الجزائر - A la une

"الإرهاب" أداة فتاكة في يد قادة الموجة الاستعمارية الجديدة





إن كافة المخلصين وفي كل الدول يسعون لترقية أوضاع شعوبهم ورفاهيتها، وازدهار بلدانهم وتنميتها، يبذلون مختلف الجهود ويجندون كافة الطاقات والموارد، ويسخرونها لما فيه خير وسعادة كافة أفراد المجتمع.إن كل هذا لا يتأتى لهم مهما كانت النوايا نبيلة إلا في تعايش أخوي واحترام لمتبادل،وبعبارة أعم في كنف السلم والإستقرار، بعيدا عن كل ما من شأنه أن يعكر صفو الأجواء أو يضطربها.لكن المتتبع لما يقع هنا وهناك عبر مختلف بقاع العالم ليصدم من هول ما يعيشه عالمنا الحاضر من فتن وحروب ودمار وخراب.إنها أوضاع مؤسفة حقا يندهش الإنسان العاقل لهولها وفضاعتها، ويبقى كل متحضر حائرا لا يدري أي تفسير يعطيه لما يعيشه،وإلى أي مصير تسير نحوه مختلف تلك الأوضاع المتردية.والأسف كل الأسف أن أغلبية الدول التي مسها هذا الإضطراب هي من الحديثة العهد بالحرية والإستقلال، لم تعرف بعد التطور والتقدم الذي تنعم به دول مثلها، بل لا تزال ترزح تحت أوضاع قبلية شبه بدائية، بحيث يسهل إذكاء كل النعرات وإشعال نيران الفتنة والتقاتل بين أبناء الوطن الواحد فيها،وهذا ما نشاهده في الدول الإفريقية والعربية الإسلامية خاصة. إن هذه الحالات المؤلمة هي كذلك نتاج العهد الطويل للإستعمار الذي جثم على صدر العديد من تلك الدول، قبل أن تتمكن بفضل نضال المخلصين من أبناءها من التخلص منه والتحرر بعد كفاح مرير وتضحيات جسام.إنها في الحقيقة نتيجة حتمية لمحاولات المستعمرين محو كل مظاهر تلكم الشعوب المسيطر عليها من دين خاصة وعادات وتقاليد أصيلة وعريقة، فولدت لديهم ردود فعل تجذرت مع مرور الزمن، فظهرت في سلوكات متشددة تريد الثأر لأوضاعها، فاستغلتها عناصر متطرفة مما غذى الإرهاب الأعمى فانتشر مع الأسف.فعوض أن تسعى تلكم الدول المستعمرة المسيطرة لرفع الغبن التي تركت فيه مستعمراتها، وما عانت منه من مخلفات سلبية من فقر وجهل وبطالة وحرمان،فقد عمدت إلى استغلال عناصر الضعف فيها مثل الحمية الدينية والنزعة العرقية والصراعات القبلية، لتوظفها لما يخدم مخططاتها ويضمن مستقبلها واستدامة السيطرة وبسط نفوذها عليها، فصرفت الأنظار عما خلفته من دمار وتخلف وتركة ثقيلة إلى ابتكار عناصر للفتنة والتقاتل بين أبناءها.إنها الحيل والمكائد التي دأب عليها الأعداء المستعمرون للتستر على عيوبهم المخزية وتركاتهم الثقيلة، والظهور دوما بوجه براق لكنه كاذب.ولعل المنحطة من الدسائس هي ما توصل إليه هؤلاء الأعداء من إلحاق أبشع النعوت بالإسلام. فبعد أن قهروه وعملوا على طمسه بكل الوسائل أيام الإستعمار، حاول أبناء المسلمين في تلك الدول الثأر لدينهم فلم يجدوا لذلك سبيلا،مما اضطرهم إلى اللجوء إلى ما اعتقدوا أنه الأنجع وهو القوة علهم يحققون غايتهم، لكن محاولاتهم انزلقت إلى استعمال السلاح واعتماد القتل والسيارات المفخخة وغيرها من تخريب وفساد.إن هذه التصرفات العشوائية أعطت لأعدائهم فرصة ذهبية لنعت محاولتهم تلك بأرذل النعوت، وهو الإرهاب، مضيفين له صبغة الإسلام،وتلك هي الطامة الكبرى، إذ وقعوا في الفخ الذي دبر لهم،فأصبح الإرهاب مرادفا للإسلام وهو من كل ذلك براء، إذ هو دين الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وحتى الجدال فيه يجب أن يكون بالتي هي أحسن.لقد ظهر هكذا ما سمي بالإرهاب الهمجي، حاول المخططون له إلحاقه بالإسلام في حين أن ما يقوم به هؤلاء هو الإجرام بعينه.لقد استغلت الدول المسيطرة على العالم حداثة وهشاشة الأوضاع في العديد من الدول الناشئة كما سبق ذكره،للتدخل كذلك في شؤونها الداخلية تحت غطاء ذرائع متعددة ومختلفة، كحماية حقوق الإنسان وحماية الأقليات أو تطبيق ما سمي بالديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد، لكن كل ذلك من الدسائس، وما اعتمد إلا لتبرير للتدخل ومحاولة الرجوع للمستعمر القديم تحت غطاء جديد، وجهه الظاهر جذاب لكن الوجه الخفي له أبعاد ومرامي أقل نصحا وإخلاصا بل هو خبيث حقا.