الجزائر - A la une

أيها الفاشلون ما الإجراء الذي يفترض أن يتبع الفشل؟



أيها الفاشلون ما الإجراء الذي يفترض أن يتبع الفشل؟
قرأت في إحدى الجرائد أول أمس أن المغرب سرق من الجزائر مشاريع ضخمة في الطاقة المتجددة وصناعة السيارات وشوّش على أخرى. وقالت الجريدة استنادا إلى ما وصفته بالمصدر الأمني الرفيع “إن المغرب أطلق ثلاثة مشاريع في الوقت الذي كانت فيه الجزائر على وشك إطلاقها، وهي مشروع لمحطة إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية ومشروعا بيجو ورونو للسيارات”. وكشف “المصدر الأمني الرفيع” للصحفي الذي حرر المقال أن ثمة “أدلة تراكمت لدى أجهزة المخابرات الجزائرية، أفضت إلى أن المغرب مارس في سنوات حكم محمد السادس، عمليات تجسس اقتصادية خطيرة”، وأن المغرب يكون قد زرع شبكة من الجواسيس في الجزائر مكنته من تحقيق هذا التجاوز الخطير.المقال حمل شحنة عالية من السذاجة وقلة الحيلة وهو صيحة فشل أطلقها فاشلون عجزوا عن فعل ما ينبغي للرجال فعله في حال الفشل. ولو كان المصدر الأمني الرفيع يتمتع بشيء من المصداقية لقال إن “الجوسسة حدثت في زمن محمد السادس وعبد العزيز بوتفليقة”. فكلاهما استلم حكم بلاده في العام 1999 ولا يزال، ونجح الأول في التجسس على الثاني وأخذ منه مشاريعه. والحال أن بلدا بحجم وقدرات الجزائر يُغفّله محمد السادس ويزرع فيه شبكة جواسيس تنجح في تعطيل مشاريع ضخمة وتحويل أخرى، عليه أن يعلن الإفلاس الأمني قبل الاقتصادي. أية عجوز في الجزائر ستقول حين تسمع الخبر “الجزائر التي يغلبها محمد السادس ويعبث بها بهذا الشكل الموت خير لها”. فالجزائر أكبر بلد في إفريقيا والمنطقة العربية والمتوسطية وهي خزان للبترول والغاز والذهب واليورانيوم وبها أكبر مخزون للطاقة الشمسية التي يمكن تحويلها إلى كهرباء، وأكبر مخزونات المياه الجوفية وأوسع المساحات الصالحة للزراعة وأوسع الفضاءات الأثرية لمختلف الحضارات و.. و.. و.. و.. تبرر اليوم فشل الإقلاع الاقتصادي رغم البحبوحة المالية، بكون المغرب أقلع عوضا عنها بمحطات الطاقة ومركبات السيارات. نعم رونو في المغرب تنتج 375 ألف سيارة موجهة كلها للتصدير والجزائر بعد بكاء وعويل حصلت على ورشة “سمبول” تشتري بمال البترول السيارات مفككة تركب في وهران يمنع تصديرها منعا باتا وتأخذ فرنسا نصيبها من المبيعات المحلية عدا ونقدا من مداخيل النفط. وفي المغرب اليوم أكبر محطة في العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وستليها محطات أخرى في سياق برنامج تصدير هذه الطاقة لأوروبا في غضون العام 2020. لكن المصدر الأمني الرفيع غاب عنه أن يقول بأن الجزائر جانبت الإقلاع الاقتصادي في منتصف العقد الماضي عندما ترددت ثم أدارت ظهرها لأضخم مشروع في تاريخ الطاقة عرضته ألمانيا هو “ديزرتيك” الذي صار اليوم واقعا في المغرب، ليس بفعل موضوع الجوسسة السخيف، لكن لأن الجزائر كانت لم تقرر أن تصبح بلدا كبيرا وقطبا اقتصاديا، وأساس ذلك عاملان رئيسيان أولهما أنها كانت غارقة في مناوشات داخلية مكلفة حولتها إلى بلد مقعد فعلا. وثانيهما أنها أخذت جرعة عالية التأثير من الوصايا الفرنسية المحبوكة في فال دوغراس “ليزانفاليد”. فرنسا وهي قزم أمام ألمانيا لكنها العملاق الذي يحكم إرادة الجزائر - لأسباب ربما لن نعرفها إطلاقا أو نعرفها بعد مدة طويلة - سربت دراسة كاذبة حول تكاليف المشروع الذي اقترحه الألمان.. وأعطت طعما كاذبا بديلا للجزائريين صدقوه ولهثوا وراءه ونسوا أن الديزرتيك هو مشروع الإقلاع الاقتصادي الحقيقي لأنه شامل ولواحقه كبيرة من استثمارات ألمانية في الجزائر بمختلف القطاعات بما فيها السيارات.. الديزرتيك هذا كان سيرفع سطوة ألمانيا في أوروبا يحررها من التبعية للغاز الروسي وينهي مخاطر الانتشار النووي بالقارة. ويحول ألمانيا إلى الممون الرئيسي لكل أوروبا بالطاقة على اعتبار أن محطات الاستقبال والتوزيع تقام على أراضيها.. والجزائر كانت ستصبح الأقوى في إفريقيا والشرق الأوسط من حيث الاقتصاد والنفوذ وتتحرر من الحاجة إلى أداء دبلوماسية femme de ménage التي تؤديها اليوم.. فرنسا توسخ والجزائر وراءها بالمكنسة تصلح كما حدث في حالتي مالي وليبيا خاصة.ناصر الدين السعدي


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)