الجزائر - A la une

أصحاب ورشات يستغلون الأطفال لبيع منتجاتهم بقرى تيزي وزو


أصحاب ورشات يستغلون الأطفال لبيع منتجاتهم بقرى تيزي وزو
تفشت في السنوات الأخيرة، خصوصا مع ارتفاع الإقبال على القروض الاستثمارية عبر وكالات التشغيل المختلفة وظهور المئات إن لم نقل الآلاف من الورشات الناشطة في مجالات عدة، تتقدمها الحرف والصناعات التقليدية، تفشت ظاهرة استغلال الأطفال القصر من قبل هؤلاء، في ظروف قاهرة تغيب عنها أدنى شروط السلامة والراحة، ناهيك عن خروقات استغلال الأطفال في عالم الشغل.ظاهرة لم تستثن منها ولاية تيزي وزو، حيث ظهرت للوجود في العشرية الأخيرة عشرات ورشات صناعة الفخار، الحلي وغيرها من الحرف التقليدية التي طورت لتكون مصدر رزق صاحبها وإعالة عائلات أخرى عبر توفير مناصب شغل إضافية، لتولد معها فئة الباعة المتجولين، أصحابها أطفال قهرتهم الحياة واستثمرت النفوس المريضة حاجتهم.توفر إمكانية الحصول على ذات القروض لمختلف شرائح المجتمع، جعل من توفر اليد العاملة أمرا شبه مستحيل لدى أصحاب الورشات، الذين وجدوا البديل في استغلال حاجة العائلات المعوزة ومنح فرص عمل لأبنائها القصر مقابل"مصروف الجيب".العرض اللاإنساني يكون مغريا لهذه العائلات التي تأمل دخلا إضافيا لمواجهة التكاليف الباهظة للحياة اليومية، التي تزداد صعوبة مع قدوم المناسبات الدينية أو الاجتماعية، ومريحا للتجار الذين يضمنون يدا عاملا بأجرة زهيدة."الشروق اليومي" وقفت على بعض الحالات بعدما صادفنا العشرات من الأطفال يجوبون القرى، يطرقون أبواب المنازل وبأيديهم قفف لا تقوى أجسادهم النحيفة عن حملها، تحوي أواني فخارية في الغالب وبعضهم يحملون "جببا قبائلية" صنعت في الورشات.يقف هؤلاء أمام أبواب العائلات، ويحاول كل واحد منهم جاهدا ألا تدخل ربة البيت بيتها دون آنية أو طاقم من الأواني المعروضة عليها، يستعطفونهن بكلام بريء وتوسلات تعجز سامعتها عن تجاهلها، فتقتني من سلعهم ما هي بحاجة إليه وأخرى تتكرم عليهم باقتنائها حتى يحصلوا فقط علة نصيبهم -إن صح التعبير- من الأرباح، رأفة بحالهم وعجزهم.اقتربنا من بعض هؤلاء كزبائن وحاولنا أن نعرف طبيعة نشاطهم هذا، "يوسف 12سنة" أكبر إخوته الثمانية، صرح لنا أن صديقه وزميله في الدراسة هو من دله على إحدى ورشات صناعة الفخار بذراع الميزان في جنوب ولاية تيزي وزو، يعملون رفقة عدد من الأطفال لدى صاحب الورشة، الذي ينقلهم صباحا على متن شاحنة صغيرة، يحملون قففا بها أوان فخارية، ينزلهم لدى مداخل القرى ويطرقون بعدها أبواب منازلها أملا في اقتناء سلعهم، الأجرة يتم الاتفاق عليها قبل بدء العمل بالحصول على نسبة معينة من عائدات كل سلعة تباع، إلا أنه وبعد فترة يتضح أن مجهوداتهم تذهب سدى إذ لا يتعدى أجرهم الشهري 5ألاف دج وإن كان مدخولهم اليومي يتعدى ذلك بأضعاف.أضاف محدثنا قبل أن ينهره صديقه ويمنعه من المواصلة، أن العشرات من أقرانه يشتغلون طيلة السنة لدى هؤلاء خصوصا المنقطعين منهم عن الدراسة، في حين يستغل هو والمتمدرسين من أمثاله فترة الصيف وما قبل الدخول المدرسي لجني بعض الدينارات، يقللون بها المصاريف الملقاة على عاتق أوليائهم، وكذلك مصاريف شهر رمضان وغيرها من المناسبات المكلفة دون الحديث عن تكاليف العلاج والنقل، هذا ما يجعلهم يقاسمون أولياءهم مسؤولية المصاريف وضمان دخل إضافي، إذ يشتغل والده كعون أمن في إحدى المؤسسات العمومية بأجر لا يغطي حتى حليب وحفاظات إخوته الصغار، كما تضطر والدته لزراعة بعض الخضار الموسمية في حديقة المنزل ليبيعها شقيقه على حافة الطريق السيار.رئيس جمعية شبانية في ذراع الميزان حدثنا عن تنامي هذا النشاط اللاإنساني في جنوب ولاية تيزي وزو، وإقبال أصحاب الورشات على هذه "العمالة" دون أدنى رادع قانوني أو تدخل للسلطات، خصوصا وأن الأمر لم يعد خفيا، إذ يصطف الأطفال كل صباح أمام أبواب الورشات"ليشحنوا" بعدها في الشاحنات أو المركبات نحو وجهات لا تكون معلومة إلا للسائق، وإنزالهم بعدها في قرى يجهل فيها مصير هؤلاء، مطالبا الجهات المعنية بالتدخل لوضع حد لهذا الاستغلال اللاإنساني والاستثمار غير قانوني في حاجة العائلات وعوزها، وبراءة الأطفال وعجزهم.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)