الجزائر - A la une

أبو عنان فارس عالم الملوك وملك العلماء



أبو عنان فارس عالم الملوك وملك العلماء
صفحات مشرقة من تاريخ الأمةأبو عنان فارس .. عالم الملوك وملك العلماءهو أبو عنان فارس المتوكل على الله بن أبي الحسن علي بن أبي سعيد عثمان المريني من أشهر ملوك بني مرين بالمغرب الأقصى. ولد بمدينة فاس الجديد (الدار البيضاء) فِي الثَّانِي عشر من ربيع الأول سنة 729ه. قال الناصري: أمه أم ولد رُومِية اسْمهَا شمس الضُّحَى وقبرها بشالة مَعْرُوف إِلَى الْآن رَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَيْهِ بالنقش أَنَّهَا توفيت لَيْلَة السبت رَابِع رَجَب الْفَرد سنة خمسين وَسَبْعمائة ودفنت إِثْر صَلَاة الْجُمُعَة فِي الْخَامِس وَالْعِشْرين من الشَّهْر الْمَذْكُور وَحضر لدفنها أَعْيَان الْمشرق وَالْمغْرب.صفته وهيئتهقال الناصري: كَانَ السلطان أَبُو عنان رَحمَه الله أَبيض اللَّوْن تعلوه صفرَة طَوِيل الْقَامَة يشرف على النَّاس بِطُولِهِ نحيف الْبدن عالي الْأنف حسنه أعين أدعج جَهورِي الصَّوْت فِي كَلَامه عجلة حَتَّى لَا يكَاد السَّامع يفهم مَا يَقُول عَظِيم اللِّحْيَة تملأ صَدره أسودها وَإِذا مرت بهَا الرّيح تَفَرَّقت نِصْفَيْنِ حَتَّى يستبين مَوضِع الذقن.إمارته على تلمسانكَانَ أبو عنان فارس المريني محبوبًا فِي قومه وعشيرته أثيرًا عِنْد وَالِده متميزًا بذلك عَن سَائِر إخوته لفضله وَعَمله وصيانته وعفافه واستظهار الْقُرْآن الْكَرِيم وَغير ذَلِك من الْأَوْصَاف الْحَسَنَة. فولاه أبوه على تلمسان بعد أن استولى عليها سنة 737ه.بيعته بالملكلما بلغ أبو عنان فارس خبر موت أبيه في ربيع الأول سنة 749ه غادر أبو عنان مدينة تلمسان بعد أن تنازل عليها لآل زيان متجهًا إلى مدينة فاس حيث نصب نفسه ملكا خلفا لأبيه وَقد استتب أمره وتلقب بلقب المتوكل على الله وأعلن نفسه أميرًا للمؤمنين.ولما تبين له أن أباه ما زال على قيد الحياة لم يتنازل له على الحكم بل ثار عليه وقاتله إلى أن أرغم أباه لأن يستسلم ويتنازل له على الملك ولم يستب أمره إلا بعد وفاة والده سنة 752ه / 1351م.اتساع ملكهواجهت الملك الشاب أبو عنان فارس المريني -وهو لم يتجاوز يومذاك الخامسة والعشرين من عمره- ظروف قاسية. فبدأ بإخضاع بني عبد الواد (وكانوا أمراء زناتة بتلمسان) فقاتلوه فظفر بهم ودخل تلمسان. وانتظم له أمر المغرب الأوسط. وعصاه أخ له يدعى أبا الفضل فأرسل إليه من قاتله في جبل السكسيوي وجبال المصامدة من بلاد السوس فاعتقل وحمل إليه فسجنه أياما ثم أمر بخنقه في محبسه سنة 754ه. وقصد إفريقية سنة 758ه فانتزع قسنطينة وتونس من أيدي الحفصيين. وبدت له ريبة في إخلاص بعض قواده فعاد إلى فاس وقتلهم.محاولته توحيد المغرب كلهوقد واصل أبو عنان فارس حركة التوحيد لأقطار الشمال الأفريقي -التي بدأها أبوه أبو الحسن فأزال دولة بني زيان سنة 753ه /1352م وتابع سيره إلى إفريقية ودخل تونس في سنة 758ه / 1357م إلا أن انفجار الثورات على مستوى المغرب كله خصوصا في فاس وطمع بعض أقربائه في السلطة جعله يعود إلى عاصمته فوفاه الأجل في العام التالي.عالم الملوك وملك العلماءاشتهر أمير المؤمنين أبو عنان فارس المريني بحب العلوم والآداب وإثابة أهل العلم ومناظرتهم. قال الناصري: َكَانَ فَارِسًا شجاعا يقوم فِي الْحَرْب مقَام جنده وَكَانَ فَقِيها يناظر الْعلمَاء الجلة عَارِفًا بالْمَنْطق وأصول الدّين وَله حَظّ صَالح من علمي الْعَرَبيَّة والحساب وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ عَارِفًا بناسخه ومنسوخه حَافِظًا للْحَدِيث عَارِفًا بِرِجَالِهِ فصيح الْقَلَم كَاتبا بليغا حسن التوقيع شَاعِرًا.وللسلطان أبي عنان رَحمَه الله آثَار دينية من بِنَاء الْمدَارِس والزوايا وَغير ذَلِك ومدرسته العنانية بفاس مَشْهُورَة إِلَى الْآن وَمن مدارسه الْمدرسَة العجيبة بحومة بَاب حُسَيْن من سلا وَقد صَارَت الْيَوْم فندقا يعرف بفندق أسكور.وفاة السلطان أبي عنان فارسعاد أمير المؤمنين أبو عنان فارس إلى دار مملكته بفاس سنة 759ه بعد أن ضم تونس إلى ملكه حيث أدركه العيد الأكبر حَتَّى إِذا قضى الصَّلَاة من يَوْم الْأَضْحَى أدْركهُ الْمَرَض بالمصلى وأعجله طائف الوجع عَن الْجُلُوس للنَّاس يَوْم الْعِيد على الْعَادة فَدخل قصره وَلزِمَ فرَاشه. حيث توفّي السلطان أبو عنان قَتِيلا خنقه وزيره الْحسن بن عمر الفودودي يَوْم السبت 28 من ذِي الْحجَّة 759ه وَسنه يَوْم توفّي ثَلَاثُونَ سنة.وبوفاة أبي عنان انتهت المحاولات المرينية من أجل توحيد الشمال الإفريقي وتقلص النفوذ المريني في المغربيين الأوسط والأدنى ثم زال النفوذ المريني من جهة الشرق فلم يحاول السلاطين الذين من بعده أن يقوموا بأية غزوة في الأقاليم.وبدأ التدهور في الدولة المرينية بعد وفاة أبي عنان فارس بسبب تسلم أمرها سلاطين ضعاف ففقدوا المغربين الأدنى والأوسط كما استولى البرتغاليون على مدينة سبتة سنة 818ه / 1415م فكان هذا بداية لانهيار دولة بني مرين ثم استولى البرتغاليون على جزء كبير من ساحل المغرب واحتلوا طنجة سنة 869ه / 1464م واقتصرت الدولة المرينية على فاس.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)