البيض

في مدينة الأبيض سيدي الشيخ فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ




-الجزء الثالث والخمسون-
بقلم: الطيب بن إبراهيم
تعليق الصورة: الأب بيريغار Peyriguère
*الأب Voillaume بالأبيض يقارن نفسه بالأب Peyriguère بالأطلس الأوسط
الأب روني فوايوم رئيس إرسالية مدينة الأبيض سيدي الشيخ يعرف كل ممتهني وظيفته التنصيرية من أبناء جنسيته في كل مكان من المغرب العربي عامة والجزائر خاصة وبصفة أخص في ما كان يطلق عليه مناطق البربر سواء في الجزائر أو المغرب لذا هو يقارن نفسه ببقية المنصرين وبنشاطهم وبمجتمعاتهم وتجمعاتهم وبنتائج جهودهم فتارة يتحدث عن النشاط التنصيري في الجزائر ويعترف قائلا: أن البربر يثورون ضد التنصير وتارة أخرى يقارن نفسه ونشاطه التنصيري ببربر الأب ألبار بيريغار ويقارن وضع مدينة الأبيض سيدي الشيخ بل تحديدا أولاد سيدي الشيخ حسب تعبيره بوضع بربر سكان الأطلس الأوسط بالمغرب مع الأب بيريغار ؟.
وهنا نتوقف ونتساءل لمَ قارن الأب روني فوايوم نفسه بالأب البار بيريغار ولم قارن سكان مدينة الأبيض سيدي الشيخ بسكان الأطلس الأوسط؟. وإذا كنا تحدثنا في حلقات سابقة عن مدينة الأبيض سيدي الشيخ وأشرنا إلى بعض تاريخها وتعرفنا على رئيس إرساليتها الأب فوايوم فمن هو الأب ألبار بيريغار ؟ ولم قارن رئيس إرسالية الأبيض نفسه به؟ وما هو وجه الشبه بينهما؟. ولمَ تمّت المقارنة بين سكان الأطلس الأوسط بالمغرب وسكان مدينة الأبيض الجزائرية؟.
الأب البار بيريغار 1883 - 1959 Albert Peyriguère فرنسي الجنسية ولد سنة 1883 لعائلة حرفية فرنسية استقرت في مدينة تالونس أخذ تعليمه في مدينة بوردو وتدرّج في التعليم الديني إلى أن رُسِّم قسا سنة 1906 قبل أن يُصبح أستاذا لاهوتيا وقام بعدة اعتكافات في عدة أديرة. شارك في الحرب العالمية الأولى مشاركة غير قتالية أصيب إثرها في فكِّه وبعد انتهاء الحرب سافر لتونس لقضاء فترة نقاهة ثم استقر كقس بالحمامات ومدينة نابل وهناك تعرف على الإسلام والمسلمين وقرأ ما كتبه روني بازان حول شارل دي فوكو فتأثر بهذا الأخير واتّبع نهجه وحمل شارته على صدره ولبس البرنوس. ونتيجة لمشاركته التطوعية في الحرب العالمية الأولى كرّمته حكومته تكريما عسكريا وأهدته ميدالية صليب الحرب .
أخيرا قرّر الأب بيريغار سنة 1926 أن يعيش حياة رهبنة الأب شارل دي فوكو ويعيش مثله في صحراء الجزائر فاختار مكانا قريبا من مدينة غرداية وبعد سنتين التحق بالمغرب الأقصى في شهر يوليو سنة 1928 واستقر بالأطلس الأوسط على بعد 35 كيلومتر من مدينة الخنيفرة. هناك سكن منزلا صغيرا من الطوب به غرفة نوم وغرفة ضيافة وكنيسة. وبدا نشاطه في محيطه الجديد بين السكان البربر الفقراء بدأ يقوم بدوره التنصيري الإنساني لصالح الفقراء والأيتام والمرضى وقام بنفس الدور الذي قام به شيخه شارل دي فوكو في تعلم لغة البربر والكتابة عنها ف بيريغار تعلم لغة البربر في مدينة مراكش خاصة وكتب بعض القصص والحكايات وأشعار دي فوكو بالبربرية وكان يكتب أيضا في جريدة ماروك كاثوليك تحت اسم مستعار هو : بول هيكتور .
*مواقف التشابه بين الأب فوايوم والأب بيريغار
الأب بيريغار أكبر من الأب روني فوايوم بأكثر من عشرين سنة واللاحق استفاد من السابق والأب فوايوم سبق له أن تتبع كل خطوات ومراحل حياة الأب بيريغار قبل أن يكتشف التقارب والتشابه الموجود بينهما ويقول : الأب بريغار كان مع بربر الأطلس الأوسط كما نحن مع أولاد سيدي الشيخ .
والحقيقة أن هناك نقاط تشابه كثيرة تجمع بين الأب فوايوم بالأبيض سيدي الشيخ وبين الأب بيريغار بالأطلس الأوسط أبرزها:
كلاهما فرنسي الجنسية وكلاهما في مستعمرة فرنسية مسلمة وكلاهما اختار منهج مدرسة الأب شارل دي فوكو في التنصير ورفع شعارها القلب الأقدس على صدره وكلاهما قام بعدة خلوات واعتكافات وكلاهما شارك في حرب عالمية بيريغار في الأولى وفوايوم في الثانية وكلاهما سافر وتكون وتعلم في تونس وكلاهما تعرف واكتشف الأب شارل دي فوكو عن طريق سيرته التي كتبها الكاتب الكبير روني بازان سنة 1921 وكلاهما لبس البرنوس وكلاهما بدأ العمل في صحراء الجزائر فالأب بيريغار كانت بدايته في مدينة غرداية الجزائرية سنة 1926 قبل أن يلتحق بالمغرب والأب فوايوم بالأبيض وكلاهما كان ينتمي لمجموعة من تلامذة شارل دي فوكو وكلاهما سكن بيتا من طوب وكلاهما تعلم لغة السكان وكتب بعضا عن تاريخهم ولغتهم. بالإضافة لذلك أوجه الشبه بين الضحيَّتين في الجزائر والمغرب فكلاهما دينه الإسلام وكلاهما في منطقة معزولة وكلاهما يعيش الحرمان وكلاهما يعيش تبعات الاحتلال الفرنسي من فقر وجهل وأمراض وأوبئة وكلاهما في حاجة لمن يرعاه ويحسن إليه ويلملم جراحه وفوق ذلك كلاهما متمسك بعقيدته رغم كل الظروف والمعاناة.
ويذهب الأب فوايوم في مقارنة نفسه مع الأب بيريغار قائلا: هذا الموقف المتضامن مع البربر أمام الرب من أجل خلاصهم هو موجود عند الأب بيريغار وهو ما وجدنا أنفسنا معه في نفس الدعوة التي ورثناها معا بلا شك من الأخ شارل دي فوكو وكما أن الأب بيريغار كان مع بربر الأطلس الأوسط كذلك نحن مع أولاد سيدي الشيخ.
يتبع...
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)