إن محاولات التدخل هذه هي في الحقيقة عودة مقنعة للمستعمرين القدامى، لمواصلة استغلال خيرات تلك البلدان التي تزخر بها ولا تملك الوسائل لاستثمارها.فلم تتورع حتى في زج الإخوة في تطاحن وصراع دموي، يأتي على القليل من المنجزات بل ويدمر ما بقي صامدا.هذا ولم تتوان هذه الدول المهيمنة في تزويد الأطراف المتناحرة بأحدث الأسلحة، إمعانا في استدامة أسباب التوتر والعداوة والتقاتل بين أبناءها. ومن جهة أخرى هي تسعى لإبقاء هذه البلدان سوقا رائجة لتلك الأسلحة وميدانا فسيحا لتجربتها. وإن المشاهد المتتبع لما تعرضه الشاشات من صور مؤلمة للصراعات الدامية ليندهش لما يستعرض هنا وهناك من مختلف الأسلحة، خفيفة وثقيلة ومن الذخائر بأنواعها،تجلب أكيدا بعملات صعبة، مما بإمكانه تلبية أكثر من حاجة ضرورية لهذه الأطراف المتنازعة والمتناحرة، إذ هي لا شك في حاجة ماسة لها ما دام الفقر والجوع ينخرها. وهكذا تتضح النوايا الحقيقية لهؤلاء المتدخلين في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وهي البعيدة كل البعد عن التصريحات والمواقف المعلنة.وقد بدأت الفوضى تعم وتنتشر شيئا فشيئا والأسلحة تتداول بسرعة فائقة، لتصبح تجارة رائجة، ومصدر أرباح طائلة للكثير من المغامرين والمخربين لمختلف المنجزات، بل ولقد طالت حتى الهامة منها والحساسة.فلم تسلم من ذلك حتى المدارس والمستشفيات رغم دورها الحيوي والإنساني.ومع اختلاط الأوضاع فسح المجال لظاهرة خطيرة أيضا وهي المتاجرة بالمخدرات.فزيادة على كونها الهادمة للصحة والمخربة لعقول المواطنين والشباب خاصة، فقد أضحت الوسيلة المثلى للربح الطائل والسريع لمن يتخذها وسيلته، وكما هو معلوم إن مثل هذه النشاطات المحظورة يلجأ أصحابها إلى مختلف الوسائل وبخاصة الأسلحة التي لا يتورعون في استعمالها، ليلتقي الخطير بالأخطر وتعرف ظاهرة الإرهاب الغريبة اتساعا شيئا فشيئا.إن هذا الإرهاب الهمجي الأعمى قد اتخذ من المتاجرة بالمخدرات وسيلة مثلى لاستدراج طوائف من الشباب، وبخاصة أولئك الذين يئنون تحت وطأة الفقر، ويعانون من البطالة والجهل، ويطمعون في تحقيق ربح سريع عله يوفر لهم غدا أفضل.وهكذا بدأت الفوضى العارمة تعم لتكتوي بنيرانها عديد البلدان، فاهتزت أركانها وخرب العديد من منشآتها، فالإرهاب أعمى لا يفرق بين الإنجازات بل وقد يلجأ إلى الأهم منها ظنا منه أنها الضربات الموجعة والقاتلة.إنه كذلك لا يعرف الحدود فهو عابر للقارات وسرطان يهدد كيان الدول دون تمييز.فهمه الوحيد هو بلوغ مآربه الخسيسة وإخضاع الدول الهشة لسيطرته وجبروته وهو استعمار جديد قتال، إنه يتصدى كذلك لترويع الآمنين وقتل الأبرياء رجالا ونساء وحتى الأطفال دون ذنب يذكر أو هدف إلا لزرع الخوف وقهر الجميع حتى يخضعوا لأهوائهم وتلبية رغباتهم. إن وطننا الجزائر مثلا قد اكتوى بهذا الإرهاب الهمجي الأعمى لمدة عشر سنوات تقريبا، مع ما خلفه من اغتيال للكفاءات وقتل للأبرياء وسفك للدماء وتخريب للمنشئات، وغير ذلك ما لا يمكن حصره.ولقد سمى البعض هذه الفترة العصيبة بالحمراء وآخرون بالسوداء إلا أن الأوكد إنها الفوضى،عانت منها مختلف طبقات الشعب ألوانا من التعدي على الأشخاص والممتلكات مما ضجر منه الجميع، خاصة وأن الدوافع الحقيقية لم تكن بينة، ولا يمكنها تبرير كل الفساد الذي أقدمت عليه تلك العناصر الحاقدة المجرمة.لقد حاولت هذه الأخيرة التذرع بتوقيف المسار الإنتخابي، إلا أن التصرفات الفوضوية التي طبعت مسيرة من فاز منهم في مرحلة انتخاب المجالس البلدية، وبخاصة التزويرات التي طالت القوائم الإنتخابية، استعدادا للإستحقاقات المقبلة، مما اضطر السلطات المشرفة على الوطن لاتخاذ المواقف الإحترازية، فعمدت إلى توقيف المسار الإنتخابي، خاصة وأنها اكتشفت مدى التلاعب الذي مس الأداة الحساسة والركيزة لها.وبالإضافة لهذا الجانب الهام هناك ما أفصحت عنه بعض المبادرات المرتجلة لهذه الفئة تجاه جوانب من الحياة العامة، من تسرع وعدم نضج في المعاملات، حتى مع بعض الرموز الوطنية، مما لم يستسغه المواطنون بل ضاق منها ذرعا، وهكذا من حاول اقتطاف الثمار قبل الأوان عوقب بالحرمان.