الجزائر - A la une

أشغال الترميم توقفت منذ 6 سنوات




أشغال الترميم توقفت منذ 6 سنوات
يطالبون بتهيئة المعلم التاريخي يعتبر جامع " المعبد " العتيق الواقع بمنطقة " تافسرة " بدائرة بني سنوس مكسب تراثي كبير كونه عائد لفترة ما قبل الإسلام ، وهو ثاني مسجد على المستوى الإفريقي مباشرة بعد الفتوحات الإسلامية ، كما أنه رمز لحضارة غابرة ظل يلازم مكانه منذ قرون خلت، إلى جانب ذلك فإن سكان المنطقة يعتبرونه إرثا ثقافيا هاما ، غير أن عملية الترميم التي لا تزال مجمدة منذ سنة 2010 جعلت طابعه التاريخي والسياحي يندثر و يختفي ، خصوصا أن المسجد كان في الماضي قبلة للطلبة وباحثي علم الآثار ومحبي المعالم الدينية قبل أن يبرمج ضمن الشواهد التي تمسها عملية التهيئة في سنة 2009 ، وبعد أن اختارت منظمة اليونيسكو تلمسان لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2011 تحوّل المعلم إلى ورشة للدراسة ، وشهد حفريات سطحية بعدما تم العثور على مقبرة قديمة تحت البنية التحتية ، ليبدأ بعدها الترميم الخارجي الذي تحوّل إلى مجرد "بريكولاج " سطحي وسريع من أجل إنهاء الأشغال و فتح المعلم أمام الزوار في إطار تظاهرة تلمسان ، لكن " الجامع " للأسف لم يكن ضمن المعالم المنتهية ، حيث أنه لم يُسلّم بسبب عدم انتهاء الأشغال في وقتها المحدد ، وظلت وضعيته المزرية كما هي ، ما جعل معظم الزوايا التي عينت للترميم تتعرض للخدش والتخريب ، وانتهكت حرمتها بشكل واضح و جلي ، كما أن أهالي " تافسرة " استفادوا منه كفضاء لتعليم القرآن الكريم ، خصوصا أن أبناءهم كانوا يحفظون فيه كتاب الله و اعتادوا عليه كمسجد تؤدّى فيه الصلوات على غرار الأولين من أبناء المنطقة . هشاشة الجدران و اهتراء القاعات وفي هذا الصدد قامت " الجمهورية " بجولة استطلاعية إلى المكان التاريخي قصد الوقوف على حالته المعمارية الراهنة ، خصوصا بعد أن تعذر علينا ايجاد إجابات واضحة فيما يخص مسألة ترميمه من لدن الجهات المعنية ، حيث أكّدت مديرية الشؤون الدينية أن " الجامع " غير مسجل ضمن قائمة المساجد العتيقة المرممة ، و لم تدرج عملية تهيئته عندهم ، أما مديرية الثقافة فأوضحت قائلة إن " الوزارة الوصية لها الجواب الكافي للمسجد" ... ما جعلنا نتساءل " من يعيد للمسجد بريقه و يحمي كينونته الحضارية .. ؟ " ، ونحن نزور المعلم التاريخي لاحظنا هشاشة الجدران واهتراء الزوايا ، وتساءلنا عن سبب استمرار عملية الترميم مادامت المواد المخصصة لذلك موجودة و مكدّسة بالقرب من بوابة المسجد الداخلية ، وهي عبارة عن أكياس من الجير جلبت من منطقة "بريان "بولاية غرداية منذ حوالي 6 سنوات أي سنة 2010 ، و يقدر عددها قرابة ال 50 كيسا ، وزن الواحد منه 20 كيلوغراما، كما لفت انتباهنا و نحن نجول في بهو المسجد العتيق الإهمال الواضح لتهيئة المكان و إعادة الاعتبار إليه من طرف الجهات الوصية ، خصوصا أن كل جهة أصبحت تتبرأ من المسؤولية ..من جهة أخرى اتضح لنا خلال الجولة الاستطلاعية أن ملحقات "الجامع " تحولت إلى خراب بعد أن صارت تستعمل كمجاري للوضوء وحجرات مهترئة تستخدم لتكرار القرآن الكريم ، أما قاعة الصلاة فصارت معبّئة بالخردوات ومساحة صغيرة منها افترشت للصغار من أجل حفظ كتاب الله ، لكن في ظروف خطيرة خصوصا مع تدلّي الخطوط الكهربائية من السقف الخشبي .. كل هذا جعلنا نتأسف لواقع هذا المسجد الذي غاب دوره الديني و اختفت واجهته السياحية في ظلّ غياب الترميم ، باستثناء الترميم الجانبي للجدار الخارجي و الصومعة التي لم تستطع إخفاء الوضعية المزرية التي يتسم بها المعلم الذي امتزج فيه الإنجاز الروماني في محوره السفلي و الزياني في صومعته ..مغارات تستغيث من الإهمال من جهة أخرى لم نستطع مغادرة المكان دون تفقد المغارات المحيطة ب "الجامع " والتي تشهد هي الأخرى تسيبا كبيرا لأنها لم تسيّج ، رغم أن وزارة الثقافة كانت قد أمرت بذلك في الماضي ،لأنها تدرك تماما أهمية حماية هذه المغارات و جعلها مقصدا للزائرين ، و مادة علمية للباحثين ، خصوصا أنها تحمل في طياتها ثقافة نادرة لحضارة غابرة ، كما أن عددها غير محدود و حجمها يختلف من مغارة إلى أخرى ،فهناك ذات الغرف الواسعة و هناك الضيقة التي نحتت بطريقة هندسية و بتقنية تقليدية رائعة ، و كأن الطبيعة صنعتها بحجر "تافزة " ، فمن المؤسف ألا يهتم بها علماء الآثار ويساهموا في الكشف عن تاريخ " تافسرة " انطلاقا من هذه الكهوف المواجهة للجامع ، و الكهوف الأخرى المسماة ب "غيران ديار السلف " و غيران بني محمود " ، وغيرها من المواقع التاريخية التي أعجب بها الكاتب الفرنسي الشهير "ألفراد بال" أثناء زيارته لبني سنوس في الحقبة الاستعمارية ، و تحدث عن مسجدها الغريب والجوامع الأثرية بكل من زهرة ، الخميس و بني عشير ببني سنوس التي تترجم الحضارة الراقية التي دونها الكاتب الدكتور" حمداوي مامون " في كتابه "مساجد بني سنوس " ، و الذي أقحم فيه العادات الجميلة للأهالي خصوصا في الجانب الاجتماعي .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)