اختارت اللجنة المشرفة على تنظيم الأيام الثقافية الدولية لإحياء فعاليات تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية مناسبة الاحتفالات الرسمية المخلدة للذكرى الـ49 لعيدي الاستقلال والشباب بالجزائر لتكون الفترة الممتدة من 4 إلى 07 جويلية منه مخصصة لاستقبال الأيام الثقافية المصرية بقصر الثقافة في تلمسان، أين قدم الوفد المصري المشارك في التظاهرة والمشكل من قرابة 50 مشاركا أجندة ثقافية متنوعة، تمثلت في معرض خاص بأهم الأعمال الفنية والحرفية التي تعكس عمق الثقافة المصرية، بالإضافة إلى عروض فنية وموسيقية، حيث عرف اليوم الافتتاحي فتح الأبواب أمام الجمهور للإطلاع على التراث الثقافي المصري من خلال اللوحات الفنية والأواني التي عكست علاقة المصري بالإبداع الفني الزخرفي الذي يستمد وجوده من الحضارة الإسلامية.
الافتتاح الرسمي الذي فضل فيه رئيس الوفد المصري الشاعر حسام نصار إلقاء قصيدة "حورية"، التي ضمنها حبه للجزائر والجزائريين، أراد من خلالها إثبات أن ما حدث بين الجزائر ومصر في نوفمبر 2009 مجرد سحابة صيف، متقدما باعتذاراته الشخصية للشعب الجزائري، وعلى نفس المنوال تحدث مستشار وزيرة الثقافة محمد سيدي موسى الذي اعتبر أن ما حدث بين الجزائر ومصر هو سحابة صيف لا تحمل الغيث ولا تسقي الزرع، ليتم إعطاء الإشارة الفعلية للأيام الثقافية المصرية بسهرة موسيقية كانت البداية فيها مع فرقة صابر عبد الستار المتكونة من ثمانية عازفين أمتعت الجمهور الحاضر بمقطوعات غنائية ووصلات موسيقية، تلتها فرقة مسار إجباري التي تؤدي أغاني "الروك الشعبي".
في اليوم الثاني تواصلت فعاليات العروض الفنية من خلال عرض مسرحية "شيزلونج" لمخرجها الشاب محمد الصغير، أين استعرضت في قالب هزلي فكاهي أهم مشاكل مصر، بداية بالتغلغل الثقافي للجنس الأصفر من الصنيين إلى مياه النيل، بالإضافة إلى إرهاصات الشباب ما قبل الثورة وبعد الثورة. المسرحية التي تنتسب إلى المسرح الإرتجالي، سمحت لجمهور الفن الرابع بتكوين رؤية شاملة عن واقع وراهن مصر ما قبل الثورة وبعدها، كما شهدت الأيام الثقافية تنظيم أمسية شعرية ألقى فيها الشاعر محمد رمضان رجب عديد القصائد الشعرية الثورية التي ألفها أثناء ثورة شباب مصر وبعدها، كما سنحت الفرصة للجمهور لمشاهدة الفيلم السينمائي "ميكروفون"، لتختتم هذه الأيام الثقافية المصرية التي تمنى الوفد المصري أن تكون بمثابة عودة الدفء بين الجزائر ومصر.
انطباعات
حسام نصار ـ رئيس الوفد المصري
"أعتذر شخصيا على ما وقع بسبب مقابلة في كرة القدم، الجزائر بلد عظيم وتربطه علاقات قوية ومتينة منذ القدم مع مصر، لذلك أعتبر أن مصر والجزائر لن تتأثرا بساحبة صيف عابرة.. مشاركة مصر في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية هو تعبير عن صدق مشاعر الحب التي نكنها للشعب الجزائري، وهو فرصة أيضا لإعادة الدفء إلى العلاقة بين البلدين الشقيقين وشعبيهما".
