الجزائر - 08- La guerre de libération

“اختفاء” المحامي بالبڤرة قبل 57 سنة..



في أكتوبر 1956 حل محمد الصغير بالبقرة بطنجة، بعد سابق اتصال في باريس مع وزير الإقتصاد المغربي عبد الرحيم بوعبيد، الذي يكون شجعه على زيارة المغرب، لإطلاع حكومته على وجهة نظر الحركة المصالية بعين المكان.

وكان بميناء المدينة ملاح على متن باخرة “سيروكو” يدعى محمد بن مصطفى، يقوم بدور حلقة اتصال للحركة؛ فيستقبل مبعوثيها يومين في الشهر، ويساعدهم في أداء المهام التي قدموا من أجلها..

كانت مهمة بالبقرة - المعلنة - تتمثل في فتح مكتب للحركة المصالية بالرباط، وكان يحمل لهذا الغرض رسالة من مصالي إلى السلطان محمد الخامس ... لكن مصدرا آخر يشير إلى انتدابه من الحركة للمشاركة في المشاورات التي كانت تجريها الرباط، تمهيدا لندوة تونس المقرر عقدها في 22 أكتوبر ...

شرع المحامي في اتصالاته بالمدينة، حيث قابل زميله حسن بوكلي والدكتور بومدين بن اسماعيل، فضلا عن مسؤول نقابي محلي في “اتحاد عمال المغرب”.

طبعا علمت مصالح جبهة التحرير بوجوده وبتحركاته، فسارعت باعتقاله...وتم استنطاقه في 25 أكتوبر، وكشف التحقيق معه عن عدة حقائق نذكر منها:

1 - أن الحركة المصالية كانت متواجدة في عدة مدن مغربية، منها الرباط والدار البيضاء وفاس وآرفود...

2 - أن مولاي مرباح أمين عام الحركة مكلف بفتح مكتب لها بتونس، وأنه يعتزم مقابلة الوزير الأول التونسي الحبيب بورقيبة لهذا الغرض... وقبل ذلك تحادث بباريس مع “لامبار” عامل وهران في يوليو الماضي، بحضور المحامي التروتسكي أيف ديشيزال...

3 - أن الحركة التروتسكية الفرنسية ( جناح لامبار) تقدم خدمات جليلة لمصالي وأنصاره، من خلال طبع أختامهم وأدبياتهم، فضلا عن قيام الكاتب الصحفي جان روس بدور الوسيط لدى الحكومة الفرنسية...

4 - أن بن علي مدني - المقيم في برن - هو مسؤول الجناح المسلح للحركة بفرنسا، للتذكير أن العقيد “مارسي” استعمل اسمه في خريف 1958، لكراء سيارة عناصر المخابرات الفرنسية التي حاولت اغتيال ممثل الحكومة المؤقتة في بون المحامي مزيان آيت الحسن..

5 - أن الأمير مولاي الحسن يرفض بوضوح أي اتصال بمصالي، مؤكدا بذلك رهانه على ورقة جبهة التحرير، باعتبارها أكثر حضورا ومصداقية.

وتفيد مصادر جبهة التحرير بالمغرب، أن بالبقرة بعد استنطاقه نقل إلى وجدة، حيث اختفى نهائيا...

وشكل “اختفاء” بالبقرة - بعد “اختفاء” العربي أولبصير قبله ببضعه أشهر - ضربة قاضية، لمحاولات تموقع الحركة المصالية بالمغرب.

لقد خسرت الحركة بذلك “معركة القواعد الخلفية”، علما أن جبهة التحرير كانت سباقة لفتح واختلال هذه القواعد من مصر إلى المغرب مرورا بتونس وليبيا ... ويفسر ذلك إلى حد ما اختناق تنظيماتها المسلحة داخل الجزائر، هذا الإختناق الذي دفع بعضها - على غرار بلونيس- إلى الإرتماء في أحضان جيش الإحتلال...

حاولت الحركة المصالية إثارة ضحية دولية، حول “اختفاء” مبعوثها إلى المغرب، لكن بدون جدوى.. لأن صوتها الخافت مالبث أن غطى عليه تسارع الأحداث التي كان أكثرها من صنع جبهة التحرير الوطني، صاحبة مبادرة فاتح نوفمبر 1954.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)