إن المؤسف حقا أن كانت كل هذه التصرفات تُضفى عليها صبغة التوجه الإسلامي،وهذا من جملة ما أعطى صورة سلبية للدين الحنيف. والأسف كل الأسف أن هذه الوصمة ستبقى تلحقه مهما طال الزمن ما دامت الوسائل الإعلامية قد رسخت تلك الصورة القاتمة وتضافرت حتى الجهات المنتمية للإسلام جغرافيا على تداولها، لتضحى شبه حقيقة إذ لم يحاول المعنيون التصدي لهذه المؤامرة ولا لدحضها.لقد حاول أعداء الإسلام والمغرضين وبخاصة المستعمرين القدامى كفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وعلى رأسهم المنسق أمريكا،تشويه صورة الإسلام على الدوام، فوجدوا في مثل هذه التجارب الفاشلة، تبعا لمواقفها الفطرة هكذا حجة من الحجج الواهية للتهجم على الإسلام المغلوب على أمره،والتحامل على المسلمين بصفة عامة. وما الحملات المسعورة على الحجاب وما سمي بالبرقع، وكذا اللباس الساتر وغير ذلك من المضايقات، إلا بعض الأوجه الظاهرة للعداء والكره الذي يضمره أعداء الإسلام لهذا التوجه المعتدل، لو كانوا يفقهون، سواء في الإعتقاد أو السلوكات أو في المجال الإقتصادي حتى.لقد رأى أعداء الإسلام في هذا الدين خطرا عليهم لما يمثله من قيم عالية ومثل سامية، كانوا يتبجحون بها تحت عناوينهم البراقة والمضللة. فلما بدأت البلدان المستعمرة في العالم المغلوب على أمره تستفيق وتتحرر، وتسعى بإخلاص إلى تجسيد مثل تلك القيم والمثل باعتناق الإسلام، ومحاولة تطبيق ميداني لما لمسته فيه من خير عميم، لم يستسيغوا منهم تلكم الصحوة وكفاحهم لأجل إحقاق الحقوق.لقد بدأ هكذا التخطيط لضرب كل محاولة جادة في العديد من الدول. فاختيرت الأسماء والنعوت المختلفة والمتنوعة لأية حركة ناشئة تحت أسماء براقة لكنها خادعة،بل دفعت بها إلى ارتكاب الهفوات والأخطاء، ودوما باسم الإسلام أو منتمية له، حتى تمعن في تسويد صورته الناصعة.ولقد عشنا الخديعة الأولى باسم "القاعدة" التي لم تقدم للعموم أي تعريف حقيقي لها.واتخذت لها "ابن لادن"زعيما، وهو رجل أعمال استخدمته في تحطيم النفوذ الشيوعي حسب زعمها في أفغانستان، حتى إذا اشتهر وتقوى ونصر من دفع به ودعمه، صيرته بعبعا خطيرا يجب القضاء عليه وعلى ما يمثله من رمز وهو الإسلام. ولقد أضحى بعد ذلك رمزا للإرهاب تجب محاربته أينما حل وارتحل، فأصبح الإسلام معه بالتبع محارب ومرادف للإرهاب، وهو الضحية الأولى له في حقيقة الأمر.ولم تنته هذه الأسطورة الغريبة إلا بالقضاء على ذلكم الزعيم بطريقة هي الأخرى غريبة حقا، وذلك بإلقائه في البحر حسب زعم القيادة الأمريكية الماكرة. وهكذا جزاء الخونة اللئام كجزاء سنمار.وتشاء مناورات خصوم الإسلام الإبتكار من حين لآخر لأسماء ونعوت لكل من يحاول الإنتفاضة على أوضاع لم تبق محتملة لديه.فكانت البداية من العراق الذي حطمه التحالف الحانق، وهو معقل الحضارات ومهد التقدم العلمي.فاتخذ من عداء قيادته أفضل ذريعة للإنقضاض عليه بكل وسائله الجهنمية، مستعينا ببعض الغاضبين من أبنائه.وبعد إنجاز ما خططه الأعداء، دونما قرار ولو شكلي من الأمم المتحدة، عمدوا إلى إذلال رمزي له بشنق زعيم العراق آنذاك في يوم عيد النحر، وهو أكثر من تحذير،بل ودرس بليغ لمن تسوله نفسه منازلة هؤلاء الطغاة المتغطرسين الحاقدين على ما ومن يسعى لرفع رأسه أمام الجبابرة المعاصرين في هذا العالم. ولعل من السخريات التي يمكن عدها تحديا واستهتارا بالعواطف ما اعتمد من شعار في العلم الوطني الجديد للعراق وهو عبارة "الله أكبر".إنه كذلك إيحاء لضعفاء العقيدة والراغبين في الإنتقام لشرفهم وأوضاعهم المنهارة كي يستغلوا هذه العاطفة الجياشة لدى أبناء وطنهم ولدى المسلمين عامة للثأر من هؤلاء الأعداء باسم الإسلام. وقد وقعوا في الفخ المنصوب لهم لسوء حظهم فاستبيحت حماهم.