محمد صغير ـ مخرج مسرحي
أردنا من خلال عرض مسرحية "سيزلونج" أن نكشف للجزائرين أهم المشاكل التي تعاني منها مصر في قالب فكاهي هزلي، اعتمدنا في على العمل المسرحي الارتجالي، كل ما أتمناه هو التأسيس فعلا لحراك ثقافي عربي من خلال التبادلات الثقافية بين الدول العربية، نحن بحاجة إلى ثورة فكرية تكسر الجمود الحاصل في المشهد الثقافي العربي، أنا جد سعيد بتواجدي في هذه المدينة الرائعة جدا، وأعتذر للجزائريين عما حصل، وأؤكد أننا كشعب لم نكن سببا فيه بل نظام مبارك هو من كان وراء تدهور العلاقة، لقد كانت هنالك أيادي خفية تعمل عن تلطيخ السمعة المصرية ليس في الجزائر فقط، وإنما لدى جميع الشعوب العربية.
محمد رمضان رجب ـ شاعر
يجب أن يعرف الجزائريون أن أصحاب المصالح في مصر هم من أرادوا أن تتوتر العلاقة بين مصر والجزائر ثقافيا لكنهم لن يستطيعوا فعل ذلك، والمتسببون في الأزمة هم من الإعلاميون المحسوبون على بعض القنوات المصرية، نحن لسنا بحاجة لتطبيع ثقافي بين الجزائر ومصر لأن العمل الثقافي المشترك بينهما قائم ومتواصل ولن يقف في وجهنا أحد من اجل مواصلة تفعيل المشهد الثقافي الجزائر المصري.
أمير نبيه ـ مدير عام المهرجانات الدولية بوزارة الثقافة المصرية
أنا جد معجب بتلمسان والجزائر، فهذه المدينة تشبه إلى حد كبير الأندلس، تمنيت أن تحضر مصر بكاملها حتى ترى الجزائر والجزائريين.. جئنا لتلمسان من أجل ترك بصمة شباب ثورة مصر الإبداعية في شتى المجالات، وحتى نقول لأشقائنا الجزائريين أن مصر ما قبل الثورة لا تشبه مصر ما بعد الثورة.
موريتانيا تحط رحال ثقافتها بتلمسان
شعراء شنقيط يلونون سماء تلمسان بالكلمات
من عمق البلد الشقيق موريتانيا، حطت قافلة أبناء شنقيط ابتداء من 09 إلى 12 جويلية بتلمسان، وكانت محملة بهمس المليون شاعر وشاعر. وقد أشرف خليل ولد مهدي ولد الجيد الأمين العام لوزارة الثقافة والشباب والرياضة الموريتانية على فعاليات الافتتاح الرسمي، مؤكدا في كلمته على اعتزاز بلده بالمشاركة في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ومما قال "جئناكم ونحن نحمل في قلوبنا تحية التاريخ والثقافة، إلى تلمسان العريقة، حيث حطّت الحضارة عصا ترحالها عبر العصور، ومدّت أنظارها شمالا إلى الجهة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، لتكون عروس العبور الإسلامي الثاني نحو الأندلس، مساهمة في تمديد عمر الحضارة العربية الإسلامية أربعة قرون لاحقة هناك"، مذكرا بمكانة تلمسان عبر والعلاقة الأخوية بين الجزائر وموريتانيا، شاكرا حفاوة استقبال أهل تلمسان وجودهم.
وبقصر الثقافة لمدينة تلمسان تنوعت القفة الثقافية الموريتانية، حيث جمعت بين الشعر والموسيقى التقليدية والكتب والصناعات التقليدية، لكن الشعر كان سيد الجميع، حيث لمع نجم الشعراء محمد ولد الطالب وأبو شيحة ولمرابط ولد محمد السالم وغيرهم مثلما لمع الفنان محمد ولد شيغالي في المديح الديني. أما سينيمائيا، فقد تم عرض فيلم حول الحياة اليومية بموريتانيا.
موروث تلمسان الحـــوزي...
من سعيد المنداسي إلى جمعيات الأندلسي الشبابية
تمثل القصائد الشعرية للشاعر سعيد المنداسي أو أبي عثمان التلمساني إحدى الإرهاصات الأولى للغناء الحوزي قبيل القرن 17 ، وتأتي قصيدة "العقيقة" التي ألفها ذات الشاعر في أواخر القرن 16 وتحديدا سنة 1678 منعرجا لظهور ما أصبح يسمى بالطرب الحوزي فيما بعد، إذ تؤسس هذه القصيدة كما ذكر الباحث أحمد أمين دلالي لشرعية ظاهرة فنية أخذت تنتشر في أوساط العامة من الناس، حيث أضحى هذا الطابع الغنائي يشكل تقليدا في الثقافة الشعبية.
