الجزائر - A la une

أطفال "السنسنة المشقوقة" بالجزائر.. معاناة وتجاهل


استبشرت عائلات الأطفال المصابين بمرض "السنسنة المشقوقة" (Spina bifida) بالجزائر بقدوم وفد طبي أميركي لمتابعة مرضاها، ولكن بقيت تساؤلات كثيرة عن سبب نقص كفالة الحكومة لهذه الفئة، التي تعاني حسب بعض الجمعيات الخيرية في صمت.فبعد محاولات لأكثر من ثماني سنوات، حلّ أخيرا طاقم طبي جزائري أميركي بقيادة الجرّاح الجزائري عزيز ستنبولي بمدينة المدية الجزائرية، لمتابعة 190 طفلا مريضا بداء "السنسنة المشقوقة"، وإجراء 45 عملية جراحية كدفعة أولى، تمثل أكثر الحالات تعقيدا وتضررا.وأكد ستنبولي في ندوة صحفية عقدها الأربعاء بعد انتهاء مهمة الفريق الطبي في مرحلتها الأولى أن مهمة الفريق تقنية بحتة، وتؤسس لمبادرات أخرى لعلاج أمراض أخرى، منها أمراض القلب.وداء "السنسنة المشقوقة" هو عيب تطور خلقي ناتج عن انغلاق غير كامل للأنبوب العصبي لدى الجنين، وله درجات، وفي بعض الحالات تبقى بعض الفقرات مفتوحة، مما يؤدي حين تكون الفتحة كبيرة إلى بروز جزء من الحبل الشوكي.وتغلق "السنسنة المشقوقة" بالتدخل الجراحي بعد الولادة، لكنه حسب مختصين في جراحة الأعصاب لا يضمن عودة الوظيفة الطبيعية للجزء المتضرر من الحبل الشوكي...عيب خلقيوكان الاختصاصي في جراحة المخ والأعصاب بمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة بدر احميدة أكد خلال أشغال الجلسات العربية الثامنة لجراحة المخ والأعصاب المنعقدة بالجزائر أن بلاده كانت من بين الدول السباقة لجراحة تشوهات "السنسنة المشقوقة"، حيث أجريت أكثر من 1493 عملية جراحية ناجحة على مستوى مستشفى آيت إيدير للأعصاب بالعاصمة منذ بداية الثمانينيات، لكن البعض يؤكدون أن مرضى "السنسنة المشقوقة" يعانون بسبب التهميش.وكشف رئيس المكتب الوطني لجمعية "ناس الخير" إلياس فيلالي أن قدوم الوفد الطبي الأميركي كان بعد ضغوط مارستها جمعيته على مدى ثماني سنوات كاملة.وقال للجزيرة نت إن جمعيته اكتشفت حجم المعاناة التي يعيشها الأطفال المصابون بهذا الداء حينما خف أعضاؤها لمساعدة طفل قبل ثماني سنوات وانتقلوا إلى أميركا لإجراء عملية جراحية بتكفل محسنين.وكشف فيلالي أن الجمعية نقلت بعد ذلك عددا من الأطفال للعلاج في أميركا، لكنها وجدت أن هذا الحل غير مجد بالنظر إلى عدد الأطفال المصابين الذي قدر بأكثر من 4000.وأضاف أنه لذلك فكرت الجمعية في "استقدام الخبرة الأميركية، وكان تنسيق مع الجراح ستنبولي، إلا أن مجموعة ضغط قوية بوزارة الصحة رأت في استقدام الخبرة الأميركية إهانة للأطباء الجزائريين فأفشلت كل المحاولات السابقة"...وضع مأساويوبسبب الرفض الجزائري يقول فيلالي إنه كان تنسيق مع أطباء تونسيين، حيث دعي الأطباء الأميركيون، وأرسل 150 طفلا جزائريا إلى تونس بين عامي 2011 و2012، في مبادرة أطلق عليها "رحمة".ويقول المشرف على هذه المبادرة رئيس مكتب عين مليلة لجمعية ناس الخير جلال لوز إن مرض "السنسنة المشقوقة" من المشاكل المسكوت عنها في الجزائر، ليس لأنه "تابوه" ولكن بسبب نظرة بعض الأطباء للأطفال المرضى وكأن القدر حكم عليهم بالموت لا محالة، لذلك يعتبرون أن علاجهم لا يجدي. وأكد لوز أن ذلك تفكير غير مقبول ومناف للإنسانية.ورصد لوز في حديثه للجزيرة نت أسبابا قال إنها تشرح مأساة أطفال "السنسنة المشقوقة"، أولها نقص التشريعات، لأن هذا المرض غير مدرج ضمن الأمراض المزمنة التي يستفيد صاحبها من تغطية حكومية في علاجه، كما أن المستشفيات الحكومية غير ملزمة بمتابعة هذه الحالات.وأضاف أنه من المفترض ألا يسلم المولود الجديد لعائلته إلا بعد خضوعه لعملية جراحية في أقل من 72 ساعة، لكنه في الواقع لا يخضع لعملية جراحية إلا بعد ستة أشهر أو أكثر.وكشف أن العمليات الجراحية متوفرة في بعض العيادات الخاصة، لكن بعض العائلات ترفض ذلك لعدم امتلاكها للمال، ولأنها ملزمة بإمضاء تعهد يخلي العيادة من مسؤوليتها عن نتائج العملية، خاصة أن أغلب الأطفال الذين أجروا عمليات جراحية فقدوا القدرة على تحريك أرجلهم.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)