أدرار - HISTOIRE

منطقة أدرار وأصل التسمية



تعتبر كلمة أدرار من الكلمات الكثيرة الاستعمال في القاموس الأمزيغي لدى السكان الأوائل للمنطقة لأنها وحسب كثير من المراجع تصحيف لكلمة أدغاغ التي ترادف في العربية الحجر أو الحجارة ثم ما لبثت الكلمة وبمرور الزمن أن تحولت إلى اللفظ المستعمل حاليا .
ولعل أدرار هي اللفظ الفرنسي المناسب لنطق اللفظ الأمزيغي الأول ومما يؤكد هذا التحريف اللفظي وجود قرية أدغا المتاخمة لمدينة أدرار و هي من القرى القديمة بالولاية .
لقد أصبحت أدرار ولاية بموجب التقسيم الإداري لسنة 1974 فاشتملت على إقليمي قورارة وتوات اللذين كانا تابعين لولاية الساورة وجزءا من إقليم تيدكلت الذي كان تابعا لولاية الواحات إذ بقيت منطقة عين صالح من هذا الجزء تابعة لتمنغست التي أصبحت هي أيضا ولاية بموجب تقسيم 1974 نفسه وهذا التوضيح مهم لأن منطقة عين صالح تعرف هي أيضا وجود الفقارة تماما كما هو الشأن بالنسبة لولاية أدرار .
من الناحية الإدارية وبعد تقسيم سنة 1984 أصبحت الولاية تضم 11 دائرة و28 بلدية .ومن الناحية الجغرافية تقع ولاية أدرار في أقصى الجنوب الغربي من الصحراء الجزائرية وتبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 1440 كلم مساحتها تقدر ب 427.968 كم2 وهو ما جعلها تحتل جزءا مرموقا من مساحة الجزائر الكلية وترتبط بحدود عدة ولايات ودول فمن الشمال تحدها ولاية البيض ومن الشرق ولايتا غرداية وتمنغاست ومن الغرب ولايتا بشار وتندوف ومن الجنوب تحدها دولتا مالي وموريتانيا .
يتميز موقعها الفلكي بانحصاره بين خطي الطول واحد شرقا و3 غربا وبين خطي العرض 20 و30 شمال خط الاستواء.ويعرف هذا الحيز الجغرافي باستواء سطحه وقلة ارتفاعه في معظم مناطقه التي تتخللها عروق وهي عبارة عن سهول تغطيها الكثبان الرملية المتنقلة بفعل الرياح المتعددة الاتجاهات وأهم هذه العروق هي عرق شاش عرق اليابـس وعرق ايقدي والعرق الغربي الكبير .
ويشتمل هذا الموقع الجغرافي المميز على رق واسع الأطراف يتمثل في مناطق مستوية السطح تغطيها الحصى ولا توجد بها مظاهر للحياة كرق تنزروفت ورق أفطوط .وبأقاليم ولاية أدرار سبخات كثيرة وهي مستنقعات تتبخر مياهها فيتولد عنها ملوحة في الأرض تمنعها من الخصوبة وأهم هذه السبخات هي : "أزل ماتي" جنوب رقان وسبخة مكرغان بتدكيلت التي يصب فيها كل من وادي أسـوف و وادي الحـاماتت الموسميين وسبختا تيميمون وتمنطيط المشهورتان.وأما الهضاب المتواجدة بالولاية فمنها هضبة تادمايت التي يصل أقصى ارتفاع فيها إلى حوالي 600 م وهضبة الأقلاب الواقعة بحدود الولاية مع ولاية تندوف ومنها ينبع وادي شناشن الذي يندثر في عرق شاش ويصل أقصى ارتفاع فيها إلى حوالي 738 م.
وسهول الولاية هي عبارة عن منخفضات ضيقة تمتد بالجهة الشرقية للقسم الجنوبي لوادي الساورة مع القسم الأعلى لوادي المسعود الذي هو امتداد له نحو الجنوب. وتتحد ث بعض الروايات ـ كما سنرى في صميم البحث ـ بأن بعض الفقارات قد عرفت وجودها من خلال البحث عن الماء الغائـر من هذا الوادي.
