الجزائر - A la une

الأستاذ
شعر بخفة لم يشعر بها من قبل. بعد الستين ينخفض منسوب الخوف ونتحرّر، بل وننتقم مما كنّا عليه. سأستعيد لساني. سأعاقب العالم الذي أساء تقدير صمتي. قال وهو يراجع ملف صوّر لانتقاء ما يصلح منها لتزيين صفحته. سأقول ما يجب قوله. آن لي أن أتكلّم. صحيح أني أبدي رأيي في بعض الظواهر، أحيانا، لكن الصحافيين الأغبياء عادة ما يحرّفون مقاصد كلامي بحجة أنّي أطيل. سأكتب أرائي كاملة وسأطلق قناة أتحدث فيها بصراحة.توقف عند صوّر شبابه التي "نمركها" خصيصا لنشرها استجابة لرغبة "ميمي" التي نجح في مساعدتها على تجاوز الخجل قاتل الطموح فصارت تطالبه بصور شبابه وقصائده الأولى، وتحديا للأجيال الجديدة المعتدة التي تفاخر بمظاهرها وقراءاتها السخيفة. أنا لا أقرأ بل أنتج النظريات. أنا لا أتمظهر بل أفكر. صحيح أني قصّرت في حق نفسي في وقت مضى لكني سأضرب كالزلزال.نشر صوّر الشباب التي نالت الإعجاب وأثارت حقد الحاقدين. نشر مقالاته القديمة ليثبت أنه تنبأ بكل ما حدث من أهوال. أعاد نشر أشعاره التي أربكت القدامى و المجايلين في وقتها و أحدثت ثورة حقيقية في كيفية تلقي الشعر للحياة وأغضبت قيادات في الحزب إلى درجة أن المحافظ استدعاه شخصيا بعد نشر قصيدة تصوّر معاناة مواطنين في انتظار الحافلة، وحرّك رزمة من المفاتيح في وجهه ملمّحا إلى استفادته واستفادة أقاربه من سكنات لانتمائه إلى منظمة اسمها اتحاد الكتاب، ولم يتأخر في لفت انتباهه إلى أن هذا النوع من الشعر يسيء إلى الاشتراكية التي لا رجعة فيها قبل أن يسيء إلى الحزب والحكومة.نشر في سيرته رزنامة بالنشاطات التي كان طرفا أو سببا فيها ليؤكد للمتنكرين أن الثقافة الوطنية بناها رجال.نعم. إن ثقافة الإنكار هي التي دفعته إلى فرض إتاوات على جميع المتعاملين مع المؤسسات التي تولى شؤونها، وهي حق متأخر على أية حال، ومن لم ينتزع حقه بيده فسيموت جائعا وهو خير من يعرف مصائر الذين امتثلوا عن غباء لنواميس النزاهة. كان يشعر بسعادة لا توصف كلما دفع أحدهم إلى وضع يده في جيبه، صار خبيرا حتى في أحوال المتمنعين كما كان دوما خبيرا في شؤون المتمنعات اللواتي يحرك رزمة المفاتيح في وجوههن في مقابلات التوظيف:يتظاهرون بعدم الفهم أولا لكن صرامة المعاملة تدفعهم إلى سخاء مبالغ فيه. يتظاهرن بالجدية وقبل انقضاء الآجال يتصلن بالهاتف أو يكتبن رسائل رقيقة.انتزع حقوقه على جميع الأصعدة، وكان يحقد أحيانا على السكري الذي يقف كحارس قاسي القلب بينه وبين الملذات.مسّه سرور مجهول المصدر. تحرّر من أمراض الخوف الناجمة عن تلميحات الملمحين. من منكم بلا عيب قال في سره.منذ قرّر إعادة الاعتبار لاسمه بالصفة التي تدوم شعر بخفة وسرور يعادلان متعته برضوخ الراضخين والراضخات.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)