ثم يأتي بعد ذلك مسلسل ما سمي بالربيع العربي ليشمل تونس وليبيا ومصر، وهو ما أسميته بكل تواضع في مقال سابق ب"الربيع الخربي"، بالنظر إلى النتائج التي تمخض عنها من اضطراب وتدمير وتذمر وعدم استقرار، ولو أن ما وقع في تونس سمي ب"ثورة الياسمين"، وهي لعمري من تمام الخديعة والسخرية بها.فلا التجربة التونسية الناجحة نسبيا أعطت كامل نتائجها، ما دام الإرهاب كما سطر له الأعداء قد لحقها وضرب أحس شرايين اقتصادها وهو السياحة مرتين على الأقل، فتداعت أوضاعها لتبقى شبه مشلولة اقتصاديا، رغم الوعود التي حاول تقديمها من سعى إلى تلطيف الضربات الموجعة والموجهة لأوضاعها الإقتصادية والإجتماعية.أما مصر فقد عرفت تقلبات مثيرة: فمن انطلاقة شبه ناجحة إلى الإندفاعات والإنزلاقات، التي أتت بعكس النتائج المرجوة من هبة التغيير التي كان في مقدورها تحقيق أحلام الكثير من أنصار الصحوة الإسلامية، لكن الأعداء كانوا دوما لها بالمرصاد. ثم إن التسرع في القطاف كما أشرنا إليه آنفا كان من أبرز العوامل التي عجلت بنهاية تلكم التجربة.وهكذا تدرجت نحو عودة الأوضاع إلى سالف عهدها، وقد تعرف تعقيدات مخططة لمصر لما لقربها من إسرائيل ربيبة أمريكا والدول الإستعمارية القديمة والمهيمنة على العالم،وما لدور مصر ومكانتها في العالم العربي من آثار وتأثير على عدة أصعدة.وعلى ذكر إسرائيل، لا بد من الإشارة إلى المناورات المتعددة والمفتعلة التي تلجأ إليها كلما حاولت أطراف على اختلافها تناول قضية الإحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين أو التوسعات المتتالية لضم أجزاء من الوطن العربي لترابها.إن إسرائيل مستمرة في خططها الجهنمية حتى تتم بناء جدارها العازل لتقيم دولتها كما رمت إليه وخططت له.فلا يتصور أبدا أن تقع أية مفاوضات أو اتصالات جدية مع الفلسطينيين حول أي حل إلا بعد انجاز مخططها بالتمام، وتحصين الجزء الذي تريد بناء دولتها عليه، وهو ما لن يتحقق في الغد القريب مع الأسف. هذا وإن مصر رغم العناية التي حظيت بها من عدة أطراف مقربة من المتربصين بها لم تسلم من ردود أفعال المناوئين. فقد ضربها الإرهاب ولا يزال في مقاتل حساسة،باستهدافها بضربات موجعة سواء في قطاعها السياحي أو منجزاتها المختلفة.إن ذلك هو شأن الإرهاب الهمجي الأعمى الذي يوظف حتى من يخربون بيوتهم بأيديهم.أما ليبيا فلا جديد في الأفق بعد ما عرفته من تحطيم ممنهج وقضاء على قائدها العدو اللدود للمهيمنين على العالم،وبطريقة وحشية من طرف خصومها الذين كانوا بالأمس مستعمريها الثلاث بريطانيا وإيطاليا وفرنسا.إن أوضاعها لا تزال تزداد تعقيدا وتدهورا وتعفنا. وإن ما يتهدد ليبيا حقا هو التقسيم، كما طال من قبل دولة السودان، تبعا لأطماع تلكم الدول بمباركة من أمريكا الراعية لكل هذه المخططات الجهنمية، ونظرا لشساعة تراب ليبيا وتنوع خيراتها وموقعها الإستراتيجي، كدولة قبالة لدول أوروبا، فإنها لن تعرف استقرارا حتى يحققوا مآربهم بردها كما كانت أيام الوصاية تحت سيطرة المستعمرين الثلاث القدامى.وفي خضم هذه الأوضاع المتشابكة وجد الإرهاب مجالا فسيحا في ليبيا لمد أخطبوطه وعمله الهدام بكل سهولة، ومما أعانه على ذلك هو الفوضى وتفكك الأوضاع وتعدد الجهات المحاولة للسيطرة على الحكم والتحكم بكل الوسائل، بما فيها التقاتل والتخريب دون استثناء.لقد طالت هذه المخططات المسعورة عديد الدول، فذاقت ويلات الإرهاب وعدم الإستقرار، فلم تسلم لا تركيا ولا لبنان ولا أفغانستان، ولا باكستان ولا الهند حتى.ومن المعتمدات أو المرجعيات التي تدعي عناصر الإرهاب الإعتماد عليها مع الأسف هو الإسلام، لكن كل ما يتصل به من تنظيمات ونعوت هي أبعد ما تكون عن الإسلام وفلسفته الراقية ومبادئه السمحة السامية.و هكذا وجدت الحركات الإرهابية مجالا خصبا لامتداد نشاطها الإجرامي الذي اتخذ من العراق وسوريا منطلقا لها.وإن من المهازل المفضوحة والغرائب حقا أن ابتدع أعداء الإسلام لهذه الحركة المريبة إسما رنانا ينخدع به المغرورون السذج، لكن يمس الإسلام في الصميم.لقد اخترعوا بمكرهم ونكايتهم بالإسلام ما سموه "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ورمزوا له بعبارة "داعش"، إنه من صنع نفس الجهات التي ابتدعت "القاعدة" كما سبق ذكره.