لا يختلف اثنان في كون الثقافة الشعبية التي كانت سائدة منذ أواخر القرن الـ 16 خلقت أشكالا وألوانا شعرية اختلفت تسميتها من منطقة إلى أخرى، بين من ينسبها للشعر الملحون كما يفضل سكان المغرب الأقصى تسميتها ومن يسميها بالشعر الشعبي، لكن سرعان ما يضمحل هذا الاختلاف عندما يتعلق الأمر بمنشأ ومنبت الطرب الحوزي، حيث يجمع عديد الباحثين كما هو الحال لدى الباحث حسين بخوش على كون تلمسان هي مهد الغناء الحوزي، وأن منطقة تلمسان كانت ولا تزال تصدر عشرات القصائد لشعرائها إلى أن أطلق عليها سكان مدينة قسنطينة المثل الشعبي القائل "تلمسان تدفع وقسنطينة تطبع"، وهو ما يعد تأكيدا صريحا على أن مدينة الفن والحضارة وعاصمة الزيانيين كان لها الفضل الكبير في بروز هذا الطابع الغنائي على يد شعراء تمكنوا من إنشاء قصائد شعرية تحمل في طياتها موسيقى أهلتها لأن تأخذ مكانها ضمن باقة الطبوع الفنية الغنائية، التي كانت سائدة في مراحل زمنية مختلفة.
ويؤكد الباحث "دلالي" في حديثه عن المنداسي "شاعر المغربين"، الذي عرف كيف يجعل من عديد قصائده تحمل نبرة غنائية، وذلك لما تتميز به الذات المبدعة للمنداسي الذي كان يتميز عن غيره من الشعراء بإزدواجية الخطاب الشعري وتفضليه إلباس قصائده ثوب الجد الذي يلبس عباءة الهزل، وهي الثنائية أو التضاد الذي جعل قلوب وعقول الملوك والعامة من الناس تقبل على ترديد أشعاره، مما جعل من المنداسي، هذا الشاعر الذي ولد بتلمسان والذي ينحدر من أصول غليزانية قبل أن يختار المغرب مكانا لإقامته مخلفا وراءه عديد التلاميذ بتلمسان، وأيضا بالمغرب من بينهم الشاعر المصمودي وابن سلمان الفاسي الذي يذكره في العديد من قصائده على غرار قصيدة "التوبة"، وهو الشاعر الذي جاء بعد كل من الشاعر لخضر بن خلوف الجزائري والشاعر المغراوي المغربي، إلا أن المنداسي الذي كان يحمل مشروعا ورؤية شعرية، كما يؤكد ذلك الباحث دلالي منح للفن الحوزي مضامين شعرية كانت بمثابة الأسس التي بني عليها الطرب الحوزي.
هذا اللون الغنائي الذي عرف فيما بعد طريقه في خضم الزخم الفني الذي تعرفه الجزائر وتحول إلى جمعيات فنية روحها من شيوخ الفن الأندلسي لتصبح طابعا كلاسيكيا تفتخر به الجزائر التي أسست له مهرجانات وطنية من أجل حفظ الذاكرة الفنية للموسيقى الحوزي، وهو التقليد الثقافي التي دأبت مدينة سيدي بومدين شعيب على ترسيخه منذ إعطاء إشارة انطلاق المهرجان الثقافي الوطنين الذي مضى على طبعته الأولى أربعة سنوات كاملة، وهو اليوم في طبعته الخامسة التي لقيت نجاحا كبيرا، وهو ما أجمع عليه عديد المتتبعين من الجمعيات الفنية المشاركة ووجوه فنية على شاكلة المطربة بهجة رحال، التي أعربت عن سعادتها بمشاركتها في ليالي الحوزي، وهو نفس الشعور الذي انعكس على الجمهور الحاضر من العائلات التلمسانية التي لم تترك ليلة من ليالي الطرب الحوزي إلا وحضرتها.
