، وفق مكتب الإحصاء الأميركي.
وعلى سبيل المثال، قال المكتب الإحصائي قبل أيام إن البلاد أضافت 660 ألف وظيفة جديدة خلال سبتمبر الماضي، وهو رقم تاريخي في الولايات المتحدة.
وحتى الآن، استعادت الولايات المتحدة ما يقرب من نصف الوظائف المفقودة من الإغلاق الذي فرض جراء فيروس كورونا. وتقول شبكة «سي أن بي سي» الأميركية في تقرير لها إن صحة ترامب يمكن أن تصبح عاملا مؤثرا خلال الأسابيع المقبلة، لمعرفة تأثير ذلك على الانتخابات الرئاسية.
الابتعاد عن المخاطر
ويزدحم جدول الأعمال في الولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة، ليست بالحملات الانتخابية فحسب بل بالقرارات السياسية والاقتصادية، ولا سيما حجم التحفيز المالي الذي من المتوقع أن يقره الكونغرس الأميركي، خاصة مع ورود إشارات تدل على إمكانية تحقيقه.
وقالت رئيسة مجلس النواب في الولايات المتحدة، الديمقراطية نانسي بيلوسي، إنه طلبت من شركات الطيران عدم منح إجازات للعمال، ما فهم على أنها تنوي تمرير التحفيز المالي. ويوضح رئيس قسم الأسهم في شركة «بي تي إي جي» المالية، جوليان إيمانيول، إن الأسواق المالية ستراقب صحة ترامب عن كثب، وكيف سيتواصل مع الجمهور وهل سنراه شخصيا الأسبوع المقبل وما هو حجم تغريداته، فتلك أدلة على حالته الصحية. وقال إيمانويل إن حقيقة أن الرئيس مريض الآن يمكن أن يضر بالثقة ويبطئ بعض التحسن في الاقتصاد.
وثمة قلق في الأسواق من موقف بايدن، الذي تشير استطلاع الرأي إلى تقدمه على ترامب، خاصة لجهة أنه عازم على زيادة الضرائب، الأمر الذي يثير حفيظة كثير من الشركات، بحسب «سي أن بي سي»، لذلك ينظر لترامب على أنه الأفضل لها وعلى صعيد الاقتصاد العالمي، قال لوكمان أوتنغا، كبير محللي الأبحاث في شركة «في إس تي أم» المالية، إن ترامب خلق شعورا واسعا بالابتعاد عن المخاطر، وبالتالي تقليل شهية الاقبال على النفط.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)