فأي دولة هذه الخيالية التي يتحدثون عنها؟ وأين المكان الذي تتربع عليه هذه الدولة المزعومة إن لم يكن في مخيلاتهم؟ وما هو نظامها إن لم يكن العمالة لأعداء الإسلام؟.ثم أين الإسلام من كل ما يتبجح به هؤلاء الأدعياء؟أهو التخريب والفساد،أم هو القتل لكل عباد الله رجالا ونساء وأطفالا،دون ذنب،مما يلحق للإسلام وصمة عار، ويثبت ما ينسب إليه أعداؤه من نعوت مخزية مع الأسف." أهو النيل من الأجانب دون تمييز مما يؤجج صدور خصوم الإسلام ويمدهم بحجج إضافية على وحشيته؟، والحال أن هؤلاء ليسوا منه في شيء، ويعلم الله أنه منهم براء.هذا وإن ضم العراق والشام في مخططهم الماكر ما هو إلا إشارة خفية لما يرمي إليه هؤلاء الأعداء المناوؤون من تقسيم لهذين البلدين، في شكل أو في آخر، سيتجسد في واقع الأمر إن عاجلا أم آجلا. ولقد أتى في خصم الفوضى العارمة دور سوريا لزعزعة أركانها،وذلك بتشجيع أي طائفة معارضة للحكم على ضربها، لما تمثله من صمود في وجه الأعداء وعلى رأسهم إسرائيل.فظهرت طوائف عديدة تحت أسماء تنتمي حسب زعمها إلى الإسلام.فلو كان قصدها مخلصا لوجه الله لاتحدت على الأقل في مقارعة النظام القائم،لكن تطور الصراع أعطى فرصا ذهبية لأعداء سوريا، وأعداء كل دولة لها نصيب معترف به من الحضارة والتقدم،فقد أبان عن حقيقة الأهداف بل الأطماع التي تقف وراء استهداف سوريا خاصة.إذ أنها تمثل حجرة عثرة أمام تحقيق كل المرامي والأطماع المخطط لها من طرف القوي المعادية لكل دولة أو جهة تسعى لإثبات وجودها، ولو أدى ذلك إلى إعلان الحرب عليها تحت أية ذريعة مفتعلة، وإقحام المغررين من أبناءها في أتون المعركة.ومن المكائد التي ابتكرها المناوؤون للإسلام ما أقحموا فيه البلدان العربية والإسلامية في حرب طاحنة بينها بدعاوي مختلفة، من سيطرة على المنطقة ونفوذ مالي واقتصادي وغيره، لكن تحت غطاء مذهبي خبيث مع الأسف، فهذا سني وهذا شيعي ليضحى الإخوة في الدين الإسلامي الواحد أعداء، يستبيح الواحد منهم دم أخيه المسلم الآخر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإلى هذه الدركات وصلت الأمة الإسلامية فصارت مضغة سائغة في أفواه أعداءها، ونال الإسلام جراها كل نقيصة.فلو اتحدت حقا لمحاربة الإرهاب ومن يقف وراءه من أصدقاءهم الذين ابتكروه وغذوه لكان أفضل لهم وأنبل، خاصة وأن الدولة التي كانت خصما لمن يعتبرونه عدوا،وهي إيران، قد توصلت إلى بعث شبه طمأنينة في المنطقة بفضل الإتفاق الأخير بينها وبين الدول العظمى المسيطرة على العالم.لكن الأطماع التي أججتها فيهم تلكم الدول الجشعة دفعت بهم إلى إعلان العداء لإخوان لهم في الإسلام، فناصبوهم العداء مع الأسف، عوض ضم صفوف الجميع أمام الأخطار التي لا تبعد عن استهدافهم في يوم من الأيام. وقديما قيل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض.إن هذا مما عمق الجرح في اليمن الجريح. فمن صراع في الداخل بين الإخوة الفرقاء، وما يتجرعونه من مآسي جراء كل ما جلبه له هجوم الأطراف المتصارعة فيما بينها،إلى ما يتلقاه من طرف التحالف الذي يسمى ب"التحالف العربي"، والذي يرمي حسب زعمه إلى دحر طرف لإعادة الشرعية للسلطة هناك.إن كل ذلك مما يدمي القلب حقا، ويعطي صورة قاتمة عن المسلمين والإسلام الذي أتى أصلا ليوحد الإخوة ويصلح بينهم.إن الحقيقة التي تستشف من كل ما نعيشه هنا وهناك، وبخاصة في الدول العربية وبشكل مغاير في الدول الإسلامية، هو تفكيكها وإعادة هيكلتها بعد إخضاعها بكيفية تشبه تقليم الأظافر، لكي لا تقوم قائمة لأية محاولة مهما يكن مصدرها لبعث النهضة، ودعم الصحوة الإسلامية في اعتدال وعدل ووفق التعاليم المحمدية الناصعة.هذا ولم تسلم دول إفريقيا من هذا الويل إذ استعمل الدين للتطاحن بين المسيحيين والمسلمين، ثم بين أفراد كل طائفة بعد ذلك نظرا لرهافة شعور المواطنين نحو هذا العنصر الأساسي في أعماق المجتمع.