هذا الحضور وهذا النجاح المبهر لمهرجان موسيقى الحوزي أثبت أن الذاكرة الفنية لعاصمة الزيانيين لا تزال متشبثة بتاريخها الثقافي والفني بأبعاده الإسلامية الثراتية، إذ وفقت محافظة المهرجان إلى حد كبير في ربط العائلة التلمسانية وعشاق الطرب الفني بماضيهم الغنائي الذي انبثق على يد كبار الشعراء والمطربين من أمثال الشيخ المنداسي وأحمد بن تريكي والفنان عبدرالحمان بن عاشور وبن مسايب وغيرهم كثيرون من عمالقة الفن الأندلسي والغناء الحوزي، حيث أبدع هؤلاء الشيوخ في صناعات وصلات غنائية منذ فترات زمنية متلاحقة إلى يومنا هذا، مع بروز عديد الجمعيات الفنية من مختلف مناطق الوطن أثبتت هي الأخرى قدرتها على المحافظة على هذا الثرات الفني الأصيل من خلال آداءها لوصلات حوزية لعدد من المطربين والمشايخ، يأتي من بينهم المنداسي وأحمد بن تركي اللذين تركا بصماتهما.
العدد الثامن من "الجوهرة"
تضمن العدد الثامن من مجلة "الجوهرة" لسان حال تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية حوارا مع رئيس دائرة الملتقيات في التظاهرة سليمان حاشي، بالإضافة إلى تغطية مفصلة للأسبوعين الثقافيين السعودي والكاميروني، وتغطية للأسبوع الثقافي لولايات تبسة وسوق أهراس وقالمة، كذلك تغطية لعرض الفليم الوثائقي "المدينة القديمة" وتغطية للملتقى الدولى حول المعارف والمهارات العتيقة بتلمسان، وموضوع حول أغنية الصف الخاصة بالزفاف التلمساني وموضوع حول الزي التلمساني، وتغطية عن مهرجان الخط العربي وبورتريه لمدينة القيروان التونسية وآخر للعلامة يحيى بن خلدون، وقصيدة عن تلمسان للشاعر طيبي لحسن.
الأسبوع الثقافي لولايات النعامة، البيض، بشار وسعيدة
سحر الصحراء يفتن التلمسانيين
على مدار أسبوع كامل شهدت تلمسان أسبوعا ثقافيا لولايات بشار، النعامة، البيض وسعيدة، التي استقدمت معها تراثا ثقافيا من عمق الصحراء، مكن سكان المدينة من التعرف على قرب عن الثراء الثقافي المتنوع الذي حمل جزء من الهوية الجزائرية الثقافية من خلال المعرض المشترك الذي خصص لألوان وأنواع ثقافة الجنوب الجزائري، حيث فضلت النعامة أن تفترش ساحة دار الثقافة عبدالقادر علولة أن نستعرض ثقافتها من خلال خيمة نصبت ببهو دار الثقافة، التي عرضت فيها بعض المأكولات الشعبية مثل "الطمينة"، كذلك "الشكوة" وألبسة المرأة والرجل الصحراوي. سكان جوهرة تلمسان وعلى مدار قرابة أسبوع كامل كانوا أيضا على موعد مع الفرقة الفلكلورية والرقصات الشعبية على وقع البارود، أين تحولت ساحة دار الثقافة والممر الرابط بين دار الثقافة وقلعة المشور إلى فضاء مفتوح على ألوان من الرقصات، وطبوع غنائية تجاوب معها سكان عاصمة الزيانين، الذين لم يفوتوا الفرصة من أجل التقاط صور تذكارية.
من أجندة التظاهرة
* في يوم الخميس 7 جويلية 2011 تم تقديم العرض الأول لمسرحية "عقد الجوهر" بدار الثقافة "عبد القادر علولة" بتلمسان من تأليف امحمد بن قطاف وأنتجته التعاونية المسرحية لولاية الشلف.
* تم عرض فيلم وثائقي عن الشيخ "سيدي محمد بلقايد" في المركز الدولي للصحافة بتلمسان، الذي أخرجه الحاج أحمد منصوري، والذي مكن الجمهور من التعرف على شخصية ورعة لعبت دورا أساسيا في التصوف المعاصر.
* تمت إقامة المؤتمر الدولي السابع للمعارف والمهارات العتيقة لمدينة تلمسان في قصر الثقافة بحي إمامة ابتداء من 02 جويلية، بمشاركة قياسية للباحثين من مختلف الدول الإسلامية.