المناخ:
وأما المناخ السائد في هذه المنطقة فهو المناخ الصحراوي المعروف بارتفاع درجة الحرارة فيه صيفا وانخفاضها شتاء وهو ما يؤدي إلى اتساع المد الحراري بالإضافة إلى قلة الأمطار التي تساهم في ذلك إذ هي عبارة عن وابل فجائي قليل الفعالية لسرعة تبخر مياهه . غير أنه كثيرا ما يحدث أضرارا بالغة الأهمية في مساكن المواطنين المبنية بالطوب المحلي فيتسبب في هدمها مع العلم أن كمية التساقط السنوية لا تزيد عن 50 ملم في أحسن الأحوال .يقول بعض المؤرخين أن المنطقة في زمانها القديم كانت تتميز بمناخ معتدل وأمطار كثيرة كانت تزود بصفة مستمرة الوديان العديدة التي كانت تنتهي بالمنطقة في ثلاثة أودية هي :
01- واد امقيدن وهو عبارة عن امتداد لوادي اسغور الذي ينبع من المنيعة ثم يتحول إلى وادي شيدون ويستمر في سيره غربا لينتهي بمنطقة قورارة حيث يكون سبختها .
02- وادي مسعود وهو اتحاد لواد جير مع وادي زوزفانة بمنطقة فيقيق ويتجه جنوبا ليأخذ اسم وادي الساورة ثم يتجه غربا فجنوبا بأراضي المنطقة فيسمى وادي مسعود ويكون سبخة بتسفاوت وتمنطيط ويتجه بعد ذلك نحو رقان ليضمحل في صحراء تنزروفت.
03- وادي قارته ويأتي من الشمال الشرقي لمنطقة تيديكلت ويتجه جنوبا نحو الغرب ليكون رافدا لوادي مسعود في النهاية .
ويقول الأستاذ نيكلو عبد القادر : " وقد استمر المناخ الرطب قديما خلال العشرة آلاف سنة الماضية إلى غاية التحولات التدريجية في المناخ حيث يبدأ التصحر المستمر الذي كان له سببان هما فعل الطبيعة وفعل الإنسان نفسه وقد ساعد ذلك المناخ المعتدل والأمطار الفوارة في القديم على تكوين طبقات المياه الجوفية الكبيرة المعروفة الآن بحوض الماء الجوفي الألبي ALBIEN ".ومن حظ هذه المنطقة أن تتربع على مثل هذا الحوض الذي يمتد على مسافة كبيرة وتبلغ مساحته حوالي 2 مليون كم2 ويمتد إلى تونس وليبيا ولعل نهرها العظيم يستمد قوته من هذا الحوض .وهذه الأحواض هي التي تجعل الماء يكون قريبا من السطح كما هو الشأن بنواحي أدرار أو تعلو السطح تماما كما هو الشأن في بعض مناطق تيميمون.وأما تربة هذه المناطق فهي رملية ذات الجزيئات الخشنة وهي في عمومها غير صالحة للزراعة إلا بعد استصلاحها باستثناء بعض الواحات التي تحيط بالقرى وتسقى بماء الفقارة ولذلك فلم تعرف الفلاحة تطورا يذكر إلا في هذه السنين .
السكان:
وأما من حيث الجانب البشري فإن ولاية أدرار بالرغم من التجمع السكاني الذي تعرفه مناطقها الشمالية الوسطى ضمن خط طولي ضيق تحجزه الظواهر السطحية المتمثلة بالخصوص في العروق من منطقة قورارة شمالا إلى منطقة تيديكلت جنوبا مرورا بتوات الوسطى في تجمعات سكانية تسمى القصور ويفوق عددها 240 وحدة سكانية فبالرغم من ذلك فإن عدد سكانها لا يناسب مع مساحتها بحيث لا يتعدى معدل الكثافة السكانية 1 نسمة /كم2 فحسب آخر إحصائية للسكان التي جرت في سنة 1998 يكون عدد سكان الولاية قد بلغ 311.952 نسمة .
فكل عامل من هذه العوامل الجغرافية قديما وحديثا قد ساعد بطريقته الخاصة في توفير المناخ المناسب لأن تكون أدرار أهلا لاحتضان هذا الأسلوب المميز من أساليب السقي التقليدية .