فكما هو معلوم إن هذا الوتر حساس، وللدين كامل الإحترام والتقدير من طرف كل المكونات العريقة لشعوبها، لشدة تشبثها به، خاصة وأن الإنتماء العرقي لديها لا يزال قويا ومثارا للنعرات بكل سهولة.وهكذا اكتوى السودان بهذه المكيدة فعرف التقسيم إلى شمال وجنوب، وهو انقسام أصلا على أساس الدين. ولا تزال نار الفتن مشتعلة فيهما وبينهما، والإرهاب يخربهما رغم كل المحاولات الأخوية والدولية المتعددة.ولقد امتدت الشرارات إلى دول مجاورة مثل نيجيريا خاصة ثم جمهورية مالي وغيرهما من الدول في إفريقيا. ولا يدري المتتبع لهذه الأحداث ما يخبأه الغد.هذا وإن أي مسلم غيور ليتحرج بل ليشمئز من ذكر مختلف الأسماء التي يضفيها المغرضون على الحركات المختلفة مقرونة بالإسلام هنا وهناك.إن ترديدها ليعد من قبيل الترويج لها أو الإعتراف بها. ولعل أخطر الأمثلة ما أصبحت وسائل الإعلام المختلفة، وحتى البعض من العربية والإسلامية نكرره من العبارة الجارحة "الدولة الإسلامية".إنها الوصمة التي ستبقى تلاحق الإسلام مع الأسف، رغم كل الجهود المضنية التي قد يحاول أبناؤه المخلصون بذلها لبلورة صورته وتصحيح الأخطاء التي ألصقت به، لكنها المكيدة التي ابتكرها الأعداء لتلطيخ صورة الإسلام، فسيعتمدها هؤلاء كلما شاءت لهم نفوسهم الخبيثة وستعتمد من حين لآخر كمرجعية وكأنها حقيقة تاريخية في حين أنها لا تعدو إلا مكيدة وخديعة.ولعل الدارس المتمعن في كل هذه الأوضاع على اختلافها ليدرك مدى التخطيط المحكم لأعداء الإسلام والمسلمين خاصة، فوجد من أبناءهم شرذمة عميلة من المتعطشين للسلطة والإنتقام، وللفساد والثراء السريع الفاحش ولو على حساب وطنهم وأهليهم، وما دروا أن يوما سيأتي فيه دورهم ليضحي بهم من هو اليوم يخطط لهم لتدمير أوطانهم.إنهم سيلقون جزاءهم ومصيرا مثل الذي لقيه "ابن لادن". وإمعانا دوما في محاولة المساس بمقدسات الإسلام تجرأ الأعداء وأقدموا حتى على القدح في الرسول الأعظم برسوم ساخرة، في خطوة تنم على سفالتهم وغياب قيم يدعون الإنتساب إليها، من ديمقراطية وحرية في الفكر والمعتقد،ويعيبون على غيرهم عدم اعتمادها في بلدانهم، لكنه الحقد الدفين والتحامل على الإسلام الذي بدأ ينتشر حتى في بلدانهم، لما لمس فيه المنصفون من بعد حضاري وملاءمة للحياة في أوضاعها الراهنة المتطورة، والتي طغت عليها المادية المتوحشة.إن مثل تصرفاتهم الخرقاء هذه وما صاحبها من دعايات مغرضة ومضللة قد أفرزت في أبناءهم سلوكات عدوانية متطرفة، ظهرت آثارها في الإعتداءات الإرهابية المتكررة والمختلفة على المسلمين ورموزهم، وعلى كل من يشتم فيه الإنتساب إليهم.إن كل هذا الجو المشحون قد دفع ببعض بالمغامرين والمتطرفين بدعوى الثأر لدينهم إلى استهداف الدول الغربية نفسها في عقر ديارها، فذاقت من ويلات الإرهاب الذي دبرته لتخريب غيرها، فأصبحت تعيش ظروفا جديدة أقلقتها، فأضحت في سلسلة من الإجراءات والتدابير غير مسبوقة مما أربكها وزعزع استقراها، بل وعزز جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة لتكون خطرا حقيقيا عليها وعلى ديمقراطيتها المزعومة.هذا من جهة، لكنها من جهة أخرى لقد اتخذت هذه الأوضاع ذريعة قوية لفسح المجال أمام تدخل سريع في عدة مناطق من العالم، وفي كل مناسبة كان الأمن حسب زعمها مهددا من طرف الإرهاب. وهكذا تتمكن من مواصلة تسويق أسلحتها الفتاكة المختلفة،وإعادة بسط نفوذها في الدول التي كانت تستعمرها أو لها نوايا في استغلال خيراتها الوفيرة، ما دامت هذه لا تتوفر على المستويات التقنية الحديثة للقيام بذلك لوحدها.وهكذا تتضح جلية حقيقة الأبعاد لكل هذه الضجة حول الإرهاب، ومدى اعتماده من طرف المستعمرين القدامى خاصة ومن يساندهم مثل إسرائيل،ويصفق لخططهم من المستضعفين، ومنهم بعض الدول العربية والإسلامية، فتحققت عودة قوية لهم بل وأقوى مما يأملون.إن ما وصلت إليه همجية الإرهاب من أضرار مست العديد من الجهات والمنشآت، وزهقت جراها أرواح غالية وتركت آثار كارثية، جعلت المسؤولين آنذاك يفكرون في حلول من شأنها تجاوز هذه المحنة الخطيرة والأزمة المهددة لكيان الأمة والمجتمع بالتفكك.