عوائق وعلائق في حلق المدّ الشيعي
هناك عوائق كثيرة تساهم في الحد من هذا المد، يعترف بها دعاة التشيع، كما أنهم يشتكون منها لأنها لم تحقق غايتهم في الوصول إلى ما يصبون إليه في جعل الشيعة هم على الأقل طائفة لها ثقلها بين الجزائريين، ومن خلال ما توصلنا إليه يمكن إجمالها في أهم ما يتحدث عنه هؤلاء في المنتديات والجلسات الخاصة وغرف الدردشة وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي:
1- طبيعة المجتمع الجزائري السنية، والمالكية في مذهبها عند الأغلبية الساحقة، التي ترفض الكثير من العقائد التي يتميز بها الشيعة، وخاصة ما يتعلق بالقرآن الذي يعتقدون بتحريفه، وما يتعلق بالسنة التي يردون أغلب الروايات الصحيحة لدى أهل السنة والجماعة ويتهمون رواتها بالكذب والتدليس. وأيضا بالنسبة للصحابة الذين يعتقد بردتهم باستثناء ثلاثة أو خمسة على خلاف بينهم، ويسبون الخلفاء الراشدين وينسبون لأمهات المؤمنين ما نتعفف عن ذكره، لذلك من سابع المستحيلات أن يتقبل الجزائريون التجرؤ على الصحابة بأي قدح أو نقيصة، ومن الصعب تماشي العقلية الجزائرية مع الأطروحات الشيعية.
حيث أن ظاهرة التشيع تقابل بالرفض المطلق من عموم الناس ومثقفيهم، ونضرب مثلا بأهالي مدينة بني عزيز بسطيف حيث عرفت غليانا وأقام السكان يوما إحتجاجيا للتعبير عن تمسكهم بمذهبهم السني، دعت له جمعية "المنارة" من أجل التعبئة والتنسيق وإستعراض وحدة السكان ورفضهم لكل مظاهر التشيع حسب ما نقلته "الشروق اليومي" في عددها الصادر بتاريخ 13 جويلية 2008، جاء ذلك على خلفية الحديث عن تزايد انتشار الشيعة وأن مدينتهم تحولت مزارا ومنبتا لهم في الجزائر.
2 - عدم وجود دور عبادة مسموح بها يمارس فيها الشيعة صلواتهم على طريقتهم، أو تقدم فيها الدروس وتقام الحسينيات أو يجري فيها إحياء المناسبات المقدسة، أو حتى يتم فيها تعليم الفقه والعقيدة الشيعية وتحفيظ القرآن للأطفال ليكونوا أرضا خصبة لامتدادهم. وهذا ما دفعهم إلى العمل السري حيث يصلّون في بيوتهم وغالبا ما تكون لقاءات محدودة في مناسبات معينة أو من خلال ممارسة حسينياتهم كما سبق وأشرنا لذلك.
3 - بعض الأحداث الدولية التي ساهمت في كشف حقيقة الشيعة وخفايا دعوتهم، نذكر منها مثلا احتلال العراق والدور الإيراني العميل للمحتل في ذلك، إبادة أهل السنة من طرف الميليشيات الشيعية في العراق وحتى في إيران كما يحدث للعرب الأحواز. إعدام الرئيس العراقي صدام حسين في صباح يوم عيد الأضحى المقدس مما اعتبر استخفافا إيرانيا شيعيا صفويا وأمريكيا بمشاعر المسلمين، وبمختلف مذاهبهم وشرائحهم وانتماءاتهم. كما ظهر للعيان الكيل بمكيالين في تعامل إيران مع الثورات العربية فهي تدعم هذا وتقف ضد ذاك، وفق رؤية طائفية بحتة لا تتماشى وتطلعات الشعوب للحرية والديمقراطية التي تزعم طهران أنها تناصرها.
4 - السلفيون الذين يلعبون دورا بارزا في الكشف عن عقائد التشيع من خلال كتبهم ومراجعهم، وصور ومجلات وملفات ومنتديات عبر الانترنيت، وحتى المناظرات التي توزع عبر قنوات مختلفة من أشرطة ورسائل، حيث استطاعوا أن يميطوا اللثام عن واقع وحقيقة العقيدة الشيعية التي يحاولون دائما إخفاءها عن طريق "التقية" التي تعتبر عصب التدين عندهم.
