الجزائر - Revue de Presse

الأخصائية مسعودة سعدوني:‏


العنف في الملاعب هو تعبير عن حالة نفسية تكشف عن انزعاج بالذات البشرية التي تنم عن واحد من هذه الأسباب، قد تكون البطالة، غياب الأمن، الفقر، الظروف الاجتماعية المزرية، الفشل الدراسي أو فقدان القيم المدنية.... هكذا عرفت مسعودة سعدوني، أستاذة في علم النفس العيادي، العنف في الملاعب، والذي اختارته ليكون موضوع مداخلتها في مؤتمر انعقد مؤخرا حول البحث والتدريب في علم النفس.
العنف في الملاعب ظاهرة ليست بالجديدة، إذ أنها كانت موجودة منذ العهد الإغريقي، غير أن ما جعلني -قالت الأستاذة مسعودة- أختار العنف في الملاعب كموضوع للنقاش، هو ما تعرفه هذه الظاهرة من تفاقم سريع، وما تسببه من انعكاسات خطيرة على المجتمع وعلى علاقة الدول ببعضها البعض، وأخص بالذكر الأزمة التي حدثت بين الجزائر ومصر في تصفيات كأس العالم، ما يعني أن العنف في الملاعب لم يعد يؤثر فقط على النسيج العمراني بداخل الدولة فقط، وإنما يؤثر على علاقاتها بالدول المحيطة بها، ويأخذ بذلك شكل العنف السياسي.
وجاء على لسان المتحدثة أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح اليوم، هو أن العنف ظاهرة قديمة جديدة، غير أن ما يدعوا للتساؤل؛ ما الذي جعل هذه الظاهرة تتفاقم؟ إلا أنني أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تتمثل في أن الضروف ببعض المجتمعات، على غرار المجتمع الجزائري، هي التي كانت السبب وراء تفاقم الظاهرة، نتيجة عدم التحكم الحازم في زمام الأمور.
تعتقد الأستاذة مسعودة، أن العنف في الملاعب بالمجتمع الجزائري غذته العشرية السوداء التي شهدنا فيها- تقول- نوعا من الإباحية والمشروعية ''إن صح التعبير'' في ممارسة العنف بكل أنواعه، وما نعيشه اليوم من مخلفات، وتحديدا بالملاعب، لدليل على ذلك، كما نشهد أيضا تضييعا للمعالم والقيم الأخلاقية، ما زاد الطين بلة...... ما هو المطلوب؟ وما هي الطريقة المثلى لتدارك الوضع، حتى لا يصبح التعبير عن الهوية الجزائرية موسوما بالعنف؟.
تجيب الأستاذة مسعودة قائلة؛ ''أعتقد أنه آن الأوان لمراجعة طريقة التواصل التي باتت مبنية على العنف، وضرورة استبدالها بالاعتماد على لغة الحوار القائمة على الكلام، أي وجوب التحدث مع الآخر والاستماع إليه، هذه الأخيرة التي كانت موجودة بالمجتمع الجزائري، غير أننا ضيعناها في العشرية السوداء، وبالتالي لابد لنا من استرجاعها لنبني جيلا متحضرا، دون أن ننسى وجوب تدارك أساليب التربية التي تلاشت في الأسر، وغذت هي أخرى العنف عامة.
ترى الأستاذة مسعودة أن من بين أهم النقاط التي ينبغي التركيز عليها، للحد من ظاهرة العنف بالملاعب تحديدا، هي وجوب شغل أوقات الشباب بأمور مهمة ومفيدة، ولعل هذا ما تعمل عليه بعض أجهزة الدولة، على غرار وزارة الشباب والرياضة التي كلفت الجمعيات الناشطة في مختلف المجالات بوجوب التكثيف من الأنشطة والبرامج التي تخدم الشباب، وترسخ لديهم مفاهيم المواطنة الفعلية، وتعلمهم سبل التحاور الحقيقية القائمة على الأسلوب الشفوي، بمعنى آخر، لابد من إعادة الاعتبار للكلام من منطلق أنه خير وسيلة للتواصل، وفهم الآخر بعيدا عن التخريب والتكسير الذي تسبب في إلحاق أضرار جسيمة بنسيجنا العمراني والاجتماعي على حد السواء.تختم الأستاذة مسعودة مداخلتها قائلة؛ ''تضافر جهود الأخصائيين النفسانيين، وعلماء الاجتماع، والمربيين التربويين، وكل أجهزة الدولة، هو المطلوب لاحتواء ظاهرة العنف بالملاعب.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)