فبالنسبة للجزائر مثلا برزت مبادرات متعددة كانت أولها قانون الرحمة، لكن أطرافا متشددة لم تكن مقتنعة بالفكرة، بل عدتها نوعا من الضعف أمام تلك العصابات الآثمة التي يجب دحرها حتى تنقلب الأوضاع لصالح السلطة، مالكة القوة، فاقترحت تشديد الخناق على تلك العناصر المجرمة. فلم تفلح الإتصالات ولا المساعي التي كان من المفروض تهدئة الأوضاع وجلب الجميع للجلوس حول طاولة جامعة للنظر في المسائل العالقة، علها تجد لها حلولا من شأنها نزع فتيل الفتنة فتعود الطمأنينة للنفوس، فبقيت هكذا العمليات الإرهابية المخربة مستمرة من حين لآخر بل وأشد في بعض الأحيان.ومع انتخاب المجاهد عبد العزيز بوتفليقة لرئاسة الجمهورية، تطورت الفكرة نحو الوئام المدني فالمصالحة الوطنية، فكانت هذه الخطوات الجريئة والبعيدة النظرة بمثابة عملية قيصرية، لكنها أكثر من ضرورية للقضاء على هذا السرطان الذي أصبح ينهك قوى البلاد ويبدد جهود العباد.إن اعتماد هذا الخيار الصعب لم يمكن تحقيقه إلا بعد توعية وتعبئة لكافة القوى الحية في الوطن. ولا أدل على النتائج الإيجابية لها من التزكية العارمة للمشروعين الذين تقدم بهما الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رغم ما كانت تقاسيه أطراف متعددة من ويلات ما أصابها في نفوسها، وأرواح أعزاءها ومختلف أملاكها، بالإضافة ما تكبده الوطن من خسائر تكبدها أفراد من الشعب وبخاصة أفراد الجيش الوطني ومختلف أسلاك الأمن.ولقد بدأت هكذا تجني الجزائر ثمار هذه التضحيات الغالية، عافية وأمنا، تدعمها برامج تنموية طموحة عمت كافة أنحاء الوطن، مما أعاد للجميع الثقة، ودفع به إلى البناء والتشييد بقوة وعزم، على ما في الأوضاع المعقدة جهويا ودوليا من خطورة وتعقيدات.ولعل آخرها ولا أقلها خطورة تهاوي المداخل التي تجنيها الجزائر من المحروقات التي تعد المورد الأساسي الممول لاقتصادها وأغلب مشاريعها التنموية.إن هذه السياسة الرشيدة للقيادة الجزائرية وعلى رأسها الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، وتجربتها في محاولة القضاء على الإرهاب وأسبابه، قد أكسبتها خبرة رائدة، وحنكة في مقاومته وفي مختلف مظاهره، كما دعمت توجهاتها وقناعاتها في التعامل الذكي ومحاربة ما أفرزته ظاهرة الإرهاب، من دفع الفديات والتفاوض مع العناصر الإرهابية التي تحاول الإبتزاز والإرتزاق، بشتى طرق الضغط والتخويف والتعدي والتخريب والقتل بالسيارات المفخخة وغيرها من الوسائل الجهنمية.هذا ويبقى الإرهاب في الآونة الأخيرة هاجسا فضيعا لما وصل إليه من انتشار هنا وهناك، بغض النظر عن بواعثه وأسبابه القريبة والبعيدة خاصة بالنسبة لمن التحق بصفوف هذه المنظمة الإجرامية،وهذا إضافة إلى ما أشرنا إليه في البداية من أطماع توسعية لدول تبحث عن فضاءات جديدة لها وبخاصة تلك الدول الإستعمارية القديمة.لقد استغلت هذه الأخيرة تلكم الأوضاع المتردية لبعض الدول الحديثة والفقيرة، كما ضربت أطراف مغرضة أخرى على الوتر الديني الحساس وبخاصة الدين الإسلامي، وعلى تنوع الأعراق والمشارب، فوجدت في تكاثر الأسلحة المختلفة والمتطورة، وانتشار تجارة المخدرات قوة، صار الإرهاب من الوسائل التي اعتمدها لبلوغ الكثير من الأهداف،وفي أسرع الآجال وأضمن النتائج المادية المختلفة.لذا قد أضحى أكثر من الواجب التصدي لكل مظاهر هذا الإرهاب بقوة وفي اتحاد وتنسيق لكافة الجهود، ذلك لأن خطره أصبح مهددا للجميع دون استثناء.وما نعيشه سواء في دول إفريقية أو آسيوية أو أمريكية، وبخاصة في الشرق الأوسط إلا دليل قاطع على انتشار هذا الأخطبوط الغريب.أما مظاهر انعكاساته أخيرا والمخاطرة بالهجرة نحو الغرب، ولو بركوب أهوال البحر للجوء إلى أوطان مستقرة نسبيا، فهي لا تعدو أن تكون إرهاصات لما يتهدد كافة دول العالم جراء استفحال هذه الظاهرة الخطيرة، والتي لا تبقى في الحدود المخطط لها في البداية لكنها ستتسع شيئا فشيئا.