تاريخ الولاية:
وأما من الناحية التاريخية فإن هذه المنطقة قد عرفت تاريخيا باسم اتوات ولقد وردت تعريفات متعددة لكلمة توات نذكر منها على سبيل المثال :
إن اسم ''توات'' في بعض التعريفات هو الاسم النوعي الذي أطلقه العرب والطوارق على مجموعة الواحات التي تنتشر بالمنخفض العميق لوادي الساورة ، ووادي مسعود جنوبه ، وملحقاتهما من الأحواض الشرقية والغربية .
وفي تعريفات أخرى فإنq ''توات'' اسم بربري الأصـل معناه الواحات . وقد جازف بعض الدارسين الفرنسيينq عندما حاولوا أن يربطوه بالأصل الإفريقي فزعموا أن الفرنسيين يطلقون على الواحات اسم (وازيس OASIS) الذي هو مصطلح إفريقي الأصل مركب من مقطعين الأول ( وا-OA) وقد توصل علماء الاشتقاق اللغوي إلى أن (وا-OA) هذا يتطابق مع المصطلح البربري (وا-OWA) الذي هو تعبير جمع مفرده ''توات'' مثل ''توات عبو'' (Touat Abbou) الذي معناه واحة الماء .
وتوات كان يطلق على جنوب غرب الصحراء الجزائرية التي تمثل أجزاء منq الصحراء الكبرى أوسع صحارى العالم ، فأدرار تضم صحراء الصحراء المتمثلة في منطقة تنزروفت ورغم ذلك فإن هذه المناطق عرفت تواجدا سكانيا عبر مختلف الأحقاب التاريخية.
واعتمادا على بعض الفرضيات فإن منطقة توات يكون قد عمرها الإنسان منذ ما يقرب من 130 قرنا ولاشك أنه كان في حاجة للماء للشرب والسقي وهذا دليل على أن السقي بالفقارة كان متزامنا مع وجود الإنسان لأنه لا يعقل أن يعيش الإنسان في هذه المناطق بدون ماء خصوصا بعد الجفاف الكلي الذي عرفته الأودية المعروفة بالمنطقة والتي سبق وجودها الفقارة .وترجع عمارة المنطقة في فرضية أخرى إلى ما قبل الإسلام وكانت تسمى بالصحراء القبلـية ثم تــكاثرت عمارتها بعد جفاف وادي جير في الـقـرن 4هـ .وما يمكن تأكيده أيضا أن موقع توات لم يعزلها عن العالم فقد كانت معلومة عند المؤرخين والعلماء فكثير منهم ذكرها في مظانه فقال السعدي عن اتوات: '' إقليم توات مجموعة من واحات في الصحراء الجزائرية الغربية الجنوبية جنوب القطاع الوهراني وشمال الهقار" .
وعن أهمية الإقليم في القرن 16 هـ يقول عبد العزيز الفشتالي :'' إقليم توات هو أوسع وطنا وأفسح مجالا وأقرب للسودان اتصالا وجوارا '' . وأمـا محـمد الطيب المنياري صاحب كتـاب البسيط فـيقول عن اتوات : '' اجتمع فيه العلم والإمارة والديانة والرياسة وانتصبت فيه الأسواق والصنائع والتجارات والبضائع وكاد لا يستغني عنه غني ولا زاهد لما فيه من الدين والبركات والمنافع والحاجات فهي مورد الركبان ومحشر العربان'' .إن المحلل لهذا الكلام يقف على المكانة المرموقة لهذا الإقليم في ذلك الزمن ومن جميع جوانب الحياة فكان معقلا للتجار ومأوى للزهاد ومدرسة لطلبة العلم وجامعة للعلماء ويؤكد كلامنا هذا ما قاله الشيخ بن عبد الكريم المغيلي حين حلوله بالمنطقة حيث قال : ''دخلنا توات فوجدناها ديار علم ومقر أكابر وأعلام فانتفعنا بهم وانتفعوا بنا'' فلاشك أن إقليما بهذا الوزن لا يمكنه إلا أن يحيى ولا يحي إلا إذا كانت له ضمانات الحياة وأهمها الماء .
حركة القوافل:
ساهم موقع الإقليم باعتباره مركزا تجاريا ونقطة عبور من مناطق الشمال والمناطق المطلة على جنوب الصحراء في تسهيل حركة تنقل القوافل وهذا دليل آخر على كون الحياة كانت تدب فيه بجميع مكوناتها.