5 - حرص بعض الأجهزة الرسمية التي تتخوف من المدّ الإيراني على التضييق عليهم، وتخويفهم من خلال سماعهم في محاضر رسمية أو التوقيف الذي يطال بعض المعلمين والأساتذة ممن ثبت عليهم نشاطهم الدعوي، كما حدث في الجزائر عندما أقدمت وزارة التربية على توقيف 11 موظفا يمارسون التدريس وحولتهم إلى مناصب إدارية، وبقرار من الوزير بن بوزيد شخصيا، وأيضا ما حدث في المغرب من محاكمة لما كان يسمى بـ "أنصار المهدي"… الخ.
6 - إخفاق شيعة الجزائر في التموقع بأطر تنظيمية، أو تأسيس أحزاب سياسية أو مراكز ثقافية أو جمعيات أهلية سواء تتعلق بالمرأة أو بالشباب أو بالمرضى أو بالعجزة وتجدها صريحة في إسمها ونشاطها، والدليل أنه لا توجد مؤسسات رسمية معترف بها، عكس ما عليه الأمر في مصر حيث نجد بالقاهرة مركز علوم أهل البيت للدراسات الإنسانية، وفي السودان نذكر ثلاث مراكز وهم: رابطة سفينة النجاة للثقافة الإسلامية بالخرطوم، وجمعية الرسالة والتضامن بكوستين، وجمعية الثقلين الخيرية بأم درمان.
كما توجد مؤسسات ومراكز في كل من نيجيريا، جيبوتي، رواندا، زيمبابوي، ساحل العاج، غانا، الكونغو، اثيوبيا، جنوب افريقيا، تنزانيا... الخ، وهذا يعود أساسا لما تمثله إفريقيا لنظرية تصدير الثورة، فقد نقلت مجلة "البيان" الإماراتية في نوفمبر 2010، أن الداعية الشيعي بالسودان معتصم سيد أحمد، قال في حوار مع موقع المرجع الديني الشيعي المدرِّسي: "هنالك تربة خصبة في القارة الإفريقية؛ فإذا نظرنا للجزء الشمالي من القارة الإفريقية من مصر والجزائر والمغرب والسودان نجد أن هناك حُبّاً متجذراً في نفوس هذه الشعوب بالولاء لأهـل البيت ـ عليهم السلام ـ كذلك هنالك نوع من البساطة في قبول الطرف الآخر؛ فالإفريقي بشكل عام متسامح يقبل الحوار ويقبل الطرف الآخر بعكس بعض العقليات المتشددة الموجودة في البوادي".
ويبقى نشاط هؤلاء خارج الأطر الرسمية وبينهم من تسللوا كأفراد وفق مناصبهم وأعمالهم لجمعيات ثقافية أو مدنية أو حتى حزبية لإستغلالها في ممارسة نشاط سري للتشييع في المناطق التي يتواجدون بها. وهو الأمر نفسه الذي جرى مع بعض الأحزاب السياسية وحتى الإسلامية منها حيث تم اختراقها من طرف الشيعة كما حدث مع جبهة الإنقاذ وهو الذي تعرضنا له سابقا.
7 - عدم وجود مرجعيات وشخصيات دينية شيعية جزائرية مشهورة في الحاضر بالرغم من بعضهم مثل نعمة الله الجزائري صاحب كتاب "الأنوار النعمانية"، الذي يغالط بعضهم الجزائريين من خلال إسمه وفي الحقيقة أنه لا علاقة له بالجزائر من قريب أو من بعيد، فحتى المؤلفات فلم نجد غير عبدالباقي قرنة الذي سبق وأن أشرنا إليه وقد نشر بعض الكتب، في حين نذكر على سبيل المثال أن مركز الأبحاث العقائدي لم ينشر أي مؤلف لجزائري سوى أشرطة سمعية لرشيد بن عيسى منها "كيفية التبليغ إلى مذهب آل البيت".
