الجزائر - A la une

أنت الجاني.. ومع سبق الإصرار!



أنت الجاني.. ومع سبق الإصرار!
قالها يوسف وهبي بعد أن استعارها من ويليام شكسبير: ”وما الدنيا إلا مسرح كبير”. وأستطيع أن أضيف, مع حفظ الحقوق الأدبية والمادية ليوسف وويليام: ”وما الدنيا إلا برنامج مسابقات كبير”. عشرات من البرامج دائما تتوالد مع اختلاف كثافة المشاهدة, وتباين درجات نجومية لجان التحكيم كله يعد بشيء واحد, وهو البحث عن مطرب أو مذيع أو ممثلة أو راقصة.هل أثمرت هذه البرامج من الناحية العملية إضافة ما؟ هل وجدنا بالفعل مطربا يقول مثلا لعمرو دياب: ”قوم أقف وأنت بتكلمني”؟ هل حتى نجحنا في اختراع راقصة؟ الوحيدة التي اقتحمت مجال الرقص منذ عامين هي صوفينار, وهي (كما ترى) وارد الخارج, وليست لها علاقة بتلك البرامج المتخصصة أساسا في اكتشاف المواهب العربية.في إحدى الفضائيات الفلسطينية قرروا أن يقدموا تنويعة مغايرة, وهي البحث عن زعيم, ووجدنا أمامنا رجال سياسة هم الذين يمنحون الدرجات لمن يتصورون أنه من الممكن أن يصبح زعيما, وبالطبع لم يقدم لنا هذا البرنامج عبد الناصر أو ياسر عرفات موديل 2015, وتوقف بعد بضعة أشهر.أستمع إلى قسط وافر من المشاهدين, وهم يقولون: ”زهقنا” من هذا العدد الضخم لتلك البرامج, ولكن الحقيقة بالأرقام تؤكد أن هناك إقبالا عليها وكثافة المشاهدة تزداد مع الأيام, ولو كان صحيحا أننا وصلنا لمرحلة التشبع, فلماذا تتوالد بطريقة المتوالية الهندسية؟! أي حاصل الضرب, حيث إن الأربعة برامج غدت في غضون سنوات قلائل 16 برنامجا.لو أن الناس بالفعل أدارت ظهرها لها ما كان من الممكن أن تتزايد على هذا النحو السريع. أنت عزيزي المشاهد تلعن هذه البرامج في الصباح, ثم تنتظرها بشغف في المساء.النجوم هم أصحاب الكلمة العليا, وليس الأساتذة والمتخصصين. تابع مثلا لجان التحكيم أو الاختيار في معاهد السينما والمسرح, ستجد أنهم أكاديميون في علمهم, ولكنهم في العادة غير معروفين لدى الجمهور, بينما هذه البرامج تبحث أولا عن النجم الجماهيري, وهكذا صار مثلا راغب علامة مطلوبا بقوة يترك برنامجا ليجد بعد بضعة أشهر برنامجا آخر يغريه بالمشاركة بأجر أعلى. في برنامج لاختيار ”مذيع العرب” لم يفكروا مثلا في أستاذ للإعلام, ولكن وقع اختيارهم على ليلى علوي, لأنها النجمة, وفي الإعلان عن البرنامج تصدرت هي المشهد وليس طوني خليفة أو منى أبو حمزة اللذين يشاركانها البرنامج. تلك هي قواعد اللعبة المتفق عليها بين كل الأطراف, ومن يريد أن يطبق قواعده العلمية فسيجد نفسه لا محالة خارج الحلبة.هذه البرامج لها وجه آخر قد يخصم من رصيد الفنان, وهو أن المشاهد, أتحدث بالطبع عن القسط الأكبر من الجمهور, صار ”شوفينيا” في متابعته؛ المصري ينحاز للمصري, واللبناني يمنح صوته للبناني, والخليجي يصوّت للخليجي, وهو في هذه الحالة يترقب عضو لجنة التحكيم, فاحصا أولا جواز سفره, وهكذا مثلا صارت شيرين متهمة, لأنها انحازت قبل عامين إلى المطرب الفلسطيني محمد عساف ضد ابن بلدها المطرب محمد جمال. وعبثا حاولت شيرين التوضيح بأنها منحت صوتها للأفضل, ولم تنظر للجنسية, ورغم ذلك ظل الاتهام يلاحقها وحتى الآن.علينا أن نضع هذه البرامج في إطارها الصحيح الذي صُنعت من أجله, وهو التسلية, فهي لن تُصلح من حال الطرب ولا الغناء ولا التمثيل. أنت لديك ملاحظات سلبية على برامج المسابقات, ورغم ذلك تضبط ساعة مواعيدك وتؤجل كل ارتباطاتك وتشارك في التصويت, أنت المجني عليه, ولكن بالدرجة الأولى أنت الجاني, ومع سبق الإصرار والترصد!!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)