أهم الطرق التي كانت تربط إقليم توات بمراكز الحضارة بشمال وجنوب الصحراء وحسب تقسيم الدكتور يحي بوعزيز فهي:
01- طريق مراكش إلى تمبكتو وتمر بعرق شاش وهو جزء من مناطق توات.
02- طريق فاس ومكناس إلى تمبكتو ويمر بوادي جير ثم حوض وادي الساورة ومنه إلى توات وأقبلي ثم يتوجه إلى والن ومنها إلى تمبكتو.
03- طريق يخرج من مراكش ليتصل بطريق فاس ومكناس إلى أن يصل إلى توات ثم أقبلي بتيدكلت ومنه إلى السودان.
04-طريق وهران أرزيو إلى تمبكتو حيث يمر على مدن من ولايتي النعامة والبيض ثم واد زوزفانة وإقلي بولاية بشار ثم يمر بتوات كطريق فاس السابق ولهذا الطريق فرع مستقيم يبدأ من خيثر والأبيض إلى أن يصل إلى توات .
05- طريق مدينة الجزائر ومنه إلى البليدة فالمدية فالأغواط وغرداية ثم عين صالح ويلتقي مع طريق توات في أقبلي ويتوجه إلى تمبكتو وله فرع مباشر من عين صالح.
06- طريق اسكيكدة وقسنطينة المار إلى تمبكتو عن طريق مجموعة من ولايات الجنوب الشرقي ثم إلى الهقار ومنه إلى إفريقيا مع وجود فرع له يتوجه من تلك المناطق إلى عين صالح حتى يلتقي بالقوافل المارة عن طريق توات.إن المتتبع لمسالك هذه القوافل يسجل أن اغلبها كان ينطلق من الشمال الإفريقي ويمر بمنطقة من مناطق توات إذ كانت منطقة عبور هامة.
وتجدر الإشارة ونحن نعطي لمحة تاريخية عن هذه المناطق أن نذكر بالمناسبة أهم معارك التحرير التي جرت بالمنطقة وسجلها التاريخ :
• انتفاضة حاسي صاكة في 15/10/1957.
• معركة تسلقة في 6/11/1957 .
• معركة حاسي غنبو في 27/11/1957.
• عملية قصر تاغوزي ديسمبر 1959 .
• معركة دماغ لعبيد في 13/3/1960.
• معركة بوغرافة في 8/10/1960.
• معكرة حاسي قرقور في 10/10/1961.
• معركة الضبابة في 20/10/1961.
واعتبرت فرنسا الاستعمارية المنطقة أرضا خصبة لإجراء التجارب النووية فشهدت منطقة حمودية برقان التفجيرات التالية :
• التجربة الأولى في 13/02/1960 وسميت باليربوع الأزرق .
• التجربة الثانية في أبريل 1960 وسميت باليربوع الأبيض .
• التجربة الثالثة في 7/12/1960 وسميت باليربوع الأحمر .
• التجربة الرابعة في 5/4/1961 وسميت باليربوع الأخضر .
الحياة العلمية والثقافية بالمنطقة:
وفي مجال التعريف بولاية أدرار نذكر أن الحياة الثقافية والعلمية كانت تعتمد على ما تقوم به الزوايا العلمية المنتشرة عبر أصقاعها والتي لعبت دورا بارزا في المحافظة على الشخصية الوطنية وصيانتها من التغريب والذوبان في غياهب الجهل والتطرف وما زالت الولاية إلى اليوم تضم أكثر من أربعين زاوية تساهم مع قطاع التربية والتعليم في محو الجهل وتعليم الناس العلوم الشرعية واللغوية .
ويشرف شيوخ الزوايا على ما يزيد عن 29 خزانة تضم أكثر من 3000 مخطوطا مفهرسا تتناول مواضيع في مختلف الفنون الشرعية واللغوية والتاريخية والفلكية.
المصدر الفقارة في ولاية ادرار دراسة تاريخية واقتصادية واجتماعية اعداد وحدة البحث '' الفقارة''


نسيتم أن تعطوا نبذة عن الجانب الأجتماعي الطبقي في ولاية أدرار.
محمد علي - طالب - adrar - الجزائر

19/04/2011 - 13757

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)