لذا يجب على الجميع متحدين تنسيق كافة الجهود لمكافحة الإرهاب في شتى أشكاله. فقد بات يتسع ويتطور في أساليبه الجهنمية.فجرائمه أصبحت عابرة للقارات،وتستعمل حتى وسائل الإتصال العلمية الحديثة لتنويع أوجه التخريب والدمار.فلا بد إذن من اليقظة باستمرار لتشديد الخناق على كل ما تعتمده هذه الظاهرة، ظاهرة الإرهاب من أساليب مختلفة، واعتماد العقوبات المغلظة للتقليل من مضارها،والعمل على تجفيف منابعها للتوصل إلى القضاء عليها.وإلى جانب هذا الوجه القانوني فإن مختلف قوات المجتمع وعناصر الجيش والأمن مدعوة للتجند للقضاء على الإرهاب، وكشف المتعاملين معه دون هوادة،كما يجب على القوات المعنية حراسة ومراقبة كل نواحي الوطن، وتعقب كل جيوب الإرهاب، نظرا لشساعة أوطان مثل الجزائر وغيرها، والطمع في مواردها وثرواتها المختلفة، وبالنظر إلى الأخطار المحدقة به من مختلف الحدود خاصة مثل ليبيا المجاورة،لما تعيشه من فوضى وانتشار مختلف الأسلحة واستغلال عناصر الإرهاب المتعددة لكل تلكم الأوضاع المتردية.فإذا ما رام العالم تقدما وازدهارا وتنمية، فلا بد من العمل بجدية وتنسيق محكم لاستتباب الأمن والإستقرار، لتظهر نتائج أي مجهود مهما كان متواضعا، إذ أن الجميع يتفق في صعوبة البناء والتشييد في حين أن أدنى شرارة، لا قدر الله، قد تأتي على جهود أجيال وأجيال من المشيدين في رمشة عين.فالإستقرار والهناء يوفر أغلى ظروف البناء وتعميم الرخاء، وهذا ما ينشده كل عاقل غيور على وطنه ومستقبل أبناء شعبه، خاصة إذا ما قدر للتضحيات الجسام والأرواح التي قدمها الشهداء الأبرار والأبطال والمخلصون من البررة حق قدرها، وتذكر كل الجهود المبذولة لبلوغ الأهداف، رغم بعض النقائص التي لا يخلو منها أي عمل بشري، فالتقييم يبقى دوما نسبيا إذ الكمال لله وحده.وفي الختام أما آن الأوان لقيادات ونخب وشعوب الدول الإسلامية والعربية خاصة أن تستفيق فتتفطن للمكائد والدسائس التي يدبرها لها الأعداء، فلا تقع في حبالهم وتسير في مخططاتهم وتحقق لهم مآربهم، فتدمر بالتالي مستقبل أبناءها وترهن خيراتها وتبقى رهينة بين أيدي أعدائها.ومتى تتصدى نخبهم لتصحيح النظرة نحو الإسلام، وتبسط أمام الجميع تعاليمه السمحة، وسمو أخلاقه التي بفضلها غزى القلوب فتفتحت له، واعتنقته عن رضا وطواعية، ومتى تتجند هذه الطاقات لتقريب وجهات النظر بين مختلف المذاهب، ما دامت كلها مدارس فقهية فقط، تستلهم كلها أحكامها من النبع الصافي الوحيد وهو القرآن المجيد والسنة المطهرة.فيجب عليها بالتالي محاولة جمع كلمة المسلمين حول المقاصد العليا للإسلام وترك نقط الإختلاف جانبا والتعالي عنها، خاصة وأنها تتصل بقضايا لا أثر لها على العلاقات العامة والعملية اليومية بين الإخوة المسلمين،ذلك أن ما يجمعهم أعظم وأهم بكثير مما يفرق بينهم.فلا داعي إذن للخصام واتهام بعضها البعض بنعوت وصفات تغذي الصراعات التي يرمي الأعداء إلى إثارتها، إلى أن نجح فصار الإرهاب وصمة يتهم بها بعضها البعض،ويتراشقون بها عبر وسائلهم الإعلامية، فأصبح يتخذ ذريعة لشن الغارات والتقاتل بينها، عوض التكتل معا للإصلاح بين الإخوة في الدين الواحد، والقضاء على ذلكم الإرهاب الذي هو المصيبة العظمى، فقد توصل أعداء المسلمين جميعا إلى ابتداعه ورعايته لتحقيق مخططاتهم.إنه أبعد ما يكون عن الإسلام الذي يدعون الإنتساب إليه بل هو الإجرام بعينه.فلذلك مرة أخرى يجب على المسلمين كافة أن يتبرؤوا منه، ويعلنوا ذلك للملإ ليكون على الأقل أضعف الإيمان في محاربته.فإذا ما رام المسلمون إعادة العزة للإسلام أو إقراره في ديارهم، بعد أن عمل المستعمر وبمختلف وسائلهم الهدامة على طمسه ومحاربته، فليس بالتحمس والعمل العشوائي المرتجل ولا بردود الأفعال العاطفية، وإنها بتبصر وعمل مدروس رصين، عله يحقق الآمال العريضة ويبلغ المقاصد النبيلة.إنه المخطط العقلاني الحق، وليس بالمستحيل إذا خلصت النوايا وصدقت العزائم، وما ذلك على أهل الهمم العالية ببعيد المنال، ولا ذلك على الله بعزيز.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)