عكس ماهو جاري مع تونس حيث نشرت ستة مؤلفات لكل من الهاشمي بن علي، التيجاني السماوي، محمد الرصافي المقداد. والمغرب نجد أن المركز قد نشر كتابا للأسعد بن علي عنوانه "التجديد الكلامي عند الشهيد الصدر" وكتاب آخر لبدرالدين بن الطيب وهو "الوصية". ولو تتبعنا مسيرة النشاط الشيعي للجزائريين عبر الأنترنيت فنجدهم أنهم يحاولون خلق شخصيات مرموقة سواء عبر نشر المغالطات كما يجري مع مصالي الحاج الذي يعتبره بعضهم شيعيا، أو من خلال وجوه إعلامية أو فكرية وأخرى سياسية ظلت محسوبة على التشيع من خلال علاقاتها الجيدة مع إيران، كما نراهم ينفخون في أشخاص عاديين أعلنوا تشيعهم ورفعهم لقامات كبرى من أجل خلق المرجعية الدينية التي يريدونها ومن خلالها التواري خلفها، يسوقون لأفكارهم ومعتقداتهم.
8 - الشيعة في الجزائر لم يتمكنوا من تنفيذ الإستراتيجية في تصدير الثورة عن طريق بناء المستشفيات في الدول الفقيرة كغينيا ومالي وغيرها، أو طبع مجلات أو صحف أو دور نشر أو قنوات فضائية أو إذاعية حتى من الخارج ومن خلالها يمارسون نشاطهم العلني والتسويق لعقيدتهم، أو حتى تسهل لهم ربط علاقات وثيقة مع صناع القرار في الجزائر.
للتذكير فقط من أن الشيعة في كل أنحاء العالم وفي الجزائر بصفة خاصة حيث محدودية تواصلهم، تجدهم يحرصون كل الحرص على حماية أنفسهم من إختراق الآخرين لهم، وهو ما حدث لنا عام 2005 لما طلبنا من موقع الشيعة الجزائريين دعمنا في إنجاز بحث عن الشيعة والتشيع في الجزائر، ليتم منعنا من الدخول والإعلان عبر منتدياتهم المختلفة من أنني "رائد وعميل في المخابرات الجزائرية" أريد الإيقاع بالمتشيعين، غير أن ذلك دفع البعض ممن يبحثون عن الحقيقة التواصل معنا وبفضلهم وصلنا لكثير من الحقائق، بل أن الأمر وصل حد اتصال تلقيناه من دمشق لشيعي قدم لنا نفسه من أنه ممثل لرجل الدين والمرجع الشيعي العراقي الأصل والإيراني الإقامة محمد تقي المدرسي، يقترح الدعم الكامل ماليا ومعنويا لطبع الكتاب بشرط أن تتم مراجعته من طرف شيخه وحاشيته…
الشروق تدعم الثقافة مثلما تدعم الرياضة
مثلما تدعم الشروق الرياضة والأعمال الخيرية والعلمية، تخصص جريدة الجزائريين الأولى ابتداء من هذا العدد صفحة أسبوعية للتظاهرة الثقافية الدولية الكبيرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية"، تخصص لتغطية مختلف النشاطات والفعاليات، مثلما تسلط الضوء على أعلام ومعالم وتاريخ هذه المنطقة العريقة من الجزائر، التي كانت في زمن ما عاصمة للدولة الزيانية، مثلما كانت ولازالت حاضرة يؤمها طلبة العلم من كل حدب وصوب.
والشروق تهدف من تخصيص هذه المساحة الإعلامية إلى المساهمة الفعلية والفعالة في حماية التراث الوطني، الذي تعمل وزارة الثقافة على تثمينه عبر مثل هذه التظاهرات الكبرى، التي تسوق الصورة الحقيقية لجزائر السلام والمحبة والثقافة والحضارة إلى مختلف أصقاع العالم.
ولأن خدمة الثقافة الإسلامية خدمة للإسلام، فإن »الشروق« سترافق هذه التظاهرة التي لاتزال في بداياتها إلى غاية إسدال ستارها خلال سنة 2012، ولديها إيمان بأن تلمسان أو غيرها من المدن الجزائرية تستحق أن تسلط عليها الأضواء، لتفض الغبار عن مكوناتها الحضارية الضاربة في التاريخ، بغية بدء التأسيس لمرجعيات يستنار بها في عتمة الأحداث، وكذلك لمنح الثقافة المحلية فرصة الظهور الإعلامي، وكم من ثقافات وفنون محلية أصبحت عالمية في مثل هذه الفرص.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
مضاف من طرف : infoalgerie
صاحب المقال : ت. ع /عبد القادر بوشريف/ تومي عياد الأحمدي
المصدر : www.echoroukonline.com